البرلمان المصري لمناقشة تقليص «الحبس الاحتياطي» في السجون

ضمن تحركات حكومية بشأن تعديل قانون «الإجراءات الجنائية»

حنفي جبالي خلال اجتماعه مع وزراء ورؤساء أحزاب سياسية وحقوقيين لاستعراض تعديلات قانون الإجراءات الجنائية (النواب المصري)
حنفي جبالي خلال اجتماعه مع وزراء ورؤساء أحزاب سياسية وحقوقيين لاستعراض تعديلات قانون الإجراءات الجنائية (النواب المصري)
TT

البرلمان المصري لمناقشة تقليص «الحبس الاحتياطي» في السجون

حنفي جبالي خلال اجتماعه مع وزراء ورؤساء أحزاب سياسية وحقوقيين لاستعراض تعديلات قانون الإجراءات الجنائية (النواب المصري)
حنفي جبالي خلال اجتماعه مع وزراء ورؤساء أحزاب سياسية وحقوقيين لاستعراض تعديلات قانون الإجراءات الجنائية (النواب المصري)

يبدأ مجلس النواب المصري (البرلمان) مناقشة تعديلات شاملة على قانون «الإجراءات الجنائية» في البلاد، تتضمن تقليص مدد «الحبس الاحتياطي»، والتعويض عن الحبس الخاطئ، وتنظيم إجراءات تتعلق بالحقوق والحريات، من بينها تدابير المنع من السفر، والتحفظ على الأموال، وتفتيش المدانين في قضايا مختلفة.

وتأتي المناقشات البرلمانية ضمن إجراءات حكومية لتعديل قانون «الإجراءات الجنائية»، الذي لم يتم تغييره منذ 74 عاماً. وتطالب أحزاب وقوى سياسية مصرية بإعادة النظر في قانون «الإجراءات الجنائية» لصدوره منذ سنة 1950 وحتى يواكب التطورات القانونية والسياسية الحالية بمصر.

وقدمت الحكومة المصرية مشروعاً للبرلمان المصري لتعديل 356 مادة من أصل 461 مادة، غير أن «النواب» المصري رأى إعداد مشروع قانون جديد للإجراءات الجنائية. وكلف البرلمان «لجنة فرعية» منبثقة عن اللجنة التشريعية والدستورية لإعداد التشريع الجديد، تضم قانونيين متخصصين من الوزارات ذات الصلة (العدل، والداخلية، والمجالس النيابية) وممثلين عن مجلس القضاء الأعلى، ومجلس الدولة، والنيابة العامة، وهيئة مستشاري مجلس الوزراء، والمجلس القومي لحقوق الإنسان، ونقابة المحامين، حسب إفادة للبرلمان المصري.

واستعرض رئيس البرلمان المصري، حنفي جبالي، السبت، نتائج صياغة التشريع الجديد لقانون الإجراءات الجنائية، في اجتماع مع وزيرَي العدل والشؤون النيابية، ورؤساء وممثلي الأحزاب السياسية وشخصيات عامة، وحقوقيين وممثلين عن مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، و«الحوار الوطني». وقال إن أهم تعديلات القانون الجديد «تخفيض مدد الحبس الاحتياطي وتنظيم التعويض عنه، وإعادة تنظيم اختصاصات وصلاحيات مأمور الضبط القضائي بإقرار مزيد من الضمانات التزاماً بالمحددات المنصوص عليها في الدستور».

وأوضح جبالي أن «القانون الجديد ألغى الباب الخاص بالإكراه البدني للمحكوم عليهم، واستبدل به إلزام المحكوم عليهم بأداء أعمال بالمنفعة العامة». وأشار إلى أن التعديلات «عالجت نصوصاً قانونية تتعارض مع الكثير من أحكام دستور 2014 في مصر».

اجتماع سابق لمجلس أمناء «الحوار الوطني» (الحوار الوطني على «فيسبوك»)

وعدّ وكيل «لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية» بمجلس النواب المصري، رئيس اللجنة الفرعية لإعداد قانون «الإجراءات الجنائية»، النائب إيهاب الطماوي، أن «القانون الجديد نقلة تشريعية تنظم ممارسة الحقوق والحريات العامة». وأرجع ذلك إلى أن «المقترح الجديد للقانون يتضمن 540 مادة، ويغير من التشريع الحالي الصادر عام 1950»، مشيراً إلى أن إعداد القانون «استغرق 14 شهراً».

