استقبال خجول لنتنياهو داخل الكونغرس

مقاطعة ديمقراطية واسعة... ولقاءات مرتقبة مع بايدن وهاريس وترمب

مبنى «الكابيتول» حيث يلقي نتنياهو خطابه الرابع أمام المشرعين (أ.ب)
مبنى «الكابيتول» حيث يلقي نتنياهو خطابه الرابع أمام المشرعين (أ.ب)
TT

استقبال خجول لنتنياهو داخل الكونغرس

مبنى «الكابيتول» حيث يلقي نتنياهو خطابه الرابع أمام المشرعين (أ.ب)
مبنى «الكابيتول» حيث يلقي نتنياهو خطابه الرابع أمام المشرعين (أ.ب)

سور أمني انتشر حول مبنى «الكابيتول» الضخم، يحاكي مشهد ما بعد اقتحامه في السادس من يناير (كانون الثاني) 2021، وتعزيزات مشدَّدة خارج المبنى وداخله، وإغلاق شوارع رئيسية في العاصمة الأميركية واشنطن.

فداخل المبنى يقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مخاطباً المشرعين، في أول خطاب له أمامهم منذ عام 2015، تاريخ الخطاب المثير للجدل الذي انتقد فيه الرئيس السابق باراك أوباما بسبب الاتفاق النووي مع إيران.

أحاط بـ«الكابيتول» سور أمني تحسباً للمظاهرات المعارضة لنتنياهو (أ.ب)

ورغم أن المشهد السياسي يختلف اليوم عن السابق، فإن التوترات تشعَّبت وتعقدت داخلياً وخارجياً، فحرب غزة ألقت بظلالها على الخطاب الرابع له أمام الكونغرس، الذي اختلف هذه المرة في الصورة والمضمون، ولعل خير دليل على ذلك مقاطعة أكثر من 100 مشرِّع ديمقراطي له، بسبب سياسات نتنياهو في غزة.

بعضهم يصفه بمجرم الحرب، كالسيناتور التقدمي برني ساندرز، الذي قال إن الخطاب «وصمة عار»، في موقف يتماشى مع مواقف التقدميين في الكونغرس، كالنائبة ألكسندرا أوكاسيو كورتيز التي قالت: «أعتقد أن إلقاء خطاب أمام الكونغرس شرف كبير ودليل على علاقة متينة وفعَّالة، لكن رئيس الوزراء ليس على هذا المستوى»!

مواقف ليست مفاجئة من قبل الأصوات الليبرالية من الحزب، لكن المفاجئ التصريحات والمقاطعات من أعضاء عُرِفوا باعتدالهم، كالسيناتور ديك دربن الذي رفض حضور الخطاب قائلاً: «إن تنفيذ إسرائيل لحربها في غزة تحت إشراف نتنياهو أدى إلى مقتل 39 ألف فلسطيني وجرح 90 ألف في استراتيجية وحشية تتخطى أي مستوى مقبول من الدفاع عن النفس».

وتابع دربن في بيان: «أنا أدعم إسرائيل، لكني لن أقف وأرحب برئيس وزرائها في الجلسة».

هذا خطاب نتنياهو الرابع أمام الكونغرس (رويترز)

انقسامات عميقة

وهذا يترك عدداً من الديمقراطيين وكل الجمهوريين في قاعة الخطاب بمجلس النواب؛ ما يعكس بشكل واضح الانقسامات الحزبية العميقة في هذا الملف، فالجمهوريون هم الذين وجَّهوا الدعوة لنتنياهو، رغم الشرخ العلني بينه وبين الديمقراطيين، وعلى رأسهم زعيم الحزب في «الشيوخ»، تشاك شومر، الذي وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بـ«العقبة في طريق السلام».

ويسعى الحزب الجمهوري بشكل واضح إلى تسليط الضوء على المعارضة الديمقراطية لنتنياهو، وتصويرها على أنها معارضة لإسرائيل، لأهداف انتخابية.

