الانتخابات الأميركية: ترمب وبايدن يحشدان لـ«معركة 6 أشهر»

استطلاعات الرأي تؤكد تقارب حظوظهما... وعين الحملتين على 6 ولايات متأرجحة

تظهر استطلاعات الرأي تقارباً بين ترمب وبايدن في السباق الرئاسي (أ.ب)
تظهر استطلاعات الرأي تقارباً بين ترمب وبايدن في السباق الرئاسي (أ.ب)
TT

الانتخابات الأميركية: ترمب وبايدن يحشدان لـ«معركة 6 أشهر»

تظهر استطلاعات الرأي تقارباً بين ترمب وبايدن في السباق الرئاسي (أ.ب)
تظهر استطلاعات الرأي تقارباً بين ترمب وبايدن في السباق الرئاسي (أ.ب)

6 أشهر تفصل الولايات المتحدة عن الانتخابات الرئاسية والتشريعية، تحتدم خلالها المواجهة بين المتنافسين الأساسيين الرئيس الحالي جو بايدن وسلفه دونالد ترمب، فاستطلاعات الرأي تُظهر تقارباً حاداً بين المرشحين في قضايا أساسية تهم الناخب الأميركي، في إشارة إلى سباق محموم قد تحسم فيه النتيجة بفارق ضئيل من شأنه أن يعزز الانقسامات الموجودة في الشارع الأميركي والكونغرس، وأن يتسبب بتكرار سيناريو رفض نتائج الانتخابات.

وبالتزامن مع السباق، تأتي محاكمة ترمب في نيويورك مصحوبة بعاصفة «ستورمي دانيالز» لتصب الزيت على نار التجاذبات الحزبية، التي بلغت ذروتها في تهديد جديد بعزل رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون.

يستعرض برنامج تقرير واشنطن، وهو ثمرة تعاون بين «الشرق الأوسط» و«الشرق»، دلالات أرقام الاستطلاعات وتلويح الرئيس السابق باحتمال رفضه نتائج الانتخابات في حال فوز بايدن، بالإضافة إلى الانقسامات الحزبية مع عودة قضية عزل رئيس مجلس النواب إلى الواجهة.

بايدن في حدث انتخابي بويسكنسن في 2 مايو 2024 (رويترز)

استطلاعات الرأي والسباق المتقارب

تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة تقارباً في شعبية ترمب وبايدن، وتأرجحاً في مواقف الناخب الأميركي من ملفات جوهرية كالاقتصاد والهجرة والدفاع عن الديمقراطية، ما يدل على سابق متقارب للغاية بين المرشحين.

وتقول لورن بيلور، المديرة المساعدة في جمعية «بروسبيرتي ناو» إن هذه الأرقام لا تفاجئها، لأنها تظهر أن «النتيجة تتغير باستمرار»، مشيرة إلى أنه سيكون هناك مزيد من الاستطلاعات المماثلة التي «لا تُشكّل مؤشراً دقيقاً في هذه المرحلة، لكنها ستلعب دوراً في تحديد الثغرات التي ينبغي التطرّق إليها في دورة الانتخابات حتى نوفمبر». وتضيف بيلور أن «الأرقام لا تفاجئني أبداً مع موقف إدارة بايدن الأخير فيما يتعلّق بإسرائيل وفلسطين؛ فهذا سيلعب دوراً كبيراً وأساسياً في المعركة الانتخابية».

أنصار ترمب في مواجهة مع شرطة الكابيتول في 6 يناير 2021 (أ.ب)

ومن ناحيته، يتحدث دانيال ليبمان، مراسل البيت الأبيض في صحيفة «بوليتيكو»، عن اهتمام الناخب الأميركي بقضية حماية الديمقراطية التي يتعادل فيها كل من ترمب وبايدن، وفق استطلاع لشبكة «إي بي سي» بالتعاون مع «إبسوس»، وقال إن «الديمقراطيين والجمهوريين مهتمون بالقضية لأسباب مختلفة؛ فالديمقراطيون يخشون من أن عودة ترمب إلى الرئاسة ستعني نهاية الديمقراطية، أما الجمهوريون فيشككون بـ(نزاهة الانتخابات)، وهم لا يعتقدون أن جو بايدن رئيس شرعي».

