لبنان أمام زحمة مبادرات رئاسية

بري لـ«الشرق الأوسط»: التشاور أولاً وثانياً وثالثاً قبل الدعوة لجلسة انتخاب

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (الوكالة الوطنية)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (الوكالة الوطنية)
TT

لبنان أمام زحمة مبادرات رئاسية

رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (الوكالة الوطنية)
رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري (الوكالة الوطنية)

يقف لبنان حالياً أمام زحمة من المبادرات السياسية، بعد أن انضم إليها مؤخراً رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل. وتأتي هذه المبادرات في سياق المحاولات الرامية لإخراج انتخاب رئيس الجمهورية من المراوحة القاتلة، لعلها تعيد فتح الأبواب لإحداث خرق لا بد من التعويل عليه لمنع تمديد تعطيل انتخاب الرئيس، استجابة لدعوة المجتمع الدولي للكتل النيابية لإنهاء الشغور الرئاسي، الذي من شأنه أن يعيد إدراج لبنان على لائحة اهتمامه، كشرط لمساعدته للعبور به إلى مرحلة التعافي الاقتصادي والتهيُّؤ لمواجهة التحديات في المنطقة، مع احتمال إعادة النظر في الخريطة السياسية الإقليمية، لئلا تأتي التسوية على حسابه.

بري: ممر إلزامي

فتحريك الملف الرئاسي برافعة لبنانية، يتطلع من خلالها النواب لتبرئة ذمتهم من تعطيل انتخاب الرئيس، سيبقى مرهوناً بالخلاف بين المعارضة ورئيس المجلس النيابي نبيه بري حول مَنْ يدعو للتشاور ويرعاه ويترأس جلساته، مع تأكيد بري لـ«الشرق الأوسط» أن لا عودة عن التشاور كشرط لدعوة النواب لجلسة لانتخاب الرئيس. وأضاف: «أقول لمن يعنيهم الأمر إن التشاور هو الممر الإلزامي لإنجاز الاستحقاق، وإنه لا بد منه أولاً وثانياً وثالثاً، وأحد عشر كوكباً... وذرائع البعض في رفضه للتشاور ليست في مكانها، وإلا فما هو السبيل لإخراج انتخاب الرئيس من الدوران في حلقة مفرغة، في حين يتمسك البعض بموقفه ولا يبدي استعداداً لتسهيل العملية الانتخابية؟».

وسأل بري: «أين هي مصلحة لبنان في انقطاع البعض عن التواصل الذي يمكن أن يوصلنا إلى توافق حول اسم الرئيس، في ظل الانقسام السياسي الذي بلغ ذروته، وتصاعُد المواجهة جنوباً؟»، مبدياً ارتياحه للبيان الذي صدر عن القمة التي عُقدت بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي جو بايدن حول التهدئة في الجنوب.

تقاطع الظروف

وعليه، فإن زحمة المبادرات والتحركات لن تحقق أي تقدم لتعبيد الطريق سياسياً أمام انتخاب الرئيس، الذي لا يعود إلى الهوة القائمة بين المعارضة وبري حول التشاور، وإنما ربما لعدم نضوج الظروف الخارجية لانتخابه، ما يعني أن تقطيع الوقت لملء الفراغ سيبقى قائماً إلى أن تتقاطع الظروف المحلية والخارجية على ضرورة إنهاء الشغور الرئاسي، علماً أن الحديث عن استعداد قطر لإطلاق مبادرة رئاسية ليس في محله، والتحرك القطري يأتي تحت سقف السعي لمنع إسرائيل من توسعة الحرب جنوباً، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط».

وكشف المصدر أن الجهد القطري ينصب على تهدئة الوضع في الجنوب؛ كونه أكثر من ضروري لتهيئة الأجواء السياسية لتطبيق القرار «1701»، وأن الوسيط الأميركي أموس هوكستين سيحضر فوراً إلى بيروت بعد 24 ساعة على وقف إطلاق النار في غزة، سعياً لتطبيقه.

