مئوية «اللبنانية – الأميركية» تُحييها الموسيقى والشعر

الصرح الجامعي شهد رقصة التراث مع عراقة الإرث

مَنْح هبة القواس درع مئوية الجامعة تقديراً لعطاءاتها (الجهة المنظّمة)
مَنْح هبة القواس درع مئوية الجامعة تقديراً لعطاءاتها (الجهة المنظّمة)
TT

مئوية «اللبنانية – الأميركية» تُحييها الموسيقى والشعر

مَنْح هبة القواس درع مئوية الجامعة تقديراً لعطاءاتها (الجهة المنظّمة)
مَنْح هبة القواس درع مئوية الجامعة تقديراً لعطاءاتها (الجهة المنظّمة)

 

تمدَّد دخانٌ ضخّته آلة لإحداث التمازُج مع الضوء نحو الحاضرين في احتفالية مئوية «اللبنانية - الأميركية» (LAU) المتّكئة على تلة في بيروت. منح المشهد حرم الجامعة مزيداً من الهيبة، والشخصيات الرسمية والدبلوماسية والأكاديمية والإعلامية تُواصل التوافُد. بدأت الأوركسترا تتّخذ مقاعدها بجانب آلات أحدث انسجامها عزفاً بديعاً. النسائم ضئيلة في يونيو (حزيران) الخانق، تمرُّ على ليل المدينة بخجل. بالتعاون مع «المعهد الوطني العالي للموسيقى» (الكونسرفتوار)، برئاسة المؤلّفة الموسيقية هبة القواس، رفعت الأوركسترا الفلهارمونية الوطنية اللبنانية بقيادة المايسترو الألماني كريستيان شومان بشغف حَمْله العصا وتحريكها، والأوركسترا الوطنية للموسيقى الشرق عربية بقيادة المايسترو أندريه الحاج، ضابط الإيقاعات وفنّانها، الحفل إلى مستوى آخر.

هبة القواس تؤدّي «لبنان عُد أملاً» من كلمات الشاعر السعودي عبد العزيز خوجة (الجهة المنظّمة)

امتلأت المقاعد، وبعضها تظلَّل بالشجر العملاق، وجاوَرَ أوراقه، 1924 - 2024، قرنٌ على ولادة إحدى أعرق المؤسّسات الأكاديمية في لبنان، والتي حملت شعار تعليم المرأة اللبنانية والعربية والارتقاء بها اجتماعياً واقتصادياً، لتصبح الجامعة في مئويتها منارة للانتقال بالأجيال اللبنانية إلى العالمية وحضارة الإنسان.

رحّبت المديرة التنفيذية للعلاقات العامة والإعلام ندى طربيه بالموسيقيين والشعراء والفنانين والعازفين والحضور. استوقفها واقع الأوركسترا، وقالت إنها لم تكن في منأى عن تحدّيات كثيرة واجهها لبنان، لكنها عادت بقوة منذ عام 2020 بقيادة المؤلّفة الموسيقية والسوبرانو، رئيسة المعهد الوطني العالي للموسيقى هبة القواس.

بعد عرض فيلم قصير من إنتاج قسم التواصل الاستراتيجي عن تاريخ الجامعة طوال قرن، استعاد رئيسها ميشال معوض أبياتاً من قصيدة الشاعر الأخطل الصغير عن بيروت عام 1934. تحدّث عن «المنارة التي تُضيء على تلة، وأخذت تشعّ عاماً بعد عام على العاصمة والوطن الخالد»، قاصداً الجامعة البالغة المائة، وهي لا تزال تطلُّ بأنوارها من تلة بيروت إلى لبنان، ومنه إلى العالم.

لم تغب الموسيقى عن الصرح توازياً مع ما يُقدّم من علوم معرفية بين هندسة وطبّ، وعلوم وفنون ومسرح وإدارة أعمال وصيدلة وتمريض وإنسانيات وثقافة عامة. شكّلت الأمسية، برؤية لينا خوري وطارق مراد الإخراجية، تأكيداً على هذه التوأمة وتقديراً لمكانة الفنّ الراقي. لفح التراث اللبناني الأجواء، فإذا بالموسيقى على وَقْعه تُضاعِف الحلاوة.

