بولتون لـ«الشرق الأوسط»: إيران ستُقدم على رد انتقامي يسبب خسائر كبيرة لإسرائيل

قال إن شكل الهجوم سيحدد مدى انخراط واشنطن في حرب مفتوحة بالمنطقة

جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي السابق (أ.ف.ب)
جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي السابق (أ.ف.ب)
TT

بولتون لـ«الشرق الأوسط»: إيران ستُقدم على رد انتقامي يسبب خسائر كبيرة لإسرائيل

جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي السابق (أ.ف.ب)
جون بولتون مستشار الأمن القومي الأميركي السابق (أ.ف.ب)

خلافاً لتصريحات البيت الأبيض بأن خطر التصعيد بين إيران وإسرائيل وتوسعة الحرب ليس حتمياً، فإن مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون أكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن ما نشهده حالياً هو بالفعل صراع موسع بين إسرائيل وإيران في أعقاب اغتيال فؤاد شكر من «حزب الله» في عمق الأراضي اللبنانية، وبعده بساعات اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية في عمق الأراضي الإيرانية.

وتوقع بولتون، الذي يعد أحد صقور الحزب الجمهوري الأميركي، أن يكون الانتقام الإيراني لمقتل هنية مؤثراً وقوياً، قائلاً: «هناك بالفعل صراع بين إسرائيل وإيران الآن بعد سلسلة من الحوادث التي جرت خلال الأسابيع القليلة الماضية من ضربات داخل العراق واستهداف وقتل فؤاد شكر الرجل الثاني في ميليشيا (حزب الله)، ثم اغتيال هنية، والسؤال ما هو شكل الرد الذي ستقدم عليه إيران في ردها الانتقامي ضد إسرائيل؟».

وتابع بولتون: «يجب أن أقول يبدو أن إيران ستفعل شيئاً مؤثراً ومهماً للغاية، وهو ما ظهر في قيام المرشد الإيراني (علي خامنئي) بالصلاة على نعش هنية في مراسم واسعة، بالإضافة إلى خطابه الذي تعهد فيه بالرد بقسوة. وأعتقد أن هذا حدث مهم للغاية، وسيختلف الرد هذه المرة عما حدث في أبريل (نيسان) الماضي حينما أطلقت إيران 320 صاروخاً وطائرة بدون طيار على إسرائيل دون أن تحدث تأثيراً كبيراً».

امرأة تمشي بجوار لوحة إعلانية للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وإسماعيل هنية في ساحة فاليس بطهران (أ.ف.ب)

إسرائيل تعزز دفاعاتها

وأوضح مستشار الأمن القومي الأميركي السابق أن التهديدات الإيرانية برد انتقامي قوي ستجعل إسرائيل تعزز دفاعاتها، لكن يتعين علينا أن نرى ما ستفعله إيران، وكيف سترد إسرائيل. وقال: «مرة أخرى، الأمر سيكون خطيراً للغاية لأنه حينما تفشل إيران في حماية أشخاص مثل إسماعيل هنية خلال استضافته في طهران، فإن ذلك يضع المرشد خامنئي في حرج شديد، لذا فإن التوقعات تشير إلى أنه سيكون هناك رد إيراني قوي جداً».

أما شكل الرد، وما إذا كان منسقاً مع وكلاء طهران في العراق ولبنان وسوريا واليمن، أوضح بولتون أنه من الصعب معرفة شكل ومدى الرد الإيراني على وجه اليقين، لأن «الهجمات الإيرانية السابقة ضد إسرائيل التي شملت أكثر من 200 صاروخ باليستي، بينها 120 صاروخاً لم تصل إلى إسرائيل وانفجرت إما على منصة الإطلاق أو تحطمت قبل أن تصل إلى الهدف، لذا كان بالفعل هجوماً تم تصميمه بشكل لا يؤدي إلى تصعيد. لكن يجب النظر إلى ماذا كان ليحدث لو أن تلك الصواريخ البالستية الستين الأخرى وصلت بالفعل إلى أهدافها داخل إسرائيل. لا أعتقد أن إيران هذه المرة يمكنها أن تبتلع كرامتها، وأن تتجاهل ما حدث، لذلك أعتقد أنه من المرجح في هذه المرحلة أن تقدم إيران على رد خطير يستهدف أهدافاً في إسرائيل، ويتسبب في سقوط عدد من الضحايا، والتسبب في الكثير من الأضرار».

