المواجهة الإيرانية - الغربية تعزز أوراق بوتين في الشرق الأوسط

تعميق التحالف الروسي مع طهران أمنياً وعسكرياً واقتصادياً يقلق الغرب

باتروشيف وأحمديان يوقعان مذكرة تفاهم للتعاون الأمني (نورنيوز)
باتروشيف وأحمديان يوقعان مذكرة تفاهم للتعاون الأمني (نورنيوز)
TT

المواجهة الإيرانية - الغربية تعزز أوراق بوتين في الشرق الأوسط

باتروشيف وأحمديان يوقعان مذكرة تفاهم للتعاون الأمني (نورنيوز)
باتروشيف وأحمديان يوقعان مذكرة تفاهم للتعاون الأمني (نورنيوز)

حملت زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي أحمديان إلى عاصمة الشمال الروسي سان بطرسبورغ ومحادثاته مع نظيره الروسي نيكولاي باتروشيف، دلالات مهمة، على خلفية تصاعد التوتر في علاقات إيران مع الغرب، وزيادة نشاط التحركات الروسية لحصد أكبر مكاسب من تفاقم الوضع حول المنطقة.

صحيح أن الزيارة جاءت في إطار مشاركة أحمديان في أعمال الدورة الـ12 لاجتماع المسؤولين الأمنيين البارزين الذي تستضيفه روسيا في هذه الأيام، لكن العنصر الأبرز أن الزيارة هي الأولى للمسؤول الأمني الإيراني إلى الخارج بعد تفاقم الوضع في العلاقات الإيرانية - الغربية على خلفية الضربات المتبادلة بين طهران وتل أبيب أخيراً. كما أن اللقاءات الثنائية التي جرت على هامش الاجتماع الدولي شغلت الحيز الأبرز من الاهتمام، خصوصاً مع مشاركة عدد كبير من «حلفاء» روسيا وإيران في هذا المنتدى.

وجاء الإعلان في ختام الاجتماع عن توقيع مذكرة تفاهم بين مجلسي الأمن في روسيا وإيران، ليضيف بعداً جديداً لحلقات تعزيز التحالف الروسي الإيراني في المجالات المختلفة، فضلاً عن تركيز الطرفين على أنه تم خلال الاجتماع إيلاء الاهتمام الأكبر لـ«القضايا المتعلقة بتطوير التعاون العملي الروسي الإيراني في مجال الأمن».

رسالة إلى الغرب

وفي إشارة إلى أن تفاقم التوتر في الشرق الأوسط، كان العنصر الأكثر حضوراً على طاولة المفاوضات، قال بيان مجلس الأمن الروسي إن «الطرفين تبادلا وجهات النظر حول الوضع في الشرق الأوسط، مؤكدَين اهتمامهما بمنع المزيد من تصعيد التوتر».

يذكر أن هذه الزيارة، هي الثانية لأحمديان إلى روسيا منذ مطلع العام، وكما حدث في هذه المرة، كانت الزيارة السابقة في يناير (كانون الثاني) قد شهدت أيضاً تأكيد انتقال العلاقات والتعاون على الصعيد الأمني إلى «مستوى جديد كلياً»، وفقاً لوصف الخدمة الصحافية لمجلس الأمن القومي الروسي، الذي ركز على « دخول التنسيق العملي بين روسيا وإيران إلى مرحلة جديدة في جميع المجالات، مع رفع مستوى التعاون، وتوجيه التركيز على التنفيذ العملي للاتفاقيات المبرمة على أعلى المستويات».

اللافت أن الحرص الروسي على إظهار مستويات تطوير العلاقة مع إيران، في المجالات المختلفة، حمل في توقيته وآليات الإعلان عنه، رسائل محددة، إلى الغرب، وفقاً لخبراء روس رأوا أن موسكو لا تخفي حرصها على إظهار كل أشكال الدعم المباشر وغير المباشر لإيران في الظروف المعقدة والمتشابكة التي يمر بها الشرق الأوسط حالياً.