لكن هال لامبرت، العضو السابق في لجنة تنصيب ترمب، يرى أن الملفين الأساسيين اللذين يُهمّان الناخب الأميركي هما الاقتصاد والهجرة، مشيراً إلى عدم رضا الناخب عن أداء بايدن فيهما، وهو «أمر كارثي» بالنسبة للرئيس الأميركي. وأضاف لامبرت: «سيُحسم السباق في الولايات الست المتأرجحة، وهي أريزونا ونيفادا وويسكونسن وميتشيغان وبنسلفانيا ونيوهامبشير».

ويشير لامبرت إلى أن الديمقراطيين يسعون لتسليط الضوء على قضية الإجهاض، «لكن ذلك لا يصبّ في مصلحتهم، لأن هناك أحداثاً كثيرة في الشرق الأوسط أو متعلقة بالاقتصاد». ويرى لامبرت أن بايدن «يائس»، إذ يسعى لـ«شراء أصوات» الناخبين دون الثلاثين من العمر من خلال العفو عن القروض الطلابية. وأضاف: «إذا نظرنا إلى قاعدته، التي لا تدعمه في قضية إسرائيل وفلسطين، نراه يتأرجح في مواقفه، ويتخذ قرارات مختلفة كل يوم لأن قاعدته لا تدعمه في هذه القضية».

ومن ناحيته، يرى ليبمان أن مشكلة بايدن الأساسية في جذب الناخبين تتعلق بأدائه، مشيراً إلى أنه «غير واثق بنفسه، ويتلعثم، كما أنه لا يشارك في فعاليات كثيرة». كما تحدث عن تأثير حرب غزة الكبير على الفعاليات الانتخابية، قائلاً: «لقد اضطر فريق بايدن إلى تقليص الفعاليات بسبب الاحتجاجات الموالية لفلسطين. (...) فنقلوا المناسبات إلى أماكن أصغر، وهذا يؤدي إلى عدم الوصول إلى أغلبية الناخبين المتأرجحين». كما ذكر ليبمان نقطة اختلاف مهمة بين انتخابات 2020 وانتخابات هذا العام، حيث كانت عملية التصويت أسهل في الانتخابات السابقة بسبب جائحة «كورونا»، إذ تمكّن الأميركيون من التصويت من منازلهم، بينما هذا العام سيتوجب عليهم التوجه إلى صناديق الاقتراع، الأمر الذي قد يدفع البعض لعدم التصويت.

ترمب خلال محاكمته في قضية «اموال الصمت» في 9 مايو 2024 (رويترز)

ترمب: محاكمات وتهديدات

بالتزامن مع السباق الانتخابي، يمثل ترمب أمام محكمة نيويورك في قضية «أموال الصمت»، ويغيب عن الأحداث الانتخابية. لكن هذا لم يؤثر في آراء مناصريه. وتشير بلور إلى أن قاعدة ترمب الانتخابية لن تتأثر مهما كانت القضايا التي يواجهها، مشددة على أهمية أن يرسم الحزب الديمقراطي استراتيجية واضحة للتعامل مع المسألة.

ويرى ليبمان أن سبب دعم قاعدة ترمب إياه بمواجهة القضايا المختلفة يعود إلى أن هذه القاعدة ترى أنه «يعامل بطريقة غير منصفة، وقد بدأ ذلك منذ اللحظة التي انتخب فيها مع قضية التواطؤ مع روسيا». ويشير ليبمان إلى أن محاكمة «أموال الصمت» تساعد ترمب كذلك في استقطاب المستقلين، وهي فئة انتخابية ستحسم نتيجة الانتخابات. ويُفسّر قائلاً: «من خلال تغطية المحاكمة، يرى هؤلاء أنها قضية غريبة وغير منصفة وسياسية، لذا لا أعتقد أن ذلك يساعد الديمقراطيين، بل يؤذيهم مع المستقلين».

أنصار ترمب في مواجهة مع شرطة الكابيتول في 6 يناير 2021 (أ.ب)

ولم يمنع انشغال ترمب بالمحاكمة من تلويحه باحتمال رفض نتائج الانتخابات في حال فوز بايدن، ما أثار مخاوف من اندلاع أعمال عنف مشابهة لأحداث السادس من يناير (كانون الثاني) لدى اقتحام الكابيتول. لكن ليبمان رأى أنه رغم الاحتمالات الكبيرة بعدم اعتراف ترمب بنتائج الانتخابات، فإن ذلك لن يؤدي إلى تكرار أحداث السادس من يناير. ويُفسّر: «لقد دُمرت حياة داعمي ترمب الذين دخلوا الكابيتول بطريقة غير شرعية، وواجهوا المحاكم جراء ذلك. بعضهم دخل السجن وخسروا وظائفهم وعائلاتهم؛ لذا لا يمكنني أن أتخيل أن هناك العديد من داعمي ترمب يفكرون بأن مساعيهم نجحت بالفعل في المرة السابقة».

