تحالفات الانتخابات البرلمانية تعمّق خلافات المعارضة المصرية

«الإصلاح والتنمية» يطالب «الحركة المدنية» بترك حرية الاختيار للأحزاب

رئيس الوزراء المصري يلقي بيان الحكومة أمام البرلمان (أرشيفية - مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري يلقي بيان الحكومة أمام البرلمان (أرشيفية - مجلس الوزراء)
TT

تحالفات الانتخابات البرلمانية تعمّق خلافات المعارضة المصرية

رئيس الوزراء المصري يلقي بيان الحكومة أمام البرلمان (أرشيفية - مجلس الوزراء)
رئيس الوزراء المصري يلقي بيان الحكومة أمام البرلمان (أرشيفية - مجلس الوزراء)

تعمّق الانتخابات البرلمانية المرتقبة في مصر، نهاية العام المقبل، من الخلافات داخل «الحركة المدنية الديمقراطية»، أكبر التجمعات المصرية المعارضة، على خلفية مواقف متباينة بين الأحزاب والتيارات المنضوية بشأن التحالفات الانتخابية المزمع تشكيلها.

ومن المقرر أن تجري انتخابات مجلس النواب (الغرفة الرئيسية للبرلمان) نهاية العام المقبل، على أن يبدأ البرلمان الجديد في الانعقاد مطلع 2026، لمدة 5 سنوات.

وبموجب المادة الثالثة من قانون مجلس النواب، فإن الانتخابات تُجرى بواقع 284 مقعداً بالنظام الفردي، و284 مقعداً بنظام القوائم المغلقة المطلقة، مع أحقية الأحزاب والمستقلين في الترشح بكليهما معاً. وهو القانون الذي يشهد مطالبات بتعديله، وجرى بالفعل مناقشة عدد من المقترحات بشأنه في جلسات «الحوار الوطني».

وتعتزم «الحركة المدنية»، وهي تجمع سياسي تم تدشينه عام 2017، ويضم 12 حزباً سياسياً وعدداً من الشخصيات العامة، خوض الانتخابات المقبلة بـ«قوائم موحدة» لكافة الأحزاب المنضوية فيها، وفق تصريحات عدة لمسؤولين بالحركة. لكن رئيس حزب «الإصلاح والتنمية» محمد أنور السادات، طالب بضرورة ترك المجال أمام الأحزاب المنضوية في الحركة لـ«اختيار وتقدير ما هو مناسب لها لتحقيق أهدافها»، مؤكداً في بيان له، الأحد، وجود «تباين واضح في رؤى وأفكار أعضاء الحركة»، بالإضافة إلى «تكوين تحالفات سياسية واجتماعية ذات توجه وآيديولوجيا واحدة»، وهو الأمر الذي اعتبر أنه «يتعارض مع وحدة الحركة وأحزابها».

وسبق أن جمّد حزبا «العدل» و«المصري الديمقراطي» عضويتهما في الحركة قبل الانتخابات الرئاسية الماضية على خلفية دعم الحزبين للمشاركة في الانتخابات، في حين فضلت الحركة إعلان مقاطعة الانتخابات، التي فاز بها الرئيس عبد الفتاح السيسي.

السادات خلال حضوره اجتماعاً سابقاً للحركة المدنية (الحركة المدنية - فيسبوك)

ويؤكد الأمين العام للحركة، وعضو المجلس الرئاسي لحزب المحافظين، طلعت خليل، لـ«الشرق الأوسط»، أن «رسالة السادات سيتم مناقشتها في اجتماع قريب قبل التعقيب عليها إعلامياً»، مشيراً إلى أن «الحركة تنوي المشاركة في الانتخابات البرلمانية وانتخابات المحليات، حال الدعوة لإجرائها، من خلال تحالف يضم الأحزاب المنضوية حصراً تحت لوائها».