شكّلت الأمسية تأكيداً على مكانة الفنّ الراقي (الجهة المنظّمة)

حضر كبار المؤلّفين بأنغام عزفتها الأوركسترا الفلهارمونية، والدخان لا يزال يتراقص مع الضوء، موحياً للعين بأنه الضباب الصافي: الإيطاليون جواكينو روسيني وغايتانو دونيزتي وجاكومو بوتشيني، والأميركي آرون كوبلاند، والفرنسي جول ماسينيه، والنمساوي غوستاف مالر، والألماني جوناثان برامز؛ وسط مرور صور عمرها عقود لم تشهد مرحلة الألوان، أظهرت نساء بالأبيض والأسود تخرّجن من الجامعة على مدى مسيرتها، فبدت بعضهنّ في المختبرات، وأخريات في ملعب كرة المضرب، وبعضهن في المرسم يُضفن اللون إلى اللوحة، وأنامل تتحرّك على «الدكتيلو» ليخرج سردٌ إلى النور.

لم تشارك هبة القواس في التحضير والإشراف والجهد فحسب، بل عزفت لها الاوركسترا «Pleusis No 1, Movement 1»،من تأليفها الموسيقي،  وختمت الحفل بصوتها، فأدّت أغنية «لبنان عُد أملاً»، من تأليفها الموسيقي وكلمات السفير السعودي السابق لدى لبنان الشاعر عبد العزيز خوجة. ارتدت فستانها الأخضر المُتناسق مع الأوشحة على أكتاف كورال المعهد، فإذا به مع ثنائية الأحمر والأبيض في العَلَم الذي تتوسّطه أرزة، يُحقّق التماهي، وينضمّ إلى مزيج الدخان والضوء لاكتمال لحظة العناق الراقص.

هذه الجهود، قابلها ميشال معوّض بالثناء. أمام الحضور على وَقْع التصفيق، منح هبة القواس درع مئوية الجامعة تقديراً لعطاءاتها. ساعتان تقريباً من فرادة الرقيّ الموسيقي، والختام مع وقوف الجميع على المسرح. وجَّهت المُكرَّمة الشكر لهم، وذكرت بالاسم مَن منحوا الاحتفال لمسة فريدة، بينهم التينور الأميركي من أصل لبناني روي حاج، وقد سافر بالحنجرة إلى مساحاتها العليا، مشاركاً الأوركسترا غناء جمَّل النغم. أصواتٌ بين الحضور ردَّدت «برافو» مرات. وفي برنامج الأوركسترا الشرقية بقيادة أندريه الحاج، عُزفت مقطوعات لزياد الرحباني ووليد غلمية ووديع الصافي. ولمزيد من الاحتفاء بالإرث اللبناني، حضر نجله أنطوان الصافي وأطرب الحضور برائعة والده المُتناقَلة مثل أنشودة وطن: «جنات ع مدّ النظر». غنّاها، فحرَّك الحنين؛ وهو يكمن في أعماق مَن غادر ومَن يبقى رغم الأسى. الجميع على المسرح، بينهم رفعت طربيه الذي هدَرَ صوته في الأرجاء وهو يُلقي الأشعار ويقرأ السرد الأدبي بالعربية. مع زلفا شلحت، القارئة بالإنجليزية، شكَّلا خيطاً من نور، باستعادة جبران خليل جبران، والمجد اللبناني، والحقيقة والقيمة والكمال. فالشعر والأدب المُلقيان، من إعداد الشاعر هنري زغيب، منحا القراءات مساحات جمالية التحقت بعراقة المكان وهيبة الإرث لبلوغ الذروة الفنية.


