إذا أردت أن تتقني صنع «طاجن بامية باللحم»، فسوف تخبرك مُدونة «مطبخ ريتا» بأسرار طهيه على أصوله، وإذا رغبتِ في إعداد طبق أرز بجواره، فيمكن اختيار «أرز مبهّر بالدجاج» على الطريقة الإسبانية بمذاق لا يقاوم، الذي ستصفه لك مدونة «عُمر في المطبخ»، أما إذا كان أفراد أسرتك من مُحبي المأكولات البحرية؛ فعليك تصفُّح مدونة «كيتشن نهلة» لمشاهدة الطريقة المُثلى لإعداد طعامك من الساندويتشات السريعة إلى الولائم، ومن إعداد الجمبري والكالاماري إلى حساء ثمار البحر الـ«سي فود» الشهي.
من بين عشرات الصفحات والمدونات المتخصصة في وصفات الطهي على وسائل التواصل الاجتماعي أو «السوشيال ميديا» مثل منصات «تيك توك» و«إنستغرام»، لم يعد إعداد وجبات الإفطار والغداء والعشاء عصياً على السيدات، بل والرجال أيضاً؛ حيث يتسابق أصحاب هذه الصفحات، من «البلوغر» والطهاة ومحترفي الطهي، لتقديم محتوى منوع، يستعرضون من خلاله أفكاراً مستحدثة ووصفات سهلة دون مجهود، تلبي الأذواق كافة، ويقومون من خلالها بالتعريف بأسرار عالم الطهي، وتقديم الطعام في أفضل صورة.
تمثل هذه الصفحات موسوعة حديثة عن الطهي دون قيود، فمن خلالها يمكن رؤية مشاهد إعداد الوجبات مرات عدة، أو حفظها على الجوالات لتصفحها وسهولة الرجوع إليها، وبالتالي اكتساب ميزة إضافية عن برامج الطهي التلفزيونية. كما أن عدم تقيدها بعدد صفحات معين مثلما هو الحال في كتب الطهي المتخصصة، التي تراجعت أمام عنصري الصوت والصورة، جعل هذه الصفحات والمدونات تربح رهان الطهي وجذب الجمهور في الوقت الحاضر.
عن تفوق هذه المدونات، تقول الـ«فوود بلوغر» المصرية، حنين السلاموني، لـ«الشرق الأوسط»: «يفضل الجمهور رؤية الوصفات صوتاً وصورة بكل تفاصيلها، لذا تراجعت كتب إعداد الطعام في البداية مع ظهور برامج الطهي، التي بدورها بدأت في التراجع هي الأخرى بسبب طول زمن الحلقة».
وتشير إلى أنه مع ظهور (الفوود بلوغرز) «أصبح البحث عن وصفة بعينها أسهل كثيراً، مع إمكانية اختيار الشخص الذي يقدم طريقة الوصفة على حسب إمكانات المتابع المادية. فهناك من يبالغ في استخدام المكونات، ومنهم من يقدم وصفته في المتناول، كما أن الجوال أصبح الوسيلة الأقرب لنا مقارنة بالكتب والتلفزيون، ما جعل ما يُقدم من خلاله يكسب الرهان، وهو اتجاه حالي في المجلات كافة وليس الطعام فقط».
وتبيّن السلاموني، وهي صاحبة مدونة «حنين كيتشن» عبر موقع «إنستغرام»، أن ذيوع صيت المدونات جاء أيضاً لمسايرتها اتجاهات وموضة الطهي الحديثة، فعلى سبيل المثال مع تصدر حلوى «طاقية السلطان» مؤشرات «التريند» خلال شهر رمضان الماضي، تسابقت المدونات لتقديم طريقة عملها، لافتة إلى أن فلسفة وصفاتها التي تقدمها عبر مدونتها تتمثل في وقف إهدار الطعام وإعادة تدويره، بجانب استخدام بدائل أرخص، مع الحفاظ على وصفات جذابة تناسب أذواق أفراد الأسرة، وهو ما مكنها من اجتذاب الجمهور.
تتفق في ذلك ذواقة الطعام المصرية، المُدوّنة دينا صلاح، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «(السوشيال ميديا) هي سيدة العصر، وأكثر ما يسيطر على عقول العامة ويحرك دفة تفكيرهم، لذا كان من الطبيعي أن تصبح الوصفات المستلهمة منها أكثر تأثيراً، وترى أن وصفاتها تواكب عنصر السرعة، لذا نجد أن معظم هذه الوصفات تعتمد على سرعة الإعداد حتى لا يقضي الشخص وقتاً طويلاً في اكتشافها، بالإضافة إلى عنصر الابتكار».
ونوهت إلى أن كثيراً من «البلوغرز» أو المدونين المعروفين بالنسبة للمتابعين هم من يقدمونها: «فأصبح الجمهور يتفاعل معهم بشكل شخصي، وهم بدورهم يحرصون على التفاعل معهم، والاستماع إلى طلباتهم أو اقتراحاتهم، وتنفيذها، ومن ثم كان تفوق هذه الوصفات عن غيرها».
وتلفت دينا إلى أن تطوير هذه الصفحات من نفسها، واطّلاع القائمين عليها على موضوعات «التريند»، ومتابعة اتجاهات الطعام الرائجة لدى المتابعين، سبب رئيسي لانتشارها أيضاً، وتقول: «تمكنت هذه الصفحات من الوصول لجميع الأعمار عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تعد مقتصرة على ربات البيوت، مقارنة ببرامج الطهي التلفزيونية فيما مضى».
تعود الـ«فوود بلوغر»، حنين السلاموني، للحديث، موضحة أن تنوع محتوى الصفحات ساعد في وصولها لجميع الفئات، فهناك صفحات تعتمد على المحتوى البسيط المناسب للطبقات المتوسطة، والقريب من ثقافتهم في الطعام، وفي المقابل هناك صفحات تخاطب الطبقات العليا. لافتة إلى أن مدونات موقع «فيسبوك» عادة ما تأخذ الطابع البسيط وتخاطب الطبقة المتوسطة، لكن مدونات «إنستغرام» يكون محتواها موجهاً إلى الطبقة العليا، لكن في النهاية نجد أن مدونات منصات التواصل الاجتماعي أصبحت الخيار الأول للجميع.
إذا كان ذلك من ناحية الشكل، فماذا عن مضمون وملامح الطهي ذاته عبر صفحات الوصفات؟ تجيب ذواقة الطعام، دينا صلاح، بقولها: «أكثر ما يلاحظ هو عدم اللجوء إلى الوصفات المُعقدة، التي تحتاج إلى خطوات طويلة لإعدادها، فالمرأة حالياً لا تتمكن من تنفيذ وصفات جدتها أو أمها التي تستغرق ساعات طوالاً في التجهيز، لكون النسبة الكبرى منهن يعملن في وظائف يومية بشكل أساسي».
وتختم: «كذلك تتميز السوشيال ميديا بانتشار الوصفات الاقتصادية ذات المكونات البسيطة، بالإضافة إلى الاعتماد على بدائل نباتية للعديد من الوصفات التي تعتمد على اللحوم والدواجن».