العراق: المحكمة العليا ترد دعوى «إخراج قوات التحالف»

«عدم الاختصاص» يمنح بغداد فرصة تسوية القضية سياسياً

تدريب في قاعدة «عين الأسد» الجوية غرب العراق (أرشيفية - الجيش الأميركي)
تدريب في قاعدة «عين الأسد» الجوية غرب العراق (أرشيفية - الجيش الأميركي)
TT

العراق: المحكمة العليا ترد دعوى «إخراج قوات التحالف»

تدريب في قاعدة «عين الأسد» الجوية غرب العراق (أرشيفية - الجيش الأميركي)
تدريب في قاعدة «عين الأسد» الجوية غرب العراق (أرشيفية - الجيش الأميركي)

في حين فاجأت المحكمة الاتحادية العليا في العراق الأوساط السياسية في البلاد بردها دعوى بشأن بقاء القوات الأميركية في العراق، لعدم الاختصاص، فإن عبارة «عدم الاختصاص» سوف تمنح المفاوض العراقي فرصة كافية للاستمرار في تسوية الوجود الأميركي في العراق سياسياً.

وكان النائبان في البرلمان العراقي باسم خشان، وهو رجل قانون، ومصطفى سند، أقاما دعوى مشتركة أمام المحكمة الاتحادية على رئيسَي الوزراء والجمهورية، طالبا فيها بالحكم بعدم صحة موافقة المدعى عليهما على السماح للقوات الأميركية بالبقاء على الأراضي العراقية. كما طالبا بإلغاء هذا الحكم وإلزامهما باستعادة المناطق والمنشآت التي تستغلها القوات الأميركية بعد انتهاء سريان هذه الاتفاقية. كما طالبا بالتعويض عن الأضرار الناتجة عن العمليات التي جرت بعد انتهاء سريان هذه الاتفاقية، وعن استغلال المناطق والمنشآت العراقية من تاريخ 1 ديسمبر (كانون الأول) 2009 وحتى تاريخ تسليمها إلى الحكومة العراقية.

عنصر من «الحشد الشعبي» العراقي يعاين أضرار غارات أميركية على مدينة القائم قرب الحدود السورية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وبينما يرى خبراء القانون أن هناك آلية سياسية لإخراج القوات الأميركية من العراق، فإن اللواء يحيى رسول، الناطق العسكري باسم القائد العام للقوات المسلحة، يقول إن «لجان التفاوض وصلت إلى مراحل جيدة في موضوع انتقال مهمة التحالف الدولي». وقال رسول في بيان له إن «الحكومة نجحت، وبشكل كبير، في الحد من استهداف القواعد العسكرية العراقية التي يوجد فيها مستشارون من التحالف الدولي». وأضاف رسول أن «البيان الذي صدر بعد الضربة التي استهدفت (الحشد الشعبي) في جرف الصخر كان بياناً واضحاً ودقيقاً لما يجري وما حدث»، مبيناً أنه «عندما نتعامل مع الولايات المتحدة، فلدينا اتفاقية أمنية عسكرية، ولجان التفاوض وصلت إلى مراحل جيدة في موضوع انتقال مهمة التحالف الدولي إلى أن تكون لدى العراق علاقات جيدة مع الولايات المتحدة».

ويقول الخبير القانوني علي التميمي لـ«الشرق الأوسط» إن «الاتفاقية الأولى بين العراق وأميركا كانت عام 2008 ونصت على سحب القوات الأميركية في 1يناير (كانون الثاني) 2011، وفعلاً تم الانسحاب، ولم تُجدد، وسميت (اتفاقية صوفا)». وأضاف التميمي أن «هناك اتفاقية ثانية وُقعت عام 2008 أيضاً وهي اتفاقية تعاون في جميع المجالات الفنية والاقتصادية والأمنية، ولم تنص على وجود القوات الأميركية، وهي اتفاقية (الإطار الاستراتيجي)». وأوضح التميمي أنه «بعد هجوم (داعش) طلب العراق رسمياً المساعدة من أميركا بعد صدور قرار مجلس الأمن (2170) الذي وضع (داعش) تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فجاءت قوات التحالف لغرض الدعم الجوي والتدريب والمساعدة، وبالتالي فإنه لا توجد اتفاقية جديدة عن وجود القوات الأجنبية أو القواعد؛ حيث يحق للحكومة العراقية طلب إخراجها بعد تصويت البرلمان». وشدد على أنه «يمكن للعراق الطلب رسمياً من مجلس الأمن خروج قوات التحالف وأيضاً إخراج القوات الأميركية، لأن إخراجها يكون بطريقة الدخول ذاتها».

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن يجري مباحثات مع نظيره العراقي ثابت العباسي بواشنطن في أغسطس العام الماضي (البنتاغون)

بعيداً عن البرلمان... قريباً من الفصائل

وفي الوقت الذي نأت فيه المحكمة الاتحادية العليا في العراق بنفسها عن الإشكالية السياسية المتعلقة بالوجود الأميركي في العراق، فإن الحكومة العراقية، ومع كل محاولاتها إعادة تنظيم هذا الوجود بما يحقق السيادة العراقية واستمرار التعاون مع واشنطن، تعمل على استمرار الهدنة التي أبرمتها مع الفصائل المسلحة التي كثيراً ما تخرق هذه الهدنة.

وكان رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، قد طلب إنهاء مهمة التحالف الدولي في العراق، وتحويل العلاقات مع دوله إلى علاقات ثنائية، لكن أحداث غزة ألقت بظلالها على الترتيبات الخاصة بذلك.

