اجتماع حاسم لـ«المركزي الأوروبي» الخميس لتقييم مسار الاقتصاد

مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
TT

اجتماع حاسم لـ«المركزي الأوروبي» الخميس لتقييم مسار الاقتصاد

مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)
مقر المصرف المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

يجتمع المصرف المركزي الأوروبي، الخميس، لتقييم حالة اقتصاد منطقة اليورو بعد مرور شهر على خفض أسعار الفائدة لأول مرة منذ خمس سنوات.

وانخفضت معدلات التضخم منذ الاجتماع الأخير لـ«المركزي»، لكنه فشل في التزحزح في قطاع الخدمات المهيمن. وشعر بعض صانعي السياسات بأنهم محاصرون في خفض الفائدة في يونيو (حزيران) وليسوا في عجلة من أمرهم للإشارة إلى ما هو قادم، وفق «رويترز».

وقال رئيس الأبحاث الكلية الأوروبية في «ناتيكسيس»، ديرك شوماخر: «لا يريدون الكشف عن أي شيء».

وفي ما يلي خمسة أسئلة رئيسية للأسواق:

1. ماذا سيفعل «المركزي الأوروبي» يوم الخميس؟

ليس كثيراً. يريد «المركزي الأوروبي» رؤية المزيد من الأدلة على أن التضخم يقترب من هدفه البالغ 2 في المائة قبل التحرك مرة أخرى.

وسيركز المستثمرون على أي شيء تكشفه رئيسة «المركزي الأوروبي» كريستين لاغارد عما إذا كان خفض الفائدة الذي يتوقعه السوق سيأتي في سبتمبر (أيلول) - تماماً عندما يتوقعون أول خفض للفائدة من الولايات المتحدة.

2. هل سيقدم «المركزي الأوروبي» وضوحاً بشأن المسار القادم؟

لا ننتظر الكثير. فقد شعر بعض صانعي السياسات بالقلق حيال خفض الفائدة في يونيو، حيث أثبتت الأجور والتضخم ثباتها أكثر من المتوقع، وأعربوا عن أسفهم للالتزام المسبق بالتحرك قبل أسابيع. وهذا يعني أن لاغارد من المحتمل أن تتجنب التصريحات حول التحركات المستقبلية.

وقال صناع السياسة إنهم يريدون رؤية عدد كبير من مؤشرات الأجور وأرباح الشركات، المقرر صدورها قبل اجتماع سبتمبر (أيلول)، قبل التحرك مرة أخرى.

وقال المحلل الرئيسي في بنك «دانسكي»، بيات كريستيانسن: «ليس لدينا ببساطة بيانات كافية لإرسال إشارات جديدة».

ويتوقع المتداولون أن يخفض «المركزي الأوروبي» الفائدة مرة أخرى هذا العام، على الأرجح في سبتمبر، وفرصة بنسبة 80 في المائة لخفض ثالث بحلول ديسمبر (كانون الأول).

3. ما مدى القلق بشأن تضخم الخدمات الثابتة؟

كثيراً. انخفض معدل التضخم في منطقة اليورو لأول مرة في ثلاثة أشهر إلى 2.5 في المائة في يونيو. لكنه ارتفع إلى 4.1 في المائة في قطاع الخدمات ولم ينخفض هذا العام.

وتشكل الخدمات نحو 50 في المائة من سلة التضخم؛ لذلك يرغب صناع السياسات في رؤية انخفاض ليكونوا واثقين من عودة التضخم إلى الهدف.

ويخشى البعض من نقص العمالة ونمو الأجور، الذي يتوقع «المركزي الأوروبي» أن يصل إلى ذروته هذا العام، وضعف نمو الإنتاجية قد يثبته.

ويعتقد آخرون أن تضخم الخدمات سيتبع المكونات الأخرى مع تأخير.

وقال شوماخر: «العنصر الوحيد الذي لديه القدرة على إفساد تلك الطريق نحو الهدف هو الضغوط السعرية المحلية كما تنعكس في تضخم الخدمات».