نائب وزير الخارجية الإيراني علي باقري كني يشارك في اجتماع دول مجموعة «بريكس» حول تطورات الشرق الأوسط في موسكو (الحكومة الإيرانية)

«بريكس»

في إطار تنسيق السياسات الروسية حيال الشرق الأوسط مع الحلفاء، نظمت الخارجية الروسية، الخميس، اجتماعاً على مستوى نواب وزراء الخارجية والممثلين الخاصين للدول الأعضاء في منظمة «بريكس»، هو الأول من نوعه للمجموعة، الذي يخصص لاستعراض التطورات في الشرق الأوسط بمشاركة الأعضاء الجدد في هذه المجموعة، بعد توسيعها مطلع العام لتضم بالإضافة إلى روسيا والصين والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، ممثلين عن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر وإثيوبيا وإيران.

شارك في اللقاء من الجانب الإيراني وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية علي باقري كني.

علماً بأن روسيا تترأس مجموعة «بريكس» لهذا العام، وتسعى لتنشيط تحرك المنظمة بما يدعم السياسات الإقليمية لموسكو وحليفاتها، وهو ما برز في الكلمة الاستهلالية للاجتماع التي قدمها نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف.

فيما ركز باقري كني على رؤية إيران بشأن التطورات في الشرق الأوسط و«الاعتداءات المتواصلة للكيان الإسرائيلي على دول المنطقة، بما في ذلك قنصلية سفارتنا في دمشق».

وكان بوغدانوف استبق اللقاء بعقد اجتماع ثنائي مع باقري كني، بحث خلاله الطرفان مستجدات الوضع الإقليمي، وآليات تعزيز التنسيق بين موسكو وطهران.

متغير حاسم

ومع أن روسيا، أكدت في المواقف الرسمية المعلنة دعوة «كل الأطراف» الإقليميين إلى ضبط النفس وعدم الانجرار إلى توسيع رقعة ومستوى المواجهات، لكن الكرملين في الوقت ذاته حرص على تأكيد مستوى الدعم لمواقف طهران، بشكل مباشر من خلال الإعلان عن إحراز تقدم ملموس في تعميق التحالف في مجالات عدة، وبشكل غير مباشر أيضاً من خلال تنشيط التنسيق مع الصين في هذا المجال، وتوجيه رسائل بأن موسكو تدعم تحركات «حلفاء» آخرين لدعم مواقف طهران، وهو ما ظهر مثلاً من خلال تركيز وسائل الإعلام الحكومية الروسية في اليومين الماضيين على زيارة وفد اقتصادي كوري شمالي كبير إلى طهران ومجريات المحادثات والاتفاقات خلال هذه الزيارة.

وهذا ما دفع أوساط غربية إلى الاستنتاج بأن الكرملين يعمل بشكل نشط للإفادة من الوضع المتفاقم في المنطقة لتعزيز أوراقه الإقليمية.

ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الرسمية عن مستشار البنتاغون السابق دوغلاس ماكغريغور، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يجمع بين يديه كل الأوراق في الوضع في الشرق الأوسط، ويتمتع بنفوذ كبير بين دول المنطقة».

أحمديان يقف أمام طائرة مسيّرة خلال زيارة معرض عسكري في موسكو (فارس)

ورأى المستشار أن «روسيا باتت عاملاً مهماً في المعادلة في الشرق الأوسط. إنها أكثر من مجرد عامل. إنها متغير حاسم. في الوقت الحالي، يحمل فلاديمير بوتين كل الأوراق بين يديه خلف الكواليس في الشرق الأوسط. إنه يعزز مكانة كبيرة».

وبحسب المحلل، فإن سيد الكرملين يدعو الأطراف إلى ضبط النفس والصبر، وتحركاته تشير في الوقت ذاته إلى أنه يضاعف مكاسبه.

كان بوتين أجرى، الأسبوع الماضي، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس إبراهيم رئيسي، ناقشا خلاله الوضع في الشرق الأوسط بعد الضربة الإسرائيلية ورد طهران. وركز الرئيسان، وفقاً لبيان الكرملين، على أن «السبب الجذري للأحداث الجارية في هذه المنطقة هو الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي الذي لم يتم حله».