وتحدث الطماوي عن مجموعة من التعديلات الجديدة التي يتضمنها القانون الجديد، منها «تخفيض مدد الحبس الاحتياطي بواقع 4 أشهر في قضايا الجنح بدلاً من 6 أشهر، و12 شهراً في قضايا الجنايات بدلاً من 18 شهراً، و18 شهراً في القضايا التي تصل عقوبتها للإعدام أو المؤبد بدلاً من 24 شهراً»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن التعديلات أكدت «عدم تخطي مدة الحبس الاحتياطي 24 شهراً»، إلى جانب إقرار القانون «التعويض عن الحبس الاحتياطي الخاطئ».

ومن النصوص الجديدة في القانون، حسب الطماوي، «تنظيم عمليات الترقب والوصول للمتهمين، وقوائم الوصول والمنع من السفر، وإعادة تنظيم الإجراءات الخاصة بالأحكام الغيابية لحماية حقوق المتهمين، وتنظيم حق الصمت أثناء التحقيقات والمحاكمة».

وتناقش اللجنة التشريعية بالبرلمان المصري، الثلاثاء، المقترح الجديد لقانون «الإجراءات الجنائية». وعدّ الطماوي أن فتح النقاش حول القانون الجديد خلال فترة الإجازة البرلمانية بمصر «يعكس إرادة البرلمان لإنجاز مشروع القانون في دور الانعقاد البرلماني القادم».

وفي يوليو (تموز) الماضي، أعلن رئيس البرلمان المصري، فضّ دور الانعقاد البرلماني الرابع، على أن يبدأ المجلس دور الانعقاد الخامس في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وفقاً للمادة 274 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب المصري.

الإفراج عن محبوسين مصريين بعد العفو عنهم في أبريل الماضي (الداخلية المصرية)

ويرى رئيس «حزب العدل المصري»، عضو مجلس النواب (البرلمان)، النائب عبد المنعم إمام، أن «تعديلات قانون الإجراءات الجنائية الجديدة ضرورية، لإعادة النظر في ملفات تتعلق بالحقوق والحريات، مثل ملف الحبس الاحتياطي». وأرجع ذلك إلى أن الحبس الاحتياطي «تحول إلى عقوبة في حد ذاته خلال الوضع الحالي للقانون».

واعتبر إمام أن القانون المقترح «يلبي مطالب القوى السياسية بخفض مدد الحبس الاحتياطي في مختلف القضايا، وتنظيم إجراءات تفتيش محل إقامة المتهمين، والمنع من السفر، والرقابة على الأموال والأصول». وعدّ ذلك «من إيجابيات التشريع الجديد»، غير أنه طالب بـ«تقليل مرة أخرى مدد الحبس الاحتياطي المطروحة في التعديلات»، مشيراً لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «تلك التعديلات ستنهي قضية الحبس».

ولفت رئيس «حزب العدل المصري» إلى أن «القانون الجديد ينظم العلاقة بين المواطن والقضاء في مختلف الإجراءات القضائية، ويحقق التوازن بين الحقوق والحريات»، داعياً إلى ضرورة «استجابة السلطة التنفيذية للتعديلات المطروحة في القانون، وأن تضعها محل تنفيذ».

في حين اعتبر نائب رئيس «حزب المؤتمر المصري»، عضو البرلمان، أحمد مقلد، أن «تعديلات نصوص قانون الحبس الاحتياطي في قانون الإجراءات الجنائية، تتكامل مع توصيات ومخرجات (الحوار الوطني)»، مشيراً إلى أن «التعديلات تتضمن التوسع في الإجراءات الاحترازية البديلة للحبس». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن من بين الإجراءات الاحترازية المنصوص عليها في القانون الجديد «تحديد محل الإقامة، واستحداث وسائل رقابة إلكترونية».

