تهكّم يمني من دعوة الحوثيين الطلبة الأميركيين للدراسة في صنعاء

فساد انقلابي وإهمال لمرافق أكبر جامعة حكومية

المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)
المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)
TT

تهكّم يمني من دعوة الحوثيين الطلبة الأميركيين للدراسة في صنعاء

المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)
المدخل الرئيسي لجامعة صنعاء الخاضعة للجماعة الحوثية (إعلام محلي)

وسط موجة تهكّم يمنية من دعوة الجماعة الحوثية لطلبة الجامعات الأميركية للدراسة في جامعة صنعاء، أفادت مصادر أكاديمية باتساع الفساد المالي والإداري في الجامعة التي تتعرض مبانيها ومرافقها للإهمال والتهالك.

وكشفت مصادر في جامعة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن وقائع فساد مالي وإداري تتمثل باختفاء مبالغ كبيرة من النفقات التشغيلية لعدد من الكليات، مع زيادة في مصروفات القادة الحوثيين المعينين في مناصب عليا في الجامعة، في حين يتم تهديد الموظفين الإداريين بالفصل بسبب مطالبتهم بصرف مستحقاتهم المالية المتوقفة.

الجماعة الحوثية استخدمت جامعة صنعاء لاستقطاب وتجنيد المقاتلين بذريعة نصرة غزة (إعلام حوثي)

وذكرت المصادر أن القاسم محمد عباس، المُعيّن من قِبل الجماعة رئيساً للجامعة، خصص لنفسه ما يقارب ألفي دولار (مليون ريال شهرياً، والدولار يساوي 530 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة) كبدل مواصلات شهرياً، ومنح ما يقارب ثلث هذا المبلغ (600 دولار) لكل قيادي من المعيّنين عمداء لكليات الجامعة، وما يقارب 300 دولار لكل رئيس قسم.

ويتقاضى هؤلاء هذه المبالغ كبدل مواصلات، على الرغم من أنه يجري تعبئة سياراتهم بكميات متفاوتة من الوقود عبر محطة تعاقدت معها رئاسة الجامعة المُعيّنة من قِبل القيادي الحوثي أحمد حامد لتزويد مركبات الجامعة ومعداتها بالوقود.

وبحسب المصادر، فإنه لم يعرف مصير أكثر من 15 ألف دولار من النفقة التشغيلية لكلية الطب، مرجّحة وجود تواطؤ بين من ينتحلون صفات عميد الكلية وأمينها العام ومديرها المالي في إخفاء هذا المبلغ، خصوصاً مع رفضهم الرد على تساؤلات عدد من طاقم الكلية حول مصير هذا المبلغ، وتهديد الموظفين بإجراءات عقابية حال تداول معلومات أو وثائق حوله.

وأوضحت المصادر أن منتحل صفة المدير المالي للكلية يلزم الموظفين بإضافة ما يساوي 20 في المائة من ثمن المشتريات، ويعمل على استقطاعها من دون سندات لصالحه، في ظل صمت منتحلي صفتي العميد والأمين العام، وتجاهل الشكاوى التي تقدم بها عدد من موظفي وطاقم إدارة الكلية وأساتذتها، ورفض مناقشتها حتى داخل الاجتماعات.

إهمال وتَرَدٍ

إلى جانب كل ذلك، تعتزم الجماعة الحوثية رفع رسوم الخدمات في جامعة صنعاء، وتحويل إيرادات الكليات إلى حساب رئاسة الجامعة ونيابة شؤون الطلاب، والتحكم بجميع مصروفات الكليات والمراكز والرقابة عليها مركزياً، في حين يشكو أكاديميو وموظفو وطلاب الجامعة من تدهور المرافق وتردي الخدمات وعدم توفير الصيانة لها.

جانب من عرض في ساحات جامعة صنعاء للمقاتلين الذين جنّدهم الحوثيون (إعلام حوثي)

وأخيراً ،تعرضت أجزاء كبيرة من سور كلية الطب للانهيار جراء الأمطار والسيول الغزيرة، دون أن تجري الجماعة الحوثية أي جهود لتدارك الأمر، خصوصاً وأن الانهيار ألحق أضراراً بممتلكات السكان قرب الكلية، أو لمنع باقي أجزاء السور من الانهيار، رغم شكاوى السكان ومخاوفهم.

وأغرقت السيول فناءات كليات الجامعة ومبانيها، وتسببت بانتشار المستنقعات وتوسعها دون أن تبذل أي جهود لإصلاح الأضرار، في ظل اتهامات للجماعة الحوثية بإهمال جميع مرافق الجامعة.