وفي هذا الإطار، تحدَّث رئيس مجلس النواب الجمهوري، مايك جونسون، الذي وجَّه الدعوة لنتنياهو، عن غياب هاريس عن الخطاب، وهي المرة الأولى التي تغيب فيها نائبة الرئيس، بصفتها رئيسة لمجلس الشيوخ، عن جلسة مشتركة في الكونغرس، في عهد بايدن، قائلاً: «هذا غير مقبول أبداً؛ فهي تدعي أنها تريد أن تكون قائد العالم الحر وقائد قواتنا المسلحة، لكنها لا تستطيع الجلوس وراء أحد أهم حلفائنا الاستراتيجيين في هذا الوقت الذي يحتاج فيه إلينا بشكل كبير».

هجوم واضح يشكِّك في كفاءة هاريس للرئاسة، وهي استراتيجية جمهورية بدأ الحزب ببنائها منذ إعلان بايدن عن تأييده لها بوصفها مرشحة الديمقراطيين الرسمية.

متظاهرون معارضون لنتنياهو في واشنطن - 22 يوليو 2024 (د.ب.أ)

لقاءات مرتقبة

وبينما يقول المتحدث باسم هاريس إن غيابها لا يعكس غياب الدعم لإسرائيل، مشيراً إلى التزامها المسبق بارتباطات أخرى، فإن البعض فسَّر غيابها هذا بانعكاس لمواقفها المنتقدة لحرب غزة، والمختلفة في لهجتها عن بايدن.

لكن هذا لم يمنع من تعهُّدها بعقد لقاء ثنائي مع نتنياهو، يوم الخميس، بعد لقائه المرتقب مع بايدن في المكتب البيضاوي.

وفي ظل هذه الأجواء، عمد البيت الأبيض إلى احتواء الأزمة، فأصدر بياناً يؤكد فيه اللقاءين، ويشدد على «دعم الولايات المتحدة الصلب لأمن إسرائيل، بما فيه التصدي للتهديدات الإيرانية تجاهها وتجاه المنطقة». وأضاف البيان أن اللقاء مع بايدن سيشمل «التطورات في غزة، والتقدم نحو اتفاق وقف إطلاق النار، وإطلاق سراح الرهائن».

وبالمقابل، لم يكتفِ نتنياهو الضليع بقراءة المشهد السياسي الأميركي، بلقاء القيادات الديمقراطية، بل سعى جاهداً لتأمين لقاء مع المرشح الجمهوري الرئيس السابق، دونالد ترمب، في محاولة لترطيب العلاقة المتشنجة معه، منذ أن هنَّأ بايدن بفوزه بالرئاسة، في عام 2020، رغم رفض ترمب الاعتراف بنتيجتها.

وبينما وافق ترمب على عقد اللقاء، استغلّ المناسبة لتوجيه رسالة مبطَّنة لرئيس الوزراء الإسرائيلي، إذ نشر على حسابه في «تروث سوشيال» قائلاً: «أتطلع قدماً للقاء بيبي نتنياهو يوم الجمعة، وأتطلع قدماً لإحقاق السلام في الشرق الأوسط». وأرفق ترمب مع المنشور رسالة من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يهنئه فيها بسلامته بعد محاولة اغتياله، وعليها كتب الرئيس السابق بخط اليد: «محمود... هذا لطف منك، كل شيء سيكون على ما يرام».

شرطة «الكابيتول» اعتقلت 200 متظاهر يوم الثلاثاء (رويترز)

تظاهرات وتشديدات أمنية

وبينما ينشغل السياسيون بتصريحاتهم، تدفق آلاف المتظاهرين إلى واشنطن، رغم التشديدات الأمنية المكثفة، وقدَّرت شرطة «الكابيتول» عددهم بقرابة الـ10 آلاف متظاهر أتوا من مختلف الولايات. وقد طلبت شرطة العاصمة تعزيزات أمنية من شرطة نيويورك التي أرسلت 200 عنصر إلى واشنطن لتأمين الدعم.