وأضاف: «هناك رفض قاطع لأي تحالفات مع الأحزاب الموالية للسلطة، مع التمسك بخوض الانتخابات، على أن يكون هناك إعادة نظر في الموقف حال استشعار وجود غياب لضمانات النزاهة والشفافية، وبالتالي سيكون هناك مناقشات بين أعضاء الحركة حول هذا الأمر بشكل تفصيلي».

ويشكك خبير النظم البرلمانية، عبد الناصر قنديل، لـ«الشرق الأوسط»، في قدرة الحركة على تكوين قائمة انتخابية موحدة تجمع جميع الأحزاب المنضوية تحت لوائها في ظل تجميد عضوية حزبَي «العدل» و«المصري الديمقراطي»، بالإضافة إلى عدم تحمّس حزب «الإصلاح والتنمية» للانضمام إلى هذه القائمة؛ نظراً لمحدودية فرصها في الانتخابات.

وأضاف أن الأحزاب الثلاثة ستكون معنية بالحفاظ على وجودها داخل البرلمان، وهو ما يجعلها أقرب للتحالف ضمن «القائمة الوطنية الموحدة» على غرار تحالفاتهم في انتخابات 2020، لافتاً إلى أن الحركة بالرغم من قدرتها على تحقيق العديد من المكاسب السياسية كجبهة وطنية معارضة، فإنها تعاني من «عيوب هيكلية» قد تؤدي إلى تفكيكها.

وأكد رئيس حزب العدل، وعضو مجلس النواب، عبد المنعم إمام، لـ«الشرق الأوسط»، استمرار الحزب في تجميد عضويته في الحركة حتى إشعار آخر، رافضاً التعليق على أي توجهات مرتبطة بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

ويشير خبير النظم البرلمانية إلى أن جزءاً رئيسياً من مشكلة الحركة مرتبط بالتوجهات السياسية المختلفة التي تجمع أعضاءها، والتي لا يمكنها تقديم خطاب اقتصادي وسياسي مشترك. لكن الأمين العام لـ«الحركة المدنية» يؤكد أن مسألة القائمة الانتخابية الموحدة مستمرة وموجودة بالفعل وتحظى بتوافق بين أعضاء الحركة، الأمر الذي سيجري بلورته ومناقشته بشكل أوسع خلال الاجتماعات المقبلة، لافتاً إلى أن رؤية السادات التي أرسلها للحركة سيجري مناقشتها والاستماع إليها وبحث طرق الاستفادة منها.

وشدد السادات في رسالته للحركة على أهمية ترك الحرية للأحزاب أعضاء الحركة في اختيار طريقتها لـ«تحقيق أهدافها بالحفاظ على وجودها وتواصلها مع المواطنين، والبناء على أي مكاسب يمكن تحقيقها لفتح المجال العام في الممارسة السياسية».

يختتم قنديل حديثه بالتأكيد على صعوبة تخلي ثلاثي الحركة: «العدل»، و«المصري الديمقراطي»، و«الإصلاح والتنمية» عن «المكاسب التي حققوها بالوجود في البرلمان الحالي، مقابل الانخراط في تحالفات مقبلة فرصتها ضعيفة في الفوز بالانتخابات».


مقالات ذات صلة

الحكومة المصرية ترفض اتهامات بتوسيع الاقتراض الخارجي

العالم العربي وزير المالية المصري خلال الجلسة العامة لمجلس النواب (مجلس النواب المصري)

الحكومة المصرية ترفض اتهامات بتوسيع الاقتراض الخارجي

رفضت الحكومة المصرية اتهامات برلمانية وحزبية وُجّهت لها بتوسيع الاقتراض الخارجي، معلنةً انخفاض الدين الخارجي للعام المالي الحالي.

