هجوم جديد بالبحر الأحمر يُعمّق أزمة «قناة السويس» المصرية

الجيش الأميركي اتهم «الحوثي» باستهداف سفينة يونانية

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (موقع قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (موقع قناة السويس)
TT

هجوم جديد بالبحر الأحمر يُعمّق أزمة «قناة السويس» المصرية

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (موقع قناة السويس)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس المصرية (موقع قناة السويس)

عمّقت التوترات الأمنية المتصاعدة في البحر الأحمر من أزمة حركة الملاحة في قناة السويس المصرية، التي تعاني من تراجُع كبير للإيرادات، بعد نحو 9 أشهر من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وفي وقت أعلن الجيش الأميركي عن استهداف «الحوثيين» لسفينة يونانية كانت متجهة إلى مصر، توقّع خبراء وعسكريون مصريون «مزيداً من التراجع في إيرادات قناة السويس المصرية، في ظل ترجيحات باستمرار الهجمات على السفن المارة بالبحر الأحمر».

وقالت جماعة «الحوثيين» اليمنية، الأحد، إن «قواتها استهدفت سفينتين في البحر الأحمر والمحيط الهندي»، إحداهما باستخدام «زورق مسيّر»، والسفينة الثانية بعدد من الصواريخ.

وذكرت القيادة المركزية الأميركية، الاثنين، أن جماعة «الحوثيين» استهدفت «سفينة ترفع العلم الليبيري، تابعة لشركة يونانية، كانت متجهة إلى مصر، في هجوم يشتبه بأنه قد تم عبر نظام الطيران المسيّر».

وأشارت إلى أن «هذه المرة الرابعة التي تتعرّض فيها سفينة تحمل علم ليبيريا لهجوم من جانب الحوثيين»، وعدَّت ذلك «تهديداً للاستقرار الإقليمي، ويعرّض حياة البحّارة عبر البحر الأحمر وخليج عدن للخطر».

وتبنّى الحوثيون هجمات بطائرات مسيّرة وصواريخ على ممرات ملاحية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بزعم «التضامن مع الفلسطينيين في الحرب الإسرائيلية على غزة».

في المقابل، تقود الولايات المتحدة تحالُفاً دولياً عسكرياً باسم «حارس الازدهار»، من جنسيات متعددة، بهدف تأمين الملاحة في البحر الأحمر، وحماية السفن التجارية التي تعبره من الهجمات الحوثية على وجه الخصوص.

وتسبّبت التوترات في البحر الأحمر في تراجُع عوائد قناة السويس المصرية من حركة الملاحة، وقدّر وزير المالية المصري محمد معيط، في مايو (أيار) الماضي «تراجُع عوائد قناة السويس بنحو 60 بالمائة».

وقال مستشار النقل البحري والخبير في اقتصاديات النقل، أحمد الشامي لـ«الشرق الأوسط»، إن «بعض الموانئ البحرية لم تشهد إلا عدداً محدوداً للغاية من السفن البحرية خلال الستة أشهر الأخيرة، منها ميناءا السخنة والأدبية»، مشيراً إلى «الارتفاع الكبير لأسعار النقل البحري حول العالم بسبب تلك الأحداث».

وفي مطلع يونيو الحالي، أعلنت هيئة قناة السويس رفع رسوم استخدام الخدمة الإلكترونية للسفن العابرة للقناة، إلى 500 دولار بدلاً من 50 دولاراً، اعتباراً من شهر يناير 2025، مع رفع قيمة تحصيل الخدمة الإلكترونية إلى 300 دولار، اعتباراً من سبتمبر المقبل.

ويتوقف مستشار النقل البحري مع تطوُّر هجمات الحوثيين تجاه السفن المارّة بالبحر الأحمر، وقال: «من اللافت استخدام (قوارب مسيّرة) في الهجمات على السفن مؤخراً، رغم وجود قِطع بحرية من التحالف الدولي لحماية حركة الملاحة»، مشيراً إلى أنه «لا يتوقع انفراجة قريبة لأزمة الملاحة؛ نظراً لأن الأزمة سياسية بالأساس بسبب الحرب على غزة».

ولا يختلف في ذلك الخبير العسكري المصري اللواء نصر سالم، حيث اعتبر أن «التوتر في البحر الأحمر أحد آثار استمرار الحرب في قطاع غزة»، مشيراً إلى أن «استمرار العدوان على القطاع استنفر أطرافاً عديدة في المنطقة بينها جماعة الحوثيين»، مشيراً إلى أن «حل حركة الملاحة لن يتحقق إلا بوقف العدوان على غزة واستعادة حقوق الفلسطينيين».

وحمّل سالم، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، الولايات المتحدة مسؤولية ما يحدث في البحر الأحمر، مشيراً إلى «عدم وجود مبرِّر لحشد (واشنطن) تحالُفاً عسكرياً بالبحر الأحمر، ونقل قِطع بحرية لتأمين حركة الملاحة هناك».