ولم ينتظر المتظاهرون موعد الخطاب للاحتجاج، بل حضر بعضهم إلى داخل المباني المحيطة بمبنى «الكابيتول» الأساسي، حيث توجد مكاتب المشرعين، للاحتجاج، يوم الأربعاء، ما أدى إلى احتجاز نحو 200 منهم؛ مشهد أثار تخوف رئيس مجلس النواب مايك جونسون الذي حذر في رسالة المشرعين وضيوفهم الحاضرين خلال الخطاب من أي مقاطعة، تحت طائلة الاعتقال.


مقالات ذات صلة

مسؤول إسرائيلي يوضّح كيف تسبب نتنياهو في قرار «الجنائية الدولية»

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

مسؤول إسرائيلي يوضّح كيف تسبب نتنياهو في قرار «الجنائية الدولية»

قال مسؤول إسرائيلي كبير إن قرار المحكمة الجنائية الدولية بإصدار أمرَيْ اعتقال ضد نتنياهو وغالانت كان من الممكن تجنبه لو سمح نتنياهو بأمر واحد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

وسط دعوات لإقالة بن غفير... إسرائيل إلى أزمة دستورية

تسببت عريضة قدمتها مجموعة من المنظمات غير الحكومية للمحكمة العليا بإسرائيل مطالبة فيها بإصدار أمر إقالة لوزير الأمن الوطني المنتمي لليمين المتطرف إيتمار بن غفير

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً الخميس إلى الكونغرس التشيلي بمناسبة زيارته الرسمية إلى سانتياغو (د.ب.أ)

تحليل إخباري الأسباب التي تدفع إسرائيل لإبعاد فرنسا من لجنة الإشراف على وقف النار مع «حزب الله»

لبنان: الأوراق المتاحة لفرنسا للرد على إسرائيل لإزاحتها من مساعي الحل ولجنة الإشراف على وقف النار .

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية أظهر استطلاع رأي (الجمعة) ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين في الكنيست المقبل (رويترز)

استطلاع رأي يعزز وضع نتنياهو في إنقاذ حكمه

أظهر استطلاع رأي ارتفاع شعبية بنيامين نتنياهو بمقعدين اثنين في الكنيست المقبل، لكنه يظل بعيداً جداً عن القدرة على تشكيل حكومة.

نظير مجلي (تل ابيب)
المشرق العربي فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

لم يشهد سكان غزة، الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، مع إعلان مقتل 21 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

تقرير أميركي: ملامح اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل

انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)
انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)
TT

تقرير أميركي: ملامح اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل

انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)
انبعثت أعمدة الدخان والنيران من مبنى في اللحظة التي أصاب فيها صاروخ إسرائيلي منطقة الشياح (د.ب.أ)

نقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤولين إقليميين وأميركيين قولهم اليوم (الجمعة)، إن ملامح اتفاق لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل بدأت تتشكل.

وكشفت الصحيفة أن الاتفاق المطروح يتضمن الدعوة لهدنة 60 يوماً، تنسحب خلالها إسرائيل من جنوب لبنان وينسحب مقاتلو «حزب الله» لشمال الليطاني.

كما أشارت إلى أن «اتفاق وقف إطلاق النار يشمل انتشار الجيش اللبناني وبعثة حفظ السلام في المنطقة الحدودية خلال هدنة الـ60 يوماً».

وقال المسؤولون للصحيفة إن الاتفاق يشمل آلية جديدة برئاسة أميركا، لضمان بقاء قوات «حزب الله» وإسرائيل خارج المنطقة الحدودية.

ويأمل المفاوضون في أن تصمد الهدنة 60 يوماً لتتحول إلى دائمة خلال عهد إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.