ورغم أن بوتين أعرب خلال المحادثة عن أمله في أن «يتحلى الجانبان الإيراني والإسرائيلي بضبط النفس، وعدم السماح بجولة جديدة من المواجهة التي تهدد بعواقب كارثية على الشرق الأوسط بأكمله»، فإن أوساطاً روسية رأت أن المدخل الذي يحرك سياسات موسكو الإقليمية يمكّنها من مراكمة فوائد دبلوماسية.

في هذا الإطار، بدا أن التركيز على تعميق التعاون الأمني يشكل حلقة تكميلية لسلسلة حلقات وضعت أسساً عملية لتعزيز التحالف الروسي الإيراني في كل المجالات. ووفقاً لسفير إيران لدى روسيا الاتحادية كاظم جلالي فإن موسكو وطهران قطعتا أشواطاً مهمة في تعميق التعاون الدفاعي المشترك الذي وفقاً للدبلوماسي الإيراني «لن يكون موجهاً ضد طرف ثالث».

كانت روسيا وإيران أبرمتا مطلع العام اتفاقية حكومية بشأن التعاون العسكري.

ووقع الاتفاقية وزير الدفاع سيرغي شويغو ونظيره الإيراني العميد محمد رضا آشتياني.

ورأت موسكو في حينها أن «الاتفاقية تشكل خطوة مهمة في تعزيز هذه العلاقات من خلال إنشاء أسس قانونية ونظرية لترسيخ التعاون العسكري الكامل».

واللافت أن بنود الاتفاقية برزت عناصر جديدة في آليات التعاون العسكري الدفاعي بينها، بحسب الوزير سيرغي شويغو، التفاهم على تعاون في مجال تحركات السفن العسكرية التي ترسو في موانئ روسيا وإيران، وتوسيع ممارسة تبادل الوفود، وتدريب الأفراد العسكريين وتبادل الخبرات في مجال حفظ السلام ومكافحة الإرهاب.

تعاون مالي

على الصعيد الاقتصادي، كان البلدان قد سارا خطوات لتعزيز التعاون في مجال السعي إلى الاعتماد على العملات المحلية والالتفاف على العقوبات الغربية، ونقلت صحيفة «فيدوموستي» الرصينة، أن روسيا وإيران ناقشتا فرص إنشاء عملة مستقرة مشتركة مدعومة بالذهب. ووفقاً لخبراء، تركز الحديث على استخدام العملات المشفرة بدلاً من الدولار والروبل والريال الإيراني في التجارة بين روسيا وإيران. ويضيفون أن هذا لن يصبح ممكناً إلا عندما تنظم السلطات تداول العملات المشفرة.

وتم تأكيد حقيقة هذه المفاوضات مع إيران من قبل أنطون تكاتشيف، عضو لجنة مجلس الدوما لسياسة المعلومات وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وأضاف أنه في روسيا، من أجل مناقشة هذه القضية على مستوى الدولة، سيتعين على السلطات تنظيم تداول العملات المشفرة بشكل كامل.

قلق أميركي

في الأثناء، زادت هذه التطورات من مستوى القلق الغربي حيال آفاق التعاون الروسي – الإيراني، وخصوصاً على الصعيد العسكري، وأعرب مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان عن قلقه بشأن التعاون العسكري بين إيران وروسيا وكوريا الشمالية، مدعياً أن المقترحات الدفاعية الروسية لإيران وكوريا الشمالية يمكن أن تزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة غرب آسيا والمحيط الهادئ.

وقال المسؤول الأميركي: «نحن نراقب عن كثب أيضاً المقترحات العسكرية الروسية، وإذا أعطت روسيا أسلحة لإيران، فإن ذلك سيزعزع استقرار الشرق الأوسط».

ورداً على سؤال حول العلاقات العسكرية بين كوريا الشمالية وإيران، أشار سوليفان إلى «روابط» في التعاون الدفاعي بين البلدين. وقال: «من وقت لآخر، على مدار سنوات عديدة والعديد من الإدارات، شهدنا روابط مختلفة في التعاون الدفاعي بين كوريا الشمالية وإيران، والتي جاءت وذهبت، ومد وجزر».