المرشد الإيراني علي خامنئي في الصلاة عند نعش إسماعيل هنية وحارسه الشخصي خلال موكب جنازته في طهران (أ.ف.ب)

وحول تقييم مسؤولي البيت الأبيض أن توسع الصراع ليس حتمياً، قال بولتون: «أعتقد أن الإدارة الأميركية لا تريد صراعاً أوسع نطاقاً، لكن من وجهة نظر إسرائيل فإن تقييم الوضع بأنها دخلت بالفعل في حرب أوسع، إذ يقصف (حزب الله) شمال إسرائيل بالصواريخ، وميليشيا الحوثي تهدد الملاحة في البحر الأحمر وطرق التجارة الدولية، والميليشيات في العراق وسوريا المدعومة من إيران تشن هجمات بين الحين والآخر. فرغم رغبة الولايات المتحدة في تجنب حرب أوسع فإنني أعتقد أن الأمر قد تجاوز تقديرات الولايات المتحدة، وأعتقد أن إسرائيل ترى نفسها محاصرة من جميع الجهات، ولا أعتقد أنها ستتراجع في هذه المرحلة».

تأجيل المفاوضات

وأكد بولتون أن اغتيال هنية، الذي يعد كبير المفاوضين السياسيين لحركة «حماس»، سيؤثر كثيراً على مفاوضات وقف إطلاق النار التي سعت إدارة بايدن إلى إحراز انتصار سياسي من خلالها. وقال: «سيكون هناك تأخير كبير لهذه المفاوضات، ويجب الاعتراف بأن هذه المفاوضات لم تكن أصلاً قريبة من التوصل إلى اتفاق لأن القضايا الأساسية كما هي، والسؤال المركزي هو إلى متى يمكن أن يبقى موضوع وقف إطلاق النار معلقاً دون إجابة».

واعترف بولتون أن الرئيس بايدن كان يريد الدفع بهذه المفاوضات لوقف الحرب في غزة وإطلاق سراح المحتجزين لدى «حماس» لتحقيق نصر سياسي يرسخ له إرثاً تاريخياً لولايته في البيت الأبيض، ويبدو أن الأحداث المتلاحقة قد حطمت آماله في التوصل إلى هذا الاتفاق. وقال: «أعتقد أن بايدن سيستمر في الدفع لإجراء هذه المفاوضات، لكنني أعتقد أيضاً أن الطرفين (حماس وإسرائيل) لا يزالان بعيدين كل البعد عن التوصل إلى اتفاق».

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يؤكد أن تصعيد الصراع ليس حتمياً ويدعو لإبرام صفقة لوقف إطلاق النار (أ.ب)

ضعف النفوذ الأميركي

وحول فقدان الإدارة الأميركية لنفوذها على إسرائيل، أكد بولتون أن الإدارة الأميركية تمارس ضغوطاً مكثفةً ومستمرةً على الإسرائيليين وعلى الأطراف الفلسطينية من خلال بعض القنوات.

وفي سؤال حول نفي وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن معرفة بلاده بخطط اغتيال إسماعيل هنية في إيران، وتأكيده أن واشنطن لم تتلق أي إبلاغ مسبق من إسرائيل، ولم تشارك في الهجوم، وما إذا كان ذلك يعني ضعفاً وافتقاراً لنفوذ أميركي على إسرائيل، قال بولتون: «أعتقد أن الإسرائيليين لم يقوموا بإبلاغ الإدارة الأميركية بمخططاتهم لأنهم كانوا يخشون تسرب المعلومات أو نقلها إلى إيران، نظراً لعدد المؤيدين لطهران الذين عملوا في الإدارة، وبعضهم لا يزال يعمل، وهذا بالطبع يعكس ضعف النفوذ الذي يتمتع به البيت الأبيض في عهد بايدن على إسرائيل، وأعتقد أن هذا صحيح».

