أهالي الجولان ضد الانتقام باسمهم

بيان رسمي يرفض أن يستغلّهم «الاحتلال»

رجال دين دروز في الجولان المحتل يلوّحون لأقربائهم على المقلب الآخر من الحدود السورية (أ.ب)
رجال دين دروز في الجولان المحتل يلوّحون لأقربائهم على المقلب الآخر من الحدود السورية (أ.ب)
TT

أهالي الجولان ضد الانتقام باسمهم

رجال دين دروز في الجولان المحتل يلوّحون لأقربائهم على المقلب الآخر من الحدود السورية (أ.ب)
رجال دين دروز في الجولان المحتل يلوّحون لأقربائهم على المقلب الآخر من الحدود السورية (أ.ب)

في أعقاب صدور تصريحات عديدة من أناس يتحدثون من مجدل شمس، وغيرها من بلدات الجولان السوري المحتل، ويطالبون بردّ إسرائيلي شديد على صاروخ «حزب الله»، اجتمعت القيادات الدينية والسياسية لأهالي الجولان، وبينهم القيادات في مجدل شمس، وحذّروا من هذه التصريحات الفردية، والاستغلال المُغرِض لها من إسرائيل وغيرها، وأكّدوا أنهم يرفضون إراقة دم ردّاً على الضربة الأليمة التي أودت بحياة 12 طفلاً.

وجاء في البيان الصادر عن «الهيئة الدينية والزمنية في الجولان السوري المحتل»: «بسم الله الرحمن الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، تنبّه العالم أمس على وقع إصابة قلب بلدتنا مجدل شمس، حين تناثرت أشلاء أطفالنا مع تناثر قلوبنا وتشتُّت عقولنا، فسقطوا شهداء أبرياء، وسقطت معهم كل ما يُسمى منظومة حقوق إنسانية، وأسفرت عن وجه أخلاقها الحقيقية في ملعب كرة القدم. الخَطب جَلَل، والوقع أليم، والمصاب مُشترك لكل بيت في الجولان. أطفالنا فجر وحازم وميلار وألمى وفينيس وناجي وأيزيل ويزن وجوني وأمير وناظم، والآن نشيّع ابننا الغالي جيفارا، كلهم أبناء بيت واحد، وهو الجولان، الرافض لأي مواقف رسمية تحريضية، ومحاولة استغلال اسم مجدل شمس كمنبر سياسي على حساب دماء أطفالنا، وتوزيع تصريحات من غير تفويض. ومن مُنطلقنا العروبي الإسلامي التوحيدي، نرفض أن تُراق قطرة دم واحدة تحت مُسمى الانتقام لأطفالنا، فالتاريخ يشهد لنا بأننا كُنا وما زلنا دُعاة سلام ووئام بين الشعوب والأُمم، حيث تُحرّم عقيدتنا القتل والانتقام بأي صفة أو هدف. التصريحات الخارجة عن الإجماع الجولاني، سواء كانت من داخل الجولان أو خارجه، لا تمثل إلا صاحبها فقط، وأن ثوابتنا التي أعلنّا عنها أمس في موقف التأبين، نؤكدها الآن وفي كل وقت، ولن نتخلى عنها مع تقادُم الزمن وتقلّب الأحداث، والله من وراء القصد. 29 (يوليو) تموز 2024».

شاب يبكي فقيداً ممن قضوا في حادثة مجدل شمس في الجولان المحتل (رويترز)

وأكّدت مصادر في الجولان لـ«الشرق الأوسط» أن هذا البيان جاء بشكل خاص حتى يضع حداً للتلاعب بمشاعر أهالي مجدل شمس، وتجريدهم من هويتهم العربية السورية، والتعامل كما لو أنهم إسرائيليون يطلبون من حكومة نتنياهو النجدة. وقالت إن «أهالي الجولان وطنيون أحرار، لديهم انتماءات سياسية مختلفة وعديدة، لكن يجمعهم الانتماء الوطني الحقيقي والنضال ضد الاحتلال، وإن كانوا غاضبين جداً على (حزب الله)، فإنهم غاضبون أيضاً على الاحتلال، ويرفضون أن يتصرف كما لو أنه يدافع عنا، فهو لم يُرِد لنا الخير في أي يوم من الأيام، لذلك قمنا بطرد كل من جاءنا من الوزراء والنواب العنصريين والمتطرفين».