وطال الإهمال المرافق الداخلية للجامعة وكلياتها، حيث يشتكي الأكاديميون من إهمال النظافة في عدد من المرافق، وحصرها على تلك التي يستخدمها عمداء الكليات.

ولفت أحد الأكاديميين لـ«الشرق الأوسط» أنه ينتقل غالباً من إحدى الكليات التي يدرس فيها إلى كلية مجاورة لاستخدام دورات المياه؛ بسبب عدم قدرته على احتمال الروائح التي تنبعث من دورات مياه كليته، رغم الشكاوى والمطالب بإصلاحها والاهتمام بها.

وأوضح الأكاديمي الذي طلب التحفظ على بياناته أن غالبية عمداء الكليات يعمدون إلى حصر النظافة على دورات المياه التي تتبع مكاتبهم، ويغلقونها أمام أي أكاديمي يحاول استخدامها، ويلزمون عمال النظافة بتنظيف مكاتبهم فقط، في حين يرفض غالبية العمال تنظيف باقي المرافق نظراً لعدم دفع مستحقاتهم.

الطلاب الأميركيون في صنعاء

أثار موقف الجماعة الحوثية بشأن مظاهرات طلاب الجامعات الأميركية المناهضة للحرب على غزة، سخرية وتهكّماً واسعين، بعد إعلان الجماعة عن فتح أبواب جامعة صنعاء للطلاب الأميركيين الذين تعرّضوا للفصل والقمع بسبب تلك المظاهرات.

وكان القيادي القاسم عباس أصدر إعلاناً باستعداده لاستقبال الطلاب والأكاديميين الأميركيين الذين تعرّضوا للفصل، واستيعابهم في جامعة صنعاء وفي جميع التخصصات، ونشر في إعلانه بريداً إلكترونياً لاستقبال طلبات الانضمام للجامعة.

بيان صادر عن الجماعة الحوثية بفتح أبواب جامعة صنعاء لاستقبال الطلاب المفصولين من الجامعات الأميركية (إكس)

وتنوعت مواقف اليمنيين الساخرة من الإعلان ما بين التساؤل عن مرتبات الأكاديميين اليمنيين التي أوقفتها الجماعة الحوثية منذ قرابة العقد، والتذكير بالتردي الذي أصاب الدراسة في جامعة صنعاء بسبب ممارسات الجماعة وإدخال أدبياتها الطائفية ضمن المقررات المفروضة على الطلاب، وإلزام الأكاديميين بتدريس تلك المضامين.

وتساءل عدد من رواد مواقع التواصل عمّا إذا كانت الجماعة ستتمكن من فتح تخصصات في الفيزياء النووية أو علوم الفضاء، وهل ستجبر الطلاب الأميركيين على دراسة ما يعرف بملازم حسين الحوثي مؤسس الجماعة، والاستماع إلى خطابات شقيقه الذي يتزعمها حالياً.

وذهبت التساؤلات إلى إمكانية سماح الجماعة الحوثية للطلاب والطالبات الأميركيين بالاختلاط داخل جامعة صنعاء، وهي التي أقرّت الفصل بين الجنسين داخل الجامعة، واتخذت عدداً من الإجراءات لذلك، وصلت حد بناء جدران داخل القاعات الدراسية للفصل بينهما، إلى جانب الملاحقة الأمنية والإجراءات التعسفية بحق الطلاب والطالبات لمجرد إجراء محادثات عابرة بينهم في أفنية الجامعة.

ومن بين الذين تهكّموا على القرار القيادي في الجماعة نائف القانص الذي سبق وجرى تعيينه سفيراً لها في دمشق، قبل أن تقوم السلطات السورية أخيراً بطرده مع طاقمه، وإعادة السفارة إلى الحكومة اليمنية.

وطالب القانص بنقل من كتب البيان إلى مستشفى الأمراض النفسية، منتقداً الوضع المعيشي والاقتصادي الذي يعيشه السكان في مناطق سيطرة الجماعة بسبب ممارساتها وفسادها.

من جهتها، ذكّرت منصة «واعي» الاجتماعية بنادي الخريجين الذي أنشأته الجماعة الحوثية للسيطرة على الأنشطة والفعاليات الطلابية، وإجبار الطلاب والطالبات على الالتزام بالضوابط والمعايير الأخلاقية التي أقرتها، ومارست تعسفاً بحقهم.

وعلى سبيل السخرية، أنذرت المنصة الطلاب الأميركيين بمواجهات إجراءات قاسية من قِبل هذا النادي، كما دعت الجماعة إلى ترجمة ملازم حسين الحوثي إلى الإنجليزية وضمّها إلى المناهج التي ستقدم لهؤلاء الطلاب.


