فانس يدفع بـ«الترمبية» قدماً... ويسعى لتغيير هوية حزب ريغان

لقيادة تحالف محافظ منسجم مع الطبقة العاملة وضمان غالبية حاكمة دائمة

TT

فانس يدفع بـ«الترمبية» قدماً... ويسعى لتغيير هوية حزب ريغان

أكثر ما يثير قلق الخائفين على إرث «الريغانية» من فانس مواقفه في السياسة الخارجية (أ.ب)
أكثر ما يثير قلق الخائفين على إرث «الريغانية» من فانس مواقفه في السياسة الخارجية (أ.ب)

لسنوات عدة، كان الحزب الجمهوري الأميركي يمرّ بتغيير جذري، حيث يتبنى بشكل متزايد الشعبوية الاقتصادية في الداخل والانعزالية في الخارج، ويغيّر مواقفه في العديد من القضايا الاجتماعية. ثم إنه لم يعد فقط حذِراً من بعض المصالح التجارية الكبرى، بل صار معادياً لها. لا، بل أكثر من ذلك، إذ عمل على طرح نفسه ليكون حزب الطبقة العاملة، وكل ذلك تحت شعار «أميركا أولاً». ومع أن الرئيس السابق دونالد ترمب عاد، خلال رئاسته الأولى، إلى آيديولوجية الحزب الجمهوري الأكثر تقليدية بشأن بعض القضايا، فإن اختياره جيمس ديفيد «جي دي» فانس نائباً له على بطاقة الانتخابات الرئاسية المقبلة، هو الذي يمكن، في نهاية المطاف، أن يعزّز مسار الحزب نحو مرحلة جديدة مختلفة. وهذا ما يبدو أنه حدث في مؤتمر الحزب الذي انعقد في يوليو (تموز) بمدينة ميلووكي؛ كبرى مدن ولاية ويسكونسن.

فمن هو جي دي فانس؟

بطاقة شخصية وعائلية

وُلد جيمس ديفيد فانس في مدينة ميدلتاون، بجنوب غربي ولاية أوهايو، وأمضى جزءاً من طفولته في مدينة جاكسون، بولاية كنتاكي.

وعلى أثر طلاق والديه تولّى تربيته جدُّه لأمه، بينما كانت الأم تعاني إدمان المخدرات. وبعد تخرّجه في المدرسة الثانوية بمدينة ميدلتاون، التحق بسلاح مشاة البحرية «المارينز»، وخدم 4 سنوات في العراق بمهامّ إدارية، ما مكّنه من توفير كلفة دراسته الجامعية.

وبالفعل، في أعقاب تسريحه من الخدمة العسكرية التحق بجامعة ولاية أوهايو، ثم بكلية الحقوق في جامعة ييل الشهيرة. وبعد تخرّجه عمل في شركة «باي بال»، للملياردير بيتر ثيل، الذي كان شريكاً مع إيلون ماسك فيها. ثم أسّس فانس شركته الخاصة للعمل في رأس المال الاستثماري، ثم رشح نفسه عام 2022 لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، وفاز بالمقعد.

زوجته، أوشا تشيلوكوري فانس، تتحدر من أصول هندية، فولداها مهاجران من الهند. ولقد درست الحقوق في جامعة ييل، وتابعت دراسات عليا في جامعة كمبريدج ببريطانيا. وحققت في مجال المحاماة مسيرة مهنية جداً، وعملت كاتبة لدى قاضي المحكمة العليا جون روبرتس، وقاضي المحكمة العليا بريت كافانو. وفي كتابه «مرثية هيلبيلي» وصفها فانس بأنها «مرشدته الروحية» التي ساعدته على النجاح.

قضايا حملته الانتخابية

يركّز المتابعون، اليوم، على نظرة فانس إلى القضايا التي يرجّح أن تكون محوَر حملته الانتخابية مع ترمب، خلال الأشهر المقبلة، وقد تُهيمن على سياسات البيت الأبيض، في حال فازا بالسباق.

بدايةً، يعارض فانس حقوق الإجهاض بشدة، حتى في حالة سفاح القربى أو الاغتصاب، لكنه مع استثناءات للحالات التي تكون فيها حياة الأم في خطر. وكان قد أشاد بقرار المحكمة العليا الأميركية التي أبطلت هذا الحق، وكان عنواناً رئيساً لترشحه لعضوية مجلس الشيوخ عام 2022، لكنه، رغم ذلك، التحق بموقف ترمب الذي يعارض حظر الإجهاض على المستوى الفيدرالي ويتركه للولايات.

