«الرئاسي اليمني» يبدي المرونة لحوار اقتصادي... والحوثيون يصدمون غروندبرغ بالرفض

مكتب المبعوث لـ«الشرق الأوسط»: المفاوضات دون شروط مسبقة أفضل طريقة

من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)
من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يبدي المرونة لحوار اقتصادي... والحوثيون يصدمون غروندبرغ بالرفض

من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)
من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

أظهر مجلس القيادة الرئاسي اليمني مرونة إزاء طلب المبعوث الأممي، هانس غروندبرغ، وقف تدابير البنك المركزي في عدن ضد المصارف الخاضعة للحوثيين، والدعوة إلى حوار اقتصادي، رغم ما أثاره ذلك من موجة غضب واسعة في الشارع المؤيد للحكومة اليمنية.

وبينما صدم الحوثيون المبعوث الأممي بـ«الرفض القاطع» للحوار الذي دعا إليه؛ لمعالجة الملف الاقتصادي، وفي المقدمة منه موضوع البنوك التي ألغى البنك المركزي اليمني تراخيصها، كان غروندبرغ برّر لدعوته من باب «التداعيات الإنسانية، والمخاوف من عودة الحرب».

مقر البنك المركزي اليمني في عدن (موقع البنك)

وقالت مي الشيخ، مديرة قسم التواصل الاستراتيجي والإعلام بمكتب المبعوث الأممي لليمن لـ«الشرق الأوسط»، إن المبعوث غروندبرغ جدّد دعوته للحكومة اليمنية والحوثيين للقاء برعاية الأمم المتحدة؛ لمناقشة قضايا اقتصادية تؤثر في حياة اليمنيين جميعاً، ومنها مسألة القطاع البنكي.

وأوضحت الشيخ، أن المبعوث كان قد أحاط مجلس الأمن علماً بجهوده المستمرة لعقد محادثات مباشرة بين الحكومة اليمنية والحوثيين في هذا السياق في شهر يونيو (حزيران) الماضي.

وأضافت أن مكتب غروندبرغ «يجدد التزامه باستمرار الدفع من أجل عقد هذا الحوار بين الطرفين لإيمانه بأن الحوار، بحُسن نية ودون شروط مسبقة، هو أفضل طريقة لمعالجة القضايا الاقتصادية الراهنة، والتوصل إلى حلول تعطي الأولوية لمصالح اليمنيين».

وكان المبعوث الأممي بعث خطاباً إلى رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، يطلب فيه على وجه الاستعجال وقف قرار البنك المركزي اليمني بسحب ترخيص 6 مصارف تعمل في مناطق سيطرة الحوثيين، وتوقيف نظام «سويفت» عنها، أو تأجيل تنفيذ القرار إلى نهاية أغسطس (آب) المقبل على الأقل.

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

ومع إشارة غروندبرغ في خطابه إلى ما تحمّلته الحكومة اليمنية من مظالم اقتصادية منذ وقت طويل أكثرها ظهوراً وقف صادرات النفط الخام، حذّر من أن قرارات «المركزي» أخيراً بشأن البنوك «سوف توقع الضرر بالاقتصاد اليمني، وستفسد على اليمنيين البسطاء أحوالهم المعيشية في كل أنحاء البلاد، وقد تؤدي إلى خطر التصعيد الذي قد يتسع مداه إلى المجال العسكري».

في غضون ذلك، رفضت الجماعة الحوثية الدعوة إلى الحوار، وقال القيادي المعين في منصب نائب وزير خارجية الانقلاب حسين العزي، في تغريدة على منصة «إكس»، إن جماعته أبلغت المبعوث غروندبرغ «الرفض القاطع» للذهاب للحوار الذي دعا إليه المبعوث.

وأضاف القيادي الحوثي: «لن يكون هناك أي تفاوض إلا في إطار مناقشة تنفيذ خريطة الطريق المتفق عليها».

مرونة رئاسية

وعلى الرغم من تمسك مجلس القيادة الرئاسي اليمني بدعم الإصلاحات الاقتصادية وقرارات البنك المركزي في عدن، فإنه أظهر مرونة إزاء الطلب الأممي، مشترطاً وجود جدول أعمال واضح للمشاركة في أي حوار حول الملف الاقتصادي، بما في ذلك استئناف تصدير النفط، وتوحيد العملة الوطنية، وإلغاء الإجراءات التعسفية كافة بحق القطاع المصرفي، ومجتمع المال والأعمال.