باسيل نحو الوسطية؟

لذلك، فاستعداد باسيل لإطلاق مبادرته الرئاسية لا يزال في طور الإعداد والتأسيس لها، رغم أنه يبدي استعداده للاستدارة في تموضعه السياسي نحو الوسطية، وهذا ما أبلغه إلى النواب الأعضاء في كتلة «الاعتدال الوطني» عندما استضافهم الأسبوع الماضي إلى مائدته في دارته في اللقلوق، من دون أن يدخل معهم في التفاصيل أو في أسماء المرشحين للرئاسة، باستثناء استبعاده لرئيس تيار «المردة» النائب السابق سليمان فرنجية من السباق الرئاسي، في موقف غلب عليه التشدُّد ويتعارض مع تبني الثنائي الشيعي («حزب الله» و«حركة أمل») لترشيح فرنجية.

ومع أن باسيل حرص على أن يفتتح تحركه بحثاً عن تسوية رئاسية بلقاء البطريرك الماروني بشارة الراعي، على أن يدشنه الاثنين بلقاء يجمعه برئيس المجلس النيابي نبيه بري، فإنه ينطلق في تحركه بالتموضع في منتصف الطريق بين محور الممانعة والمعارضة التي كان تقاطع معها على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور في وجه المرشح فرنجية، وكأنه يقول إنه على استعداد لطي صفحة تقاطعه في هذا الخصوص.

«تطبيع سياسي»

ويحاول باسيل في لقائه ببري أن يستكشف الأجواء، وإنما هذه المرة على قاعدة تعبيد الطريق أمام دخوله في تطبيع سياسي معه، ولو من موقع الاختلاف حول ترشيح فرنجية.

وتستبق مصادر نيابية بارزة لقاء بري - باسيل بتسجيل ارتياحها لمواقف الأخير، وإن كانت تتريث في إطلاق أحكامها النهائية إلى ما بعد انتهاء الاجتماع، ليكون في وسعها أن تبني على الشيء مقتضاه، خصوصاً أنه لا يعترض على التشاور برعاية بري، وإن كان يشترط توفير الضمانات لإعادة فتح أبواب البرلمان أمام انتخاب رئيس للجمهورية.

ويحاول باسيل أن يربط حراكه السياسي بدعوة القوى المسيحية للتوافق على مرشح لرئاسة الجمهورية، رغم أن مصادر في المعارضة تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن دعوته للتوافق تهدف إلى توفيره للغطاء السياسي الأوسع لتحركه نحو بري؛ لأن ما يهمه هو التوصل إلى تسوية بالتفاهم معه، من شأنها أن تؤمن الاستمرارية للإرث السياسي لرئيس الجمهورية السابق ميشال عون، الذي أطلق يده في الإجراءات التي يتخذها لـ«تنظيف» (بالمعنى السياسي للكلمة) «التيار الوطني» من خصومه.

كسب ود «الثنائي الشيعي»

ومع أن أحداً لا يتنكر لدور «التيار الوطني» في انتخاب الرئيس، فإن باسيل يتصرف حالياً في مقاربته للملف الرئاسي، كما تقول المصادر في المعارضة، على أساس كسب ود الثنائي الشيعي تحسباً لدوره في المستقبل، بعد أن أظهرت الانتخابات النيابية الأخيرة أن تحالفه معه كان وراء تكبير كتلته النيابية. لكن لا بد من السؤال عمّا إذا كان تحرك باسيل سينتهي إلى تقطيع الوقت على غرار ما انتهت إليه مبادرة كتلة «الاعتدال» التي ستعاود تحركها، في حين يواصل «اللقاء الديمقراطي»، برئاسة تيمور جنبلاط، مسعاه لإخراج انتخاب الرئيس من المراوحة، وهو سيلتقي اليوم رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل، على أن يتحدث رئيسه النائب تيمور جنبلاط عن خلاصة ما توصل إليه تحركه، علماً أن اللقاء الذي جمعه برئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع تمحور حول ضرورة خفض منسوب التوتر بينه وبين بري؛ لما لذلك من دور في التوصل إلى تسوية، ما يستدعي ضرورة التهدئة على جبهة عين التينة - معراب، في ضوء قول جعجع إن «الجرّة لم تنكسر مع بري».