وأشار سوليفان إلى أن الجديد أو المختلف على مدار العامين الماضيين هو تعميق التعاون بين روسيا وإيران، وبين روسيا وكوريا الشمالية.

وأضاف: «نعتقد أن هذا أمر يثير قلقاً بالغاً لأمن أوروبا، خارج حدود أوكرانيا». وأضاف: «نحن قلقون أيضاً بشأن ما قد يحدث في الاتجاه الآخر. ما الذي ستقدمه روسيا لكوريا الشمالية أو إيران والذي سيزعزع استقرار منطقة المحيطين الهندي والهادئ أو يزعزع استقرار الشرق الأوسط؟».


مقالات ذات صلة

إيران تحذر من «رد أشد» على أي مغامرة إسرائيلية

شؤون إقليمية إيرانيتان تمران بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون... هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة وسط طهران (إ.ب.أ)

إيران تحذر من «رد أشد» على أي مغامرة إسرائيلية

حذرت طهران من أن أي مغامرة إسرائيلية جديدة «ستواجه برد أشد»، وقالت إنها تسعى إلى تفاوض معقول يحقق رفعاً فعلياً للعقوبات، مع بقاء قنوات الاتصال مع واشنطن قائمة.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية بزشكيان يدافع عن مشروع الموازنة الجديدة أمام البرلمان الأحد (الرئاسة الإيرانية)

الرئيس الإيراني يدافع عن موازنة «منضبطة» وسط العقوبات

دافع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، الأحد، عن مشروع موازنة العام الجديد، معتبراً إياه أداة لضبط الاقتصاد في ظل العقوبات وتراجع الإيرادات.

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)
شؤون إقليمية انطلاق صاروخ «سويوز» روسي من قاعدة فوستوشني الفضائية يحمل قمراً اصطناعياً إيرانياً - 29 فبراير 2024 (رويترز - روسكوزموس)

تقارير: إطلاق 3 أقمار اصطناعية إيرانية من روسيا

ذكرت وسائل إعلام إيرانية أن 3 أقمار اصطناعية ​إيرانية انطلقت إلى الفضاء على متن صواريخ «سويوز» الروسية في إطار توسيع البلدين الخاضعين لعقوبات أميركية.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وكالة «مهر» الحكومية من شعار مجموعة «حنظلة»

اختراق إيراني مزعوم لهاتف رئيس طاقم نتنياهو يربك تل أبيب

أثار إعلان مجموعة القراصنة الإيرانية، المعروفة باسم «حنظلة»، اختراق الهاتف الجوال لرئيس طاقم مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، حالة من القلق في محيط نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (تل ابيب)
شؤون إقليمية الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز) play-circle

الرئيس الإيراني: نحن في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا

قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن بلاده في حالة «حرب شاملة» مع أميركا وإسرائيل وأوروبا.

«الشرق الأوسط» (طهران)

تركيا: زعيم المعارضة يؤكد استمرار الاحتجاجات في 2026 بأساليب جديدة

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)
زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)
TT

تركيا: زعيم المعارضة يؤكد استمرار الاحتجاجات في 2026 بأساليب جديدة

زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)
زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل متحدثاً خلال المؤتمر العام لحزب الشعب الجمهوري الذي أعيد فيه انتخابه رئيساً للحزب 29 نوفمبر الماضي (حساب الحزب في إكس)

أكد زعيم المعارضة التركية، رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوغور أوزيل أن الحزب سيواصل التجمعات والمسيرات التي انطلقت عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو في 19 مارس (آذار) الماضي، وستكون لديه مسيرات أكثر إيجابية في العام الجديد.

وقال أوزيل إن إمام أوغلو، الذي أعلنه الحزب مرشحاً رئاسياً في 23 مارس عقب انتخابات تمهيدية صوَّت فيها 15 مليوناً و500 ألف مواطن، لا يزال هو المرشح الوحيد من جانب الحزب لخوض الانتخابات المقررة في عام 2028.