مقالات ذات صلة

«الحوثيون» يعلنون استهداف إسرائيل بصاروخ باليستي ومسيّرات

العالم العربي صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (جماعة «الحوثي» عبر «تلغرام»)

«الحوثيون» يعلنون استهداف إسرائيل بصاروخ باليستي ومسيّرات

أعلن «الحوثيون» في اليمن إطلاق صاروخ باليستي وطائرات مسيّرة على إسرائيل، بعد أيام على هجوم استهدف تل أبيب أصاب 16 شخصاً.

«الشرق الأوسط» (عدن)
شؤون إقليمية صورة وزّعها الحوثيون لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (رويترز) play-circle 03:14

إسرائيل لرد رابع أوسع في اليمن... قد يشمل اغتيالات

تخطط إسرائيل لشن هجوم أعنف من الهجمات السابقة وتعمل شعبة الاستخبارات على توسيع بنك الأهداف

كفاح زبون (رام الله)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)
شؤون إقليمية صورة وزعها الحوثيون تظهر لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعترض صاروخا أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته اعترضت صاروخا أطلق من اليمن وعبر إلى الأراضي الإسرائيلية في ساعة مبكرة من صباح اليوم الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي صورة وزعها الحوثيون لصاروخ هاجموا به إسرائيل يسمونه «فلسطين 2» (إعلام حوثي) play-circle 03:14

الحوثيون يتجاهلون تهديدات نتنياهو ويواصلون هجماتهم تجاه إسرائيل

تجاهل الحوثيون المدعومون من إيران تهديدات بنيامين نتنياهو بضربهم وتدمير البنية التحتية وواصلوا هجماتهم باتجاه إسرائيل بالتوازي مع التصعيد ضد الجيش اليمني في تعز

علي ربيع (عدن)

«حزب الله» يطالب باستراتيجية دفاعية تبرّر احتفاظه بسلاحه

عناصر من الجيش اللبناني ينتشرون في بلدة الخيام الجنوبية بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي (رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني ينتشرون في بلدة الخيام الجنوبية بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي (رويترز)
TT

«حزب الله» يطالب باستراتيجية دفاعية تبرّر احتفاظه بسلاحه

عناصر من الجيش اللبناني ينتشرون في بلدة الخيام الجنوبية بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي (رويترز)
عناصر من الجيش اللبناني ينتشرون في بلدة الخيام الجنوبية بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي (رويترز)

تحول «حزب الله» بعد الحرب الأخيرة ونتائجها التدميرية إلى خطاب مؤيد لـ«الاستراتيجية الدفاعية»، داعياً إلى اعتمادها لحماية لبنان، وهي المرّة الأولى التي يطالب بهذه الاستراتيجية «محاولاً بذلك إيجاد الوسيلة التي تبقي سلاحه جزءاً من تلك معادلة»، كما تقول مصادر لبنانية على خصومة معه، ويقول الحزب في خطابه الجديد إن الجيش اللبناني «ليس قادراً على الدفاع عن لبنان لوحده».

وتضاربت القراءات حول أبعاد موقف الحزب الجديد، بين مَن دعا إلى «استيعابه وتفّهم تراجعه التدريجي»، ومَن يعتقد أنه «كان ولا يزال جزءاً من الجمهورية الإسلامية في إيران، وبالتالي لا يمكن أن يكون جزءاً من الدولة اللبنانية».

وقال نائب رئيس المجلس السياسي في «حزب الله»، الوزير السابق محمود قماطي: «سنكون في أقصى درجات التعاون والانفتاح سياسياً، نحن نعدّ أن الوطن بحاجة إلى التفاهم والحوار السياسي والتعاون بين كل الأطراف اللبنانيين للوصول إلى نتائج، وكل الأمور خاضعة للحوار، ونحن حاضرون لنتحاور حولها لنبني هذا البلد ما بعد العدوان الإسرائيلي». وأضاف قماطي: «إذا كنّا شركاء حقيقيين في الوطن، فعلينا أن نبني استراتيجية دفاعية تدافع عن هذا الوطن، فالجيش وحده لا يستطيع أن يواجه العدو، وكُلنا يعلم ذلك، وليته يستطيع، فنحن لسنا ضد أن يكون قادراً على المواجهة وحده، ولذلك هناك شراكة ضرورية حتمية وطنية لا بُد منها بين المقاومة والجيش لندافع عن وطننا».

عناصر من «حزب الله» في صورة تعود إلى 22 أكتوبر 2023 في جنوب لبنان (أ.ب)

موقف قماطي يعبّر عن إصرار الحزب على الاحتفاظ بسلاحه، غير أن السياسي اللبناني توفيق سلطان، عدَّ أن «(حزب الله) لم يعد قادراً على الاستمرار في السياسة التي انتهجها في السابق التي أوصلته إلى كارثة خسر فيها قائده (حسن نصر الله)، وأدت إلى تدمير البلد وخصوصاً بيئته الحاضنة»، وأكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «القاعدة الشرعية تقول إنه (لا يمكن تغيير الأحكام بتغير الأزمان)، لذلك بات مطلوباً من الحزب أن يقدّم رؤية معقولة وموزونة وأكثر جدّية ومختلفة كلياً عن الأداء السابق»، ورأى سلطان أنه «من الحكمة أن نترك الحزب يتدرّج بخطط التراجع، وأن نساعده في اتخاذ الموقف المقبول والمعقول بدلاً من إحراجه وإخراجه».