انتخابات تشريعية وانقسامات حزبية

بالتوازي مع الانتخابات الرئاسية، تشهد الولايات المتحدة انتخابات تشريعية يسعى فيها الديمقراطيون والجمهوريون لانتزاع الأغلبية في مجلسي الكونغرس الذي يعيش حالياً انقسامات عميقة أدّت إلى إعادة إحياء مساعي عزل رئيس مجلس النواب مايك جونسون من قبل النائبة الجمهورية المناصرة لترمب مارجوري تايلور غرين.

رئيس مجلس النواب مايك جونسون برفقة ترمب في مارلاغو في 12 أبريل 2024 (أ.ب)

وأعرب لامبرت عن مفاجأته من إصرار غرين على المضي قدماً بمساعي العزل، رغم إعلان ترمب دعمه لجونسون ومعارضته لمساعيها، مشيراً إلى أن الحزب الجمهوري قد تنفس الصعداء بعد فشل مساعي غرين، وانضمام الديمقراطيين إلى صفوفهم. وأضاف: «سنرى ما سيحدث في انتخابات نوفمبر. فإذا استطاع الجمهوريون الفوز بمقاعد إضافية في مجلس النواب وفاز ترمب، فإنه يمكن حينها إعادة النظر في رئيس المجلس، لكن برأيي لم يكن هذا الوقت المناسب».

وأشار ليبمان إلى أن الحزب الجمهوري «قلق حيال سلوك غرين في محاولتها لإثارة الفوضى». وأضاف: «الأمر المثير للاهتمام هنا هو أن الديمقراطيين دعموا جونسون، بينما لم يساعدوا سلفه كيفن مكارثي عندما تمت الإطاحة به؛ فالحزب الديمقراطي لديه علاقة جيدة مع جونسون، إذ إنه أمّن المساعدات لأوكرانيا ولإسرائيل والمساعدات الإنسانية لغزة وشحنة الأسلحة إلى تايوان، ويرونه رجلاً يحترم كلمته على خلاف مكارثي».

أما بيلور، فترى أن هذه الأزمة في صفوف الحزب الجمهوري تعكس أزمة هوية فعلية، ينبغي للحزب النظر فيها لإعادة بناء هويته.


مقالات ذات صلة

سباق البيت الأبيض: ترمب يلتقي الناخبين السود في ميشيغان

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال الحدث الانتخابي في ديترويت (أ.ب)

سباق البيت الأبيض: ترمب يلتقي الناخبين السود في ميشيغان

التقى دونالد ترمب الناخبين السود، السبت، في مسعى للتقرب من مجتمع دعَمَ قبل 4 سنوات منافسه جو بايدن لكنه يشهد تغيير عدد ملحوظ من الأميركيين من أصل أفريقي ولاءهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ يشهد سباق انتخابات الكونغرس تنافساً حادّاً وسط مساعٍ جمهورية لانتزاع الأغلبية في «الشيوخ» (أ.ب) play-circle 07:37

الانتخابات الأميركية: تنافُس حزبي شرس لانتزاع الأغلبية في الكونغرس

يراهن الجمهوريون على 7 ولايات لانتزاع الأغلبية التشريعية في مجلسي الشيوخ والنواب.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ مناصرون لترمب يتظاهرون في فلوريدا في 2 يونيو 2024 (أ.ف.ب)

أميركا: تنافس شرس على تسخير «منصات التواصل» في الحملات الانتخابية

يتزايد نفوذ وسائل التواصل الاجتماعي ويتصاعد تأثيرها في الانتخابات الأميركية، وسط تنافس شرس بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري لاستمالة عقول الناخبين وقلوبهم.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب (أ.ف.ب)

ترمب: لست عنصرياً ولديّ الكثير من الأصدقاء السود

نفى الجمهوري دونالد ترمب المرشح للانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل كونه «عنصرياً» وأكد في مقابلة أن لديه الكثير من «الأصدقاء السود»