وأضاف أوزيل، في مقابلة صحافية، الاثنين، أن حزبه سيواصل مسيرته، وسيسعى لتخليص تركيا من «الفقر والظلم والاستبداد»، وأنه إذا أراد حزبه الحصول على أصوات ثلثي الناخبين في الانتخابات المقبلة، فعليه أن يجعل الشعب يقول إن حزب «الشعب الجمهوري سيحكم بشكل أفضل منهم (إردوغان وحكومته)».

أوزيل متحدثاً خلال أحد التجمعات للمطالبة بإطلاق سراح إمام أوغلو (من حسابه في إكس)

وتابع: «لذلك؛ علينا أن نبدأ مسيرتنا نحو السلطة من هذه النقطة، وأن نثبت أن حزب الشعب الجمهوري قادر على إدارة الاقتصاد والسياسة الخارجية وتركيا بشكل أفضل».

إلغاء النظام الرئاسي

وشدد على أن حزبه سيغير نظام الحكم حال فوزه، قائلاً إن «الانتخابات المقبلة ستُجرى وفقاً للنظام الحالي (الرئاسي)، لكن هذا لا يعني أننا سنبقى في هذا النظام، إذا منحنا شعبنا السلطة، فسنتحول إلى نظام برلماني مُعزز وسنخدم الشعب من خلاله».

وعدّ أوزيل أن منع إمام أوغلو من خوض الانتخابات عبر قضية تتعلق بادعاء تزوير شهادته الجامعية أو دعاوى قضائية أخرى سيكون «انقلاباً على الديمقراطية»، مضيفاً أن على الرئيس رجب طيب إردوغان أن يدرك أن ثمن إبعاد منافسه من خلال وضعه بالسجن أمر غير مقبول، فتركيا «ليست دولة من دول جنوب الصحراء الكبرى».

المظاهرات الاحتجاجية ضد اعتقال إمام أوغلو مستمرة منذ توقيفه في مارس الماضي (حزب الشعب الجمهوري)

ويواجه إمام أوغلو سلسلة قضايا، منها إلغاء شهادته الجامعية التي حصل عليها منذ أكثر من 30 عاماً من جامعة إسطنبول، إضافة إلى اتهامات بالفساد في بلدية إسطنبول، يبدأ نظر الدعوى الخاصة بها في 9 مارس المقبل، ويواجه فيها مطالبة بسجنه لمدة 2453 سنة.

وفجَّر اعتقاله أوسع موجة احتجاجات في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، وعدت المعارضة أن توقيفه هو عملية سياسية تهدف إلى إبعاده عن منافسة إردوغان على رئاسة البلاد؛ كونه أبرز المنافسين الذين يمكنهم الفوز بانتخاباتها.

وقررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، الأسبوع الماضي، إعطاء الأولية لنظر مسألة اعتقال إمام أوغلو دون صدور إدانة ضده.

بديل إمام أوغلو

وقال أوزيل: «إذا استمر إردوغان في إبقاء أكرم إمام أوغلو في السجن في ظل هذه الظروف، فسيتم العثور على مرشح قادر على هزيمته في الانتخابات».

أوزيل يتوسط إمام أوغلو قبل اعتقاله ومنصور ياواش (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

وعن الادعاءات حول إمكانية منع ترشيح رئيس بلدية أنقرة منصور ياواش، عبر اتهامات مماثلة لتلك التي يواجهها إمام أوغلو، حال عدم تمكن الأخير من خوض الانتخابات، أشار أوزيل إلى أن ياواش أيضاً رشح إمام أوغلو لخوض انتخابات الرئاسة، وصوَّت له في الانتخابات التمهيدية في 23 مارس، في اليوم ذاته الذي أودع فيه إمام أوغلو سجن سيليفري في غرب إسطنبول.

واستدرك: «لكن إذا كان حزب الشعب الجمهوري والبلاد ينتظران مهمة من منصور ياواش، فهو يمتلك القدرة على إنجازها على أكمل وجه»، لافتاً إلى أن أي محاولة لمنع ترشيحه في الانتخابات على غرار ما حدث مع إمام أوغلو، ستفجر غضب تركيا والعالم مجدداً.