كلام قماطي يدلّ على أن الحزب «لا يزال يعيش حالة إنكار لما حصل خلال الحرب وبعدها»، وفق تعبير الخبير العسكري والاستراتيجي العميد خالد حمادة، لأنه «لم يأخذ بعين الاعتبار الالتزامات التي يفرضها قرار وقف إطلاق النار، وتكلم بوضوح عن تطبيق القرار 1791 والقرارين 1559 و1680 بمعنى أنه لا وجود لأي سلاح خارج المؤسسات الشرعية اللبنانية».

وقال حمادة لـ«الشرق الأوسط»: «يتجاهل (حزب الله) كل ذلك ليقول لجمهوره إنه لم يخسر الحرب، لكن من جهة أخرى، تصدر تصريحات من الأمين العام للحزب ومن نواب ومسؤولين يتعاملون مع القرار 1701 بنوع من التشكيك. إن القرار ينص على نزع السلاح في جنوب الليطاني وليس في شماله أو أي منطقة أخرى». وشدد حمادة على أنه «من واجب الدولة وحدها وضع الاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان، وهذه الاستراتيجية يجب أن تقترحها الوزارات المعنية أي: الدفاع والخارجية والداخلية والصحة العامة، ويتم إقرارها في مجلس الوزراء، ولا يمكن أن يشارك بها أي مكون من خارج الدولة بهذه الاستراتيجية الدفاعية»، مشيراً إلى أن الحزب «وإن كان مشاركاً في الحكومة أو في المجلس النيابي يمكنه أن يناقش الاستراتيجية التي تضعها الدولة، لكن لا يحق له أن يصنف نفسه شريكاً للدولة اللبنانية بأجهزتها وقواتها المسلحة على قدم المساواة».

ولا تزال تداعيات الحرب الأخيرة تلقي بثقلها على الحزب، وقاعدته التي بدأت تتململ، وخصوصاً أن نتائج الحرب خالفت كلّ أدبياته التي تقول إن «المقاومة تحمي لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية»، ولفت السياسي اللبناني توفيق سلطان إلى أنه «لا يمكن التعامل مع الحزب إلّا في إطار الاستيعاب، وهو حزب لبناني، ومقاتلوه لبنانيون بخلاف منظمة (التحرير) التي ركب مقاتلوها وقادته البواخر ورحلوا إلى تونس». وقال: «ما شاهدناه من دمار في مناطق الجنوب اللبناني والضاحية يشبه مأساة غزّة». ودعا كل الأطراف اللبنانية إلى مساعدة الرئيس نبيه برّي (رئيس مجلس النواب) الذي يحمل عبئاً كبيراً، ويقع على عاتقه اليوم حماية البيئة الشيعية التي دمّرت مقدراتها، كما دُمر الجنوب الذي بناه برّي من أموال الدولة على مدى عقود طويلة.

جندي أمام أسلحة يقول الجيش الإسرائيلي إنه عثر عليها خلال عملياته العسكرية في جنوب لبنان (رويترز)

وسبق لـ«حزب الله» أن رفض كلّ الطروحات السابقة للاستراتيجية الدفاعية التي قدّمت في جلسات الحوار الوطني ما بين أعوام 2006 و2012 التي كانت تقوم على مبدأ استيعاب سلاحه ضمن مكون شرعي ينضوي تحت وزارة الدفاع الوطني ويأخذ أوامره وتعليماته من الجيش اللبناني، متمسكاً فقط بما يسمّى معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» التي فرضها على البيانات الوزارية.

وذكّر العميد خالد حمادة أن «حزب الله» لم يوافق على هذا الطرح، ولم يتقدم بأي تصور للاستراتيجية الدفاعية، ولم يشارك بشكل جدي في كل النقاشات، وكان يعدّ نفسه المعني الوحيد بالدفاع عن لبنان، بينما «الجيش اللبناني والمؤسسات اللبنانية معنية بالأمن الداخلي»، مشدداً على أن «الصفحة السابقة طويت، فـ(حزب الله) حزب سياسي لا يستطيع أن يشارك في أي نشاط بوصفه مؤسسة أو منظومة أو ميليشيا مسلحة، ولا يصلح أن يكون شريكاً للجيش اللبناني أو أي قوى عسكرية شرعية أخرى، لأن هناك تعارضاً مع ما ينص عليه الدستور اللبناني».

ورداً على تمسّك الحزب بذريعة أن الجيش اللبناني لا يستطيع وحده أن يدافع عن لبنان، سأل حمادة: «هل استطاع (حزب الله) أن يدافع عن لبنان؟». وتابع: «بعد تدمير عشرات القرى في لبنان وسقوط أكثر من 5000 شهيد لبناني وجرح أكثر 15000مواطن وتدمير أكثر من 200 ألف منزل، يجب أن يعلم (حزب الله) أنه ورط لبنان في حرب غير محسوبة كرماً لعيون طهران، وأي استراتيجية دفاعية لن يكون شريكاً فيها».