وناقش «الحوار الوطني» بمصر في يوليو الماضي، قضية الحبس الاحتياطي بحضور 50 مشاركاً من القانونيين والحقوقيين والسياسيين. ووافق مجلس أمناء «الحوار الوطني» الذي يضم شخصيات عامة وحزبية وأكاديميين وسياسيين، على التوصيات المقدمة في محاور تتعلق بـ«مدة وبدائل الحبس الاحتياطي، والتعويض عن الحبس الخاطئ، والتدابير المصاحبة للحبس الاحتياطي»، مع رفعها للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لاتخاذ ما يلزم بشأنها.


مقالات ذات صلة

​مصر: وفاة لاعب «كفر الشيخ» تجدد مطالب توفير «التجهيزات الطبية» بالملاعب

رياضة عربية اللاعب محمد شوقي رحل بعد فترة إنعاش عقب توقف قلبه (نادي كفر الشيخ الرياضي)

​مصر: وفاة لاعب «كفر الشيخ» تجدد مطالب توفير «التجهيزات الطبية» بالملاعب

جددت واقعة وفاة اللاعب محمد شوقي (29 عاماً) لاعب كفر الشيخ أحد أندية الدرجة الثانية في مصر مطالب توفير التجهيزات الطبية بالملاعب.

محمد عجم (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس عبد الفتاح السيسي  ونظيره البرازيلي لولا دا سيلفا قبل اجتماع في ريو دي جانيرو (ا.ف.ب)

مصر والبرازيل لرفع العلاقات الثنائية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية»

قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، اليوم (الاثنين)، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي، وقع مع الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، بياناً مشتركاً بشأن ترقية…

«الشرق الأوسط» (ريو دي جانيرو)
شمال افريقيا نائب السفير السوداني في القاهرة خلال مؤتمر صحافي للإعلان عن ملتقين اقتصاديين بين البلدين (الشرق الأوسط)

السودان يُعوّل على دعم اقتصادي مصري لتقليل خسائر الحرب

أعلنت السفارة السودانية في القاهرة عن تدشين عدد من الفعاليات الاقتصادية بين مصر والسودان خلال الفترة المقبلة.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا شركة «النصر للسيارات» أسسها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر (مجلس الوزراء المصري)

تفاعل مصري مع «إعادة تشغيل» شركة تصنيع سيارات أسسها عبد الناصر

حظي «إعادة تشغيل» شركة تصنيع سيارات أسسها الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر عام 1959، بتفاعل على «السوشيال ميديا».

أحمد عدلي (القاهرة )

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)
عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

السودان: 40 قتيلاً في هجوم لـ«قوات الدعم السريع» بولاية الجزيرة

عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)
عائلة تستريح بعد مغادرة جزيرة توتي التي تسيطر عليها «قوات الدعم السريع» في أم درمان بالسودان يوم 10 نوفمبر 2024 (رويترز)

قُتل 40 شخصاً «بالرصاص» في السودان، بهجوم شنّه عناصر من «قوات الدعم السريع» على قرية بولاية الجزيرة وسط البلاد التي تشهد حرباً مدمرة مستمرة منذ عام ونصف العام، وفق ما أفاد به طبيب، الأربعاء.

وقال أحد الشهود بقرية ود عشيب، في اتصال هاتفي مع «وكالة الصحافة الفرنسية»، إن «قوات الدعم السريع»، التي تخوض حرباً مع الجيش السوداني منذ عام ونصف العام، شنت هجوماً ابتداء من مساء الثلاثاء، و«استأنفت الهجوم» صباح الأربعاء، موضحاً أن المهاجمين يرتكبون «عمليات نهب».

وقال طبيب في مستشفى «ود رواح» إلى شمال القرية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طالباً عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته بعد تعرض الفرق الطبية لهجمات عدة، إن «الأشخاص الأربعين أصيبوا إصابات مباشرة بالرصاص».

واندلعت المعارك بالسودان في منتصف أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وهو أيضاً رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب «حميدتي». وخلّفت الحرب عشرات آلاف القتلى، وشرّدت أكثر من 11 مليون شخص، بينهم 3.1 مليون لاجئ خارج البلاد، وفق المنظمة الدوليّة للهجرة. وتسبّبت، وفقاً للأمم المتحدة، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث. وصعّدت «قوات الدعم السريع» في المدة الأخيرة هجماتها على ولاية الجزيرة بعد انشقاق أحد قادتها وانضمامه إلى الجيش.