وأضاف: «منصور ياواش يحظى بمكانة عظيمة في قلوب هذا الشعب، ولا أحد يستطيع إيقافه».

عمليات لتشويه المعارضين

واتهم أوزيل الرئيس إردوغان بمحاولة تعزيز سلطة المدعي العام في إسطنبول بوصفه حامي النظام، لافتاً إلى أن التحقيقات الأخيرة التي استهدفت فنانين ومشاهير بدعوى تعاطي المخدرات أو القمار، كان هدفها «تطبيع» العمليات التي تنفذ ضد حزب «الشعب الجمهوري»، وأن شريحة واسعة من المجتمع تُسلّم بأن ما يُنفذ ضد الحزب هو «عملية سياسية».

إحدى العمليات الأمنية ضد المشاهير في تركيا في إطار مكافحة المخدرات (إعلام تركي)

وأضاف أن الهدف الثاني لهذه العمليات هو «تشويه سمعة الأفراد الذين يُنظر إليهم على أنهم يُشكلون تهديداً للنظام بسبب معارضتهم له».

وأشار إلى اعتقال 20 أو 30 فناناً لمجرد نشرهم تغريدات مُعارضة أو عدم تأييدهم للحكومة، فيظن الناس أنهم قبضوا على تاجر مخدرات، وبعد 15 يوماً تظهر النتائج أن عينات التعاطي لدى 3 أو 4 منهم إيجابية، لكن لا أحد اهتم بماذا سيحدث لأبناء هؤلاء أو زوجاتهم أو عائلاتهم جراء عمليات التشويه واغتيال السمعة.


إيران تحذر من «رد أشد» على أي مغامرة إسرائيلية

إيرانيتان تمران بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون... هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة وسط طهران (إ.ب.أ)
إيرانيتان تمران بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون... هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة وسط طهران (إ.ب.أ)
TT

إيران تحذر من «رد أشد» على أي مغامرة إسرائيلية

إيرانيتان تمران بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون... هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة وسط طهران (إ.ب.أ)
إيرانيتان تمران بجانب لوحة دعائية مناهِضة لإسرائيل تحمل عبارة: «نحن مستعدون... هل أنتم مستعدون؟» معلقة في ساحة وسط طهران (إ.ب.أ)

حذرت طهران من أن أي مغامرة إسرائيلية جديدة «ستُواجه برد أشد»، وقالت إنها تسعى إلى تفاوض معقول يحقق رفعاً فعلياً للعقوبات، مع بقاء قنوات الاتصال مع واشنطن قائمة، وحصر أي حوار في الملف النووي، مشددة على أن قدراتها الحالية لا تُقارن بما كانت عليه قبل حرب الأيام الـ12 مع إسرائيل في يونيو (حزيران).

تصاعدت التحذيرات الأميركية والإسرائيلية بشأن إعادة بناء إيران قدراتها الصاروخية والنووية، وسط تقديرات أمنية ترى أن الضربات التي طالت منشآت إيرانية في حرب يونيو لم تُنهِ التهديد.

وتترقب طهران منذ أيام نتائج زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مع حليفه الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وأفاد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، في مؤتمر صحافي أسبوعي، بأن قدرات إيران الدفاعية اليوم لا تقارن بما كانت عليه قبل الحرب الأيام الـ12، موضحاً أن التجربة الأخيرة عزّزت الجاهزية العملياتية وفهم آليات المواجهة على الأرض.

وأضاف أن «أي مغامرة إسرائيلية جديدة ستُواجه برد أشد»، مشدداً على أن إيران راقبت خلال الفترة الماضية تحركات إسرائيل بدقة، وعملت على رفع مستوى استعدادها لمواجهة أي تهديد محتمل.

ورأى بقائي أن «إسرائيل تشكّل أكبر تهديد للأمن الإقليمي والدولي»، مشيراً إلى أن دول المنطقة باتت تدرك الطبيعة العدوانية لهذا الكيان ودوره في زعزعة الاستقرار وإشعال الأزمات.