مقالات ذات صلة

مدافن حجرية في السعودية تعيد كتابة تاريخ جزيرة العرب

يوميات الشرق دليل على أن إنسان الجزيرة العربية جعل من الرمز دلالة واضحة للحياة والبعث من جديد (مجلة Herança)

مدافن حجرية في السعودية تعيد كتابة تاريخ جزيرة العرب

قدم الباحثان عيد اليحيى وقصي التُّركي تحليلاً أركيولوجياً، نشرته مجلة «Herança» إحدى أهم المجلات العلمية العالمية المحكّمة ضمن مستوعبات سكوباس.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أشارت بقايا الآثار التي استودعتها الحقب الماضية إلى حجم وقيمة تراث السرين الغنيّ (واس)

«مدينة السرين الأثرية» عمق تاريخي لأكثر من ألفيْ عام

توجد مدينة «السِّرّين» بمحافظة الليث، الواقعة على بُعد 250 كيلومتراً جنوب مكة المكرمة، وتحديداً في السهل الفيضي لوادي «حَلية»

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق الألوان الترابية تغلب على المجموعة المستوحاة من ألوان الصحراء السعودية (الشرق الأوسط)

السعودية عام 1950 تُستعاد بقِطع تُحاكي التاريخ

المجموعة التي يغلب عليها استخدام خامة الجوخ تميّزت قِطعها بألوانها الترابية عبر تدرّجات الرمادي والبني، وهي ألوان مُستلهمة من تفاوت ألوان الصحاري بالسعودية.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق يحتفي المعرض بنتائج رحلتين وحقبتين في السعودية (الشرق الأوسط)

«على خطى ريكمنز» احتفاء بأولى البعثات الاستكشافية لتوثيق التراث السعودي

احتفاءً بأول بعثة استكشافية أثرية في عهد الملك عبد العزيز، سلط معرض «على خطى ريكمنز» الضوء على الرحلة العلمية التي جرت عام 1951، وقطعت آلاف الكيلومترات.

عمر البدوي (الرياض)
الولايات المتحدة​ اللواء ماركوس إيفانز القائد العام للفرقة الخامسة والعشرين للمشاة في الجيش الأميركي (يسار) والرقيب أول شون كاري يؤديان التحية العسكرية خلال مراسم وضع إكليل الزهور لتكريم الجنود الأميركيين الذين لقوا حتفهم خلال الحرب العالمية الثانية بمقبرة مانيلا الأميركية بالفلبين الاثنين (أ.ب)

جنرال أميركي: نشر الصواريخ في الفلبين «مهم للغاية» للاستعداد القتالي

قال جنرال أميركي إن نشر الجيش الأميركي صواريخ متوسطة المدى في شمال الفلبين كان «مهماً للغاية»، وسمح للقوات الأميركية والفلبينية بالتدريب المشترك على استخدامها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

فنانون مصريون أعادهم «موسم الرياض» للمسرح بعد غياب

إسعاد يونس في لقطة من مسرحية «إس إس هانم» (فيسبوك)
إسعاد يونس في لقطة من مسرحية «إس إس هانم» (فيسبوك)
TT

فنانون مصريون أعادهم «موسم الرياض» للمسرح بعد غياب

إسعاد يونس في لقطة من مسرحية «إس إس هانم» (فيسبوك)
إسعاد يونس في لقطة من مسرحية «إس إس هانم» (فيسبوك)

شجعت فعاليات «موسم الرياض» التي تقام راهناً برعاية «الهيئة العامة للترفيه» بالسعودية فنانين مصريين على العودة مجدداً للوقوف على خشبة المسرح بعد غياب دام سنوات.

الفنانة المصرية إسعاد يونس كانت أحدث الفنانين المنضمين للقائمة، حيث بدأت عروض مسرحية «إس إس هانم» التي تقوم ببطولتها، ويستمر عرضها حتى 12 نوفمبر «تشرين الثاني» الحالي على خشبة مسرح «محمد العلي» بالعاصمة السعودية الرياض، وذلك بعد غياب دام 30 عاماً منذ مشاركتها في مسرحية «بالو» منتصف تسعينات القرن الماضي.

المنتج المصري حمادة إسماعيل منتج مسرحية «إس إس هانم» تحدث عن كواليس التعاقد مع إسعاد يونس، التي تصدرت مؤشرات البحث عبر منصة «إكس»، الجمعة، في مصر، مؤكداً أن السبب الرئيسي هو رغبة المستشار تركي آل الشيخ «رئيس الهيئة العامة للترفيه» في منح الفرص لكل النجوم للوجود في مسرحيات «موسم الرياض».