محمد عجم (القاهرة)
شمال افريقيا سودانية مع أطفالها تتقدم بطلب لجوء في مركز تسجيل مفوضية اللاجئين بمصر (المفوضية)

مشروع قانون مصري يمنح الأجانب دعماً نقدياً وعينياً

أعاد مشروع قانون الضمان الاجتماعي الذي يناقشه مجلس النواب المصري (البرلمان) حالياً الحديث بشأن «حقوق الأجانب» المقيمين في البلاد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مجلس النواب المصري خلال مناقشة قانون الضمان الاجتماعي الجديد (وزارة الشؤون النيابية)

مشروع قانون مصري يوسّع مظلة المستفيدين من «الدعم النقدي»

عقب «موافقة مبدئية»، يواصل مجلس النواب المصري، مناقشة مشروع قانون «الضمان الاجتماعي والدعم النقدي»، الذي قدمته الحكومة، بهدف «توسيع مظلة الدعم النقدي.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شمال افريقيا أحمد رفعت (الشرق الأوسط)

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

وافق مجلس الشيوخ المصري على رفع الحصانة عن النائب أحمد دياب؛ للاستماع إلى أقواله في تحقيقات النيابة العامة بشأن وفاة اللاعب أحمد رفعت.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا شعار تطبيق «تيك توك» (د.ب.أ)

«يهدد الأمن القومي»... تحرك برلماني مصري لحجب الـ«تيك توك»

بداعي «تهديده للأمن القومي» ومخالفة «الأعراف والتقاليد» المصرية، قدم عضو مجلس النواب المصري (البرلمان)، عصام دياب، «طلب إحاطة»، لحجب استخدام تطبيق «تيك توك».

أحمد إمبابي (القاهرة)

السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

السلطات المصرية تحسم جدل «ضريبة» الجوالات المستوردة

مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مصر وضعت ضوابط لمنع تهريب الجوالات (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حسمت مصر إشاعات فرض ضريبة جديدة على الجوالات المستوردة من الخارج، بداية من يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكدت أنه لا جمارك جديدة ستفرض، لكن ستطرح منظومة جديدة لمواجهة التهريب، الذي كان يصل لنحو 95 في المائة من الواردات ويضر خزينة الدولة.

وأكد مسؤول مصري في تصريحات، الأربعاء، أن المنظومة ستطبق خلال أيام، بهدف مزيد من الحوكمة، وتطويق عمليات تهريب أجهزة الجوالات غير المسبوقة من الخارج، وسط تأكيد مختصين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن الإجراء سيحمي الاستثمارات الداخلية، ويشجع الصناعة المحلية دون أي تأثير على أسعار الهواتف داخل مصر.

وكشف نائب وزير المالية المصرية، للسياسات الضريبية، شريف الكيلاني، في مقطع مصور الأربعاء، عن أن هناك «إشاعات انتشرت في الآونة الأخيرة خاصة بفرض ضريبة جديدة على الجوّال»، مؤكداً أنه «لا فرض ضريبة إضافية على الجوالات».

هواتف «غوغل بيكسل» الجديدة (غوغل)

كما أوضح المسؤول المصري أن «كل ما في الأمر هو أن هناك حوكمة أكبر للجوالات القادمة من المنافذ الجمركية»، لافتاً إلى أن «الآونة الأخيرة شهدت للأسف الشديد ظاهرة تهريب الجوالات بطريقة فاقت التوقعات».

«ويتم تهريب 95 في المائة من الجوالات المستوردة، وتدفع فقط 5 في المائة الرسوم الجمركية المقررة منذ زمن»، بحسب الكيلاني، الذي شدد على أن التهريب أضر بالخزينة العامة للدولة، دون تحديد قيمة الخسائر.

وتعد رسوم استيراد أجهزة الاتصالات محددة وثابتة، وتشمل 14 في المائة ضريبة قيمة مضافة، و10 في المائة رسوم جمارك.

