لماذا طلبت مصر المشاركة في قوات حفظ السلام «الأفريقية» بالصومال؟

وسط ترحيب من مقديشو

وزير الخارجية المصري خلال لقاء نظيره الصومالي في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء نظيره الصومالي في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

لماذا طلبت مصر المشاركة في قوات حفظ السلام «الأفريقية» بالصومال؟

وزير الخارجية المصري خلال لقاء نظيره الصومالي في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء نظيره الصومالي في القاهرة (الخارجية المصرية)

أثار طلب مصر المشاركة في بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة لدعم الأمن والاستقرار في الصومال، تساؤلات حول دلالات التحرك المصري، خصوصاً بعد الاتفاق العسكري الذي وقعته القاهرة ومقديشو، الأربعاء، على هامش زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى مصر. في حين رأى خبراء أن «القاهرة تُعزز حضورها بمنطقة القرن الأفريقي، حماية لمصالحها الاستراتيجية والأمنية».

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد استقبل نظيره الصومالي، الأربعاء، بالقاهرة (للمرة الثانية هذا العام)، وأكد «موقف مصر الداعم لوحدة وسيادة الصومال على أراضيه، والرافض لأي تدخل في شؤونه الداخلية».

وعارضت مصر توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) الماضي، اتفاقاً مبدئياً مع إقليم «أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمن ميناء تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة. وعدّت القاهرة حينها الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية».

وخلال المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الصومالي، قال السيسي إن «مصر ستتقدم باعتبارها عضواً في الاتحاد الأفريقي بطلب المشاركة في بعثة الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام في الصومال، والتي سيتم إرسالها بداية العام المقبل». وربط «مشاركة القوات المصرية بموافقة الدولة المضيفة (الصومال)»، مشيراً إلى أن «بلاده سترأس مجلس السلم والأمن الأفريقي أكتوبر (تشرين الأول) المقبل». وعدّ ذلك «فرصة للعمل على دعم الأمن والاستقرار بالصومال ودعمه في مواجهة خطر الإرهاب».

من جانبه، رحب سفير الصومال بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية، السفير علي عبدي، بإعلان مصر المشاركة في قوات حفظ السلام بالصومال. وقال في إفادة، مساء الأربعاء: «ممتنون لتعهد مصر أن تكون من أوائل الدول التي تنشر قوات لدعم الجيش الصومالي بعد انسحاب قوات الاتحاد الأفريقي الحالية». واعتبر أن اتفاقية الدفاع المشترك التي تم توقيعها بين البلدين، «ستمنع الفراغ الأمني في الصومال»، مشيراً إلى أن الاتفاقية «تتضمن التدريب ودعم المعدات والعمليات المشتركة بين قوات البلدين».

مباحثات مصرية - صومالية في القاهرة (الخارجية المصرية)

في سياق ذلك، أكد وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، خلال لقائه نظيره الصومالي، أحمد مُعلم فقي، في القاهرة، الخميس، «حرص مصر على المشاركة في بعثة حفظ السلام في الصومال بناء على رغبة الأشقاء الصوماليين»، مشيداً بـ«خطوة التوقيع على بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين». وكان الرئيسان المصري والصومالي شهدا، الأربعاء، التوقيع على بروتوكول التعاون العسكري بين البلدين.

وقرر مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي، في يونيو (حزيران) الماضي، إرسال بعثة جديدة لحفظ السلم في الصومال باسم «بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال»، اعتباراً من يناير 2025.

وقالت مساعد وزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية الأسبق، السفيرة منى عمر، إن «إرسال مصر قوات لحفظ السلام في الصومال، ليس موجهاً لأحد». وأضافت أن «التحرك المصري يأتي لدعم الصومال في الدفاع عن أراضيه ومواجهة خطر التنظيمات الإرهابية، والتصدي لأي مساس بالسيادة الصومالية». وأوضحت أن «القاهرة سبق أن شاركت في بعثات حفظ سلام بالأراضي الصومالية»، مشيرة إلى أن أهمية المشاركة الجديدة تأتي «بعد إنهاء مشاركة قوات إثيوبية ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال».

وذكرت عمر لـ«الشرق الأوسط» أن «الموقع الجيوسياسي للصومال على ساحل البحر الأحمر والقرن الأفريقي، وارتباطه بحركة الملاحة بمضيق باب المندب وصولاً لقناة السويس، يبرر التدخل المصري لدعم مصالحها الاستراتيجية والأمنية بتلك المنطقة»، مشيرة إلى أن «مصر لا تتحرك لدعم أي دولة عسكرياً، إلا بناءً على طلب هذه الدولة».

الرئيس المصري خلال استقبال نظيره الصومالي في القاهرة الأربعاء (الرئاسة المصرية)

وكان الرئيس المصري قد أكد عقب لقائه نظيره الصومالي في يناير الماضي، أن بلاده «لن تسمح لأحد بتهديد الصومال أو المساس بأمنه»، وخاصة لو كان أشقاؤها طلبوا منها «الوقوف معهم».

الباحث السياسي الصومالي، نعمان حسن، رأى أن «مصر تريد تعزيز حضورها داخل منطقة القرن الأفريقي». وقال إن التعاون الدفاعي بين القاهرة ومقديشو يأتي لـ«الرد على التحركات الإثيوبية داخل الصومال»، إلى جانب «دعم الجيش الصومالي في التصدي للتهديدات الأمنية، بما يمكنه من مواجهة حالة الفراغ الأمني داخل الصومال». وأوضح حسن لـ«الشرق الأوسط» أن «وجود قوات من دول جوار الصومال، مثل إثيوبيا وكينيا، ضمن بعثات حفظ السلام، لم يكن مرحباً به، في ظل خلافات تاريخية ونزاعات حدودية مع تلك الدول». وعدّ أن المشاركة المصرية في بعثة حفظ السلام «ستكون مختلفة عن مشاركات دول أخرى». وفسر ذلك بأن «القاهرة ليس لها مصلحة سوى حفظ الأمن والاستقرار في داخل الصومال».

