كيف باعدت حرب غزة بين أوروبا وإسرائيل؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
TT

كيف باعدت حرب غزة بين أوروبا وإسرائيل؟

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

سلّط قرار إسبانيا وآيرلندا والنرويج بشأن الاعتراف بالدولة الفلسطينية الضوء على التحول الكبير في سياسة بعض الدول الأوروبية تجاه إسرائيل بعد حرب غزة.

وأعلنت هذه الدول الثلاث اعترافها بالدولة الفلسطينية، أمس (الأربعاء)، في قرار رحبت به السلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي ودول عربية، بينما رفضته إسرائيل واعتبرت الولايات المتحدة أنه لا يخدم حل الدولتين.

وقد أعرب عدد من الحكومات الأوروبية عن دعمها للمحكمة الجنائية الدولية هذا الأسبوع، بعد أن طلبت إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، فضلاً عن عدد من زعماء «حماس».

وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، فإن الدول الأوروبية تواجه ضغوطاً دولية ومحلية متزايدة لحملها على اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد تعامل إسرائيل مع فلسطين، خصوصاً الحرب المدمرة في غزة.

ومن بين أعضاء الاتحاد الأوروبي، وقفت السويد، التي تضم جالية فلسطينية كبيرة، وحدها طوال عقد من الزمان في الاعتراف بالدولة الفلسطينية. فقد كانت أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي في أوروبا الغربية تعترف بدولة فلسطين عام 2014.

تغير الموقف الأوروبي بعد الحرب

منذ فترة طويلة، دعمت العديد من دول أوروبا «حل الدولتين» الذي تعارضه الحكومة الإسرائيلية بثبات، وأعربت عن إحباطها من تعامل إسرائيل مع قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، لكن معظم الدول لم تكن راغبة في اتخاذ أي موقف أبعد من ذلك.

وبدلاً من ذلك، كان الاتحاد الأوروبي، قبل الحرب، يقترب أكثر من إسرائيل، من خلال شراكات مهمة مالياً وسياسياً وتجارياً وعلمياً.

إلا أن الحرب والطريقة التي تطورت بها تسببت في تغير موقف الكثير من الدول الأوروبية تجاه إسرائيل، وأدت إلى تباعد كبير بينهما.

وتضاءل التعاطف والدعم الذي أظهرته أوروبا تجاه إسرائيل بعد هجمات 7 أكتوبر (تشرين الأول) مع استمرار الحرب، وتدهور الوضع الإنساني في غزة، وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا وإجبار معظم سكان غزة على الفرار من منازلهم.

واتخذت آيرلندا وإسبانيا، العضوان في الاتحاد الأوروبي، والنرويج، الدولة المتحالفة بشكل وثيق مع الكتلة، موقفاً أكبر من مجرد الدعم الشكلي للقضية الفلسطينية أمس (الأربعاء)، بقرارها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو القرار الذي ينظر إليه الخبراء والمحللون العسكريون على أنه «توبيخ حاد لإسرائيل».

وإذا حذا المزيد من جيران هذه الدول حذوها، فقد يصبح الاتحاد الأوروبي ثِقَلاً موازناً رئيسياً للموقف الأميركي الذي يرى أن تحقيق «حل الدولتين» ينبغي أن يمر عبر إجراء مفاوضات مباشرة بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي. ومن شأن ذلك أن يعمق الصدع بين أوروبا وإسرائيل.

وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، أمس (الأربعاء)، في مؤتمر صحافي: «لقد رأينا بالتأكيد مجموعة متزايدة من الأصوات، بما في ذلك الأصوات التي كانت في السابق تدعم إسرائيل، تنجرف في اتجاه آخر».

وأضاف: «هذا يثير قلقنا لأننا لا نعتقد أن ذلك يسهم في أمن إسرائيل وبقائها على المدى الطويل».

من جهتها، قالت الرئاسة الفلسطينية إن الرئيس محمود عباس عبر عن أمله في أن يكون اعتراف آيرلندا وإسبانيا والنرويج بالدولة الفلسطينية «مقدمة لاعتراف مزيد من الدول الأوروبية». وقال مسؤول السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إنه سيعمل «بلا هوادة مع جميع الدول الأعضاء من أجل موقف مشترك للاتحاد الأوروبي على أساس حل الدولتين».

حلفاء إسرائيل

لا يزال لدى إسرائيل حلفاء أقوياء داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة المجر وجمهورية التشيك وألمانيا.

وعندما طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، يوم الاثنين، إصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، قالت معظم الدول الأوروبية إنها تحترم استقلال المحكمة، على الرغم من أنها لم تصل إلى حد اتخاذ موقف علني بشأن هذه الخطوة.

إلا أن رئيس وزراء التشيك بيتر فيالا وصف طلب المدعي العام بأنه «مشين وغير مقبول على الإطلاق»، بينما وصف رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان ذلك بأنه «سخيف ومخزٍ».

الموقف الألماني

قد يتنبأ تطور الموقف الألماني بتغير اتجاه علاقات الاتحاد الأوروبي مع إسرائيل في المستقبل. فألمانيا هي أكبر عضو في الكتلة وقد أعربت منذ فترة طويلة عن التزام فريد تجاه إسرائيل نتيجة لتاريخها النازي والمحرقة.