ولمواجهة آفة التهريب، قال نائب وزير المالية، إن الوزارة صممت تطبيقاً على الجوالات يسمح للقادمين من الخارج، سواء في المواني أو المطارات، بتسجيل جوالاتهم الشخصية عن طريق التطبيق بمجرد دخولهم إلى البلاد، دون أي جمارك أو رسوم إضافية، على أن يتم إرسال رسالة نصية للجوالات المهربة غير المسجلة على ذلك التطبيق، تنص على المطالبة بدفع الرسوم الجمركية المقررة خلال 90 يوماً، ليتم بعدها وقف تشغيل الجوالات المهربة غير المسددة للرسوم.

مصر لمواجهة تهريب الهواتف المحمولة (آبل)

ويوضح رئيس شعبة المحمول بالغرفة التجارية بالقاهرة، محمد طلعت، في حديث لـ«الشرق الأوسط» تفاصيل أخرى، مبرزاً أن هناك شكاوى قدمت للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات، من صناع ومعنيين في السوق المحلية، من إدخال البعض جوالات مستوردة من الخارج، دون دفع جمارك أو ضرائب، مما يضر باستثماراتهم والسوق المحلية. وأكد أن التطبيق «سيواجه ذلك التهريب، وينتظر الإعلان عن موعد دخوله حيز التنفيذ، ولن يؤثر سلباً على السوق»، موضحاً أن تلك الجوالات كانت تدخل بطريقة غير رسمية للبلاد، وكانت تضر السوق.

وكانت النائبة مرثا محروس، وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب، قد كشفت قبل أيام عن أن هناك بلبلة بشأن وقف إدخال الجوالات المستوردة من الخارج، ابتداء من يناير 2025.

وأوضحت أن «هناك مشكلة في الرقابة، ذلك أن دخول الجوالات من السوق الأوربية لمصر بشكل كبير أثر على عملية البيع المحلي في مصر»، لافتة إلى أن الجوالات «سيتم السماح بدخولها لكن سيتم دفع الرسوم المقررة».

وأكدت وكيل لجنة الاتصالات بمجلس النواب أن دخول الجوال المستورد من الخارج بالضريبة «سيجعل تكلفته أغلى من سعره في الداخل، ومن ثمّ سيساهم في تقليل الاستيراد، وتعزيز البيع المحلي، وعدم اللجوء للخارج»، مؤكدة أن التوجهات الرسمية تفيد بدخول جوال واحد كل سنة دون ضريبة، وإن زاد على ذلك فلابد من دفع الرسوم المقررة.

وانتقد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، استيراد كميات كبيرة من السلع، من بينها الجوالات؛ ما يسبب أزمة في توافر الدولار، وقال خلال افتتاحه مشروعات نقل جديدة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن «بلاده تستورد بنحو 9 مليارات دولار (الدولار الأميركي يعادل 49.30 جنيه مصري) جوالات سنوياً»، ودعا إلى «ضرورة الاتجاه للتصنيع المحلي؛ لتقليل فاتورة الاستيراد».

ويتوقع رئيس شعبة المحمول بالغرفة التجارية بالقاهرة، محمد طلعت، أن يعزز عمل المنصة الجديدة مواجهة الجوالات المهربة داخل السوق، مرجحاً أنها قد تتلاشى مع مخاوف من عدم عملها داخل مصر، خاصة أنها قد لا تدفع الجمارك المقررة عليها، مشدداً على أن تلك الخطوة «ستشجع الاستثمارات المحلية بشأن تصنيع الجوالات، ولن تؤدي إلى أي ارتفاع جديد في أسعار الجولات داخل البلاد».

هاتف «شاومي 14 ألترا» (إدارة الشركة)

ويصل إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركات الأجنبية المصنعة للجوالات في مصر إلى نحو 11.5 مليون وحدة سنوياً، حسب إفادة من وزارة الاتصالات المصرية، أغسطس (آب) الماضي.

وارتفعت واردات مصر من الجوالات بنسبة 31.4 في المائة، خلال الخمسة الأشهر الأولى من العام الحالي 2024، حيث سجلت 1.828 مليون دولار مقابل 1.391 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023، حسب إفادة من «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر في أغسطس الماضي.