المصارف اللبنانية تشترط صدور مرسوم حكومي لكشف بيانات العملاء

التباسات قانونية وعملانية تحاصر ضريبة أرباح «صيرفة»

وزير المالية اللبناني مترئساً اجتماعاً لتعزيز موارد الدولة مايو الماضي (إكس)
وزير المالية اللبناني مترئساً اجتماعاً لتعزيز موارد الدولة مايو الماضي (إكس)
TT

المصارف اللبنانية تشترط صدور مرسوم حكومي لكشف بيانات العملاء

وزير المالية اللبناني مترئساً اجتماعاً لتعزيز موارد الدولة مايو الماضي (إكس)
وزير المالية اللبناني مترئساً اجتماعاً لتعزيز موارد الدولة مايو الماضي (إكس)

تحول التباسات قانونية وعملانية دون تحصيل ضرائب مستحدثة على عمليات شراء الدولار عبر منصة «صيرفة» التي أنشأها الحاكم السابق لـ«مصرف لبنان» رياض سلامة وأوقفها الحاكم الحالي بالإنابة وسيم منصوري فور تسلمه الموقع ومسؤولياته قبل 11 شهراً، ضمن سلسلة تغييرات اعتمدها في إدارة السيولة النقدية وتوحيد أسعار الصرف عند مستوى 89.5 ألف ليرة للدولار رسمياً وفي أسواق القطع الموازية والاستهلاك.

واصطدم قرار صادر عن وزير المال يوسف الخليل، يقضي بفرض ضريبة بنسبة 17 في المائة على الناتج الربحي المحقق لصالح المستفيدين من عمليات تعدّت أحجامها شراء أكثر من 15 ألف دولار على المنصة، باعتراض فوري من قبل جمعية المصارف، وإحجامها عن إرسال البيانات المطلوبة، إلى حين صدور مرسوم من قبل مجلس الوزراء يغطي الثغرة القانونية لتمكينها من الاستجابة لطلب الوزارة.

ويقضي القرار المالي بتحديد الرّبح الخاضع للضريبة، عبر احتساب الفرق بين القيمة بالليرة التي دفعها المستفيد (أفراد وشركات) مقابل الدولارات التي نالها، وقيمة تلك الدولارات المحتسبة وفقاً لقيمتها الفعليّة بالليرة حسب منصة «صيرفة» بتاريخ تنفيذ العمليّة، مع استثناء الفروقات المرتبطة بالرواتب والأجور التي نتجت عن عمليّة شراء الدولارات، إضافة إلى عدم اعتبار هذه الضريبة من الأعباء القابلة للتنزيل.

السرية المصرفية

وأشارت الجمعية في كتاب رسمي وجّهته إلى وزير الماليّة، رداً على بند ورد في الآلية التطبيقية للضريبة يقضي بإلزام المصارف ومؤسّسات الصيرفة بتزويد الإدارة الضريبيّة إلكترونياً بمعلومات عن عمليّات الصيرفة التي تمّت لديها، إلى أن المادة رقم 23 من القانون رقم 44 (قانون الإجراءات الضريبيّة) تنصّ على أن آلية الطلب من المصارف التجاريّة العاملة تزويد بيانات خاضعة لقانون السريّة المصرفيّة، يجب أن تحدّد بمرسوم صادر عن مجلس الوزراء، وهو ما لم يحدث بعد، لتؤكد بالتالي أنّه في «ظلّ غياب هذا المرسوم، فإنّ قيام المصارف بتسليم هكذا معلومات يعرّضها لملاحقات قضائيّة».

ومن الواضح، حسب مسؤول مصرفي معنيّ، وجوب استكمال المسار القانوني للإجراء الضريبي قبل صدور القرار التطبيقي، مع التنويه بأن تعقيدات لا تقل أهمية ستبرز في عمليات التطبيق وتحصيل الضريبة بمفعول رجعي يمتد إلى سنتي 2022 و2023؛ أي من تاريخ إطلاق المنصة بموجب تعميم صادر عن البنك المركزي، والذي قضى بعرض بيع الدولار النقدي من محفظته للأفراد والشركات، وجرى تمديده تباعاً وتعديله من دون أي ذكر للضريبة.