مقالات ذات صلة

ضربة الضاحية... هل انتهى «الرد الإسرائيلي» أم اقتربت الحرب الشاملة؟

تحليل إخباري صورة للدمار الذي طال المبنى الذي استهدفته الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، لبنان، 30 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

ضربة الضاحية... هل انتهى «الرد الإسرائيلي» أم اقتربت الحرب الشاملة؟

سواء نجحت الضربة الإسرائيلية في «تحييد» القائد العسكري المستهدف في «حزب الله» أو لا، يجدر التفكير في تداعيات العملية التي حصلت في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم عناصر من الجيش اللبناني يصلون إلى قرب الموقع الذي استهدفته غارة إسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت اليوم (إ.ب.أ)

ردود فعل متباينة على الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية

قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان - بيير، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة لا تعتقد أن الحرب بين «حزب الله» وإسرائيل حتمية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أشخاص يتفقدون السيارات المتضررة جراء الغارة الإسرائيلية التي استهدفت قيادياً في "حزب الله" في الضاحية الجنوبية لبيروت، لبنان، الثلاثاء 30 يوليو 2024 (أ.ب)

وزير خارجية لبنان: نأمل في رد متناسب من «حزب الله»

قال وزير خارجية لبنان لرويترز، مساء اليوم الثلاثاء: "نأمل في رد متناسب من حزب الله كي تتوقف موجة القتل هذه".

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت خلال مؤتمر صحافي في برلين 28 سبتمبر 2023 (رويترز)

غالانت بعد ضربة الضاحية الجنوبية: «حزب الله» تجاوز الخط الأحمر

قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن «حزب الله» في لبنان «تجاوز الخط الأحمر»، بعد أن نفذ الجيش الإسرائيلي ضربة «محددة الهدف» في ضاحية بيروت الجنوبية.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أشخاص يتجمّعون بالقرب من موقع ضربة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

واشنطن: نواصل المساعي لتجنّب التصعيد بين إسرائيل و«حزب الله»

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية (الثلاثاء) أن الولايات المتحدة ستواصل المساعي الدبلوماسية؛ لتجنّب تصعيد الصراع بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ضربة الضاحية... هل انتهى «الرد الإسرائيلي» أم اقتربت الحرب الشاملة؟

صورة للدمار الذي طال المبنى الذي استهدفته الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، لبنان، 30 يوليو 2024 (إ.ب.أ)
صورة للدمار الذي طال المبنى الذي استهدفته الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، لبنان، 30 يوليو 2024 (إ.ب.أ)
TT

ضربة الضاحية... هل انتهى «الرد الإسرائيلي» أم اقتربت الحرب الشاملة؟

صورة للدمار الذي طال المبنى الذي استهدفته الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، لبنان، 30 يوليو 2024 (إ.ب.أ)
صورة للدمار الذي طال المبنى الذي استهدفته الغارة الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية لبيروت، لبنان، 30 يوليو 2024 (إ.ب.أ)

سواء نجحت الضربة الإسرائيلية في «تحييد» القائد العسكري المستهدف في «حزب الله» أو لا، يجدر التفكير في تداعيات العملية التي حصلت مساء الثلاثاء في الضاحية الجنوبية لبيروت.

فإسرائيل سارعت إلى القول عبر وسائل إعلام عدة إن «الهجوم» على ضاحية بيروت انتهى بالنسبة إليها، وإن الأمر يتوقف الآن على رد فعل «حزب الله».