قضية الهجرة كانت أيضاً في طليعة اهتمامات حملته عام 2022، وعكست آراؤه، إلى حد كبير، آراء ترمب، فهو مع إكمال بناء الجدار الحدودي مع المكسيك، وأعلن أنه «سيعارض كل محاولة لمنح العفو للمهاجرين غير الشرعيين، الذين عدَّهم مصدراً للعمالة الرخيصة التي تُخفّض أجور العمال الأميركيين، وتأتي على حساب 7 ملايين أميركي خرجوا من سوق العمل». ثم إنه يفضل ما سمّاه «النظام القائم على الجدارة للمهاجرين»، الساعين إلى الاستقرار في أميركا، قائلاً إن الحدود المفتوحة مصدر للمخدّرات غير المشروعة وتدفق «مزيد من الناخبين الديمقراطيين إلى هذا البلد».

فانس يدعم بقوة، في المقابل، فرض تعرفات واسعة النطاق، خاصة على البضائع المستوردة من الصين؛ «لأنها تشكل تهديداً غير عادل للوظائف والتجارة الأميركية». ولقد قال: «نحن بحاجة إلى حماية الصناعات الأميركية من كل منافسة». ويتوافق موقفه هذا، إلى حد كبير، مع ترمب، الذي اقترح فرض تعرفة جمركية قد تصل إلى 100 في المائة، على بعض البضائع الصينية، وتعرفات شاملة بنسبة 10 في المائة على كل البضائع الواردة إلى البلاد.

وحول البيئة، يرى فانس أن «تغير المناخ لا يشكل تهديداً»، مشككاً في الإجماع العلمي على أن ارتفاع درجة حرارة الأرض ناجم عن النشاط البشري، ولذا يؤيد بقوة صناعة النفط والغاز التي تهيمن على ولايته أوهايو، ويعارض توليد الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية والمركبات الكهربائية.

إرث الريغانية

على صعيد آخر، أكثر ما يثير قلق الخائفين على إرث «الريغانية» من فانس مواقفه في السياسة الخارجية، إذ إنه من أبرز «حمائم» الأمن القومي في الحزب، ويعزّز يد القوى الانعزالية الحريصة على التراجع عن إجماع الحزب الجمهوري المتشدد الذي استمر منذ عهد رونالد ريغان. وإذا ما فاز ترمب في الانتخابات، فسيحظى أنصار الإحجام عن التدخل الخارجي بنصير قوي وصريح لهم إلى جانب ترمب.

ومثالاً، فانس من أبرز المعارضين لدعم أوكرانيا في الحرب مع روسيا. وسبق له أن قال، في مقابلة إذاعية مع الحركي اليميني المتشدد ستيفن بانون: «أعتقد أنه من السخف أن نركز على هذه الحدود في أوكرانيا». وتابع: «يجب أن أكون صادقاً معك، لا يهمُّني حقاً ما يمكن أن يحدث لأوكرانيا...». وفعلاً، قاد فانس، قبل أشهر، معركة فاشلة في مجلس الشيوخ؛ لمنع إرسال حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 60 مليار دولار لأوكرانيا. وكتب، في مقالة رأي بالـ«نيويورك تايمز»، موضحاً: «لقد صوتت ضد هذه الحزمة في مجلس الشيوخ، وما زلت معارضاً لأي اقتراح للولايات المتحدة لمواصلة تمويل هذه الحرب.. بايدن فشل في توضيح حتى الحقائق الأساسية حول ما تحتاج إليه أوكرانيا، وكيف ستغيّر هذه المساعدة الواقع على الأرض».

وعلى مواقف كهذه اتهمته ليز تشيني - التي كانت زعيمة كتلة الجمهوريين بمجلس النواب قبل إقالتها لمعارضتها ترمب - على منصة «إكس»، بـ«أنه يستسلم لروسيا ويضحّي بحريّة حلفائنا في أوكرانيا.. لم يعد حزب ترمب الجمهوري هو حزب لنكولن أو ريغان أو الدستور». غير أن فانس أكد أن تقديم المساعدات لأوكرانيا يتماشى تماماً مع إرث رونالد ريغان. وشرح: «انظر، أعتقد أن ريغان كان رئيساً عظيماً، لكنه أيضاً تولى الرئاسة قبل 40 أو 45 سنة في بلد مختلف تماماً».

أما بالنسبة للشرق الأوسط، فإن فانس مؤيد ثابت متحمس لإسرائيل، قبل وطوال حربها في غزة، ودافع عن سياساتها في مواجهة الانتقادات المتزايدة بشأن عدد القتلى المدنيين الفلسطينيين. وعندما نظر أعضاء مجلس الشيوخ في مشروع قانون ينص على توفير مساعدات عسكرية لكل من إسرائيل وأوكرانيا، رفض فانس ذلك، وكتب: «لدى إسرائيل هدف يمكن تحقيقه.. أما أوكرانيا فلا».

