الحرب السودانية تهدد الموسم الزراعي... وفجوة كبيرة في الحبوب

وزير الزراعة لـ«الشرق الأوسط»: «لن تحدث مجاعة»

مزارع سوداني (مواقع التواصل)
مزارع سوداني (مواقع التواصل)
TT

الحرب السودانية تهدد الموسم الزراعي... وفجوة كبيرة في الحبوب

مزارع سوداني (مواقع التواصل)
مزارع سوداني (مواقع التواصل)

للمرة الأولى منذ 100 عام، يخرج «مشروع الجزيرة» قسراً عن الدورة الزراعية بسبب الحرب الدائرة بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع»... المشروع الذي يعد الأكبر في البلاد، على مساحة أكثر من 2.2 مليون فدان، يساهم بنحو 65 في المائة من إنتاج البلاد من الذرة والقمح والقطن والمحاصيل البستانية، وهو ما عمق الأزمة الإنسانية في ظل مؤشرات تلوح في الأفق بحدوث مجاعة وشيكة يتضرر منها نصف سكان السودان.

وقال وزير الزراعة، أبو بكر عمر البشرى، إن الموسم الزراعي الصيفي الحالي يواجه تحديات عدم الاستقرار الأمني وصعوبة إيصال المدخلات الزراعية إلى الولايات التي تسيطر عليها قوات «الدعم السريع».

وزير الزراعة السوداني أبو بكر عمر البشرى (وكالة السودان للأنباء)

وأضاف أن المساحات التأشيرية التي تستهدف زراعتها هذا الموسم تقلصت إلى 36 مليون فدان من أصل 60 مليوناً ما قبل اندلاع الحرب، بخروج مناطق زراعية كبيرة في ولايات دارفور وجزء من ولاية الجزيرة في وسط البلاد.

وتوقع الوزير في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن تتم زراعة البلدات خارج نطاق الحرب، ويمثل القطاع المروي فيها أكثر من 85 في المائة... ورغم ذلك يقول: «لن تحدث مجاعة في البلاد»، مضيفاً أن المخزون الاستراتيجي من الذرة يتجاوز المليون طن، وهنالك كميات كبيرة بحوزة المواطنين والتجار يصعب حصرها.

وأدى النزاع إلى تدمير معظم البنية التحتية الزراعية ونظام الري، وتشريد آلاف المزارعين من المناطق الريفية الزراعية، وعلى وجه الخصوص في ولايات الجزيرة وسنار.

حصاد الذرة في «مشروع الجزيرة» (وكالة السودان للأنباء)

وأفاد تقرير وكالات الأمم المتحدة للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، بأن أكثر من 25 مليون شخص يواجهون «مستوى الأزمة» بحلول سبتمبر (أيلول) المقبل، كما يواجه نحو مليون شخص شبح المجاعة الحادة في 10 ولايات طالتها الحرب.

وقال مساعد المدير العام للبنك الزراعي فيصل حسن إنه «للمرة الأولى منذ 100 عام، لن تتم زراعة مشروع الجزيرة، وسيؤثر هذا على الإنتاج الزراعي في البلاد»، لكنه استبعد «أن يؤدي هذا الخلل إلى حدوث مجاعة».

وأضاف أن اجتياح قوات «الدعم السريع» ولاية سنار أدى إلى نزوح المزارعين والعمال في ولاية تضم مشاريع مهمة تبلغ المساحات المزروعة منها سنوياً 5 ملايين فدان، وأن خروجها في الموسم الصيفي سيؤدي إلى ضعف الإنتاج.

وأشار إلى أن استمرار الحرب «سيعطل زراعة 4 ملايين فدان على الأقل في إقليم دارفور (غرب البلاد) بمحاصيل الحبوب الزيتية يتم تصديرها إلى دول في المنطقة تعتمد على 60 في المائة من منتجات السودان في تصنيع الزيوت».

أراضٍ مزروعة في القضارف (مواقع التواصل)

وأعلنت منصة «السودان للزراعة والأمن الغذائي» في أحدث تقرير لها في يونيو (حزيران) الماضي «أن الإعداد للموسم الزراعي ضعيف واحتمالية فشله أكبر، وأن المزارعين هجروا بلداتهم في معظم ولايات غرب السودان والجزيرة والخرطوم، كما توقفت إمدادات المدخلات الزراعية بسبب إحجام البنوك التي تمول النشاط الزراعي، إضافة إلى ضعف دور الحكومة الاتحادية في دعم العمليات الزراعية».

وأفادت المنصة «بأن المساحات الزراعية تدنت إلى نحو 25 في المائة في كل البلاد».

بدوره، قال محافظ «مشروع الجزيرة» إبراهيم مصطفى لــ«الشرق الأوسط»، إنه تمت زراعة قرابة 400 ألف فدان من الذرة والفول السوداني في بعض المناطق بمشروع المناقل الزراعي بوسط البلاد، وهنالك تنسيق مع وزارة الري لحل مشاكل الآليات لإجراء عمليات تنظيف وتطهير قنوات المياه.

وذكر أنه كان من المقرر زراعة 1.5 مليون فدان في المناقل الذي يعد امتداداً لـ«مشروع الجزيرة» لكن جرى تقليصها إلى 550 ألف فدان.

وقال مصطفى إن قوات «الدعم السريع» بعد سيطرتها على ولاية الجزيرة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، «دمرت مركز البحوث، وأبادت محاصيل عمرها 70 عاماً»، وعدّ ذلك «خسارة كبيرة للدولة والمزارعين لا يمكن تعويضها».