مئات آلاف العملاء

وفي الأساس، ومع تخطي العقبة القانونية للإفصاح عن البيانات، فإن الآلية التطبيقية، سنداً للمادّة 93 من قانون الموازنة العامّة، تغفل ضمناً حقيقة أن البنوك كانت تقاسم العملاء العوائد المحققة بنسب تصل إلى 50 في المائة من قيمتها، ما يعني تلقائياً أن النسبة الضريبية ستتضاعف من 17 إلى 34 في المائة على الربح المتبقي للمستفيد في حال تكليفه بسداد ضريبة كامل الربح المحقق لكل عملية. كذلك، فإن عملية الشراء من قبل أغلب الأفراد استهدفت حفظ القيمة الشرائية وتخزين الدولار النقدي وليس المتاجرة، ما يعني أن الربح لم يتحقق فعلياً.

ويضيف المصرفي المعنيّ أن البيانات الخاصة بأحجام العمليات اليومية وتبدلات أسعار الصرف، بدءاً من أوائل عام 2022 وإلى حين إيقافها منتصف عام 2023، متوفرة لدى البنك المركزي بوصفه مديراً للمنصة، لكن تحديد هويات الأفراد، وهم بمئات الآلاف، عملية معقدة للغاية، لا سيما أن بينهم من هم من غير العملاء لدى البنوك أو الذين نفذوا عمليات عبر شركات الصرافة، فيما يمكن عملياً، وبعد التغطية القانونية المطلوبة، تحديد لوائح الشركات المستفيدة.

ضغوط المضاربات

ويستدل على ثغرات هذه الإشكالية بحصول عمليات كبيرة جداً من الناحية العددية والأحجام في فترات معينة بسبب شدة ضغوط المضاربات على سعر صرف الليرة. ومن النماذج الموثقة إعلان الحاكم السابق لمصرف لبنان يومي 27 و28 ديسمبر (كانون الأول) 2022، العرض المفتوح لشراء الليرات مقابل الدولار الأميركي، والإيعاز إلى كل مواطن لم يتجاوب معه مصرفه المعتاد أن يتجه فوراً إلى بنك محدّد (الموارد)، داعياً المصارف المستعدة لأخذ خطوة مماثلة.

وفي الأصل، حدد الحاكم السابق الهدف من التعميم بتهدئة أسواق القطع والمحافظة على القدرة الشرائية للموظفين، من خلال السيطرة على سعر صرف الدولار في السوق الموازية، وعبر سحب كميات من الكتلة النقدية بالليرة من السوق واستبدال بها الدولارات النقدية، وذلك عبر الطلب من المصارف تلبية السحوبات النقدية للعملاء وفق الحصص الشهرية لدى كل بنك بالدولار النقدي (الفريش) وفق سعر الصرف على منصّة «صيرفة» في اليوم السابق للسحب، كما سمح لموظفي القطاع العام البالغ عددهم نحو 320 ألف موظف بقبض مخصصاتهم بالدولار.


مقالات ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ «جولة ثالثة» من القصف على الضاحية الجنوبية لبيروت

المشرق العربي أعمدة دخان تظهر في سماء الضاحية الجنوبية لبيروت عقب غارات إسرائيلية (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن تنفيذ «جولة ثالثة» من القصف على الضاحية الجنوبية لبيروت

قال الجيش الإسرائيلي، الجمعة، إن طائراته الحربية نفذت جولة ثالثة من القصف على أهداف لـ«حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي أحد عمال البلدية ينتشل العلم اللبناني من بين الأنقاض في حارة حريك بالضاحية الجنوبية لبيروت (أ.ف.ب)

مسعفة تبحث عن والدها بين الأنقاض بعد غارة إسرائيلية على شرق لبنان

على خطى والدها علي، انضمت سوزان كركبا إلى صفوف الدفاع المدني في لبنان، لكنها لم تكن لتصدّق أنّها ستُضطر يوماً إلى البحث عن جثته بين أنقاض مركز لجهاز الإسعاف.

«الشرق الأوسط» (دورس)
المشرق العربي بري خلال لقائه السفيرة الأميركية الخميس (مجلس النواب)

بري لـ«الشرق الأوسط»: الورقة الأميركية لا تتضمن حرية حركة لإسرائيل... ولا قوات «أطلسية»

بري تعليقاً على استهداف مسقط رأسه ومناطق نفوذه: ضغط نتنياهو «ما بيمشيش معنا».

