الاضطرابات في الممرات البحرية تُلقي بظلالها على أمن الطاقة العالمي

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: التجارة العالمية ستجد طريقها... لكن على حساب مَن؟

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس (الموقع الإلكتروني لقناة السويس المصرية)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس (الموقع الإلكتروني لقناة السويس المصرية)
TT

الاضطرابات في الممرات البحرية تُلقي بظلالها على أمن الطاقة العالمي

سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس (الموقع الإلكتروني لقناة السويس المصرية)
سفينة تحمل حاويات تمر عبر قناة السويس (الموقع الإلكتروني لقناة السويس المصرية)

بينما تتجه أنظار العالم إلى البحر الأحمر للوقوف على حركة التجارة في المستقبل، بعد ازدياد الهجمات على السفن العابرة، حذَّر متخصصون وخبراء من التحديات التي تحيط بالممرات المائية في المنطقة، والتي تنعكس بالضرورة على أمن الطاقة حول العالم.

وفي حين يرى البعض أن ما يحدث من اضطرابات في البحر الأحمر، مجرد نتائج لما يحدث في المنطقة من تغيرات جيوسياسية، يربط البعض الآخر هذه التداعيات برؤية مستقبلية مخطط لها سلفاً، نظراً لما تتمتع به المنطقة من ثروات طبيعية.

وعلى وقع استغاثة من سفينة تجارية قبالة سواحل اليمن تعرضت لهجمات صاروخية، الثلاثاء، انطلقت أعمال المؤتمر الدولي الأول «أمن الطاقة من أمن الممرات المائية»، الذي نظَّمه مركز سيف بن هلال لدراسات وأبحاث علوم الطاقة في القاهرة، والذي ركز على الصبغة الجديدة التي تهدد الممرات المائية في المنطقة، مؤكداً أنه لا أمن من دون تنمية، ولا توجد تنمية من دون طاقة، ولا يمكن تصدير الطاقة من دون أمن الممرات المائية.

«الوضع غير مستقر في المنطقة... هناك تحديات جيواستراتيجية ومشكلات اقتصادية وأمنية... آخرها ما يحدث في الممرات المائية، وهو ما قد يهدد استقرار الدول وسيادتها، وثرواتها أيضاً... ما يحدث يعد تحديات شاملة وليست تهديدات في البحر الأحمر فقط... إعادة صياغة المصالح القارية...».

بهذا التحذير بدأ الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية المصري الأسبق، عمرو موسى، الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، مشيراً إلى الاضطرابات التي تشهدها قناة السويس وباب المندب، وأيضاً ما يحدث في البحر الأسود.

وأشار موسى إلى خطورة الطرق البديلة التي تجري دراساتها حالياً من دول متعددة، «ستكون قائمة على مصالح محددة لصالح دول أو دولة محددة... وليس أمن التجارة الدولية».

من جانبه، أكد وزير البترول المصري الأسبق أسامة كمال، أن أهم الممرات المائية في العالم توجد في المنطقة، ودول الخليج تعد أبرز مُنتج ومصدِّر للطاقة في العالم، مما يشير إلى المشكلات التي تحيط بالاقتصاد العالمي، نظراً لأنه «لا توجد تنمية من دون طاقة».

ومع انطلاق أعمال اليوم الثاني من المؤتمر، قالت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري، الثلاثاء، إن المياه تسربت إلى سفينة تجارية قبالة سواحل اليمن ومالت على أحد جانبيها بعد استهدافها بثلاثة صواريخ.

وأضافت «أمبري» أن السفينة أصدرت نداء استغاثة يفيد بتعرضها لأضرار في عنبر التخزين، وأن المياه تتسرب إليها على بُعد نحو 54 ميلاً بحرياً جنوب غربي مدينة الحديدة اليمنية. وتابعت: «حسب نداء الاستغاثة، السفينة تميل على أحد جانبيها».

