الرياض ودوشنبه لتنفيذ مشاريع استثمارية في قطاعات الطاقة والصناعة والتعدين

وزير الاستثمار الطاجيكي لـ«الشرق الأوسط»: توقيع 12 مشروعاً خلال زيارة مرتقبة للرئيس رحمان إلى السعودية

العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
TT

الرياض ودوشنبه لتنفيذ مشاريع استثمارية في قطاعات الطاقة والصناعة والتعدين

العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

كشف وزير الاستثمار الطاجيكي سلطان رحيمزاده، عن مساعٍ جارية مع السعودية، لإيجاد آليات تنفيذ مشاريع استثمارية في قطاعات الطاقة والصناعة والتعدين في طاجيكستان، مشيراً إلى توقيع 14 اتفاقية ومذكرة تعاون في مجالات الاقتصاد والاستثمار والعلوم والتعليم والنقل الجوي والشباب والرياضة والأمن ومكافحة الجريمة خلال عقدين.

وقال رحيمزاده، في حديث لـ«الشرق الأوسط» من الرياض: «حالياً، هناك 12 مشروعاً لاتفاقيات ومذكرات تفاهم جديدة للتعاون بين البلدين جاهزة للتوقيع. كما تجري دراسة 15 مشروع اتفاقية ثنائية بين الطرفين. ومن المنتظر أن يجري التوقيع عليها خلال الزيارة الرسمية المرتقبة للرئيس الطاجيكي إلى المملكة».

وزير الاستثمار الطاجيكي سلطان رحيمزاده

وأشار إلى أن الاتفاقية السعودية- الطاجيكية بشأن التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات، التي تم التوقيع عليها عام 2022 دخلت حيز التنفيذ، إذ تُعد أساساً قانونياً مهماً لجذب المستثمرين السعوديين إلى طاجيكستان وحماية حقوقهم ومصالحهم.

وأكد أن بلاده مستعدة لتوقيع اتفاقيات حماية استثمار منفصلة مع شركات القطاع الخاص، للاستثمار في القطاعات ذات الأولوية، لافتاً إلى أنها ستكون بمثابة ضمان من الدولة لحماية مصالح المستثمرين السعوديين.

وتابع: «وقّعت الشركتان السعوديتان (أكوا باور) و(فاس إنرجي) مذكرات تعاون أولية في مجال الطاقة المتجددة مع وزارتي الطاقة والموارد المائية، والصناعة والتكنولوجيات الجديدة، وتعتزم شركة (منارة) التابعة لـ(معادن) دخول سوق الاستثمار الطاجيكي».

وأضاف: «تُسهم السعودية في تنفيذ مشاريع تطوير البنية التحتية في طاجيكستان، من خلال البنك الإسلامي للتنمية، والصندوق السعودي للتنمية، ومؤسسات مالية دولية أخرى، إذ بلغ حجم تمويلات الصندوق السعودي للتنمية لمشاريع التنمية والبنية التحتية في البلاد، نحو 270 مليون دولار، ترتكز على القروض الميسرة».

الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود يستقبل إمام علي رحمان رئيس طاجيكستان (الشرق الأوسط)

علاقات وطيدة

وقال رحيمزاده: «هناك روابط روحية قوية وقواسم مشتركة تاريخية وثقافية تربط البلدين وتمتد على مر القرون. ونظراً إلى توافر الإرادة السياسية لقيادة البلدين، تعزّزت العلاقات ووصلت إلى أعلى مستوى. ونعمل حالياً على رفع مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادتين».

وأضاف أن «أهم آلية لتطوير التعاون الاقتصادي والتجاري هي اللجنة الحكومية المشتركة بين البلدين، التي أترأسها عن الجانب الطاجيكي، وعن الجانب السعودي المهندس خالد الفالح وزير الاستثمار، ونحن نعمل معاً بصفة وثيقة».

وحسب رحيمزاده، انعقد منتدى الاستثمار الطاجيكي- السعودي، لأول مرة، في مدينة دوشنبه في ديسمبر (كانون الأول) 2022 على هامش اجتماعات اللجنة المشتركة، وأسفر عن نتائج عملية وتوافقات؛ لتعزيز شراكات القطاعين العام والخاص في مجال الاستثمار بين البلدين.

