محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا تحيي أهوال الحرب العالمية الأولى

«المشروع الأوروبي» يواجه 3 تحديات كبيرة

صورة للحظة إطلاق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا في 15 مايو (أ.ف.ب)
صورة للحظة إطلاق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا في 15 مايو (أ.ف.ب)
TT

محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا تحيي أهوال الحرب العالمية الأولى

صورة للحظة إطلاق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا في 15 مايو (أ.ف.ب)
صورة للحظة إطلاق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا في 15 مايو (أ.ف.ب)

ليست محاولات اغتيال الرؤساء أمراً عابراً في المشاهد السياسية، خاصة في منطقة يتراكم فيه التاريخ بكثافة شديدة مثل أوروبا الوسطى. وكثيرة هي أهوال القرن الماضي التي كانت شرارتها الاغتيالات السياسية، مثل اغتيال أرشيدوق النمسا وزوجته في سارايفو مطلع صيف عام 1914 الذي أطلق شرارة الحرب العالمية الأولى التي غيّرت وجه أوروبا والعالم؛ إذ كانت هي الرحم التي تولّدت منها الحركة النازية، التي من دونها ما قامت الثورة البلشفية في روسيا.

في تلك المرحلة، لم يكن قادة أوروبا يدركون تمام الإدراك أن أفعالهم وقراراتهم ستدفع العالم نحو هاوية الدمار، لكنهم عندما تبيّنوا فداحة الأحداث التي تسببوا بها، كان قد فات الأوان واشتعلت النيران في أرجاء القارة التي لم تخمد إلا بعد أن أسلمت قيادها للقطبين اللذين أشعلا الحرب الباردة بعد ذلك طوال عقود.

مؤشرات حرب؟

والأحداث التي تشهدها أوروبا منذ فترة، وكان آخرها محاولة اغتيال رئيس الوزراء السلوفاكي، تدفع إلى التساؤل حول ما إذا كانت القارة الأوروبية تعيش فترة شبيهة بتلك التي شهدتها عشيّة اندلاع الحرب العالمية الأولى، خاصة أن كثيرين في أوروبا باتوا يعتقدون أن الأبواب مفتوحة على كل الاحتمالات، بما في ذلك نشوب حرب واسعة مع روسيا.

رئيس وزراء سلوفاكيا روبرت فيكو في 21 مارس (أ.ف.ب)

المعلومات المتوفرة حتى الآن ليست كثيرة عن محاولة اغتيال رئيس الوزراء الشعبوي روبرت فيكو، صاحب المسار السياسي المعقد وحليف المجري فكتور أوربان المعروفة ميوله الروسية ومعارضته لسياسة الاتحاد الأوروبي بشأن الحرب في أوكرانيا.

في عام 1986، اغتيل رئيس الوزراء السويدي أولاف بالم، وانتظر العالم أربعة عشر عاماً قبل أن يلفظ القضاء حكمه بتثبيت التهمة على رجل كانت مرّت سنوات على وفاته. بالم كان من مؤسسي التيّار الاشتراكي الديمقراطي في أوروبا، ورمزاً للنزاهة في السياسة، تترافد في شخصيته كل تيارات تلك المرحلة ومكائدها، في الاتجاه المعاكس لشخصية رئيس الوزراء السلوفاكي.

3 تحديات أوروبية

لا بد من التساؤل اليوم، في الوقت الذي تسرح فيه شبكات التجسس الروسية في طول القارة وعرضها: ما الذي يجنيه الكرملين من هذا المخاض الذي تعيشه أوروبا اليوم؟

يحصل في زمن الأسئلة الصعبة والتحديات الكبرى أمام المشروع الأوروبي: الاتحاد متأخر جداً في سباق الثورة التكنولوجية عن الصين والولايات المتحدة، ولا أحد يأخذ الأوروبيين على محمل الجد بوصفهم طرفاً فاعلاً في السياسة الخارجية؛ لأن الدول الأعضاء عاجزة عن الاتفاق حول الحرب في أوكرانيا، وفي غزة، وحول الدور الذي يجب أن تلعبه أوروبا في الصراع المحتدم بين واشنطن وبكين للهيمنة على العالم.

تحديات ثلاثة أساسية، لكنها غائبة تماماً عن النقاش الدائر حول الانتخابات الأوروبية، والذي يكاد يقتصر بشكل كلّي على الهواجس الناشئة عن صعود الموجة اليمينية المتطرفة والتيارات الشعبوية.

