قال الرئيس الإيراني حسن روحاني ووزير خارجيته، محمد جواد ظريف إن الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المقررة الجمعة، «استفتاء» لتحديد مصير الإيرانيين.
وشدد روحاني في بيان على موقعه الرسمي على ضرورة المشاركة الواسعة في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، محذراً من أن «انتخاب حكومة متشددة سيدفع إيران نحو الحرب والعقوبات والفقر».
وانخفضت نسبة المشاركة في الجولة الأولى من الانتخابات إلى 39.99 في المائة؛ ما يجعلها الأدنى في تاريخ الاستحقاقات الإيرانية.
وقال بعض المنتقدين للمؤسسة الحاكمة إن المشاركة بهذا الحجم «لا كبيرة للسلطات». وكانت السلطات تأمل أن يكون الإقبال كبيراً في ظل مواجهتها أزمة شرعية أجّجتها حالة من السخط العام؛ بسبب الأزمة الاقتصادية، وتقييد الحريات السياسية والاجتماعية.
وقال روحاني إن الانتخابات التي جرت الجمعة الماضي «حملت رسالة واضحة وصريحة لأولئك الذين يريدون أن يروا ويسمعوا»، لافتاً إلى عدم مشاركة أكثر من نصف الشعب الإيراني، معتبراً ذلك استمراراً للانخفاض الذي شهدته الاستحقاقات الانتخابية، منذ انتخابات الرئاسة لعام 2021ـ والتي فاز بها الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي دون منافس حقيقي، في مشاركة بلغت أكثر بقليل من 48 في المائة.
وألقى روحاني باللوم على «هندسة الانتخابات»، ومن ينفذونها «دون أن يتحملوا المسؤولية أمام الشعب»، معتبراً الإحجام عن التصويت سببه «الاحتجاج على تأييد الأهلية التعسفي»، دون أن يذكر مجلس صيانة الدستور الذي يبتّ في أهلية المرشحين. وقال إن الذين شاركوا «قالوا لا لوسائل الإعلام التي تنشر الخوف واليأس... لقد استمع الملايين إلى الخطابات واختاروا الأفضل دون أن يهتموا بالتقارير المشوهة والادعاءات الباطلة».
وقال روحاني إن «مقاطعة الانتخابات تشبه الانتحار الجماعي الذي يعزز قوة الفصائل المتشددة»، مشدداً على أن «المقاطعة ليست حلاً، بل هي عامل لإضعاف وتفكيك قوة إيران»، متحدثاً عن منافسة في «السياسة الداخلية» بين من يدعون للمقاطعة ومن هم ضد المقاطعة. و«بين أولئك الذين يؤيدون التصويت لتغيير الوضع وأولئك الذين يدافعون عن عدم التصويت لتغيير الوضع؛ نية كلا الجانبين واحدة (التغيير)، لكن أحدهما يؤيد المشاركة في الانتخابات والآخر يدافع عن مقاطعتها».
وقال روحاني: «إما نغرق جميعاً أو نصل جميعاً إلى الشاطئ». وأضاف: «إيران بيتنا المشترك ولا يمكننا أن نقول إننا لسنا مسؤولين أمام الفيضانات المدمرة».
من جهة «السياسة الخارجية»، قال روحاني أيضاً إن المنافسة بين مؤيدي المقاطعة ومعارضيها. وقال: لدينا مرشحان، أحدهما يعتبر المقاطعة في السياسة الخارجية والاقتصاد نعمة، والآخر يراها كارثة. أحدهما يعتبر قطع العلاقات مع العالم فرصة، والآخر يعتبره فقدان الفرص».
وتابع: «فن أحدهم هو بناء الجدران والحواجز حول إيران، وفن الآخر هو إزالة الجدران والحواجز بمساعدة أفضل الدبلوماسيين والخبراء. أحدهم هو الأب الروحي لقرارات مجلس الأمن الدولي ضد إيران، وقد حصل على سبعة قرارات ضد إيران خلال ثماني سنوات، والآخر بمساعدة الدبلوماسيين والخبراء أبطل هذه الألغام الدولية ضد إيران خلال ثماني سنوات».
في إشارة إلى جليلي، قال روحاني: «أحدهم يدعي الحرب والآخر يدافع عن السلام؛ ليس فقط الحرب الخارجية، بل الحرب الداخلية؛ عندما يعتبر الفتيات والنساء والشباب في إيران عمقاً استراتيجياً (...)، فإنه يسبب التوتر والتمرد في البلاد».
أما عن بزشكيان، فقد قال: «يرى أن العقوبات ليست نعمة، بل ألمٌ ومعاناة ويعمل لعلاجها». وأضاف: «يفكر بإلغاء العقوبات، وتحسين العلاقات، وتعزيز التجارة ونمو الصادرات، يؤمن بتبادل التكنولوجيا ويعتبر عرض النطاق الترددي للإنترنت الطريق الرئيسية للتنمية».
وأكد: «أمامنا جمعة مصيرية، في هذه الانتخابات ليس الأشخاص من يتعرضون لهذا الاستفتاء الوطني، إنما الانتخاب بين اتجاهين مختلفين، تماماً يحددان مسار البلاد ومكانة إيران في المجتمع الدولي».
وأضاف: «أحد التيارات يسعى للوحدة والانسجام في الداخل والتفاعل البنّاء في الخارج. يريد كل شيء لإيران ويرى كل الإيرانيين مشاركين في العزة والكرامة والثروة والصحة. لكن التيار المقابل لا يرى سوى مجموعته ولا يعرف سوى التضاد ولا يعرف شيئاً عن التفاوض والاتفاق المشرف ولا يتحمل مسؤولية معاناة الشعب والمعاناة الناتجة من العقوبات».
وختم: «أيها الشعب الإيراني العزيز! اليوم أمامكم خياران واضحان: المشاركة أو المقاطعة (الانتخابات)، والمقاطعة أو التفاعل مع العالم، واختيار بين التقدم الواقعي أو التراجع الناجم عن الأوهام، واختيار بين التفاعل المشرف أو الإهانة الدولية».
من جانبه، حذّر وزير الخارجية الأسبق، محمد جواد ظريف الذي يساند بزشكيان في حملته، من تولي جليلي الرئاسة. وقال: «إذا أصبح رئيساً، سيكون من عرقل الأمور يتولاها عملياً، يريد أن يخفض نطاق الإنترنت، ويحجب كل شيء».
وقال: «من أجل إلغاء من يعرقل الأمور يجب التصويت لمن لا يتعاون معه». وفي سياق متصل، كتب ظريف على منصة «إكس» إن تصويت الجمعة المقبل «استفتاء لتحديد مصير المستقبل». وأضاف «خصوم بزشكيان قلقون من مشاركتكم، في هذا الاستفتاء التاريخي، لقد جاءوا بكل الأدوار السياسية والمالية والدعائية لاستمرار وتشديد الوضع الحالي». وقال: «فرصة الجمعة المقبل ليست كبيرة لهذا النهج الخطير».
ورفض المرشد الإيراني علي خامنئي في العامين الماضيين العديد من الدعوات لإجراء استفتاء حول السياسة الداخلية والخارجية، بما في ذلك من روحاني نفسه، الذي اقترح عرض نهجه في الانفتاح على الغرب للاستفتاء.