ثائر عباس (بيروت)
المشرق العربي سكان ورجال أمن يعاينون الأضرار بعد غارة إسرائيلية على حي المزة في دمشق أمس (أ.ف.ب)

إسرائيل تصعّد حربها ضد لبنان... وتضرب دمشق

شنت إسرائيل «أوسع محاولة توغل» في لبنان، في تصعيد لحربها في هذا البلد، وضربت موقعين في العاصمة السورية دمشق، متسببة في مقتل 20 شخصاً على الأقل.

«الشرق الأوسط» (بيروت - دمشق)
المشرق العربي عناصر من القوة البحرية التابعة لـ«اليونيفيل» في البحر الأبيض المتوسط (د.ب.أ)

ألمانيا تنفي اتهامات بتورط جنودها في قتال لصالح إسرائيل

نفت الحكومة الألمانية صحة تقارير تتهم الجنود الألمان المشاركين في مهمة الأمم المتحدة بلبنان «يونيفيل» بالتعاون مع إسرائيل.


إسرائيل تجدد محاولات التوغل في جنوب لبنان بعد فشل الاختراق بالقطاع الغربي

عناصر من الدفاع المدني يبحثون عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت مدينة النبطية (أ.ف.ب)
عناصر من الدفاع المدني يبحثون عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت مدينة النبطية (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تجدد محاولات التوغل في جنوب لبنان بعد فشل الاختراق بالقطاع الغربي

عناصر من الدفاع المدني يبحثون عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت مدينة النبطية (أ.ف.ب)
عناصر من الدفاع المدني يبحثون عن ناجين في موقع غارة إسرائيلية استهدفت مدينة النبطية (أ.ف.ب)

جدد الجيش الإسرائيلي، السبت، هجومه على القطاع الغربي في جنوب لبنان، في محاولة لتحقيق اختراق فشل في تحقيقه يومي الخميس والجمعة، وكثف غاراته الجوية على الضاحية الجنوبية لبيروت، وعلى مدينة صور الجنوبية التي تعد معقلاً لـ«حركة أمل» التي يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري، في ظل مفاوضات يتولاها لوقف إطلاق النار.

وقال النائب سيمون أبي رميا، بعد لقائه بري، السبت، إن هناك «اقتراحاً جدياً لوقف إطلاق النار برعاية أميركية ومواكبة أوروبية وبالتحديد فرنسية». وأضاف: «انطلاقاً من المعطيات، نستطيع القول اليوم إن هناك تقدماً، لكن الأمور لم تحسم حتى هذه اللحظة بانتظار المفاوضات التفصيلية حول آليات تطبيق الاقتراح الذي قدم إلى لبنان، وبانتظار الملاحظات التي ستأتي من الأطراف المعنية».

غارة إسرائيلية عنيفة تستهدف مدينة صور في جنوب لبنان (أ.ب)

اختراقات برية

وبموازاة المفاوضات، تضغط إسرائيل برياً في محاولة لتحقيق اختراق في قرى الخط الثاني على الحدود، وهو ما فشلت فيه خلال اليومين الماضيين، حين تصدى لها مقاتلو «حزب الله» على محور شمع، ما اضطرها للانسحاب ليل الجمعة. وجدد الجيش محاولات التوغل باتجاه المنطقة نفسها السبت، حيث أفيد عن «قتال عنيف جداً في شمع»، وتجدد الاشتباكات على محور بلدات شمع - طيرحرفا – الجبين، وهي البلدات التي تحاول فيها إسرائيل التوغل.

وتحدث إعلام «حزب الله» عن تجدد محاولات التوغل «تحت غطاء ناري واسع»، وذلك «باتجاه أطراف بلدة شمع المتصلة ببلدة طيرحرفا، وهي منطقة غير مرئية للقرى المقابلة»، بالتزامن مع قصف مدفعي استهدف منطقة «حامول»، والأطراف الغربية لبلدة طيرحرفا وعلما الشعب.