وأضاف أنه «تم نهب المخازن وسرقة الآليات الزراعية ومعدات الورش والمحولات، وكميات كبيرة من الحبوب الزراعية، كما تخريب منظومة الري بالكامل».

من الأراضي المزروعة (مواقع التواصل)

وبدوره، قال الخبير الزراعي أمير خضر «إن نصف سكان السودان مهددون بالمجاعة، وإن الوضع يتطلب اتخاذ تدابير قوية وعاجلة من الحكومة لإنقاذ الموسم الزراعي»، مشيراً إلى «ندرة الغذاء وسوء توزيعه في ظل النقص الكبير في المخزون الاستراتيجي من الحبوب».

وذكر خضر «أن تداعيات الحرب ستؤثر على الموسم الزراعي بسبب عدم توفر التمويل الكافي والمدخلات بالقدر المطلوب من البذور والأسمدة والمبيدات، إلى جانب تعقيدات الترحيل والتخزين للمدخلات وتمدد الصراع إلى مناطق الثقل الزراعي في السودان».

ويعتبر القطاع الزراعي من أكبر القطاعات الاقتصادية في السودان، ويعتمد 80 في المائة من السودانيين عليه... ويساهم بنحو 44 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، ويعد المحرك الرئيسي للصناعات الزراعية ومدها بالمواد الخام.

وتشير تقارير رسمية إلى أن السودان يمتلك نحو 200 مليون فدان صالحة للزراعة، فيما المستغل منها لا يتجاوز الـ25 في المائة.


مقالات ذات صلة

حكومة السودان تحضر «جنيف الإنسانية» وتتمسك بــ«منبر جدة»

شمال افريقيا البرهان مستقبلاً المبعوث الأممي إلى السودان رمطان لعمامرة في يناير الماضي (وكالة السودان للأنباء)

حكومة السودان تحضر «جنيف الإنسانية» وتتمسك بــ«منبر جدة»

أعلنت الحكومة السودانية موافقتها على المشاركة في مداولات غير مباشرة بجنيف بشأن الأوضاع الإنسانية، استجابة لمبادرة الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة.

محمد أمين ياسين (ود مدني (السودان))
شمال افريقيا 
البرهان وآبي أحمد في بورتسودان (مجلس السيادة السوداني)

آبي أحمد يلتقي البرهان في «زيارة مفاجئة» لبورتسودان

أدى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أمس، زيارة إلى رئيس مجلس السيادة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، في بورتسودان، عدّها متابعون مفاجئة بالنظر.

أحمد يونس (كمبالا ) وجدان طلحة (بورتسودان)
شمال افريقيا جوبا عاصمة جنوب السودان (مواقع التواصل)

جنوب السودان يواجه أزمة معيشة متفاقمة بعد تضرر خط أنابيب لتصدير النفط

كان جنوب السودان البالغ عدد سكانه نحو 15 مليون نسمة يعيش معظمهم تحت خط الفقر، يعاني أزمة أصلاً قبل الحرب وتضرّر خط الأنابيب.

«الشرق الأوسط» (جوبا)
الخليج رئيس مجلس السيادة السوداني يستقبل نائب وزير الخارجية السعودي في بورتسودان (واس)

السعودية تؤكد حرصها على عودة الأمن والاستقرار للسودان

أكد المهندس وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، حرص قيادة بلاده على عودة الأمن والاستقرار للسودان، واستئناف المفاوضات.

«الشرق الأوسط» (بورتسودان)
المشرق العربي مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مؤتمر القوى السودانية في القاهرة «خطوة إيجابية» رغم «التحفظات»

رغم تحفظ بعض القوى السودانية على مخرجات مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية الذي استضافته القاهرة السبت الماضي، فإن مراقبين يرون فيه «خطوة إيجابية».

أحمد إمبابي (القاهرة)

مصر... «السودان البديل» للهاربين من الحرب

مقهى شعبي بالجيزة يضم تجمعاً سودانياً (الشرق الأوسط)
مقهى شعبي بالجيزة يضم تجمعاً سودانياً (الشرق الأوسط)
TT

مصر... «السودان البديل» للهاربين من الحرب

مقهى شعبي بالجيزة يضم تجمعاً سودانياً (الشرق الأوسط)
مقهى شعبي بالجيزة يضم تجمعاً سودانياً (الشرق الأوسط)

مع تدفق مئات الآلاف من النازحين السودانيين إلى مصر خلال الأشهر الماضية بشكل نظامي وغير نظامي جراء الحرب الدائرة في بلادهم، تحولت مصر إلى ما يشبه «سودان بديل» يحتضن أكثر من خمسة ملايين ونصف مليون سوداني.

والحضور السوداني الكثيف في مصر، عكسته أرقام رسمية أشارت إلى وصول أكثر من نصف مليون نازح سوداني إلى الأراضي المصرية منذ اندلاع الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» العام الماضي، بينما أكد سودانيون تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» أن «الأعداد الحقيقية تفوق هذا الرقم بكثير».

وفرضت الملامح السودانية نفسها على أحياء مصرية كاملة، من بينها مناطق: فيصل، وأرض اللواء، وعين شمس وحدائق المعادي، حيث تنتشر المطاعم، والمخابز، ومحال الجزارة، والملابس، والعطارة وصالونات الحلاقة بشكل أثار حساسيات وحملات تنتقد التكتلات السودانية.

وفي حين أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، أن السودانيين «ضيوف على مصر»، رفض وزير الخارجية بدر عبد العاطي «التحريض» ضدهم.