وبخصوص تهديدات الحوثيين باستئناف التصعيد العسكري وإعادة الأوضاع إلى مربع الحرب الشاملة، حذر «الرئاسي اليمني» الجماعة الموالية لإيران من العودة إلى خيار التصعيد الشامل، وأكد «جاهزية القوات المسلحة بتشكيلاتها العسكرية كافة لردع أي مغامرة عدائية».

وفي معرض التعليق على هذه المرونة من قبل «الرئاسي اليمني» يؤكد صالح البيضاني المستشار الإعلامي في السفارة اليمنية في الرياض أنه «لا يمكن قراءة التداعيات في المشهد اليمني بمعزل عن التفاعلات الدولية والإقليمية».

من اجتماع سابق في مدينة عدن لمجلس إدارة البنك المركزي اليمني (سبأ)

وقال البيضاني : «لا ضير في منح الحوثيين فرصة قصيرة لمدة شهر حتى يقتنع المجتمع الدولي بعدم جديتهم في تحريك مسار الحوار الاقتصادي، مع إن إجراءات عكس القرارات التي أصدرها البنك المركزي في عدن قد تحتاج لأكثر من شهر».

وأضاف المستشار اليمني: «في كل الأحوال، ورغم حالة الإحباط الشعبي التي قد يمثلها هذا القرار، فإن سيف الشرعية ما زال على رقاب الحوثيين».

وفي ضوء هذه التطورات وردود الفعل الأممية والحوثية، يقول البيضاني إنه «بات واضحاً من هي السلطة الشرعية التي تمسك بزمام الأمور، التي استطاعت أن تقض مضاجع الميليشيات من خلال تحريك أوراق بسيطة، بينما ما زال في حوزتها كثير من الأوراق الاقتصادية والسياسية والعسكرية».


مقالات ذات صلة

اليمن يطالب بحزم أممي لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

العالم العربي وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني استقبل في الرياض رئيس بعثة الحديدة مايكل بيري (سبأ)

اليمن يطالب بحزم أممي لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

شدد وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني على ضرورة اتخاذ إجراءات أممية حازمة لمنع تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، بينما تبنت الجماعة هجمات بالمسيَّرات على إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي صندوق حوثي لجمع التبرعات النقدية في أحد شوارع صنعاء (إكس)

رفض مجتمعي لجبايات الحوثيين تحت اسم «مساندة لبنان وغزة»

واجهت حملات الجباية الحوثية التي أطلقتها الجماعة تحت مزاعم التبرع للفلسطينيين في غزة و«حزب الله» في لبنان رفضاً مجتمعياً في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الانقلاب.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي جانب من مشاركة اليمن في فعاليات قمة مؤتمر المناخ في باكو (سبأ)

تضرر 30% من الأراضي الزراعية في اليمن خلال عام

أفاد وزير المياه والبيئة اليمني، توفيق الشرجبي، بأن بلاده خسرت 30 في المائة من الأراضي الزراعية خلال عام، داعياً إلى تمويل دولي إضافي لمواجهة آثار المناخ.

«الشرق الأوسط» (تعز)
العالم العربي منظر عام لقلعة «القاهرة» التاريخية في مدينة تعز اليمنية (إكس)

مبادرتان أميركيتان لتعزيز حماية التراث الثقافي في اليمن

أعلنت السفارة الأميركية لدى اليمن عن دعم مبادرتين؛ الأولى لترميم قلعة تاريخية في تعز، والثانية لمكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية في اليمن.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي أب إثيوبي عثر على ابنه بعد أن تقطعت به السبل داخل الأراضي اليمنية عدة أشهر (الأمم المتحدة)

ارتفاع المهاجرين الأفارقة إلى اليمن 136 %

ارتفع عدد المهاجرين من القرن الأفريقي إلى اليمن بنسبة 136 في المائة خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وفق بيانات وزعتها المنظمة الدولية للهجرة.

محمد ناصر (تعز)

اليمن يطالب بحزم أممي لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني استقبل في الرياض رئيس بعثة الحديدة مايكل بيري (سبأ)
وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني استقبل في الرياض رئيس بعثة الحديدة مايكل بيري (سبأ)
TT

اليمن يطالب بحزم أممي لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني استقبل في الرياض رئيس بعثة الحديدة مايكل بيري (سبأ)
وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني استقبل في الرياض رئيس بعثة الحديدة مايكل بيري (سبأ)

شدد وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني على ضرورة اتخاذ إجراءات أممية حازمة لمنع تهريب الأسلحة إلى الحوثيين، وعلى إسناد جهود الحكومة في بلاده لنزع الألغام التي زرعتها الجماعة بكثافة في محافظة الحديدة.

