الانتخابات المبكرة تشعل النقاش في تركيا

استطلاعات الرأي تؤكد تفوّق «الشعب الجمهوري»

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل متحدثاً في مؤتمر جماهيري في إدرنه (موقع الحزب)
رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل متحدثاً في مؤتمر جماهيري في إدرنه (موقع الحزب)
TT

الانتخابات المبكرة تشعل النقاش في تركيا

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل متحدثاً في مؤتمر جماهيري في إدرنه (موقع الحزب)
رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل متحدثاً في مؤتمر جماهيري في إدرنه (موقع الحزب)

قفزت الانتخابات المبكرة إلى واجهة السياسة في تركيا، مع إصرار المعارضة على أنها رغبة من الشعب في التوجه إليها، بسبب المعاناة من الوضع الاقتصادي المتدهور، ورفضها حزب «العدالة والتنمية» الحاكم من جانبه؛ لأنه لا يوجد ما يستدعي إجراءها.

وفي الوقت الذي أظهرت فيه أحدث استطلاعات الرأي استمرار تقدّم حزب «الشعب الجمهوري» كرّر زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، الدعوة إلى الانتخابات المبكرة في لقاء جماهيري في ولاية إدرنه شمال غربي البلاد، قائلاً: «سنتحد جميعاً لنجعل حزب (الشعب الجمهوري) هو الحزب الأول مجدداً، كما حدث في الانتخابات المحلية في 31 مارس (آذار) الماضي، وسيكون رئيس الجمهورية المنتخب من صفوف الحزب رئيساً يقول إن المزارعين هم أسياد الأمة».

ولفت أوزيل إلى مشكلات المتقاعدين والعمال والمعلمين في ظل الوضع الاقتصادي الضاغط، قائلاً: «إذا لم يكن هناك سبل عيش فستكون هناك انتخابات».

وكان أوزيل دعا، خلال الأسبوع الماضي، إلى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية جديدة في البلاد بعد شهرين، لأن الأوضاع لا تتحمل انتظار موعدها العادي عام 2028، موضحاً أن هناك طريقتين دستوريتين لتجديد الانتخابات؛ إذ يمكن أن يقرر الرئيس «تجديد الانتخابات»، وفي هذه الحالة يمكن للرئيس رجب طيب إردوغان الترشح مجدداً، أو أن يقرر البرلمان إجراء انتخابات مبكرة بدعم من 360 نائباً، وهو العدد الذي لا يملكه حزب بمفرده في البرلمان.

وفجّر تصريح أوزيل بأن «الأمة تعلن في الساحات رغبتها في إجراء الانتخابات، فلنجرها بعد شهرين» النقاشات والجدل على الساحة السياسية. وقالت مصادر في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، إن «تجديد الانتخابات» غير وارد قبل نهاية عام 2027.

ولفتت المصادر إلى أن الرئيس رجب طيب إردوغان كرر كثيراً أنه لا انتخابات قبل 4 سنوات، ولا يوجد ما يُسمّى «الانتخابات المبكرة» في الدستور، ولكن يجري تضمين عبارة «تجديد الانتخابات».

وقالت إن الحزب سيواصل أنشطته على مدى السنوات الأربع المقبلة، ولن يجري اتخاذ أي قرار يتعلق بالانتخابات دون إصلاحات في مجالات مثل الاقتصاد والتعليم والصحة، موضحة أن وضع «دستور مدني جديد» للبلاد هو من بين الأهداف ذات الأولوية.

وأكدت أن تركيا لن تخاطر بأمنها في حين تدور مناقشات حول «الحرب العالمية الثالثة»، وعلى حزب «الشعب الجمهوري» أن يدعم العمل من أجل الدستور الجديد إذا كان يريد تصحيح العيوب في نظام الحكومة الرئاسية.

وسبق أن أعلن أوزيل أن حزب «الشعب الجمهوري» لن يشارك في وضع دستور جديد للبلاد في الوقت الذي لا تلتزم فيه الحكومة بالدستور القائم أو بأحكام المحكمة الدستورية.

وحسب آخر استطلاعين للرأي، حافظ «الشعب الجمهوري» على تفوقه على «العدالة والتنمية» الحاكم.

وأظهرت نتائج استطلاع أجراه معهد الفكر والأبحاث السياسية «آيديا بوليتيك»، ونُشرت نتائجه، الاثنين، أن الموضوعات الأكثر تأثيراً في تفضيلات الناخبين هي الاقتصاد بنسبة 66.7 في المائة، وقضية اللاجئين والمهاجرين بنسبة 5.1 في المائة.

وكشف الاستطلاع، الذي أُجري في الفترة من 23 إلى 26 يونيو (حزيران) الماضي في 26 ولاية تركية، أن 30 في المائة فقط من المواطنين راضون عن حياتهم، في حين ذكر 75 في المائة أنهم غير راضين، ولا يعتقدون أن الأطفال والشباب لديهم أمل بالمستقبل.

رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل متحدثاً في مؤتمر جماهيري في إدرنه (موقع الحزب)

واحتل حزب «الشعب الجمهوري» المرتبة الأولى في تفضيلات المشاركين بنسبة 35.2 في المائة من الأصوات، تلاه حزب «العدالة والتنمية» بنسبة 34.3 في المائة، وجاء بعده حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» (المؤيد للأكراد) بنسبة 12.4 في المائة، في حين ظل حزب «الحركة القومية»، شريك حزب «العدالة والتنمية» في «تحالف الشعب» عند 5.6 في المائة.

وفي استطلاع آخر، أجراه مركز «يوناليم»، ونُشرت نتائجه، الاثنين، حصل حزب «الشعب الجمهوري» على 34.5 في المائة، وحزب «العدالة والتنمية» على 31 في المائة، وكل من «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، و«الحركة القومية» على 9.1 لكل منهما.


مقالات ذات صلة

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال اجتماع لجنة التخطيط بالبرلمان التركي (الخارجية التركية)

تركيا تحذر من جرّ العراق إلى «دوامة العنف»

حذرت تركيا من جرّ العراق إلى «دوامة العنف» في منطقة الشرق الأوسط، في حين رجحت «انفراجة قريبة» في ملف تصدير النفط من إقليم كردستان.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية أكراد يرفعون صور أوجلان في مظاهرة للمطالبة بكسر عزلته (رويترز)

تركيا: أوجلان إلى العزلة مجدداً بعد جدل حول إدماجه في حل المشكلة الكردية

فرضت السلطات التركية عزلة جديدة على زعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بعد دعوة رئيس حزب «الحركة القومية» دولت بهشلي للسماح له بالحديث بالبرلمان

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية رئيس «جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي» (الشاباك) رونين بار (وسائل إعلام إسرائيلية)

رئيس الشاباك زار تركيا للدفع بمفاوضات الأسرى مع «حماس»

كُشف النقاب عن زيارة سرية قام بها رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، إلى أنقرة، السبت الماضي، التقى خلالها مع رئيس جهاز المخابرات التركي، إبراهيم قالن.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال مشاركته بقمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 19 نوفمبر 2024 (رويترز)

إردوغان: تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم الأربعاء، إن تركيا مستعدة إذا قررت الولايات المتحدة الانسحاب من شمال سوريا.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
الولايات المتحدة​ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يتحدث في مناقشة قمة خلال قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (آبيك) في ليما ببيرو 15 نوفمبر 2024 (رويترز)

أميركا تحذر تركيا من استضافة قيادات «حماس»

حذرت الولايات المتحدة اليوم الاثنين تركيا من استضافة قيادات حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
TT

نتنياهو يمهد لإقالة رئيس أركان الجيش بموجة انتقادات

نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)
نتنياهو متوسطاً وزير الدفاع المُقال يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي في أكتوبر 2023 (د.ب.أ)

بعد أن نجح في التخلص من وزير دفاعه، يوآف غالانت، من دون خسائر فادحة، يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لإزاحة رئيس أركان الجيش، هيرتسي هاليفي، وإقالته.

ودلت سلسلة إجراءات تمهيدية، على نيات نتنياهو، وبلغت أوجها بالبيان الذي بثه بالصوت والصورة، مساء السبت، وتحدث فيه إلى الإسرائيليين بشأن قضية تسريب الوثائق الأمنية من مكتبه، مؤكداً أنه يتعرض لحملة «ملاحقة وتشويه» تستهدف معسكره السياسي.

وزعم نتنياهو أن أجهزة الأمن الإسرائيلية امتنعت في أكثر من مناسبة عن تزويده بوثائق مهمة، ومنعته من الاطلاع على معلومات سرية حساسة أيضاً بدعوى (دوافع سياسية)، بعدما اتهم رئيس الوزراء الأجهزة الأمنية بالانتقاء في التحقيق في كثير من التسريبات الخطيرة، دافع نتنياهو عن الناطق باسمه، إليعزر فيلدشتاين، المتورط في إحدى قضايا التسريب، لارتباطه بوثيقة السنوار المزيفة (التي ادعت أن قائد حماس خطط للهرب من البلاد مع مجموعة من المحتجزين الإسرائيليين، وتبين أنها مزيفة) والمتهم بـ«تسريب معلومات سرية بهدف المس بأمن الدولة».

إيلي فيلدشتاين الناطق باسم نتنياهو والمتهم الرئيسي بقضية تسريب وثائق من مكتب رئيس الوزراء (القناة 12 الإسرائيلية)

ورأى نتنياهو لائحة الاتهام ضد فيلدشتاين، إلى جانب التحقيقات الأخرى المرتبطة بمكتبه، «حملة صيد» موجهة ضده وضد معسكره وأنصاره.