وأضاف: «نحن متحمسون لمواءمة أنشطة اللجنة المشتركة للشراكة الاقتصادية والتجارية الاستراتيجية مع الأهداف الاستراتيجية للتنمية الوطنية لبلدينا لعام 2030. ونتطلع إلى تفعيل أنشطة مجلس الأعمال في البلدين، وإقامة المنتديات الاقتصادية والاستثمارية الدورية للمنتجات الزراعية والصناعية».

ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان خلال استقبال إمام علي رحمان رئيس طاجيكستان (الشرق الأوسط)

وأشار إلى أن حجم التبادل التجاري لا يتناسب مع حجم الإمكانيات والفرص الموجودة لدى الجانبين، ما يحتم العمل على رفع مستوى التجارة وإزالة العوائق والمشكلات اللوجيستية.

وأكد سعي حكومته إلى جذب استثمارات القطاعين العام والخاص في السعودية إلى مشاريع طاجيكستان الاستثمارية في قطاعات الطاقة المتجددة والتعدين والصناعة والزراعة، لضمان التنمية الاقتصادية المستدامة.

وقال: «إن تطوير التعاون في مجال السياحة مفيد للجانبين، ومن أجل تنمية السياحة، أعفت الحكومة السعوديين من تأشيرات الدخول، بدءاً من أوائل عام 2022، في حين أطلقت شركة الطيران الطاجيكية (سومون إير)، في مارس (آذار) 2023، رحلات مباشرة بين دوشنبه وجدة، ما يعزّز التعاون الاقتصادي والتجاري والسياحي بين البلدين».

الاستثمار الخليجي- الآسيوي

وقال رحيمزاده: «استضافت الرياض في 29 مايو (أيار) الماضي منتدى الاستثمار لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول آسيا الوسطى، في إطار (خطة العمل المشتركة للحوار الاستراتيجي والتعاون بين الجانبين)، في الفترة 2023- 2027، التي اعتُمدت خلال القمة بين دول الخليج ودول آسيا الوسطى في 19 يوليو (تموز) 2023 بجدة».

وأضاف أن «مخرجات المنتدى ستخدم بوصفها خريطة طريق لتفعيل التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين الجانبين، إذ شهد المنتدى عدة صفقات اقتصادية واستثمارية بين ممثلي القطاعين الخاص والحكومي».

خطة استثمارية خمسية

وحول أولوية حكومته بشأن العمل المشترك بين بلاده ودول الخليج وآسيا الوسطى، بين عامي 2023 و2027، قال رحيمزاده: «حددت طاجيكستان قضايا تعزيز العلاقات متعددة الأوجه مع الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية بصفتها أحد التوجهات المهمة لسياستها الخارجية».

وأضاف: «مستعدون لتعزيز التعاون متبادل المنفعة في مختلف مجالات الاقتصاد والتجارة والاستثمار والثقافة والمجالات ذات الاهتمام المشترك بين الطرفين، بما في ذلك في إطار خطة العمل المشتركة لدول الخليج وآسيا الوسطى للأعوام 2023- 2027».

وتابع: «من المهم استخدام إمكانات المؤسسات المالية في الدول الخليجية، بما في ذلك صناديق التنمية في السعودية والكويت والإمارات وقطر، إلى جانب (مركز الملك سلمان للدعم والمساعدة)، و(مؤسسة الشيخ زايد)، و(مجموعة البنك الإسلامي للتنمية)».

وتتمحور مجالات الأولوية الطاجيكية في تنفيذ المشاريع الاستثمارية في مجالات الطاقة والصناعة، بما في ذلك الصناعات الخفيفة والغذاء والتعدين، فضلاً عن الزراعة والمصارف والسياحة ورقمنة الاقتصاد والمعلومات والاتصالات وقدرات النقل والنقل لدى الطرفين».

فرص للاستثمار

ولفت رحيمزاده، إلى أن بلاده تتمتع بإمكانات كبيرة في مجال الطاقة الكهرومائية، تتمثّل في بناء عدد من المحطات ذات القدرات المختلفة، وتطوير قطاع «الطاقة الخضراء» بصورة شاملة، مصنفاً إنشاء مشاريع مشتركة لتصنيع المنتجات الزراعية الصديقة للبيئة لتصديرها إلى الأسواق الخليجية؛ بالواعدة.

وتولي طاجيكستان اهتماماً خاصاً لتنفيذ مشاريع التجارة والاقتصاد والنقل والاتصالات ذات الأهمية الإقليمية، منوهاً بأهمية جذب الموارد المالية من الصناديق العربية المذكورة لبناء الطرق والسكك الحديدية الحديثة، مع إمكانية الوصول إلى الموانئ البحرية»، مبيناً أن نظام الإعفاء الطاجيكي من التأشيرة الأحادي الجانب للخليجيين، الذي انطلق عام 2022، سيعزّز التعاون في قطاع السياحة.