ويزداد التركيز الإسرائيلي على مساعي طهران لتعزيز برنامجها الصاروخي الباليستي، في وقت ترفض فيه طهران التفاوض حول برنامجها الصاروخي، في حين تطالب واشنطن أيضاً بطرح الأنشطة الإقليمية الإيرانية ودعم الجماعات المسلحة على طاولة التفاوض.

وشدد بقائي على أن الملف النووي «يبقى الإطار الوحيد لأي حوار محتمل مع واشنطن»، مضيفاً أن إيران أعلنت بوضوح أنها لا تفاوض ولا تتحاور حول قضايا أخرى خارج هذا الملف، وأن أي محاولة لتوسيع نطاق التفاوض مرفوضة.

وفيما يتصل بالولايات المتحدة، قال بقائي إن قنوات الاتصال القائمة بين طهران وواشنطن ما زالت موجودة ولم تُقطع، موضحاً أن مكتب رعاية المصالح الأميركية في طهران ومكتب رعاية المصالح الإيرانية في واشنطن يشكّلان الإطار الرسمي لهذا التواصل.

وأشار إلى أن القناة التي كانت قائمة بين وزير الخارجية الإيراني والممثل الخاص الأميركي لا تزال متاحة، لافتاً إلى أن عدم وجود تواصل في المرحلة الراهنة لا يعني قطع العلاقات أو إغلاق قنوات الاتصال، بل يأتي في إطار تقييم الحاجة العملية للتواصل في التوقيت الحالي.

وعقدت واشنطن وطهران خمس جولات من المحادثات النووية قبل الحرب التي استمرت 12 يوماً بين إيران وإسرائيل في يونيو الماضي. وواجهت هذه المحادثات عقبات كبيرة، لا سيما فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم داخل إيران، وهي ممارسة تسعى القوى الغربية إلى إنهائها لتقليل مخاطر الانتشار النووي، في حين ترفض طهران ذلك بشدة وتعدّه حقاً سيادياً.

وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في مقابلة خلال الأسبوع الماضي، إنه قطع اتصالاته مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف بشأن الملف النووي منذ أشهر، لافتاً إلى إصرار أميركي على استئناف المفاوضات بعد الحرب الأخيرة، لكنه قال إنها جاءت «بنهج خاطئ»، مؤكداً أن طهران «مستعدة لاتفاق عادل ومتوازن عبر التفاوض»، لكنها «غير مستعدة لقبول الإملاء».

وفي وقت لاحق، قالت نائبة مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترمب الخاص إلى الشرق الأوسط، مورغان أورتاغوس، أمام مجلس الأمن، إن «الولايات المتحدة لا تزال مستعدة لإجراء محادثات رسمية مع إيران، ولكن فقط إذا كانت طهران مستعدة لحوار مباشر وهادف»، مضيفة: «قبل أي شيء، لا يمكن أن يكون هناك تخصيب لليورانيوم داخل إيران».

إقليمياً، قال بقائي إن طهران ترحّب بالمساعي التي تبذلها دول المنطقة لخفض التوتر وتعزيز الاستقرار، مؤكداً أن اهتمام دول الجوار بالسلام الإقليمي يعكس إدراكاً مشتركاً لحساسية المرحلة.

ورداً على سؤال حول التصريحات الأخيرة لرئيس وزراء العراق التي قال فيها: «نحن نبحث عن عقد اجتماع بين طهران وواشنطن في بغداد بهدف إجراء حوار»، قال المتحدث باسم «الخارجية»: «أن يكون أصدقاؤنا في العراق مهتمين بقضايا السلام والاستقرار في المنطقة، وأن يقلقوا بشأن الأوضاع في المنطقة؛ لهو أمر يستحق الثناء، تماماً كما أننا نهتم بالأمن والسلام في المنطقة».

وأضاف أن «أي مسار تفاوضي أو حواري يتطلّب التزاماً واضحاً بآداب الحوار واحترام القواعد الأساسية للتفاوض»، مشيراً إلى أن «التجارب الأخيرة أظهرت أن غياب هذا الالتزام يجعل الحديث عن مفاوضات أمراً غير واقعي».