ثم إنه ردَّد تصريحات رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، عن «الحاجة إلى القضاء على (حماس)»، بعد هجوم «حماس»، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وهاجم الرئيس جو بايدن؛ لتأخيره شحن الأسلحة إلى إسرائيل، معترفاً بالضحايا المدنيين في غزة، لكنه ألقى اللوم على «حماس» وليس على إسرائيل.

وأخيراً، بشأن علاقة فانس بترمب، تجدر الإشارة إلى أنه أعاد تشكيل نفسه تماماً باعتباره نصيراً متحمساً لحركة «لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى» الترمبية، إذ إنه لم يدعم ترمب في السابق، ولم يصوِّت له عام 2016، بل ذهب أبعد ملمّحاً بأنه يمكن أن يكون «هتلر أميركا»، منتقداً خطاباته المناهضة للمهاجرين والمسلمين، لكنه تحوّل فجأة إلى أحد أبرز المدافعين عنه، قائلاً إنه «كان مخطئاً» في تقييم سياساته.

أيضاً أيّد فانس ادعاءات ترمب بتزوير انتخابات 2020، وشكّك في أن (نائب الرئيس) مايك بنس كان في خطر، لأنه رفض، بصفته رئيساً لمجلس الشيوخ، منع التصويت الذي يؤكد صحة فوز بايدن. ومما صرّح به فانس، لشبكة «سي إن إن» قوله: «أعتقد أن أهل السياسة يحبّون المبالغة في الأمور من وقت لآخر. يوم 6 يناير كان يوماً سيئاً، لكن فكرة أن دونالد ترمب عرّض حياة أي شخص للخطر عندما طلب منهم الاحتجاج سلمياً فكرة سخيفة»... وقد حظي بعدها بدعمه للترشح في مجلس الشيوخ عام 2022.

 


مقالات ذات صلة

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

حصاد الأسبوع الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد

وارف قميحة (بيروت)
حصاد الأسبوع صادرات السيارات الألمانية إلى أميركا في قلب التأزم المحتمل مع ترمب (أ ف ب)

ألمانيا تتأهّب لانتخابات تعِد اليمين باستعادة الحكم

عوضاً عن بدء ألمانيا استعداداتها للتعامل مع ولاية جديدة للرئيس الأميركي «العائد» دونالد ترمب والتحديات التي ستفرضها عليها إدارته الثانية، فإنها دخلت أخيراً في

راغدة بهنام (برلين)
حصاد الأسبوع  زارا فاغنكنيشت (رويترز)

وضع الليبراليين مُقلق في استطلاعات الرأي

يحلّ حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف راهناً في المركز الثاني في استطلاعات الرأي للانتخابات الألمانية المقبلة، وتصل درجة التأييد له إلى 18 في

حصاد الأسبوع روبيو play-circle 01:45

ترمب يختار روبيو وزيراً للخارجية بعدما تأكد من ولائه وتبنّيه شعارات «ماغا»

بينما يراقب العالم السياسات الخارجية للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، التي ستتحدّد على أساس شعاره «جعل أميركا عظيمة مرة أخرى» (ماغا)، بادر ترمب إلى تشكيل.

إيلي يوسف (واشنطن)
حصاد الأسبوع مواقف روبيو غير قاطعة من حرب أوكرانيا (غيتي)

نظرة إلى سجلّ سياسات روبيو الخارجية

يعد نهج وزير الخارجية الأميركي المرشح ماركو روبيو في السياسة الخارجية بأنه «تدخلي» و«متشدد». ذلك أن روبيو دعم غزو العراق عام 2003، والتدخل العسكري في ليبيا،

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
TT

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد الخريجي، وترأس الجانب الصيني نظيره نائب الوزير دنغ لي. وبحث الجانبان تطوير العلاقات الثنائية، مع مناقشة المستجدات التي تهم الرياض وبكين. يذكر أن العلاقات السعودية الصينية شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، إذ تعززت الشراكة بين البلدين على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية. وتعود العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية إلى عام 1990، عندما افتتحت سفارتا البلدين رسمياً في العاصمتين بكين والرياض. مع أن علاقات التعاون والتبادل التجاري بين البلدين بدأت قبل عقود. وعام 1979، وقّع أول اتفاق تجاري بينهما، واضعاً الأساس لعلاقات قوية مستمرة حتى يومنا هذا.