وأشار إلى أن القوانين المعتمدة بشأن الاستثمارات واتفاقيات الاستثمار والمناطق الاقتصادية الحرة والشراكات بين القطاعين العام والخاص حديثة، وطُوّرت مع مراعاة مبادئ أفضل الممارسات في مجال إنفاذ القانون كافّة.

ويحدد قانون الاستثمار -وفق رحيمزاده- ضمانات وحقوقاً معينة للمستثمر، مثل اختيار النظام المناسب لمدة 10 سنوات، في حال إجراء تغييرات وإضافات تؤدي إلى تفاقم ممارسة الأنشطة، في حين لا يوجد فرق بين المستثمرين المحليين والأجانب، بالإضافة إلى أن للمستثمر حرية إرجاع أرباحه واختيار صناعاته.

وتابع: «في دول آسيا الوسطى، وحدها طاجيكستان لديها قانون اتفاقيات الاستثمار، الذي بموجبه يحصل المستثمر على حق الحصول على حوافز وامتيازات إضافية، إلى جانب توفير اتفاقية بين القطاعين العام والخاص، واتفاقية امتياز، واتفاقية تقاسم الإنتاج».

وتحتوي قائمة أفضليات الاستثمار، وفقاً للقانون، على أكثر من 100 بند، إذ تنص الأفضليات على الإعفاء الكامل أو الجزئي من دفع المدفوعات المالية، مشيراً إلى أن لكل اتفاقية ميزة تحدد الحقوق والضمانات.

مناطق اقتصادية حرة

وقال رحيمزاده: «أدخلنا نظام الإعفاء الضريبي الكامل، باستثناء الضريبة الاجتماعية وضريبة الدخل والرسوم الجمركية. وتشكل مناطقنا الاقتصادية الحرة منصة أعمال جاهزة لتنفيذ المشاريع المختلفة؛ إذ نقترب تدريجياً من دعم البنية التحتية الشاملة للأعمال».

كما «حددت الحكومة تنمية القطاع الخاص وريادة الأعمال والاستثمار في استراتيجية التنمية الوطنية للفترة حتى عام 2030، باعتبارها الوسيلة الرئيسية لتحقيق الأهداف الوطنية، وتتخذ باستمرار التدابير اللازمة لتهيئة الظروف المواتية لأنشطة الأعمال والاستثمار؛ لجعل اقتصاد البلاد جاذباً للاستثمارات ويركز على التصدير».

وأضاف: «الآن تحتل بلادنا المرتبة السادسة في العالم، من حيث إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة، وبحلول عام 2032، سيجري توفير إنتاج الكهرباء في البلاد بالكامل من هذه المصادر، أي 100 في المائة من (الطاقة الخضراء) -الآن 98 في المائة-، وعلى هذا الأساس، ووفقاً للمعايير الدولية، سيجري خفض انبعاثات غازات الدفيئة بحلول عام 2037».

طاجيكستان إلى «اقتصاد أخضر» بحلول 2037

شدد رحيمزاده على أن بلاده ستصبح دولة «اقتصاد أخضر» بحلول 2037، مؤكداً أن تنفيذ أحد الأهداف الاستراتيجية يتمثل في التصنيع المتسارع للبلاد، ما سيجعل من الممكن ضمان التنمية المستدامة للصناعة بوصفها منتجاً ذا قيمة مضافة عالية، ونتيجة لذلك ستظهر عشرات الآلاف من فرص العمل الجديدة.

وبصفته جزءاً من تنفيذ الأهداف الاستراتيجية، تهدف طاجيكستان، بوصفها مؤيدة للشراكة الوثيقة مع جميع البلدان الصديقة، إلى تفاعل واسع النطاق وعملي معها في مختلف مجالات الشراكة التجارية والاقتصادية.

«ويشمل ذلك تنفيذ المشاريع والبرامج المشتركة ذات المنفعة المتبادلة في مجالات الطاقة، وتطوير البنية التحتية للنقل، وصناعة التعدين، والزراعة، والسياحة، فضلاً عن تعزيز التجارة الحرة وإزالة الحواجز الجمركية، الأمر الذي من شأنه أن يوسّع بصفة كبيرة آفاق التعاون الدولي».