إلى جانب ذلك، أسفر تعاقب الأزمات على الاتحاد الأوروبي منذ خمسة عشر عاماً عن حالة غير مسبوقة من الفوضى السياسية، حيث تولّدت من كل الأزمات الاقتصادية أزمات سياسية كبرى ما زالت حلولها مستعصية. وفي الشرق الأوروبي، تتنامى التيارات التوتاليتارية، وخطابات الحقد، وقمع الأصوات المعارضة، ومنع القضاء من ممارسة صلاحياته باستقلالية وحياد، بعد أن أصبحت السيادة الوطنية مرادفاً لقدرة القيادات على الصمود في وجه الضغوط للتكيّف مع الفكر الغربي.

كل ذلك يحصل، ويتنامى بسرعة، فيما وصلت عدة أحزاب يمينية متطرفة إلى الحكم في أكثر من دولة، والمملكة المتحدة خارج النادي الأوروبي، حتى جاءت الآن محاولة اغتيال رئيس الوزراء السلوفاكي لتشعل القلق في منطقة ما زال جمر الصراعات متقداً تحت رمادها. قلق كان حتى الآن سلمياً، لكن البؤس عادة يولد من الرغبة فيما نملكه ولم نخسره بعد.


مقالات ذات صلة

جعجع يطالب «حزب الله» بوقف الحرب

المشرق العربي  جعجع في احتفال «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية» (القوات اللبنانية)

جعجع يطالب «حزب الله» بوقف الحرب

طالب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، «حزب الله»، بـ«وقف الحرب العبثية التي لا طائل منها». وقال جعجع في «ذكرى شهداء المقاومة اللبنانية»

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص طائرة أميركية تحلق فوق سفينة سوفياتية خلال أزمة الصواريخ الكوبية (أرشيفية - بي بي سي)

خاص علّمته الرماية فَلَمّا اشتدّ ساعده...

عندما تكبر المساحة تضعُف القوّة. من هنا نبتكر الاستراتيجيات لمزج الأهداف بالوسائل المتوفرة. لكن ابتكار الاستراتيجيات يخلق بحدّ ذاته مشكلات جديدة لم نكن نتوقّعها

المحلل العسكري
أوروبا مئات الآلاف يتجمعون عندما تم رفع العلم الفيدرالي الأسود والأحمر والذهبي أمام مبنى البرلمان الألماني في 3 أكتوبر 1990 مع إعادة توحيد ألمانيا... شكّل سقوط جدار برلين في 9 نوفمبر خطوة كبيرة نحو إعادة توحيد البلاد (الصورة من الأرشيف الفيدرالي الألماني)

«9 نوفمبر»... كيف أصبح يوماً فاصلاً في تاريخ ألمانيا الحديث؟

9 نوفمبر... يوم مصيري في تاريخ ألمانيا حمل معه أحداثاً كبرى رسمت معالم حقبات سياسية جديدة ومستقبل شعوب. من قيام جمهورية، إلى مذبحة ضد اليهود، فسقوط جدار برلين.

شادي عبد الساتر (بيروت)
العالم أستراليا تعثر على حطام سفينة غرقت إبان الحرب العالمية الثانية

أستراليا تعثر على حطام سفينة غرقت إبان الحرب العالمية الثانية

قال وزير الدفاع الأسترالي ريتشارد مارلز، اليوم السبت، إنه تم العثور في بحر الصين الجنوبي على حطام سفينة تجارية يابانية كانت قد غرقت إبان الحرب العالمية الثانية وعلى متنها 864 جندياً أسترالياً، مما يغلق فصلاً مأساوياً من تاريخ البلاد. وأضاف الوزير الأسترالي أنه تم اكتشاف حطام السفينة «مونتيفيديو مارو» شمال غربي جزيرة لوزون الفلبينية. وكانت السفينة التي لا تحمل أي علامات تنقل أسرى حرب وفُقدت منذ إغراقها قبالة سواحل الفلبين في يوليو (تموز) 1942. وكان قد تم إغراقها بواسطة غواصة أميركية دون أن تعلم أنها تنقل أسرى حرب.

«الشرق الأوسط» (سيدني)
العالم استُخدمت بالونات المراقبة على نطاق واسع خلال الحرب العالمية الأولى (ويكيبيديا)

لماذا تستخدم الصين منطاداً للتجسس؟

أثار «منطاد للمراقبة على ارتفاعات عالية» تم العثور عليه في المجال الجوي للولايات المتحدة، والذي يشتبه أن تكون أرسلته الصين، مخاوف لدى واشنطن، لكن هذه ليست المرة الأولى التي تُنشر فيها بالونات تجسس من جانب الدول لجمع معلومات عن أعدائها؛ إذ تم استخدامها للمرة الأولى في عام 1794 خلال معركة فلوروس في حرب التحالف الأول. وأعلن البنتاغون أمس (الخميس) أنه يرصد تحركات منطاد تجسس صيني يحلق على ارتفاع شاهق فوق الأراضي الأميركية ومواقع عسكرية حساسة، قائلاً إنه لا يشكل أي تهديد مباشر.