الحكومة العراقية، التي أجرت حتى الآن 3 جولات من المفاوضات مع الأميركيين لإعادة تنظيم وجودهم في العراق، استفادت من الانقسام بين الفصائل بشأن الهدنة، التي خُرقت أكثر من مرة رغم تلقي تلك الفصائل ضربات عنيفة من قبل الأميركان، الأخيرة كانت في جرف الصخر وأدت إلى مقتل قائد حوثي كبير مختص في صناعة المسيّرات.

السيارة التي كان يستقلها سليماني مشتعلة بعد استهدافها بصواريخ أميركية في 3 يناير 2020 (أ.ف.ب)

وفي حين كان البرلمان العراقي اتخذ أوائل عام 2020 قراراً بإخراج القوات الأميركية من العراق، بعد مقتل الجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، ولم يكن ملزماً للحكومة العراقية، فإن الدعوى الأخيرة التي تقدم بها النائبان خشان وسند اصطدمت بعائق دستوري؛ هو عدم اختصاص المحكمة الاتحادية العليا.

وفي الوقت الذي تستمر فيه المباحثات بين بغداد وواشنطن بشأن القوات الأميركية في البلاد، جاء التصعيد الأخير بعد مقتل إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، في طهران، ليخلط الأوراق، وهو ما جعل أنظار الولايات المتحدة تتجه إلى العراق بشأن ضبط إيقاع الفصائل المسلحة الموالية لإيران.

وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني. وطبقاً لبيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، فإن الأخير «أبلغ وزير الخارجية الأميركي بأنه يعمل جاهداً على منع أي تصعيد جديد في العراق ما بين الفصائل والأميركان خلال المرحلة المقبلة، مقابل ذلك، طلب ضمانات أميركية بعدم تكرار أي هجمات جديدة ضد عناصر (هيئة الحشد الشعبي) والفصائل المنضوية في هذه الهيئة؛ من أجل استمرار السيطرة على التهدئة بين الطرفين».


مقالات ذات صلة

العراق: مساعٍ لتطوير المؤسسة العسكرية

المشرق العربي جنديان عراقيان مع آلية يقفان عند نقطة حراسة على الحدود العراقية - السورية 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

العراق: مساعٍ لتطوير المؤسسة العسكرية

كشفت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي عن الحاجة لتطويع عشرات الآلاف بالجيش وسط تحديات أمنية إقليمية.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي تحذيرات عراقية من عودة «داعش»

تحذيرات عراقية من عودة «داعش»

تخشى بغداد أن يعيد «داعش» تنظيم صفوفه بعدما استولى على كميات من الأسلحة نتيجة انهيار الجيش السوري.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي رئيس وزراء العراقي محمد شياع السوداني (د.ب.أ)

السوداني يعلن استئناف عمل بعثة العراق الدبلوماسية في دمشق

أعلن رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني مساء الخميس أن البعثة الدبلوماسية العراقية «فتحت أبوابها وباشرت مهامها في دمشق».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي صورة متداولة لحافلات سورية وصلت إلى الحدود العراقية لنقل الجنود

بغداد تعيد المئات من الجنود السوريين إلى بلادهم بالتنسيق مع دمشق

أعلنت السلطات العراقية، اليوم الخميس، أنها باشرت إعادة المئات من الجنود السوريين إلى بلادهم.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي اهتمام لافت باستقبال ولي العهد السعودي لرئيس الوزراء العراقي في الخيمة

بغداد تواصل مساعيها لتطويق تداعيات الأزمة السورية

يتحرك العراق داخلياً وخارجياً من أجل تطويق الأزمة السورية وتداعياتها.

حمزة مصطفى (بغداد)

حليفان للشرع للخارجية والدفاع... وضم امرأة

سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)
سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)
TT

حليفان للشرع للخارجية والدفاع... وضم امرأة

سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)
سوريون ينتظرون أمام مركز في حي المزة بدمشق لتسوية أوضاعهم أمس (إ.ب.أ)

خارج المخيمات باشر القائد العام للحكم الجديد في سوريا، أحمد الشرع، رسم معالم حكومته الأولى بعد سقوط نظام الرئيس بشار الأسد. ومنح الشرع منصب وزير الخارجية في الحكومة المؤقتة لحليف وثيق له من مؤسسي «هيئة تحرير الشام» هو أسعد حسن الشيباني، ووزير الدفاع لحليف آخر هو مرهف أبو قصرة (أبو الحسن 600)، فيما ضم أول امرأة لحكومته هي عائشة الدبس التي خُصص لها مكتب جديد يُعنى بشؤون المرأة.

وجاءت هذه التعيينات في وقت باشرت فيه حكومات أجنبية اتصالاتها مع الحكم الجديد في دمشق وغداة إعلان الولايات المتحدة أنَّها رفعت المكافأة التي كانت تضعها على رأس الشرع بتهمة التورط في الإرهاب، البالغة 10 ملايين دولار.

وعقد الشرع اجتماعاً موسعاً أمس مع قادة فصائل عسكرية «نوقش فيه شكل المؤسسة العسكرية في سوريا الجديدة»، بحسب ما أعلنت القيادة العامة التي يقودها زعيم «هيئة تحرير الشام».

وتزامنت هذه التطورات مع إعلان «الجيش الوطني» المتحالف مع تركيا أنَّ مقاتليه يتأهبون لمهاجمة «الوحدات» الكردية شرق الفرات، في خطوة يُتوقع أن تثير غضباً أميركياً. وفي هذا الإطار، برز تلويح مشرعين أميركيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي بفرض عقوبات على تركيا إذا هاجمت الأكراد السوريين.