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ المرشح الرئاسي الجمهوري والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يصل لإلقاء خطاب حملته في فينيكس بولاية أريزونا بالولايات المتحدة الأميركية، 6 يونيو 2024 (رويترز)

ترمب يحتفل بعيد ميلاده اﻟ78 وتبدو عليه علامات تقدم السن

يُحيي الرئيس السابق الجمهوري، دونالد ترمب، الجمعة، عيد ميلاده الثامن والسبعين، في حين تظهر عليه علامات تباطؤ، من الناحيتين الجسدية والذهنية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

سباق البيت الأبيض: ترمب يلتقي الناخبين السود في ميشيغان

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال الحدث الانتخابي في ديترويت (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال الحدث الانتخابي في ديترويت (أ.ب)
TT

سباق البيت الأبيض: ترمب يلتقي الناخبين السود في ميشيغان

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال الحدث الانتخابي في ديترويت (أ.ب)
الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يتحدث خلال الحدث الانتخابي في ديترويت (أ.ب)

التقى دونالد ترمب الناخبين السود، السبت، في مسعى للتقرب من مجتمع دعَمَ قبل أربع سنوات إلى حد كبير منافسه جو بايدن لكنه يشهد تغيير عدد ملحوظ من الأميركيين من أصل أفريقي ولاءهم قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر (تشرين الثاني).

وحضر الرئيس الجمهوري السابق أيضاً حدثاً انتخابياً آخر في وقت لاحق من اليوم مع جمهور أكثر يمينية، وهو تجمع لمجموعة «تورنينغ بوينت أكشن» المحافظة المثيرة للجدل، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب يصافح الحضور في الكنيسة 180 في ديترويت (رويترز)

واستغل ترمب أول ظهور له، في الكنيسة 180 في ديترويت، أكبر مدينة في ولاية ميشيغان التي تعتبر ساحة معركة انتخابية، للإشارة إلى أنه قد يعين مشرّعاً أسود هو بايرون دونالدز (45 عاماً)، نائباً له، وهي استراتيجية تهدف إلى انتزاع دعم السود لبايدن.

وأقر ترمب (78 عاماً) بأن هذا النائب عن فلوريدا هو من بين الأسماء الموجودة في لائحته المختصرة لتولي منصب نائب الرئيس، قائلاً أمام الحشد المبتهج الذي ضم في صفوفه مئات الأشخاص «هل ترغب في أن تكون نائباً للرئيس؟ أعتقد أنه يود ذلك. أقول لكم شيئاً واحداً، سيكون نائباً جيداً للرئيس أيضاً».

وجاءت الطاولة المستديرة لترمب مع القادة المدنيين والدينيين ورجال الأعمال السود في ديترويت في وقت أعلنت حملته عن تحالف «الأميركيين السود من أجل ترمب» وأشارت إلى أن مكاسب المجتمع الأسود «البارزة» في ظل إدارة الجمهوريين قد تراجعت خلال رئاسة جو بايدن.

لافتة تحالف «الأميركيين السود من أجل ترمب» أمام الكنيسة 180 في ديترويت (رويترز)

ووجه ترمب الرسالة نفسها خلال الطاولة المستديرة، قائلاً «لقد فعلنا من أجل السكان السود أكثر من أي رئيس منذ أبراهام لينكولن»، مستشهداً خصوصاً بما أسماه انتشال ملايين الأشخاص من الفقر وزيادة في ملكية السود للعقارات. وأضاف «جو بايدن المحتال لم يفعل شيئاً من أجلكم سوى الكلام».

وكان ترمب نفى أن يكون «عنصرياً»، مؤكداً في مقابلة بثت الجمعة أن لديه الكثير من «الأصدقاء السود». وقال لوسيلة الإعلام «سيمافور»: «لدي كثير من الأصدقاء السود، ولو كنت عنصرياً لما كانوا أصدقائي. لم يكونوا ليبقوا معي دقيقتين لو كانوا يعتقدون أنني عنصري، وأنا لست كذلك».

وتعرض ترمب مراراً لانتقادات بسبب تعليقات بشأن الأميركيين المتحدرين من أصول أفريقية اعتبرها الديمقراطيون والجمهوريون عنصرية.