يسرا سلامة (القاهرة)

السجن مدى الحياة لجنديين روسيين قتلا عائلة أوكرانية

عناصر من قوات الشرطة الروسية بالقرب من مركز الاعتقال الذي شهد حادث احتجاز رهينتين في روستوف أون دون 16 يونيو (حزيران) 2024 (أ.ب)
عناصر من قوات الشرطة الروسية بالقرب من مركز الاعتقال الذي شهد حادث احتجاز رهينتين في روستوف أون دون 16 يونيو (حزيران) 2024 (أ.ب)
TT

السجن مدى الحياة لجنديين روسيين قتلا عائلة أوكرانية

عناصر من قوات الشرطة الروسية بالقرب من مركز الاعتقال الذي شهد حادث احتجاز رهينتين في روستوف أون دون 16 يونيو (حزيران) 2024 (أ.ب)
عناصر من قوات الشرطة الروسية بالقرب من مركز الاعتقال الذي شهد حادث احتجاز رهينتين في روستوف أون دون 16 يونيو (حزيران) 2024 (أ.ب)

قضت محكمة روسية بسجن جنديين مدى الحياة بعد إدانتهما بتهمة قتل عائلة مكونة من تسعة أشخاص في منزلها في إحدى المناطق المحتلة من أوكرانيا، وفق ما ذكرت وسائل إعلام رسمية، الجمعة.

وقال الادعاء الروسي إنه في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، دخل الجنديان الروسيان أنطون سوبوف وستانيسلاف راو منزل عائلة كابكانيتس في مدينة فولنوفاخا، وأطلقا النار ببنادق مزودة بكواتم صوت على أفراد العائلة التسعة الذين كانوا يعيشون هناك، وبينهم طفلان يبلغان خمس وتسع سنوات.

ونقلت وكالة «تاس» الحكومية للأنباء، عن مصدر أمني لم تسمه، أن المحكمة العسكرية للمنطقة الجنوبية في روستوف أون دون حكمت على الجنديين بالسجن مدى الحياة بتهمة القتل الجماعي «بدافع الكراهية السياسية أو العقائدية أو العنصرية أو الوطنية أو الدينية».

وأثار الحادث ضجة في أوكرانيا. وزعمت كييف في ذلك الوقت أن جنوداً روساً قتلوا أفراد العائلة وهم نيام بعد رفضهم الخروج من المنزل والسماح للجنود الروس بالعيش فيه، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». وقال مسؤول حقوق الإنسان في أوكرانيا دميتري لوبينيتس، بعد يوم من جريمة القتل، إن «المحتلين قتلوا عائلة كابكانيتس التي كانت تقيم حفل عيد ميلاد لرفضها التخلي عن منزلها».

واستولت القوات الروسية على مدينة فولنوفاخا في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا في بداية هجومها العسكري الشامل، وقد تعرضت المدينة للتدمير جراء القصف المدفعي. واتُّهم جنود روس بقتل مدنيين مرات عدة في البلدات والمدن الأوكرانية التي احتلوها منذ فبراير (شباط) 2022.

ونفت موسكو استهداف المدنيين، وحاولت الادعاء بأن التقارير عن الفظائع في أماكن مثل بوتشا كانت مزيفة، على الرغم من توافر أدلة من مصادر مستقلة متعددة. ويعد الحكم في هذه القضية مثالاً نادراً على اعتراف روسيا بجريمة ارتكبتها قواتها في أوكرانيا. ولم تذكر وسائل الإعلام الرسمية الدافع وراء جريمة القتل.

وأشارت وكالة «تاس» إلى أن الأمر ربما كان «نزاعاً داخلياً»، في حين قالت كل من إذاعة أوروبا الحرة المستقلة، وصحيفة «كوميرسانت» التجارية، إن الأمر ربما كان مرتبطاً بنزاع حول الحصول على الفودكا. وعقدت المحاكمة في جلسة سرية مغلقة.

وأفادت إذاعة «أوروبا الحرة» المستقلة بأن راو (28 عاماً) وسوبوف (21 عاماً) كانا مرتزقين لصالح منظمة «فاغنر» شبه العسكرية قبل الانضمام إلى الجيش الرسمي لروسيا. وقالت إنهما تلقيا جوائز من الدولة قبل بضعة أشهر من ارتكابهما جريمة القتل الجماعي.