وأضاف: «لدينا عدد من المزايا النسبية في هذه المجالات، التي يمكن أن يكون استخدامها بمثابة حافز للتنمية الاقتصادية محلياً وخارجياً، إذ تتشكّل 60 في المائة من جميع موارد المياه في آسيا الوسطى على أراضي طاجيكستان، ما يخلق إمكانات هائلة للطاقة الكهرومائية. ومن خلال الاستخدام الفعال للموارد، يمكن تزويد المنطقة والدول المحيطة بالطاقة الرخيصة والصديقة للبيئة».

وتابع: «استُكشفت 400 راسب من المعادن المختلفة، التي توفر الأساس للتطوير الفعّال لصناعة التعدين والمعادن وإنتاج مواد البناء، في حين تخلق الظروف الطبيعية والمناخية الممتازة تربة مواتية لزراعة المنتجات الزراعية الصديقة للبيئة ومعالجتها الصناعية اللاحقة».

المزايا التنافسية الاستثمارية

لفت رحيمزاده إلى المزايا التنافسية الأخرى لبلاده، مثل إمكانات النقل وتوافر قوة عاملة مدربة وغير مكلفة نسبياً، مع إمكانات واسعة لتطوير السياحة. وشدد على أن حكومة طاجيكستان تولي أهمية استثنائية لمواصلة عملية الإصلاحات المؤسسية لخلق مناخ استثماري أكثر ملاءمة وتحسين بيئة الأعمال.

وأضاف: «منفتحون على جميع المستثمرين، الذين يخلقون صناعات تنافسية حديثة ووظائف جديدة، ويقدمون الخدمات في الأسواق المحلية والأجنبية، ويلتزمون بالقوانين الوطنية»، داعياً الدول الخليجية إلى تكثيف الحوار المباشر مع الشركات العامة والخاصة في بلاده.

وختم: «في الطريق نحو تحقيق أهم المهام والأهداف بالنسبة إلينا، نأمل في تبادل الخبرات، والاستفادة من الفرص التكنولوجية والابتكارية والاستثمارية للدول المتقدمة في العالم الإسلامي، وتحسين آليات التعاون، وفتح آفاق جديدة للتفاعل، والتعاون الدولي في المجالات محل الاهتمام المشترك».


مقالات ذات صلة

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

الاقتصاد علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس» أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (زيورخ)
الاقتصاد عمال إنشاء الطرق يؤدون أعمالهم خارج بنك إنجلترا في منطقة سيتي المالية بلندن (رويترز)

بنك إنجلترا يُطلق اختبار إجهاد لقطاعي الاستثمار والائتمان الخاص

أعلن بنك إنجلترا الخميس إطلاق اختبار إجهاد يهدف إلى تقييم كيفية تعامل قطاعي الاستثمار الخاص والائتمان الخاص مع أي صدمة مالية محتملة

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد تعرض بيانات ومعلومات الأسواق المالية على شاشات داخل مقر مجموعة بورصة لندن (رويترز)

المستثمرون البريطانيون يبيعون الأسهم للشهر السادس على التوالي

استمرت موجة بيع الأسهم من قِبَل المستثمرين البريطانيين لتصل إلى ما يقرب من 14 مليار دولار على مدار ستة أشهر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد الطرفان عقب توقيع الاتفاقية (الصندوق)

«السعودية البحرينية للاستثمار» و«ممتلكات» توقعان اتفاقية لتعزيز التعاون في قطاعات استراتيجية

وقّعت الشركة السعودية البحرينية للاستثمار وشركة ممتلكات البحرين القابضة اتفاقية تهدف إلى تعزيز التعاون الاستثماري وتوسيع الفرص المشتركة بين الجانبين.

«الشرق الأوسط» (المنامة)
خاص الأمير عبد العزيز بن سلمان ونوفاك خلال ترؤسهما اجتماع اللجنة الوزارية المشتركة (إكس)

خاص الرياض وموسكو... شراكة استراتيجية تتجاوز النفط وتُرسخ استقرار أسواق الطاقة

اختتمت في الرياض أعمال المنتدى السعودي - الروسي للأعمال، مُسدلةً الستار على يوم مكثف من الحوار الاستراتيجي رفيع المستوى الذي يُرسخ الشراكة الثنائية.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.


ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)
ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)
TT

ألمانيا تُقرّ قانون المعاشات المثير للجدل وسط تحذيرات من تفاقم الدين

ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)
ميرتس يلقي بيانه بعد إقرار مشروع قانون المعاشات التقاعدية (أ.ف.ب)

تفادى المستشار الألماني فريدريش ميرتس أزمة سياسية حادة بعد تمكنه بصعوبة من الحصول على الأغلبية المطلقة لتمرير مشروع قانون المعاشات التقاعدية في البرلمان يوم الجمعة، رغم التمرد الذي شهدته كتلته المحافظة، والذي ألقى الضوء على هشاشة سلطته داخل الائتلاف الحاكم.

وأُقر مشروع القانون بأغلبية 318 صوتاً في «البوندستاغ» المؤلف من 630 مقعداً، دون الحاجة إلى دعم طارئ من المعارضة اليسارية. إلا أن حالة الغموض التي رافقت التصويت حتى لحظاته الأخيرة عكست عمق الانقسامات داخل ائتلاف ميرتس المكوّن من المحافظين والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وذلك بعد 7 أشهر فقط من تسلّمه منصبه.

ويعد مشروع القانون، الذي يرفع الإنفاق على المعاشات التقاعدية بنحو 185 مليار يورو (216 مليار دولار) خلال السنوات الـ15 المقبلة، اختباراً مهماً لقدرة الحكومة على تمرير إصلاحات ضرورية لإنعاش أكبر اقتصاد في أوروبا وتعزيز قدرات القوات المسلحة الألمانية التي تعاني منذ سنوات، وفق «رويترز».

كما أسهمت هذه الخلافات في تعزيز صعود حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف، الذي يتصدر الآن استطلاعات الرأي على مستوى البلاد، ويتجه لتحقيق مكاسب واسعة في انتخابات 5 ولايات العام المقبل.

وقال الخبير السياسي يوهانس هيلغي: «المستشار خرج منتصراً، لكنه منتصر ضعيف. النقاش كشف حدود سلطته، وجعل الحكم المستقر والمتوقع أمراً صعباً في هذه الظروف». وأضاف أن 7 من نواب المعسكر المحافظ صوّتوا ضد مشروع القانون، فيما امتنع اثنان، وهو رقم مرتفع يعكس حدة الانقسامات.

المعاشات التقاعدية... محور اشتعال سياسي في أوروبا

يثبّت مشروع القانون نسبة المعاشات التقاعدية عند 48 في المائة من متوسط الأجور حتى عام 2031، بدلاً من السماح بانخفاضها، وهو بند أساسي في اتفاق الائتلاف ويحظى بأهمية خاصة للحزب الاشتراكي الديمقراطي.

لكن الجناح الشبابي في حزب المحافظين، الذي يملك 18 صوتاً، عارض المشروع مؤكّداً أنه يرسخ نظاماً مالياً غير مستدام ويحمّل الأجيال الشابة عبئاً كبيراً. ومع أغلبية برلمانية ضئيلة لا تتجاوز 12 صوتاً، لم يكن واضحاً حتى اللحظة الأخيرة إن كان الائتلاف سيتمكن من تمرير المشروع.

وتدخل حزب اليسار في اللحظة الأخيرة عارضاً الامتناع عن التصويت لخفض عدد الأصوات المطلوبة، باعتبار أن حماية المتقاعدين أولوية.

ويحذر اقتصاديون من أن قانون المعاشات الجديد يتجاهل التحديات الديموغرافية وتصاعد الدين العام. وقال كارستن برزيسكي، كبير خبراء الاقتصاد الكلي في بنك «آي إن جي»: «الحكومة تتصرف وكأن الحاضر أبدي، متجاهلة التغيرات الديموغرافية وارتفاع الدين وقضايا الاستدامة المالية».

أخطاء سياسية تكشف هشاشة القيادة

خلال حملته الانتخابية، انتقد ميرتس الصراعات الداخلية في حكومة سلفه أولاف شولتز، ودخل المنصب بتوقعات عالية بعد إبرام صفقة تاريخية لتمويل قياسي في البنية التحتية والدفاع.

لكن ائتلافه أثبت هشاشته منذ اليوم الأول، إذ احتاج إلى جولة تصويت ثانية غير مسبوقة لضمان تنصيبه رسمياً. وفي الصيف، فشل في توحيد صفوف المحافظين خلف مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي للمحكمة الدستورية، ما أدى إلى سقوط التصويت.

وقال يان تيشو من «أوراسيا غروب»: «الصورة العامة للحكومة باعتبارها منقسمة وغير فعّالة وسوء إدارتها تتكرّس بشكل متزايد».

