تفاصيل جديدة عن حياة وموت «المومياء الصارخة» في مصر

وجه «مومياء المرأة الصارخة» التي اكتشفت عام 1935 في الدير البحري بالقرب من الأقصر ويرجع تاريخها لنحو 1500 قبل الميلاد خلال فترة المملكة الحديثة في مصر القديمة تظهر بالمتحف المصري في القاهرة - 18 يناير 2023 (رويترز)
وجه «مومياء المرأة الصارخة» التي اكتشفت عام 1935 في الدير البحري بالقرب من الأقصر ويرجع تاريخها لنحو 1500 قبل الميلاد خلال فترة المملكة الحديثة في مصر القديمة تظهر بالمتحف المصري في القاهرة - 18 يناير 2023 (رويترز)
TT

تفاصيل جديدة عن حياة وموت «المومياء الصارخة» في مصر

وجه «مومياء المرأة الصارخة» التي اكتشفت عام 1935 في الدير البحري بالقرب من الأقصر ويرجع تاريخها لنحو 1500 قبل الميلاد خلال فترة المملكة الحديثة في مصر القديمة تظهر بالمتحف المصري في القاهرة - 18 يناير 2023 (رويترز)
وجه «مومياء المرأة الصارخة» التي اكتشفت عام 1935 في الدير البحري بالقرب من الأقصر ويرجع تاريخها لنحو 1500 قبل الميلاد خلال فترة المملكة الحديثة في مصر القديمة تظهر بالمتحف المصري في القاهرة - 18 يناير 2023 (رويترز)

رجّح علماء آثار أن مومياء امرأة مصرية دُفنت منذ نحو 3500 عام، وتبدو على وجهها علامات صراخ، «ماتت وهي تتألّم».

ويقول الباحثون إن الفم المفتوح على مصراعيه لامرأة ماتت منذ نحو 3500 عام ربما يكون ناجماً عن شكل نادر ومباشر من «التيبّس».

وقد حيَّر هذا التعبير لمومياء مصرية قديمة، الباحثين لفترة طويلة، وقد توصلوا حديثاً إلى خلاصة تُفسّر علامات وجه المومياء، وهي أن المرأة ماتت وهي تصرخ في حالة من العذاب.

يُعتقد أن المرأة دُفنت منذ نحو 3500 عام.

وقد اكتشفت المومياء في عام 1935 في موقع بمدينة طيبة الأثرية بمصر، في تابوت خشبي أسفل قبر سِنْموت؛ وهو مهندس معماري مهم في عهد الفرعون المرأة حتشبسوت. ولم تكن هذه المومياء وحدها التي اكتشفت في ذاك الموقع، بل اكتشف علماء الآثار أيضاً غرفة دفن لأم سِنْموت، هات نوفر، في الموقع بالقرب من الأقصر، إضافة إلى مدافن فردية لأقاربها، وفق تقرير، الجمعة، لصحيفة «الغارديان» البريطانية.

ووفق الدكتورة سحر سليم، أستاذة الأشعة في جامعة القاهرة: «ورغم عدم تسجيل أي اسم على المومياء الصارخة، فمن المرجّح أنها كانت أحد أفراد أسرة سِنْموت المقربين الذين دُفنوا وتقاسموا مثوى الأسرة الأبدي».

وفي مقال لها في مجلة «Frontiers in Medicine» صادر في 11 يونيو (حزيران) الماضي حمل عنوان «دراسات باليورانيوم وعلم الأشعة على مومياء المرأة الصارخة من المنطقة الواقعة أسفل مقبرة سِنْموت (1479 - 1458 ق.م) مقبرة طيبة (TT71)»، ذكرت الدكتورة سحر سليم، والمؤلفة المشاركة معها بالدراسة الدكتورة سامية الميرغني كيف استخدمتا تقنية التصوير المقطعي المحوسب (CT scan) لتشريح المومياء افتراضياً، فضلاً عن تقنيات تشمل تحليل الأشعة السينية لفحص الجلد والشعر، والشعر المستعار الأسود الطويل.

مومياء «المرأة الصارخة» التي اكتشفت عام 1935 في الدير البحري بالقرب من الأقصر ويرجع تاريخها لنحو 1500 قبل الميلاد خلال فترة المملكة الحديثة في مصر القديمة - المتحف المصري - القاهرة 18 يناير 2023 (رويترز)

ويقول فريق البحث إن المومياء كانت محفوظة جيداً، ويقدّر أن طول المرأة كان يبلغ نحو 1.55 متر عندما كانت على قيد الحياة. وقدّمت عمليات التصوير المقطعي المحوسب مزيداً من الرؤى عن حياة المرأة. وكشفت أنها توفيت عن عمر يناهز 48 عاماً، وكانت تعاني التهاباً خفيفاً في المفاصل، وكذلك في العمود الفقري.