مقالات ذات صلة

تجار القرى الحدودية يسحبون بضائعهم بمواكبة الجيش اللبناني

المشرق العربي صورة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي لقافلة شاحنات تخلي بضائع من مخازن في ميس الجبل

تجار القرى الحدودية يسحبون بضائعهم بمواكبة الجيش اللبناني

نظّم الجيش اللبناني بالتنسيق مع القوات الدولية عمليات نقل بضائع مخزنة في مستودعات لتجار في مناطق جنوبي الليطاني التي تشهد مواجهات عنيفة بين إسرائيل و«حزب الله»

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي من اجتماع سابق بين رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي ووفد من جمعية المصارف (الوكالة الوطنية)

مقاربة حكومية لبنانية تمدّد أزمة الودائع المصرفية لـ20 عاماً

تكشف التسريبات المتوالية لمضمون الخطة الحكومية لإصلاح المصارف في لبنان، أن أزمة المودعين ستظل مقيمة لأمد يزيد على عِقد كامل لبعض الحسابات وعشرين عاماً لأخرى...

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي مؤسس «التيار الوطني الحر» الرئيس السابق ميشال عون والرئيس الحالي للتيار النائب جبران باسيل (الوكالة المركزية)

لبنان: انتخاب اللجان البرلمانية محطة لتصفية الحسابات بين باسيل وخصومه

يشكل انعقاد الجلسة النيابية في أكتوبر المقبل محطة لاختبار مدى استعداد رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل لتصفية الحسابات مع النواب الخارجين من تياره.

محمد شقير (بيروت)
المشرق العربي مودِع يحطّم واجهة زجاجية لأحد البنوك في الدورة (أ.ب)

تكسير واجهات وإضرام نيران... لبنانيون يعتصمون أمام مصارف للمطالبة بودائعهم (فيديو)

نفّذ عدد من المودعين اعتصامات، الخميس، في العاصمة بيروت وجبل لبنان، أمام عدد من المصارف للمطالبة بالحصول على ودائعهم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي النائب كنعان خلال مؤتمره الصحافي (الوكالة الوطنية للإعلام)

إبراهيم كنعان ينضم إلى الخارجين من «التيار»: لم يبقَ أمامي إلا خيار الاستقالة

انضم النائب إبراهيم كنعان إلى قافلة الخارجين من «التيار» بين مستقيلين ومُقالين، مؤكداً أنه لم يَعُد أمامه إلا الاستقالة، بعد فشل كل المبادرات التي تقدّم بها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«حماس» تحمّل إسرائيل والولايات المتحدة مسؤولية وفاة الرهائن

شخص يسير أمام صور الرهائن الذين اختطف معظمهم خلال هجوم 7 أكتوبر في تل أبيب (رويترز)
شخص يسير أمام صور الرهائن الذين اختطف معظمهم خلال هجوم 7 أكتوبر في تل أبيب (رويترز)
TT

«حماس» تحمّل إسرائيل والولايات المتحدة مسؤولية وفاة الرهائن

شخص يسير أمام صور الرهائن الذين اختطف معظمهم خلال هجوم 7 أكتوبر في تل أبيب (رويترز)
شخص يسير أمام صور الرهائن الذين اختطف معظمهم خلال هجوم 7 أكتوبر في تل أبيب (رويترز)

حمّل عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» اليوم (الأحد)، إسرائيل والولايات المتحدة، المسؤولية عن وفاة الرهائن المحتجزين لدى الحركة.

وقال الرشق: «من يتحمل مسؤولية موت الأسرى لدى المقاومة هو الاحتلال الذي يصر على مواصلة حرب الإبادة الجماعية والتهرب من الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، والإدارة الأميركية بسبب انحيازها ودعمها وشراكتها في هذا العدوان»، حسبما أفادت وكالة «رويترز» للأنباء.

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم (الأحد)، أنه تم العثور في قطاع غزة على جثث 6 رهائن خُطفوا خلال هجوم «حماس» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على الأراضي الإسرائيلية، بما في ذلك جثة الإسرائيلي - الأميركي هيرش غولدبرغ بولين.

واليوم (الأحد)، أكد الجيش الإسرائيلي انتشال جثث 6 رهائن من قطاع غزة، وهم: كارميل غات وإيدن يروشالمي وهيرش غولدبرغ - بولين وألكسندر لوبانوف وألموج ساروسي وأوري دانينو. وقال الجيش عبر تطبيق «تلغرام»، إنه تم انتشال الجثث الست من نفق تحت الأرض في منطقة رفح بمنطقة جنوب قطاع غزة، وتم نقلها إلى إسرائيل.