الجو الإسرائيلي يبدو متجهاً نحو الاكتفاء بما تعدّه حكومة بنيامين نتنياهو رداً على ما حصل في بلدة مجدل شمس في الجولان، خصوصاً أن اغتيال مسؤول عسكري كبير في «حزب الله» (يتردد على نطاق واسع أنه فؤاد شكر المستشار العسكري للأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصرالله) يُرضي بلا شك الرأي العام الإسرائيلي. اللافت أن واشنطن التي لا تنفك تكرر أنها لا تريد حرباً واسعةً في الشرق الأوسط سارعت إلى إبداء «تفهّم» للعملية الإسرائيلية مع أنها حصلت في ضاحية بيروت، أي عملياً في ما يُعرف بـ«بيروت الكبرى»، بما يخالف الرغبة في حصر الاشتباك في الجنوب.

أما على الضفة اللبنانية، فيبدو المشهد مختلفاً لأن «حزب الله» لا يعدُّ نفسه مسؤولاً عما حصل في مجدل شمس، وقد سبق له أن نفى نفياً قاطعاً استهداف البلدة. ومن هنا، تقول مصادر في الحزب إن ما حصل في الضاحية الجنوبية هو اعتداء إسرائيلي وتجاوز متكرر لقواعد الاشتباك القائمة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وليس رداً على شيء. ويسوّقون أمثلة كثيرة على انتهاك إسرائيل لقواعد الاشتباك، منها استهداف صحافيين في بدايات الحرب وقصف مناطق سكنية واغتيال صالح العاروري في ضاحية بيروت.

بناءً على ذلك تتسع دائرة التساؤل عن المرحلة المقبلة، فهل يمتنع «حزب الله» عن الرد أم يرد بضربة ويثير رد فعل إسرائيلياً جديداً، وتتدحرج الأمور نحو مواجهة شاملة تُسقط الخطوط الحمر التي رسمها الطرفان بحكم الأمر الواقع.

والحرب المحتملة ماذا ستكون؟ هل هي حرب قصف مدمّر متبادل؟ أم أن حرباً برية ستقع ويحصل توغّل بري إسرائيلي في جنوب لبنان؟ ومعلوم أن «حزب الله» يتوعّد في المقابل بتوغّل في أراضي الجليل الأعلى، المنطقة المتاخمة للحدود الجنوبية اللبنانية. وماذا عن حرب إقليمية ممكنة؟ من سيشارك فيها؟ وما هو نطاقها المحتمل؟

في موازاة ذلك، من سيقوم بجهود دبلوماسية لاحتواء الوضع؟ هل هناك غير الدور الأميركي الذي لم ينجح حتى الآن رغم محاولات متكررة وزيارات عدة لآموس هوكشتاين في تهدئة الجبهة اللبنانية الإسرائيلية؟

وبينما قال وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية عبدالله بو حبيب، في تصريح تلفزيوني، إنه اتصل بالدوائر المعنية في واشنطن وسمع تأييداً صريحاً للعملية الإسرائيلية، قال سفير لبناني سابق في واشنطن لـ«الشرق الأوسط» إن الإدارة الأميركية لا تريد توسع الحرب لأن تحولها إلى مواجهة إقليمية هو تطور خطير لا يعلم أحد إلى أين سيقود العالم كله. يضاف إلى ذلك أن الولايات المتحدة هي في خضم الأشهر الانتخابية مع كل ما في السباق الحالي من تعقيدات ومفاجآت.

أجواء الضاحية الجنوبية - إن جاز التعبير - تؤكد أن «حزب الله» سيرد رداً مدروساً ودقيقاً أياً تكن العواقب، وأن هذا الرد سيكون «نوعياً» واستراتيجياً.

خلاصة القول إن ضربة الضاحية نقلت المواجهة إلى مرحلة جديدة يترقبها اللبنانيون بقلق كبير على المصير.