ومع ذلك، لم يجد الباحثون أي علامة على وجود شق في الجسم من أجل التحنيط، وكانت جميع أعضاء الجسم لا تزال داخل المومياء.

تقول سحر سليم: «لقد كانت هذه مفاجأة بالنسبة لي، إذ كانت الطريقة الكلاسيكية للتحنيط في عصر الدولة الفرعونية الحديثة (1550 - 1069) قبل الميلاد، تتضمن إزالة جميع الأعضاء من داخل الجسم باستثناء القلب، حتى يُحفظ الجسد من الفساد حسب إيمانهم».

وبينما تشير الدراسة إلى أن مثل هذا الإغفال عن الشق في التحنيط كان غالباً بسبب التحنيط ذي الجودة الرديئة لأبناء الطبقتين المتوسطة والفقيرة، تقول سحر سليم «إنه لا يبدو أن هذه كانت الحال بالنسبة للمرأة الصارخة».

ولم يتم دفن المرأة وهي ترتدي خاتمين من الفضة والذهب فحسب، بل وجد الباحثون أنه جرى استخدام صمغ العرعر وزيت اللبان في تحنيطها، وهي مكونات مستوردة باهظة الثمن ربما ساعدت في الحفاظ على الجسم من التحلل.

وقد استخدم المصريون القدماء تحنيط جثث موتاهم لأنهم آمنوا بحياة بعد الموت، واعتقدوا أنهم بعد الموت سيظلون بحاجة إلى أجساد مادية. لذلك، كان الغرض الرئيسي من التحنيط، هو الحفاظ على الجثث أقرب ما يكون إلى حالتها الطبيعية، بصفته أمراً مهماً بالنسبة لهم للحفاظ على الحياة.

ويقترح الباحثون أن فم المرأة المفتوح لم يكن على الأرجح بسبب محنطين أهملوا إغلاقه، بل يقترحون أن تعبير المرأة قد يكون بسبب شكل نادر وفوري من تيبس الموت، حسب الدراسة.

وقالت سحر سليم، وفق «الغارديان»: «اقترحنا أن هذا الفم المفتوح قد يكون بسبب موت مؤلم أو إجهاد عاطفي وتشنج في الجثة جعل وجهها متجمداً في وقت الوفاة». وأضافت: «لم يتمكن المحنطون من إغلاق الفم، وقاموا بتحنيط الجثة المنقبضة قبل تحللها أو استرخائها، ما حافظ على فمها المفتوح بعد الموت».

ووفق وكالة «رويترز»، قالت سحر سليم: «إن التشنج الجثي، يحدث بعد معاناة جسدية أو عاطفية شديدة، إذ تصبح العضلات المتقلصة متيبسة فور الوفاة». وتضيف: «على عكس تيبس الجثة بعد الوفاة، فإن التشنج الجثي يؤثر فقط على مجموعة واحدة من العضلات، وليس الجسم بالكامل». وعند سؤالها عما إذا كانت المرأة قد جرى تحنيطها، وهي على قيد الحياة، أضافت سحر سليم: «لا أعتقد أن هذا ممكن».


مقالات ذات صلة

«اليونيسكو» تعزز مستوى حماية 34 موقعاً تراثياً في لبنان

المشرق العربي مبنى مقر «اليونيسكو» في باريس (رويترز)

«اليونيسكو» تعزز مستوى حماية 34 موقعاً تراثياً في لبنان

أعلنت «اليونيسكو» أنها منحت عشرات المواقع التراثية المهددة بالغارات الإسرائيلية في لبنان «حماية مؤقتة معززة»، لتوفر لها بذلك مستوى أعلى من الحماية القانونية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
يوميات الشرق مهرجانات بعلبك حدثٌ فني عمرُه 7 عقود احترف النهوض بعد كل كبوة (صفحة المهرجانات على «إنستغرام»)

من ليالي أم كلثوم إلى شموع فيروز... ذكريات مواسم المجد تضيء ظلمة بعلبك

عشيّة جلسة الأونيسكو الخاصة بحماية المواقع الأثرية اللبنانية من النيران الإسرائيلية، تتحدث رئيسة مهرجانات بعلبك عن السنوات الذهبية لحدثٍ يضيء القلعة منذ 7 عقود.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق د. جعفر الجوثري يحمل صور الأقمار الاصطناعية ويستكشف موقع معركة القادسية (أ.ب)