لقد أعلنت برلين تأييدها الشديد لإسرائيل في أعقاب الهجمات التي شنتها «حماس» على إسرائيل في أكتوبر الماضي. لكنها الآن تنتقد بشكل أكثر صراحة الطريقة التي تدير بها إسرائيل الحرب، وقد دعت إلى وقف فوري لإطلاق النار، معارضة بذلك إسرائيل والولايات المتحدة.

وفي مؤتمر صحافي في برلين، لم تشر كاترين ديشاور، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية، إلى أي تغيير في موقف بلادها عندما سئلت عن اعتراف إسبانيا وآيرلندا والنرويج بفلسطين.

وقالت إن «إقامة دولة فلسطين المستقلة تظل هدفاً ثابتاً للسياسة الخارجية الألمانية». وأضافت أنها مسألة ملحة، لكنها يجب أن تأتي نتيجة «لعملية حوار» بين فلسطين وإسرائيل.


مقالات ذات صلة

الحرب على غزة ودمارها الموضوع الرئيسي بقداس منتصف الليل في بيت لحم

المشرق العربي جانب من قداس منتصف الليل في بيت لحم (إ.ب.أ)

الحرب على غزة ودمارها الموضوع الرئيسي بقداس منتصف الليل في بيت لحم

خيَّمت الحرب المدمرة في قطاع غزة على قداس منتصف الليل في بيت لحم الذي ترأسه بطريرك القدس للاتين الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا.

«الشرق الأوسط» (بيت لحم)
تحليل إخباري جنود روس يتدربون على استخدام دبابة من طراز «تي-72» قبيل التوجه إلى الجبهة (رويترز)

تحليل إخباري نودّع الحرب... ونستعدّ للحرب القادمة

كيف تتصرّف الأمم الصغيرة عند التحوّلات الكبرى؟ ما معنى العقلانية والواقعية السياسيّة في ظل الزلازل الجيوسياسيّة؟

المحلل العسكري
شؤون إقليمية وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس (إ.ب.أ)

إسرائيل تقر لأول مرة بمسؤوليتها عن اغتيال إسماعيل هنية في طهران

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس أن بلاده اغتالت رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، في الصيف الماضي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً في موقع غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مقتل 5 في غارة جوية على منزل بمخيم النصيرات وسط غزة

قال مسعفون لـ«رويترز»، اليوم السبت، إن خمسة أشخاص، بينهم طفلان، قتلوا في غارة جوية إسرائيلية على منزل بمخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي صورة وزعها الحوثيون لحظة إطلاق صاروخ باليستي باتجاه إسرائيل (رويترز)

تقرير: ثغرة في نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي وراء الفشل في اعتراض صاروخ الحوثي

قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إن الفشل الأخير في اعتراض الصواريخ اليمنية التي تستهدف إسرائيل قد يكون مرتبطاً بضعف في نظام الدفاع الجوي.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات تستهدف «أسطول الظل» الروسي

صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)
صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات تستهدف «أسطول الظل» الروسي

صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)
صورة أصدرها حرس الحدود الفنلندي أمس تُظهر سفينة تابعة له خلال مهمة حراسة ناقلة نفط في البحر (أ.ف.ب)

توعد الاتحاد الأوروبي، اليوم (الخميس)، بفرض مزيد من العقوبات على السفن الروسية بعد أن أعلنت السلطات الفنلندية فتح تحقيق يتعلق بـ«تخريب» ناقلة نفط أبحرت من ميناء روسي كابلاً كهربائياً يصل بين فنلندا وإستونيا، حسبما أفادت وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي يوم عيد الميلاد، انفصل كابل «استلينك 2» البحري الذي ينقل الكهرباء من فنلندا إلى إستونيا عن الشبكة، بعد نحو شهر من قطع كابلين للاتصالات في المياه الإقليمية السويدية في بحر البلطيق.

وأثنت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، على التحرك السريع لفنلندا «في الصعود على متن السفينة المشتبه بها»، مشيرةً إلى أن التكتل «يعمل مع السلطات الفنلندية بشأن التحقيق الجاري».

كايا كالاس مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي خلال اجتماع في بروكسل (أ.ف.ب)

وأضافت كالاس في بيان مشترك: «نُدين بشدة أي تدمير متعمَّد للبنية التحتية الحيوية في أوروبا. السفينة المشتبه بها جزء من أسطول الظل الروسي الذي يهدد الأمن والبيئة فيما يموّل ميزانية الحرب الروسية».

وتابع البيان: «سنقترح مزيداً من الإجراءات بما في ذلك العقوبات لاستهداف هذا الأسطول».

و«أسطول الظل» هي التسمية التي تطلق على السفن التي تتحايل على العقوبات المفروضة على موسكو بنقل النفط الروسي الخام المحظور بيعه.

سفينة الشحن الروسية «أورسا ميجور» تعبر مضيق البوسفور في إسطنبول بتركيا 4 ديسمبر 2023 (رويترز)

ووقعت عدة حوادث مماثلة في بحر البلطيق منذ الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022.

وأكد الاتحاد الأوروبي رداً على هذه الحوادث أنه يعزز «جهود حماية الكابلات البحرية، بما في ذلك تبادل المعلومات وتقنيات الكشف الجديدة وكذلك قدرات إجراء إصلاحات تحت سطح البحر».

واتفقت دول الاتحاد الأوروبي في وقت سابق من هذا الشهر على إدراج نحو 50 ناقلة نفط أخرى في القائمة السوداء من «أسطول الظل» الروسي، في إطار الحزمة اﻟ15 من عقوبات التكتل على موسكو.