اتصال نتنياهو وبايدن

وحول الاتصال بين نتنياهو والرئيس بايدن، ومدى قدرة إسرائيل على جر الولايات المتحدة إلى حرب مفتوحة في المنطقة، ودفع واشنطن لمواجهة مباشرة مع إيران، قال بولتون: «الغرض الرئيسي من محادثة نتنياهو مع الرئيس بايدن هو إطلاعه على ما تعرفه إسرائيل من تحركات في المنطقة، وإطلاعه على الخطوات التي تنوي إسرائيل اتخاذها، ولا أعتقد أن بايدن سيتطرق إلى مفاوضات وقف إطلاق النار مع (حماس) التي أعتقد أنها انتهت ولن يكون هناك مسار لانعقاد مفاوضات في أي وقت قريب، ولا أعتقد أن هناك نيةً لإشراك الولايات المتحدة في أي تحركات حالية، لكن الأمر يعتمد كثيراً على ما ستقوم به إيران وحتى نعرف شكل الرد الإيراني فإنه من الصعب معرفة اتجاهات واشنطن المستقبلية».

وحول تأثير استهداف إسرائيل لهنية داخل إسرائيل على أجندة الرئيس الإيراني الجديد الذي وُصف بالإصلاحي، ويشجع التواصل مع الغرب، قال بولتون: «لا أعتقد أن اغتيال إسماعيل هنية له تأثير كبير على أجندة الرئيس الإيراني الجديد وقدرته على إجراء مفاوضات دبلوماسية مع الغرب، لأن الهدف كان اغتيال هنية، وقد وجدوه في مكان مناسب لتنفيذ خطة الاغتيال، ومن جانب آخر، فإن المرشد الإيراني هو الذي يتخذ القرارات، وبالتالي فإن الرئيس الإيراني الجديد هو مجرد منفذ للسياسات التي يضعها المرشد الأعلى حول قضايا الأمن القومي».

إيران مع ترمب أو هاريس

أما شكل السياسات الأميركية تجاه إيران، سواء في ظل ولاية جديدة لإدارة ترمب أو لكامالا هاريس، قال بولتون: «أنا لن أكون مشاركاً في أي من الإدارتين، لكن وجهة نظري أنه لن يكون هناك سلام واستقرار في الشرق الأوسط حتى يتم إزاحة مَن في السلطة، فنظام آية الله يشكل التهديد الرئيسي للسلام والأمن، وحتى يتمكن الشعب الإيراني من السيطرة على الحكومة، علينا توقع المزيد من الاضطرابات، وأعتقد أن كلاً من ترمب وهاريس يتفق في ذلك. ومن المؤكد أن ترمب ليس على استعداد للقيام بما هو ضروري لمساعدة الشعب الإيراني على الإطاحة بالحكومة على الرغم من أن الحكومة في طهران أصبحت أقل شعبية مما كانت عليه حينما كان ترمب رئيساً، ولا أدري كيف ستتعامل إدارة هاريس مع إيران».


مقالات ذات صلة

ترمب: تبادل الأسرى «انتصار لبوتين»... وبايدن وهاريس «لا يحظيان بالاحترام» دولياً

العالم الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ب)

ترمب: تبادل الأسرى «انتصار لبوتين»... وبايدن وهاريس «لا يحظيان بالاحترام» دولياً

انتقد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بشدة صفقة تبادل السجناء بين روسيا والغرب ووصفها بأنها انتصار للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في مقابلة نُشرت صباح الجمعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا بوتين مستقبلاً مواطنين روساً بعد إتمام صفقة التبادل في موسكو 1 أغسطس (إ.ب.أ)

بوتين يستقبل «الأبطال» العائدين من سجون الغرب بالورود والجوائز

كانت روسيا تنتظر انتخاب ترمب رئيساً قبل إبرام صفقة التبادل، إلا أن نضوج الاتفاق وتلبيته شروط موسكو دفعا الكرملين إلى إتمامها وإهداء الإنجاز الدبلوماسي لبايدن.