تُعدّ الصين اليوم الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية، وانعكست العلاقات المتنامية بين البلدين بشكل كبير على التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما؛ إذ أسهمت في وصول حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 100 مليار دولار أميركي في عام 2023. تستورد الصين النفط الخام من السعودية بشكل رئيسي، وتعدّ المملكة أكبر مورد للنفط إلى الصين، إذ تصدر ما يقرب من 1.7 مليون برميل يومياً. ولقد تجاوزت الاستثمارات الصينية في المملكة حاجز الـ55 مليار دولار. وبحسب تقرير لـ«edgemiddleeast»، ضخّت الصين 16.8 مليار دولار في المملكة في 2023 مقابل 1.5 مليار دولار ضختها خلال عام 2022، استناداً إلى بيانات بنك الإمارات دبي الوطني، وهي تغطي مشاريع في البنية التحتية والطاقة والصناعات البتروكيماوية. وفي المقابل، استثمرت المملكة في عدد من المشاريع داخل الصين، منها الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا والنقل. واستضافت الرياض أيضاً في شهر يونيو (حزيران) من هذا العام «مؤتمر الأعمال العربي الصيني» الذي استقطب أكثر من 3600 مشارك. وبعد أسبوعين فقط، أرسلت السعودية وفداً كبيراً بقيادة وزير الاقتصاد السعودي إلى مؤتمر «دافوس الصيفي» في الصين. وبالإضافة إلى هذا الزخم الحاصل، دعت الصين المملكة العربية السعودية كضيف شرف إلى «معرض لانتشو الصيني للاستثمار والتجارة» الذي أقيم من 7 إلى 10 يوليو (تموز) من هذا العام. وكانت وزارة الاستثمار السعودية حثّت الشركات على المشاركة بفاعلية في المعرض، والجناح السعودي المعنون «استثمر في السعودية». كذلك وقّعت السعودية والصين اتفاقيات متعددة لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة. وتسعى المملكة لتحقيق «رؤية 2030» التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على النفط وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، في حين تسعى الصين إلى تأمين إمدادات الطاقة اللازمة لتنميتها الاقتصادية. وبالفعل، جرى أخيراً توقيع اتفاقية بين شركة «تي سي إل تشونغ هوان» لتكنولوجيا الطاقة المتجددة الصينية، وشركة توطين للطاقة المتجددة، وشركة «رؤية للصناعة» السعوديتين، لتأسيس شركة باستثمار مشترك، من شأنها دفع توطين إنتاج الرقائق الكهروضوئية في المملكة العربية السعودية. ووفقاً للاتفاقية، يبلغ إجمالي حجم الاستثمار في المشروع المشترك نحو 2.08 مليار دولار. التعاون السياسي والدبلوماسي تتعاون المملكة والصين على مستوى عالٍ في القضايا الدولية والإقليمية. وتستند العلاقات السياسية بين البلدين إلى احترام السيادة الوطنية والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية. كذلك تتبادل الدولتان الدعم في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، ولقد لعبت الصين دوراً محوَرياً في الوساطة بين السعودية وإيران، ما أدى إلى تحقيق نوع من التوافق بين البلدين، أسهم في توطيد الاستقرار، وقلّل من حدة التوترات، وعزّز من الأمن الإقليمي. الزيارات الرسمية والقمم المعروف أنه في مارس (آذار) 2017، قام الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة رسمية للصين حيث التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ. وخلال الزيارة، وُقّعت 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم، تضمنت التعاون في مجالات الطاقة والاستثمارات والعلوم والتكنولوجيا. وفي وقت سابق، كان خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قد زار الصين رسمياً عام 2006، كانت تلك الزيارة بمثابة نقطة تحوّل في تعزيز العلاقات الثنائية، وشملت مباحثات مع القيادة الصينية وشهدت توقيع اتفاقيات عدة في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار. كما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الصين في فبراير (شباط) 2019 كجزء من جولته الآسيوية. خلال هذه الزيارة، وقّعت 35 اتفاقية تعاون بين البلدين بقيمة تجاوزت 28 مليار دولار، وشملت مجالات النفط والطاقة المتجددة والبتروكيماويات والنقل. بعدها، في ديسمبر (كانون الأول) 2022، قام الرئيس الصيني شي جينبينغ بزيارة تاريخية إلى الرياض، حيث شارك في «قمة الرياض»، التي جمعت قادة دول مجلس التعاون الخليجي والصين. وتركّزت هذه القمة على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية بين الجانبين، وخلالها وقّع العديد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا. من الزيارات البارزة الأخرى، زيارة وزير الخارجية الصيني إلى السعودية في مارس (آذار) 2021، حيث نوقش التعاون في مكافحة جائحة «كوفيد 19» وتعزيز العلاقات الاقتصادية،