في العراق... صور الأقمار الاصطناعية تقود علماء الآثار إلى موقع معركة تاريخية

قادت صور الأقمار الاصطناعية التي تم رفع السرية عنها والتي تعود إلى سبعينات القرن العشرين فريقاً أثرياً بريطانياً - عراقياً إلى ما يعتقدون أنه موقع معركة قديمة.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
يوميات الشرق ريكاردو خلال مناقشة كتابه «نص صعيدي ونص خواجة» (الشرق الأوسط)

«نص صعيدي ونص خواجة» يوثّق صورة مصر في عيون الجاليات الأجنبية

بفهرس عناوين غير تقليدي يتضمن «قائمة طعام»، يدخل كتاب «نص صعيدي ونص خواجة» إلى عالم من المكونات والمقادير والوصفات الإيطالية التقليدية التي يستعرضها المؤلف.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق حمل المخرج هادي زكاك كاميرته وذهب يبحث عمّا تبقّى من سينما طرابلس (صوَر زكّاك)

«سيلَما»... روحٌ تائهة في صالات طرابلس المَنسيّة وبين ركامها

لم يبقَ من صالات السينما في طرابلس، والتي كانت 42 في الماضي، سوى واحدة. المخرج هادي زكّاك يقف على أطلال «سيلَما» من دون أن يحوّل فيلمه الوثائقي إلى مَرثيّة.

كريستين حبيب (بيروت)

«هيئة المكتبات» السعودية تنظم معرضاً لمجموعة نادرة من المخطوطات التاريخية

يتضمن المعرض مجموعة فريدة ونادرة من المخطوطات التاريخية التي تُعرض لعموم الجمهور والمهتمين للمرة الأولى (واس)
يتضمن المعرض مجموعة فريدة ونادرة من المخطوطات التاريخية التي تُعرض لعموم الجمهور والمهتمين للمرة الأولى (واس)
TT

«هيئة المكتبات» السعودية تنظم معرضاً لمجموعة نادرة من المخطوطات التاريخية

يتضمن المعرض مجموعة فريدة ونادرة من المخطوطات التاريخية التي تُعرض لعموم الجمهور والمهتمين للمرة الأولى (واس)
يتضمن المعرض مجموعة فريدة ونادرة من المخطوطات التاريخية التي تُعرض لعموم الجمهور والمهتمين للمرة الأولى (واس)

تنظم هيئة المكتبات «معرض المخطوطات السعودي» في العاصمة الرياض خلال الفترة من 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إلى 7 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، تحت شعار «حكايات تُروى لإرث يبقى»، الذي يتضمن مجموعة فريدة ونادرة من المخطوطات التاريخية التي تُعرض لعموم الجمهور والمهتمين للمرة الأولى، التي تغطي مجالات معرفية متعددة.

ويضمُّ المعرض باقة متنوعة من الفعاليات المصاحبة، تشمل ورش عمل يقدمها نُخبةٌ من العلماء والباحثين، وتحظى بمشاركة المهتمين بالتراث المخطوط؛ لمعرفة أهمية المخطوطات، وتقنيات حفظها وترميمها، ورقمنتها وأرشفتها، إلى جانب دراستها وتحليلها.

كما يُقدم المعرض تجربةً إثرائية فريدة للزائر عبر أقسامه المختلفة، وعبر التجارب الرقمية وصناعة المحتوى، والاطلاع على جدارية المخطوطات.

ويسعى «معرض المخطوطات السعودي» إلى استضافة كثير من الزوار والمهتمين بالمخطوطات على مستوى محلي وإقليمي ودوليّ، سواءً كانوا من القُرّاء والباحثين، أو مُلّاك المخطوطات من الأفراد والمؤسسات، أو صناع المحتوى الذي يتناسب مع هذا المجال، بالإضافة إلى منسوبي المكتبات السعودية والعالمية، والجهات ذات العلاقة، وذلك لتوسيع دائرة التركيز على هذا المجال الفريد، وإضفاء مزيد من التواصل للإبقاء على رونقه والاهتمام به.

يأتي تنظيم هيئة المكتبات للمعرض بهدف إبراز دور السعودية في الاهتمام بحفظ التراث الثقافي المخطوط محلياً ودولياً، وعكس أهمية حفظ التراث المخطوط، وتيسيره، ونشره محلياً وعربياً، والإسهام في النمو الثقافي والاقتصادي للقطاع في مجال المخطوطات، وتسليط الضوء على الخبرات الوطنية في علم المخطوطات وترميمها، وتعزيز الوعي المعلوماتي حول قيمة المخطوطات وتاريخها الثقافي بوصفها إرثاً ثقافياً مُمتداً.