مقالات ذات صلة

موجة إسرائيلية رابعة تضرب مطار صنعاء ومنشآت طاقة خاضعة للحوثيين

العالم العربي دخان يتصاعد إثر غارات إسرائيلية على مطار صنعاء الخاضع للحوثيين (إ.ب.أ)

موجة إسرائيلية رابعة تضرب مطار صنعاء ومنشآت طاقة خاضعة للحوثيين

نفذت إسرائيل رابع موجة من ضرباتها الجوية مستهدفة منشآت حيوية خاضعة للحوثيين المدعومين من إيران شملت مطار صنعاء ومنشآت أخرى حيوية في المدينة ذاتها وفي الحديدة.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي عمود من النيران في أعقاب ضربات على مدينة الحديدة الساحلية التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون 20 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

«حماس» تدين «العدوان» الإسرائيلي على الحوثيين في اليمن

أدانت حركة «حماس» الفلسطينية التي تخوض حرباً مع إسرائيل في قطاع غزة، الخميس، الضربات الإسرائيلية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية بالقرب من مطار صنعاء باليمن 26 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 00:38

غارات إسرائيلية تستهدف مطار صنعاء... ونتنياهو يتوعد الحوثيين

شدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامن نتنياهو، الخميس، في أعقاب ضربات شنّها جيشه في اليمن، على أن بلاده ستواصل ضرب المتمرّدين الحوثيين «حتى إنجاز المهمة».rn

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي سجناء في الحديدة أُفرج عنهم مقابل الالتحاق بالجبهات (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يستقطبون عشرات السجناء في الحديدة للقتال

استقطبت الجماعة الحوثية عشرات السجناء على ذمة قضايا مختلفة في محافظة الحديدة اليمنية (226 كيلومتراً غرب صنعاء) وألحقتهم ببرامج تعبوية ودورات عسكرية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي خلال سنوات التمرد الحوثية اكتشف الجيش اليمني شبكة أنفاق في محافظة صعدة (إعلام محلي) play-circle 01:34

قادة الحوثيين إلى الكهوف... وحي الجراف يستنسخ ضاحية بيروت

مع تصاعد تهديد إسرائيل للحوثيين فرَّ قادة الجماعة إلى كهوف صعدة شمالاً وتحصّن آخرون في حي الجراف شمال صنعاء، واستنفروا قطاع الصحة، وسط مخاوف السكان من التداعيات

محمد ناصر (تعز)

مقتل عنصرين من «حركة الشباب» في غارة أميركية جنوبي الصومال

عناصر من حركة «الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من حركة «الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)
TT

مقتل عنصرين من «حركة الشباب» في غارة أميركية جنوبي الصومال

عناصر من حركة «الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من حركة «الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)

أعلن الجيش الأميركي الخميس أنّه شنّ غارة جوية في جنوب الصومال الثلاثاء أسفرت عن مقتل عنصرين من «حركة الشباب».

وقالت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) في بيان إنّه «وفقا لتقييم أولي لم يصب أيّ مدنيّ» في هذه الضربة الجوية التي نُفّذت «بالتنسيق مع الحكومة الفدرالية الصومالية». وأوضحت أفريكوم أنّ الضربة استهدفت هذين العنصرين بينما كانا «على بُعد نحو عشرة كيلومترات جنوب غربي كوينو بارو»، البلدة الواقعة جنوب العاصمة مقديشو.

من جهتها، أعلنت الحكومة الصومالية الخميس مقتل قيادي في الحركة في عملية نفّذت في نفس المنطقة. وقالت وزارة الإعلام والثقافة والسياحة في منشور على منصة إكس إنّ «رئيس العصابة الإرهابية محمد مير جامع، المعروف أيضا باسم أبو عبد الرحمن» قُتل خلال «عملية خطّطت لها ونفّذتها بدقّة قواتنا الوطنية بالتعاون مع شركاء دوليّين».

ومنذ أكثر من 15 عاما تشنّ حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة تمرّدا مسلّحا ضدّ الحكومة الفدرالية الصومالية المدعومة من المجتمع الدولي في بلد يُعتبر من أفقر دول العالم. ونفذت الحركة العديد من التفجيرات والهجمات في مقديشو ومناطق أخرى في البلاد.

وعلى الرّغم من أنّ القوات الحكومية طردتهم من العاصمة في 2011 بإسناد من قوات الاتحاد الإفريقي، إلا أنّ عناصر الحركة ما زالوا منتشرين في مناطق ريفية ينطلقون منها لشنّ هجماتهم ضدّ أهداف عسكرية وأخرى مدنية.