ورغم إشادة الخارج بموقف ميرتس القوي تجاه أوكرانيا، فإن شعبيته المحلية تراجعت إلى نحو 25 في المائة، ليصبح من أقل المستشارين شعبية في التاريخ الحديث.

وبحسب أحدث استطلاع لمؤسسة «فورسا»، تراجع الدعم المشترك للمحافظين والحزب الاشتراكي إلى 39 في المائة مقابل 44.9 في المائة في انتخابات فبراير (شباط)، بينما يواصل حزب «البديل من أجل ألمانيا» صدارته بنسبة 26 في المائة.


قلق خليجي من تبعات تشريعين أوروبيين لاستدامة الشركات

جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)
جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)
TT

قلق خليجي من تبعات تشريعين أوروبيين لاستدامة الشركات

جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)
جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

أعربت دول مجلس التعاون الخليجي، الجمعة، عن بالغ قلقها تجاه التشريعين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها، اللذين تتعلق بهما مجموعة تعديلات رفعها البرلمان الأوروبي، مؤخراً، إلى المفاوضات الثلاثية.

وأكّدت دول المجلس في بيان، أن قلقها نابع من أن هذه التشريعات ستفضي إلى إلزام الشركات الكبرى، الأوروبية والدولية، اتباع مفهوم الاتحاد الأوروبي للاستدامة، وبتشريعات تتعلق بحقوق الإنسان والبيئة، وبتقديم خطط للتغير المناخي خارج إطار الاتفاقيات المناخية الدولية، كذلك الالتزام بتقديم تقارير عن الاستدامة حول آثار تلك الشركات، والإبلاغ عن ذلك، وفرض غرامات على التي لا تمتثل لهذا التشريع.

وأوضح البيان أنه وعلى الرغم من أن التعديلات المقدمة للإسهام في تخفيف وطأة وتأثير بعض مواد التشريع، وإلغاء البعض الآخر، فإن دول الخليج ما زالت ترى أن هذه التعديلات لا تلبي ما تتطلع إليه، ولا تزال تمثل مصدراً للضرر ومصدراً محتملاً لمخاطر واسعة على مصالح شركاتها العاملة في السوق الأوروبية، خاصةً في ظل البيئة التنظيمية الجديدة التي يفرضها التشريع والتي قد تنعكس سلباً على تنافسية تلك الشركات واستمرارية أعمالها.

وأكّدت دول الخليج أنها لا تزال تواصل جهودها بصفتهم أعضاء فاعلين في جميع المنظمات الأممية المتعلقة بحقوق الإنسان والبيئة والتغير المناخي، وواءمت جميع تشريعاتها مع مبادئ هذه المنظمات، واضعة في الحسبان حقوقها الوطنية السيادية، مبيِّنة أنها تقدم تقاريرها بكل شفافية، وبشكل دوري ومنتظم، في مختلف المنتديات والمؤتمرات الدولية، تحت مظلة الأمم المتحدة، وقد تجسّد ذلك بانضمام دول المجلس إلى اتفاقيتي «باريس» و«الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ»، واعتمادها تشريعات وطنية لحماية البيئة وتنظيم الانبعاثات، فضلاً عن مشاركتها في آليات المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان.

ونوَّه البيان بأنه على الرغم من الجهود التي تقوم بها للوفاء بالتزاماتها تجاه المجتمع الدولي بشكل عام، والاتحاد الأوروبي بشكل خاص؛ لضمان وصول إمدادات الطاقة لأوروبا بشكل يوثق به ويُعتمد عليه، إلا أن دول الخليج تتوقع أن يؤدي استمرار البحث والتفاوض، بين المؤسسات الأوروبية، حول هذا التشريع، إلى آثار سلبية على استمرار تلك الإمدادات.

وخلُصت دول المجلس إلى أن شركاتها، التي قد ينطبق عليها التشريع، وهي تعمل وفق أفضل الممارسات العالمية، ستقوم بدراسة المخاطر والآثار التي قد تتعرض لها جراء اعتماده، وهو إجراء لا يستبعد أن يؤدي إلى التخارج من السوق الأوروبية والبحث عن بديل.

وعبّر البيان عن أمل دول الخليج في أن تنظر الدول الأوروبية الصديقة في إلغاء التوجيه، أو تعديل نطاق تطبيقه ضمن نطاق الاتحاد، بحيث لا يكون تأثيره عابراً للحدود، في حال رأى الأخير ضرورة الاستمرار فيه.