رائد جبر (موسكو)
الولايات المتحدة​ الرئيس جو بايدن يصافح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضوي بالبيت الأبيض في واشنطن (أرشيفية - أ.ب)

بايدن يؤكد لنتانياهو التزام واشنطن أمن إسرائيل بمواجهة «تهديدات إيران»

ناقش الرئيس الأميركي جو بايدن، في اتصال هاتفي اليوم مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عمليات نشر عسكري دفاعي أميركي جديدة لدعم إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية الرئيسان الأميركي جو بايدن والتركي رجب طيب إردوغان خلال لقائهما في قمة «الناتو» 11 يوليو 2023 (رويترز)

إردوغان لبايدن: إسرائيل تسعى لتوسيع نطاق حرب غزة

قالت الرئاسة التركية إن الرئيس رجب طيب إردوغان أبلغ نظيره الأميركي جو بايدن بأن إسرائيل تحاول توسيع نطاق حرب غزة ولا تريد وقف إطلاق النار.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث هاتفياً من المكتب البيضاوي بحضور نائبته كامالا هاريس (أرشيفية - حساب الرئيس الأميركي عبر «إكس»)

بايدن سيبحث مع نتنياهو التوترات في الشرق الأوسط

أفاد البيت الأبيض بأن الرئيس الأميركي جو بايدن سيتحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لبحث تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ديناميكيّات حرب غزّة


مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
TT

ديناميكيّات حرب غزّة


مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)
مبانٍ مدمرة في شمال غزة بعد القصف الإسرائيلي (أ.ف.ب)

لكل حرب امتدادها الأقصى. بعد هذه المرحلة يتحوّل مردود الحرب إلى سلبيّ. وعليه، يجب التوقّف لإعادة التقييم وتغيير الاستراتيجيات إذا لزم الأمر. بعد تسعة أشهر ونيّف للحرب على غزّة تشكّلت الصورة التالية:

إيران مستفيدة لأنها لا تخوض الحرب مباشرة مع إسرائيل، فالوكيل هو الذي يدفع الثمن. فإذا ربح تربح معه. وفي حال الخسارة يخسر وحده. وهي تستفيد اليوم من السيناريو الممتاز والذي لم تكن تتوقّعه في حرب إسرائيل على غزّة. فالجيش الإسرائيليّ يتخبّط في رمالها، كما يضيع في متاهات أنفاقها. وهو حتى الآن مستنزف، بعد تآكل صورته الردعيّة. كما تحوّلت إسرائيل إلى دولة مارقة في وعي العالم.

تعترف إسرائيل بأنها تقاتل على 7 جبهات، وكانت استراتيجيّة إيران تعتمد على المبدأ الصيني الذي يقول: «الموت بألف طعنة».

مع الحرب على غزّة، ابتكرت إيران مبدأ وحدة الساحات. والهدف بالطبع هو خلق مستوى مرتفع من الضبابيّة. تؤمّن هذه الضبابيّة لإيران حركيّة استراتيجيّة وحريّة عمل كبيرة جدّاً على المسارح في الشرق الأوسط. وعبر الضبابيّة هذه، يمكن لها «نكران» الفعل إذا لزم الأمر. وحتى القتال مباشرة بواسطة وسائلها الخاصة، لكن تحت غطاء وحدة الساحات. هي تؤمّن الهيكليّة والإدارة، كما الوسائل. وما على الوكيل إلا أن يُنفّذ. ما يناسب الاستراتيجيّة الإيرانيّة في المنطقة، هو الفوضى. يُطلق بعض مفكّريها تسمية الفوضى البنّاءة. فعبر الفوضى، يمكن تأمين حريّة العمل للوكلاء. هكذا هي حال دول ما يُسمّى بمحور المقاومة.

نتنياهو بين وزير الدفاع يوآف غالانت (يسار) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي (د.ب.أ)

نقطة الذروة!

بغض النظر عمن هو مسؤول عن كارثة مجدل شمس. فقد يمكن القول إن هذه الكارثة شكّلت نقطة تحوّل - انحراف أساسيّة في ديناميكيّة الصراع. فبعد هذه النقطة، اعتمدت إسرائيل مبدأ الانتهازيّة السياسيّة كما العسكريّة. وضعت بذلك «حزب الله» في موقع الدفاع، وتسيّدت هي في الخطاب والفعل. وعليه، استهدفت «حزب الله» في عقر داره في الضاحية، فقتلت القياديّ فؤاد شكر وهو الذي يمثّل رئيس أركان الحزب. أعلنت إسرائيل مباشرة نجاح عمليتها ضد شكر، الأمر الذي يدلّ على أن لديها معلومات استخبارية مباشرة وآنيّة من الميدان لتأكيد الأمر.