وفي حين تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة باتجاه إسرائيل، أتت تصريحات الزنداني خلال استقباله في الرياض، الأحد، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها)، اللواء متقاعد مايكل بيري.

وذكر الإعلام الرسمي اليمني أن وزير الخارجية اطلع من المسؤول الأممي، على نشاط البعثة والقضايا المتصلة بمهامها، ومسار مواءمة عملها وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن الوزير الزنداني تطرق إلى التهديدات الحوثية للملاحة الدولية، مشدداً على ضرورة اتخاذ مواقف حازمة من عمليات تهريب الأسلحة إلى ميليشيات الحوثي، مع تأكيده على أهمية عمل البعثة الأممية على إسناد جهود الحكومة لنزع الألغام التي زرعتها الميليشيات بكثافة وعشوائية في الحديدة.

ونسبت الوكالة الحكومية إلى المسؤول الأممي أنه عبَّر عن تقديره لتعاون ودعم الحكومة والسلطات المحلية في المديريات المحررة من الحديدة، وأنه أكد التزام البعثة بالعمل وفقاً لقرار ولايتها واستعدادها لمعالجة كافة التحديات والإشكاليات بالشراكة مع الحكومة اليمنية.

وسبق أن دعت الحكومة اليمنية البعثة الأممية الخاصة بالحديدة والمنشأة عقب اتفاق استوكهولم في أواخر 2018 إلى نقل مقرها إلى المناطق المحررة لكي تستطيع ممارسة دورها بعيداً عن ضغوط الحوثيين الذين يسيطرون على معظم مناطق الحديدة وعلى موانئها.

وتتهم الحكومة اليمنية الجماعة الحوثية باستغلال موانئ الحديدة وسواحلها لاستقبال الأسلحة المهربة من إيران إلى جانب النفط الإيراني، فضلاً عن استخدام المحافظة لشن الهجمات البحرية ضد السفن والتعاون مع الجماعات الإرهابية في القرن الأفريقي.

هجمات حوثية

في سياق الهجمات الحوثية باتجاه إسرائيل، تبنت الجماعة، مساء السبت، تنفيذ عملية عسكرية ضد هدف حيوي إسرائيلي في إيلات، بعدد من الطائرات المسيَّرة، وفق بيان لمتحدثها العسكري يحيى سريع.

وبحسب البيان الحوثي، حققت الهجمات أهدافها، وهو ما لم يؤكده الجيش الإسرائيلي، الذي عادة ما يشير إلى الهجمات القادمة من اتجاه اليمن.

صورة وزّعها الحوثيون لطائرة مسيّرة زعموا أنها استهدفت تل أبيب (أ.ف.ب)

وفي حين توعد المتحدث العسكري الحوثي باستمرار الهجمات حتى توقف العمليات الإسرائيلية في غزة ولبنان، كان زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي تبنى، الخميس الماضي، في خطبته الأسبوعية تنفيذ عمليات عسكرية بـ29 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيَّرة، خلال أسبوع.

وزعم الحوثي أن جماعته شنت هجمات باتجاه العمق الإسرائيلي، وباتجاه سفن أميركية حربية في البحر الأحمر والبحر العربي، وأن الهجمات أجبرت حاملة الطائرات «إبراهام لينكولن» على الابتعاد من موقعها في البحر العربي مئات الأميال.

وبخصوص هجمات واشنطن، في الأسبوع الماضي، على مواقع الجماعة، قال الحوثي إن الضربات التي طالت محافظات عدة، لم يكن لها أي تأثير على قدرات جماعته العسكرية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، في سياق مزاعمها لمناصرة الفلسطينيين في غزة. وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

واشنطن استخدمت مقاتلات «إف 35» في ضرب مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)

ورداً على التصعيد، فإن الجماعة تلقت نحو 800 غارة غربية بقيادة أميركا، أملاً في الحد من قدرتها على شن الهجمات البحرية. وإلى ذلك استهدفت إسرائيل مرتين مواقع خاضعة للجماعة في محافظة الحديدة من بينها مستودعات الوقود رداً على الهجمات.

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.