ووفق «الوكالة الوطنية للإعلام»، السبت، دارت اشتباكات عنيفة إثر محاولة إسرائيلية للتسلل مجدداً إلى الأراضي اللبنانية عبر بلدات جنوبية. وأفادت الوكالة بأن «العدو يحاول التسلل مجدداً إلى الأراضي اللبنانية عبر بلدة الضهيرة ومحور طيرحرفا والجبين، حيث تدور اشتباكات عنيفة بين المقاومة والعدو الإسرائيلي». وأشارت الوكالة إلى أن «البلدات المذكورة تتعرض لقصف معاد». وقالت الوكالة: «جدد جنود العدو توغلهم في اتجاه أطراف بلدة شمع المتصلة ببلدة طيرحرفا، وهي منطقة غير مرئية للقرى المقابلة، تحت غطاء ناري واسع».

الدخان يتصاعد من جراء غارات استهدفت بلدة مجدل زون قرب محاور التوغل بالقطاع الغربي (أ.ف.ب)

وتزامن تلك المحاولات مع غارات للطيران الحربي استهدفت بلدات مجدل زون والحي الغربي في طيرحرفا، والمنصوري وياطر والجبين، وهي مناطق ملاصقة لمحور الهجوم، إضافة الى قصف فوسفوري طال مجدلزون والناقورة والجبين.

تشتيت التجمعات

وفي المقابل، كثف «حزب الله» وتيرة القصف التي استهدفت البلدات والمستعمرات والمدن الواقعة على الساحل في الجليل الغربي، ومن ضمنها قواعد عسكرية بحرية تصل إلى عكا وحيفا، في محاولة لامتصاص زخم الهجوم، وتشتيت القوة المهاجمة التي لم تستخدم الدبابات بشكل مكثف حتى الآن، حسبما تقول مصادر في الجنوب.

وأعلن الحزب في بيانات متعاقبة عن أن مقاتليه أطلقوا هجوماً جوّياً بسربٍ من ‏المسيّرات الانقضاضيّة على مقر وحدة المهام البحريّة الخاصة «الشييطت 13» في قاعدة عتليت، جنوب مدينة حيفا، كما استهدفوا قاعدة «ستيلا ماريس» البحريّة (قاعدة استراتيجية للرصد والرقابة البحريين على مستوى ‏الساحل الشمالي) تبعد عن الحدود اللبنانيّة 35 كلم، شمال غربي ‏حيفا، بصليةٍ صاروخيّة، فضلاً عن استهداف قاعدة «شراغا» (المقر الإداري ‏لقيادة لواء غولاني) شمال مدينة عكا، بصليةٍ صاروخية.‏

غارة إسرائيلية استهدفت بلدة القليلة الواقعة جنوب صور (أ.ف.ب)

القطاع الأوسط

وتزامنت تلك الوقائع، مع محاولات توغل إسرائيلية من القطاع الأوسط، حيث أفادت وسائل إعلام لبنانية بـ«قتال عنيف بجميع أنواع الأسلحة في مارون الراس»، متحدثة عن «أصوات انفجارات ورشقات نارية» في المنطقة، فيما أعلن الحزب عن استهداف مقر قيادة كتيبة المشاة التابعة للواء الشرقي 769 في ثكنة ‏راميم، وعن استهداف تجمعات في المستوطنات والمواقع الشرقية في أفيفيم ويرؤون والمنارة، إلى جانب تجمعات في الأراضي اللبنانية على الحافة الحدودية في مارون الراس ومركبا.

طائرة تابعة للخطوط الجوية اللبنانية تحلق وفي الخلفية دخان يتصاعد نتيجة غارات إسرائليية على الضاحية (أ.ف.ب)

وتوسع القصف الجوي إلى بنت جبيل والقرى المحيطة، كما إلى قرى في العمق، فيما تكثف على مدينة صور، وعلى الضاحية الجنوبية لبيروت. وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بأن غارة إسرائيلية استهدفت حيّاً في وسط مدينة صور، يقع قرب منطقة تضم مواقع أثرية، وقالت الوكالة إنّ الغارة «استهدفت حي الآثار؛ ما أدى إلى تدمير مبنيين وتضرّر مجموعة أبنية».

كما استهدفت غارات إسرائيلية جديدة ضاحية بيروت الجنوبية، السبت، بعد إصدار الجيش الإسرائيلي تعليمات بإخلاء أحد أحيائها، وتكررت أوامر الإخلاء ثلاث مرات خلال ساعات النهار.