وقال مخاطباً الإسرائيليين إن «هذه الحملة ليست موجهة ضده شخصياً فقط، بل ضدكم الجمهور الكبير الذي انتخبني وضد طريقتي في مواجهة أعدائنا».

ماكينة اليمين

كانت ماكينة الدعاية لليمين الإسرائيلي، قد بدأت حملة تحريض واسعة ضد الأجهزة الأمنية منذ 14 عاماً، لكنها في السنة الأخيرة زادت الهجوم وبشكل خاص ضد رئيس أركان الجيش هاليفي، على خلفية الموقف الذي يتبناه مع رئاسة الأركان، ويقضي بضرورة وقف الحرب والتوجه إلى صفقة مع «حماس»، وعدوه موقفاً تخريبياً ضد إسرائيل.

وقد خرج موقع «ميدا» اليميني بتقرير تحت عنوان «التخريب السياسي الذي يقوم به هرتسي هاليفي»، وفيه يشير إلى تاريخ مما يصفه بـ«التمرد على القيادة السياسية».

ويقول التقرير: «لم يبدأ سلوك هاليفي التخريبي مع بداية الحرب، بل كان قائماً منذ البداية، لقد وقع الانفجار الأول بينه وبين نتنياهو، بالفعل، في الأسابيع الأولى من الحرب... في حينه أعلن الجيش الإسرائيلي أنه (مستعد لهجوم بري)، لكن نتنياهو هو الذي يؤخر الموافقة».

خلفية هذا التوتر هي عدم الرضا في مكتب نتنياهو عن الخطط التي طرحها المستوى العسكري، ويشير الموقع اليميني أنه «حينها خطط الجيش الإسرائيلي في هذه المرحلة لمناورة محدودة بمشاركة عدد قليل من القوات بهدف تنفيذ سلسلة من الغارات محدودة النطاق وليس احتلالاً كاملاً وواسعاً للقطاع، وكان على الجيش الإسرائيلي أن يعد خططاً جديدة، وهذا جزء من سبب تأخير المناورة البرية».

مؤيدون لليمين الإسرائيلي خلال مظاهرة لدعم نتنياهو في القدس سبتمبر 2023 (أ.ف.ب)

ثم يعدد الموقع حالات كثيرة أخرى ادعى فيها أن نتنياهو «كان القائد القوي الذي يطلب ضربات قوية وعمليات عسكرية عميقة، لكن الجيش كان يسعى للتخاذل، ويمتنع عن الإقدام والالتحام».

قضية المحتجزين

يذهب التقرير إلى أن قضية «تحرير المحتجزين» هي القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث إن تيار اليمين الإسرائيلي يعد موقف الجيش تمرداً على القيادة السياسية.

وبينما دعا هاليفي، في خطاب ألقاه في أبريل (نيسان) 2024 بمناسبة مرور 6 أشهر على اندلاع الحرب، إلى «تنفيذ صفقة الرهائن فعلياً»، عبر نتنياهو عن مواقف متشددة، ورفض التنازل عما وصفه بـ«الخطوط الحمراء».

وفي وقت لاحق من ذلك الشهر، تم نشر إحاطة صحفية أخرى، اتهم هرتسي هاليفي خلالها، نتنياهو بالمسؤولية عن حقيقة أن الجيش الإسرائيلي مُطالب بالعمل مرة أخرى في جباليا، ما يؤدي إلى سقوط ضحايا في صفوف الجيش الإسرائيلي.

ويختتم الموقع اليميني مستنكراً إحاطة هاليفي: «من الصعب تصديق أن هذه الكلمات تقال، لكنه في الواقع (رئيس الأركان) يلوم الحكومة على مقتل الجنود».

غريب في الحكومة

المعروف أن رئيس الأركان هاليفي كان قد عُين في منصبه في سبتمبر (أيلول) 2022، في زمن حكومة نفتالي بينت ويائير لبيد السابقة، وذلك في خضم الحملة الانتخابية، وخلال فترة وجودها كحكومة انتقالية.

ويقدر أنصار نتنياهو أن هاليفي شعر منذ اللحظة الأولى، وكأنه «زرع غريب في الحكومة الجديدة التي أقامها نتنياهو بعد الانتخابات».

وكال موقع «ميدا» اليميني الاتهامات لهاليفي وبعدما وصفه بأنه «رئيس أركان متمرد لا يفهم مكانته في الهرم الإداري وتبعيته للرتبة المنتخبة»، اتهمه بأنه «واحد من رؤساء الأجهزة الأمنية الذين أعلنوا أنهم يتنازلون فعلياً عن النصر في الحرب، وأنه (لا يوجد خيار) سوى قبول شروط (حماس) للصفقة».

ويصل التقرير إلى مبتغاه بالقول: «لقد كان ينبغي طرد هاليفي فور تشكيل الحكومة (حكومة نتنياهو)، وهذا هو فشل نتنياهو، لكن لم يفت الأوان لإصلاحه. لا يمكن كسب الحروب مع رؤساء الأركان المتمردين».