ويشن الحوثيون المتحالفون مع إيران هجمات متكررة بطائرات مُسيرة وصواريخ في منطقة البحر الأحمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني). ووسَّعوا نطاق هجماتهم لاحقاً إلى المحيط الهندي ضمن ما يقولون إنه تضامن مع الفلسطينيين.

مَن يدفع الثمن؟

يرى حسين القمزي، الخبير الاقتصادي والمالي الإماراتي، أن حركة التجارة العالمية ستجد طريقها دائماً... لكن على حساب مَن؟ مَن سيتحمل زيادة التكاليف؟

وقال القمزي لـ«الشرق الأوسط»، على هامش أعمال المؤتمر، إن أي تأخير في شحن السلع والخدمات يُلقي بظلاله على إيرادات الحكومات والشركات، الذي ينعكس بالتبعية على الأسعار؛ ومع ثبات معدلات الأجور تقل القوة الشرائية للمستهلكين، مما يرفع معدلات التضخم التي تخفض بدورها النمو الاقتصادي الكلي.

«المنطقة موجودة في قلب ديناميكيات التجارة العالمية، إطلالها على الممرات المائية الحاسمة... فهي تتحكم في جزء كبير من حركة التجارة العالمية من ناحية وتجارة الطاقة من ناحية أخرى... وهنا يبرز دور مضيق هرمز وباب المندب وقناة السويس»، وفق القمزي.

وأشار القمزي إلى سفن الشحن التي تنقل النفط والغاز، التي كانت أكبر المتأثرين بهذه الأحداث، نظراً لطريقة الشحن التجاري التي تتَّبعها شركات الشحن الدولي، «تراجعت بنسبة 50 في المائة... وارتفعت تكاليف شركات التأمين عليها».

وأضاف: «يتأثر الاقتصاد العالمي بانعكاس عدم الأمن على أسعار النفط وتحركاته، وعدم استقرار الأسواق، لأن 20 في المائة من النفط العالمي يمر عبر مضيق هرمز... مما يربط الاضطرابات بعواقب اقتصادية عالمية كبيرة».

إلى ذلك، دعا يوسف زين العابدين زينل، الخبير في القانون الدولي البحري، من البحرين، إلى إعادة صياغة الاتفاقية المنظمة للنقل البحري، خصوصاً في الممرات المائية في المنطقة، لضمان أمنها أولاً ثم ضمان نقل سلس لسفن الطاقة والسلع لباقي دول العالم.

وقال زينل لـ«الشرق الأوسط»، إن مضيق هرمز يمثل أهمية كبيرة لدول المنطقة، خصوصاً الخليجية، التي تنقل الطاقة عبر هذا المضيق، ويحيطه نحو 8 دول تُنتج النفط والغاز، محذراً من أن أي اضطرابات في هذا المضيق، ستكون نتائجها كارثية على الدول المحيطة والتي ستنعكس على باقي دول العالم بالتبعية.

وأشار إلى الاعتماد الكبير لدول قارة آسيا، وأبرزها الصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند على النفط الخليجي، و«الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، فلك أن تتخيل تأثرها بعدم وصول النفط الخليجي إليها، حال وقوع أي اضطرابات في الممرات المائية».

ولفت إلى التقارب السعودي - الإيراني، الذي من شأنه ضمان الأمن في المنطقة، ثم الانتقال إلى مراحل متقدمة في التعاون الإقليمي، داعياً طهران إلى الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.


مقالات ذات صلة

الفرقاطة الإيرانية «سهند» تغرق بالكامل رغم جهود إعادة توازنها

شؤون إقليمية صورة نشرتها وسائل إعلام إيرانية لفرقاطة «سهند» الأحد الماضي قبل أن تغرق بالكامل قبالة ميناء بندر عباس

الفرقاطة الإيرانية «سهند» تغرق بالكامل رغم جهود إعادة توازنها

ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن الفرقاطة «سهند» غرقت بالكامل في مياه ضحلة، اليوم الثلاثاء، قبالة مضيق هرمز، بميناء بندر عباس جنوب البلاد.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية قوارب سريعة تابعة لـ«الحرس الثوري» خلال مناورات في جزيرة أبو موسى أغسطس الماضي (تسنيم)