البوستر الدعائي لمسرحية «الصندوق الأحمر» (فيسبوك)

وذكر إسماعيل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أسباب حماسه لإنتاج العرض الذي يشهد عودة إسعاد يونس بعد غياب، ووصفها بأنها «غول مسرح»، مضيفاً: «يشهد على ذلك العروض التي قدمتها من قبل وما زالت راسخة في أذهان الناس مثل (الدخول بالملابس الرسمية)، و(باللو)».

وذكر إسماعيل أن «إسعاد يونس لم تشارك بعروض مسرحية منذ 30 عاماً، ومن الضروري مشاركتها كي يشاهدها الجيل الحالي مباشرة، وكان موسم الرياض، البوابة الترفيهية التي حمستها للعودة مجدداً، كما أنها إعلامية ناجحة، وشاركت مؤخراً بأعمال سينمائية وتلفزيونية، وحققت نجاحاً كبيراً ولها جماهيرية واسعة».

وأكد إسماعيل أن «موسم الرياض يتميز بالمسارح المجهزة على أعلى مستوى من حيث الديكور والإضاءة ومعدات الصوت واستقبال النجوم».

ويؤكد إسماعيل أن «الجمهور السعودي متذوق للفن، ويقدر ويحترم المسرح المصري والفنان المصري، كما أن موسم الرياض منح الفرصة لظهور مخرجين مسرحيين جدد، وإعطاء الفرصة للمخرجين الكبار أيضاً لعرض أعمالهم مثل المخرج خالد جلال والمخرج أحمد الجندي... وغيرهما».

وقبل إسعاد يونس شملت قائمة النجوم العائدين للمسرح مجدداً عبر بوابة «موسم الرياض»، أسماءً عدة من بينهم الفنانة يسرا والتي قدمت مسرحية «ملك والشاطر» بعد غياب 22 عاماً عن المسرح، وكذلك الفنانة ليلى علوي التي قدمت مسرحية «الصندوق الأحمر» بعد غياب 28 عاماً.

كما أطل الفنان أحمد حلمي عبر مسرحيتي «ميمو»، و«تيت» منذ مشاركته في مسرحية «حكيم عيون» قبل 23 عاماً، وهي آخر عمل شارك فيه أيضاً كريم عبد العزيز قبل عودته أخيراً بمسرحية «السندباد» بـ«موسم الرياض».

البوستر الدعائي لمسرحية «تيت» (فيسبوك)

وعاد الفنان أحمد السقا للمسرح من خلال مسرحية «سيدتي الجميلة» بعد غياب 21 عاماً، منذ مشاركته في مسرحية «كده أوكيه»، التي شاركت فيها الفنانة منى زكي أيضاً، وعادت عبر مسرحية «الوش التاني».

وشهدت مسرحية «كازانوفا» عودة الفنان أحمد السعدني بعد غياب دام 14 عاماً منذ تقديمه مسرحية «سكر هانم»، كما عاودت الفنانة هالة صدقي ظهورها مسرحياً عبر مسرحية «صوابع زينب» بعد غياب 30 عاماً، منذ مشاركتها في مسرحية «727» في تسعينات القرن الماضي.

البوستر الدعائي لمسرحية «صوابع زينب» (فيسبوك)

وعن عودتها مجدداً عبر «موسم الرياض» قالت هالة صدقي لـ«الشرق الأوسط»: «تخوفت كثيراً من خشبة المسرح، وشعرت بارتفاع الضغط، لكن سرعان ما تبددت المشاعر لفرحة عارمة، وكانت من أسعد لحظات حياتي لحظة مقابلة الجمهور السعودي والجاليات كافة، واستقبالهم لنا بحماس كبير».

كما نوهت صدقي بعودتها للمسرح مرة أخرى عبر مسرحية «حاوريني يا كيكي» في فعاليات «موسم الرياض»، مطلع شهر ديسمبر «كانون الأول» المقبل.

عاجل «إف.بي.آي» يحبط خطة إيرانية لاستئجار قاتل لاغتيال ترمب (أسوشييتد برس)