وبعد أقلّ من 12 ساعة، أعلنت إيران عن اغتيال رئيس المكتب السياسيّ لحركة «حماس» إسماعيل هنيّة بصاروخ موجّه على غرفته الخاصة. اختلفت الروايات حول طريقة التنفيذ. لكن الاغتيال بحدّ ذاته، شكّل خرقاً كبيراً للأمن القوميّ الإيرانيّ. وبذلك قد يمكن القول، إن إيران تقاتل باعتماد استراتيجيّة «الدفاع المتقدّم»، كي تغطّي على هشاشتها الداخليّة. وتقدم إسرائيل إلى الهجوم في عمق ما يُسمّى بـ«وحدة الساحات» أيضاً للتغطية على هشاشتها الداخليّة.

نظام «القبة الحديدية» الدفاعي الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)

التقييدات للفعل وردّ الفعل

لا يُمكن لإيران إلا أن تردّ. ولا يمكن للردّ إلا أن يكون بقيادتها. فالحدث وتوقيت حصوله ومكانه خلال تنصيب الرئيس الجديد. كما أن الشخص المُستهدف هو أحد أعمدة قيادات وحدة الساحات. حتى إنه لا يمكن تجاهل تزامن اغتيال هنيّة مع اغتيال القياديّ في «حزب الله». فكيف سيكون الردّ؟ هل سيكون عبر وحدة الساحات ككلّ، لكن تحت القيادة الإيرانيّة؟ هل ستكون القوات الأميركيّة مستهدفة خاصة بعد إعلان وزير الدفاع الأميركيّ لويد أوستن أن أميركا ستحمي إسرائيل؟ وهل تبدو إيران مقتنعة بأن لا دور لأميركا في كلّ ما حدث؟

كيف يمكن للرد على إسرائيل أن يكون متناسباً مع الخسارة في لبنان وإيران؟ وما هي نوعيّة الأهداف التي ستُضرب في إسرائيل؟ هل ستكون من ضمن بنك الأهداف التي استحصلت عليها مسيّرة «الهدهد»، خاصة الأولى، أو ستكون في العمق الإسرائيليّ مع نوعيّة أهداف لها قيمة استراتيجيّة أكبر؟ وهل ستقبل إسرائيل؟

هل ستُشكّل الضربة على ميناء الحُديدة النموذج الذي سيُعتمد لضرب الداخل الإيرانيّ؟ ألم يقل وزير الدفاع الإسرائيليّ إن نار الحديدة سيراها كل الشرق الأوسط؟ هل لعبت أميركا دوراً في إعطاء الضوء الأخضر، أو المساعدة في المجال الاستخباراتيّ، وذلك كما فعلت في عام 2008 عقب اغتيال القيادي في «حزب الله» عماد مغنيّة؟ وما هو الإطار الرادع، إن كان في الخطاب السياسيّ أو في عرض العضلات العسكريّة، الذي ستستعمله أميركا، قبل وخلال وبعد الردّ الإيرانيّ؟ هل ستسعى لرسم الإطار الفكريّ لكيفيّة إنهاء الاشتباك حتى قبل بدء الحرب؟

الحسابات الخاطئة

كل شيء في الحرب سهل، لكن أسهل شيء فيها مُعقّد جداً. هكذا قال المفكّر البروسي كارل فون كلوزفيتز. وهل يمكن السيطرة على ديناميكيّة الحرب خاصة بعد بدئها؟ وهل هي عمل خطّي أو أنها عمل مُعقّد جدّاً؟ وماذا لو خرج الردّ والردّ على الردّ عن السيطرة؟ فهل ستذهب إسرائيل إلى ضرب الداخل الإيرانيّ خاصة البنى التحتيّة المتعلّقة بالطاقة؟ وهل سينتهز نتنياهو الفرصة لتنفيذ مشروعه واستراتيجيّته عبر ضرب المشروع النوويّ الإيرانيّ مباشرة؟ لكن السؤال الجوهريّ سيكون حول دور العمّ سام، وهل ستستغل أميركا الوضع لترويض إيران، وإضعافها عبر تقليص نفوذها في الشرق الأوسط خاصة المنطقة العربيّة؟