«الحرس الثوري» يعلن استعراضا لـ«الباسيج البحري في محور المقاومة»

أعلن قائد بحرية «الحرس الثوري» علي رضا تنغسيري عن استعراض لـ«الباسيج البحري» في «دول محور المقاومة» الجمعة المقبل، لافتاً إلى أن قواته ستشارك بـ3 آلاف سفينة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية سفينة حربية للجيش الإيراني على متنها مسيّرات خلال تدريبات بالمحيط الهندي في يوليو 2022 (أ.ف.ب)

سفن حربية روسية ـ صينية ـ إيرانية لمناورات مشتركة في خليج عمان

أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن مجموعة من السفن الحربية الروسية وصلت إلى إيران لإجراء مناورات عسكرية مع إيران والصين في خليج عمان وبحر العرب.

«الشرق الأوسط» (موسكو - طهران)
شؤون إقليمية الناقلة «أدفانتدج سويت» المحتجزة لدى إيران، أثناء إبحارها بالقرب من إسطنبول في يناير العام الماضي (رويترز)

إيران تقرر مصادرة شحنة ناقلة نفط أميركية محتجزة

ستصادر إيران ما قيمته 50 مليون دولار تقريبا من النفط الخام من الناقلة «أدفانتج سويت» التي احتجزها الجيش الإيراني العام الماضي في مضيق هرمز.

شؤون إقليمية مسيّرات من طراز «شاهد» على متن سيارة رباعية الدفع على هامش مظاهرة ذكرى الثورة الأسبوع الماضي (فارس)

«الحرس الثوري» يُلوح بضرب أهداف متحركة في البحار

حذر مسؤول حكومي إيراني واشنطن من احتجاز سفن إيرانية، في وقت قال مسؤول البرنامج الصاروخي في «الحرس الثوري» إن بلاده قادرة على ضرب أهداف متحركة في أعالي البحار.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

الجزائر تحصل على تفويض للانضمام إلى بنك التنمية التابع لـ«بريكس»

جانب من الاجتماع السنوي التاسع لمجلس محافظي بنك التنمية الجديد المنعقد بمدينة كيب تاون (الشرق الأوسط)
جانب من الاجتماع السنوي التاسع لمجلس محافظي بنك التنمية الجديد المنعقد بمدينة كيب تاون (الشرق الأوسط)
TT

الجزائر تحصل على تفويض للانضمام إلى بنك التنمية التابع لـ«بريكس»

جانب من الاجتماع السنوي التاسع لمجلس محافظي بنك التنمية الجديد المنعقد بمدينة كيب تاون (الشرق الأوسط)
جانب من الاجتماع السنوي التاسع لمجلس محافظي بنك التنمية الجديد المنعقد بمدينة كيب تاون (الشرق الأوسط)

قالت رئيسة بنك التنمية التابع لمجموعة «بريكس»، ديلما روسيف، السبت، إن الجزائر حصلت على تفويض للانضمام إلى البنك.

وكانت مجموعة «بريكس» قد أسست البنك التنموي متعدد الأطراف في عام 2015. وأنشأت الدول المؤسسة لمجموعة «بريكس» (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) «بنك التنمية الجديد». وضمّت مجموعة «بريكس» السعودية والإمارات ومصر وإيران والأرجنتين وإثيوبيا إلى عضويتها بدءاً من الأول من يناير (كانون الثاني) 2024.

ووافق البنك على ضم بنغلادش ومصر والإمارات والأوروجواي في 2021 في إطار حملة للتوسع.

وذكرت ديلما روسيف لصحافيين على هامش الاجتماع السنوي التاسع للبنك، في كيب تاون: «نجري عملية للسماح بضم أعضاء جدد إلى البنك... وحصلت الجزائر على تفويض لتصبح عضواً في البنك».