4. ماذا عن تباطؤ زخم النمو؟

تشكل المؤشرات الاقتصادية الأضعف تحدياً للرؤية بأن الركود قد انتهى وأن التعافي قد بدأ. وسجل نمو النشاط التجاري تباطؤاً حاداً غير متوقع في يونيو، حيث فشل قطاع الخدمات القوي في تعويض انكماش إضافي في النشاط الصناعي.

وتشير الأرقام حتى الآن إلى نمو أقل في الربع الثاني مما يتوقعه «المركزي الأوروبي»، كما يعتقد الاقتصاديون. لكن «المركزي» توقع بالفعل انتعاشاً ضعيفاً نسبياً هذا العام؛ لذا فإن الأرقام الأخيرة لا ينبغي أن تغير موقف صناع السياسات.

5. هل سيتحرك «المركزي الأوروبي» إذا تعرّضت السندات الفرنسية لضغوط؟

فقط إذا كانت هناك تقلبات سوقية أكثر حدة، أو انتقال كبير إلى دول أخرى، يقترح صانعو السياسات.

إن الشروط التي سينظر فيها «المركزي الأوروبي» لاستخدام أداة حماية النقل - وهي برنامج شراء السندات للدول التي تتعرض ديونها للضغط دون أي خطأ من جانبها - إنها يجب أن تتوافق مع القواعد المالية للاتحاد الأوروبي - تشكل أنباء سيئة بالنسبة لفرنسا.

ومع ذلك، لا يشك المستثمرون في أن «المركزي الأوروبي» سيتدخل، سواء لشراء سندات دول أخرى أو حتى سندات فرنسا في حالة الاضطراب، خاصة إذا كانت الاستقرار المالي مهدداً.

واستقرت السندات الفرنسية بعد عمليات بيع حادة بعد أن أسفرت انتخابات مفاجئة عن برلمان معلق من شأنه أن يقيّد خطط إنفاق اليسار، الذي حصل على أكبر عدد من المقاعد.

لكن لا يمكن استبعاد البيع مع مواجهة فرنسا محادثات لتشكيل حكومة وقليل من الاحتمالات لتحسين ماليتها المتعثرة. ووصل الفارق بين العائد على السندات الفرنسية - الألمانية إلى أعلى مستوى له منذ 2012 الشهر الماضي.

وقال رئيس استراتيجية الاقتصاد الكلي في إدارة الأصول في «ليغال آند جنرال آسيت مانجمنت»، كريس جيفري: «في النهاية، هناك دعم للمصرف المركزي الأوروبي هنا. إذا لم يكن الأمر كذلك... لكانت الفوارق الفرنسية تتداول على نطاق أوسع بكثير اليوم».


مقالات ذات صلة

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

الاقتصاد البنك المركزي التركي

«المركزي التركي» يثبّت سعر الفائدة عند 50 % للشهر الثامن

أبقى البنك المركزي التركي على سعر الفائدة عند 50 في المائة دون تغيير، للشهر الثامن، مدفوعاً بعدم ظهور مؤشرات على تراجع قوي في الاتجاه الأساسي للتضخم

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد المصرف المركزي التركي (رويترز)

«المركزي» التركي يمدد تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن

مدَّد البنك المركزي التركي تعليق أسعار الفائدة للشهر الثامن على التوالي، إذ قرر إبقاء سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع دون تغيير عند 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الاقتصاد مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

مقترحات ترمب الاقتصادية تعيد تشكيل سياسة «الفيدرالي» بشأن الفائدة

قبل بضعة أسابيع، كان المسار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً. فمع تباطؤ التضخم وإضعاف سوق العمل، بدا أن البنك المركزي على المسار الصحيح لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مقر البنك المركزي الأوروبي في فرنكفورت (رويترز)

دي غالهو من «المركزي الأوروبي»: التعريفات الجمركية لترمب لن تؤثر في توقعات التضخم

قال فرنسوا فيليروي دي غالهو، عضو صانع السياسات في البنك المركزي الأوروبي، يوم الخميس، إن زيادات التعريفات تحت إدارة ترمب الجديدة لن تؤثر في توقعات التضخم.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».