وفي يوليو (تموز) الماضي، وافقت الحكومة الصومالية على اتفاقية دفاعية بين مصر والصومال، تم توقيعها بين البلدين في يناير الماضي، خلال زيارة الرئيس الصومالي لمصر.

ويتوقف الباحث بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية»، صلاح خليل، مع توقيت إعلان مصر إرسال قوات ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي الجديدة للصومال. وقال إن «القاهرة تتخذ إجراءات استباقية لحماية أمنها القومي، ودعم السيادة الصومالية، وللرد على تدخلات إثيوبيا»، مشيراً إلى أن «التحرك المصري يأتي في توقيت تقوم فيه الحكومة الإثيوبية بإجراء تدريبات شرطية لإقليم (أرض الصومال)». وأضاف خليل لـ«الشرق الأوسط» أن تعزيز التعاون العسكري والأمني بين القاهرة ومقديشو يستهدف «حماية المصالح الاستراتيجية المصرية بمنطقة القرن الأفريقي، ودعم الحكومة الصومالية لردع أي تدخلات خارجية بداخلها»، مشيراً إلى أهمية «تحمل الحكومة المصرية دعم بعثة قواتها المشاركة في حفظ السلام بالصومال». وعدّ ذلك «يعالج الخلل الذي واجهته بعثات الاتحاد لحفظ السلام بسبب غياب التمويل الكافي من المانحين الدوليين».


مقالات ذات صلة

رئيس جديد لـ«أرض الصومال»... هل يُغيّر مسار مذكرة التفاهم مع إثيوبيا؟

العالم العربي رئيس «أرض الصومال» المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

رئيس جديد لـ«أرض الصومال»... هل يُغيّر مسار مذكرة التفاهم مع إثيوبيا؟

بفوز رئيس جديد محسوب على المعارضة، لإقليم «أرض الصومال» الانفصالي، تتجه الأنظار نحو مصير مذكرة التفاهم الموقعة مع إثيوبيا والتي تعارضها الصومال.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي جانب من عملية التصويت بمركز اقتراع خلال الانتخابات الرئاسية بإقليم أرض الصومال لعام 2024 (أ.ف.ب)

مقديشو لتضييق الخناق دولياً على «أرض الصومال»

سلسلة إجراءات اتخذتها مقديشو تجاه رفض أي تدخل بشأن سيادتها على إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، وصلت إلى محطة استدعاء السفير الدنماركي ستين أندرسن.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا ضابط شرطة صومالي يقف في حراسة احتجاجات ضد صفقة ميناء إثيوبيا - أرض الصومال بمقديشو (رويترز)

تلميح إثيوبيا لـ«عدم خروج قواتها من الصومال» يعمق التوتر في القرن الأفريقي

تلميح إثيوبي باحتمال عدم خروج قواتها المشاركة بـ«حفظ السلام» في مقديشو بعد قرار صومالي باستبعادها رسمياً بنهاية العام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شمال افريقيا التصويت في انتخابات الرئاسية بإقليم «أرض الصومال» (وكالة الأنباء الصومالية)

كيف تنعكس انتخابات «أرض الصومال» على توترات «القرن الأفريقي»؟

أجرى إقليم «أرض الصومال» الانفصالي، الأربعاء، انتخابات رئاسية مرتقبة، في ظل تساؤلات حول تأثير نتائجها على توترات منطقة القرن الأفريقي.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا مباحثات بين الوفد المصري برئاسة السفير إيهاب عوض والوفد التركي برئاسة السفيرة إليف أولغن بمشاركة السفير التركي في القاهرة صالح موتلو شن (الخارجية المصرية)

مشاورات مصر وتركيا بشأن أفريقيا وليبيا... «مساحات تفاهم وتعاون مشترك»

مشاورات دبلوماسية مصرية - تركية بشأن الوضع بالصومال ومنطقة القرن الأفريقي وليبيا في إطار السعي للتوصل لتفاهمات وتعاون مشترك بتلك المناطق

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الرئيس الصيني زار المغرب والتقى بولي العهد

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
TT

الرئيس الصيني زار المغرب والتقى بولي العهد

الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)
الرئيس الصيني شي جين بينغ (رويترز)

ذكرت وكالة المغرب العربي للأنباء أن الرئيس الصيني شي جين بينغ قام بزيارة قصيرة إلى المغرب في وقت سابق الخميس.

وقالت الوكالة إن ولي العهد الأمير مولاي الحسن يرافقه رئيس الحكومة عزيز أخنوش استقبلا الرئيس الصيني في مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء مشيرة إلى أن الزيارة تعكس روابط الصداقة والتعاون والتضامن القوية بين الشعبين المغربي والصيني. وقام شي بالزيارة بعد حضوره قمة مجموعة العشرين في البرازيل.

كثفت الصين استثماراتها في قطاع البنية التحتية والسكك الحديدية في المغرب في السنوات الأخيرة. ويجذب المغرب مصنعي بطاريات السيارات الكهربائية الصينيين في ظل موقعه الجغرافي بالقرب من أوروبا، واتفاقياته للتجارة الحرة مع أسواق رئيسية في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وصناعة السيارات القائمة في المملكة.

وفي يونيو (حزيران)، اختارت شركة "جوشن هاي تك" الصينية لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية المغرب مقرا لأول مصنع ضخم في إفريقيا بتكلفة إجمالية تبلغ 1.3 مليار دولار.