وصرح بقائي بأن الدبلوماسية بالنسبة إلى إيران «أداة لخدمة المصالح الوطنية، وليست هدفاً بحد ذاتها»، موضحاً أن «طهران لا تتردد في استخدام المسار الدبلوماسي متى ما رأت أنه يحقّق مكاسب حقيقية للبلاد».

وقال بقائي إن بلاده تتحرك دبلوماسياً على قاعدة تفاوض معقول يحقق نتيجة ملموسة برفع العقوبات، ولا يتحول إلى مجرد أداة في لعبة العلاقات العامة أو استنزاف الوقت من جانب الأطراف المقابلة.

بقائي خلال مؤتمر صحافي أسبوعي اليوم (التلفزيون الرسمي)

وأضاف بقائي أن السياسة المعلنة لوزارة الخارجية تقوم على مبدأ واضح، مفاده أن التفاوض الذي لا ينتهي برفع العقوبات ليس تفاوضاً مجدياً، مشيراً إلى أن الحديث عن رفع العقوبات يجب أن يقترن بضمانات عملية تؤكد أن مخرجات أي مسار تفاوضي ستنعكس مباشرة على تخفيف الضغوط الاقتصادية المفروضة على الشعب الإيراني.

وأوضح أن طهران «لا تقبل الانخراط في مفاوضات شكلية تُدار في الإطار الإعلامي أو تُستخدم لتحسين صورة الطرف الآخر دبلوماسياً من دون تحقيق نتائج حقيقية»، مشدداً على أن «التفاوض الجدي هو الذي يأخذ في الاعتبار المصالح الوطنية والمخاوف المشروعة لإيران ويُلزم الطرف المقابل بالاعتراف بها».

وبشأن الخلافات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، دعا بقائي مديرها العام، رافائيل غروسي، إلى الالتزام بحدود صلاحياته القانونية والفنية وعدم الانجرار إلى مواقف سياسية، لافتاً إلى أن بعض التصريحات الصادرة عنه تعكس «تسييساً غير مقبول لدور الوكالة».

وانتقد بقائي صمت الوكالة عن استهداف منشآت نووية إيرانية خاضعة للضمانات، عادّاً هذا الموقف «تقصيراً جسيماً ويتعارض مع المسؤوليات القانونية للوكالة في حماية نظام منع الانتشار».

وقال إن مطالبة إيران للوكالة بإدانة هذه الاعتداءات «لا تزال قائمة»، مشدداً على أن «الإدانة ليست موقفاً أخلاقياً فقط، بل التزام قانوني ضروري لمنع تكرار مثل هذه الهجمات التي تلحق ضرراً بالغاً بمصداقية الوكالة وبهيكلها».

اقتصادياً، قال بقائي إن الدبلوماسية الاقتصادية تمثّل ركناً ثابتاً في عمل وزارة الخارجية، مشيراً إلى أن هذا المسار لا يقتصر على العلاقات الخارجية، بل يشمل التواصل مع المحافظات والمناطق الحدودية.

وأوضح أن تعزيز التواصل مع الأقاليم والحدود يهدف إلى دعم الاقتصاد الوطني وتسهيل التبادلات التجارية والاستفادة من القدرات المحلية في إطار سياسة خارجية مرتبطة بالواقع الاقتصادي للبلاد.

ولفت بقائي إلى أن العقوبات المفروضة على إيران «تمثّل جريمة وإرهاباً اقتصادياً استهدف الشعب الإيراني»، وقال إن «العقوبات فرضت قسراً، وإن رفض الاستسلام لها لا يعني التقليل من آثارها، بل السعي إلى مواجهتها عبر العمل الدبلوماسي والاقتصادي المتوازي».


قتلى ومصابون من الشرطة و«داعش» باشتباكات دامية غرب تركيا

دخان كثيف يتصاعد من منزل كان يوجد به عناصر من «داعش» أثناء اشتباكات مع الشرطة في يالوفا شمال غربي تركيا الاثنين (رويترز)
دخان كثيف يتصاعد من منزل كان يوجد به عناصر من «داعش» أثناء اشتباكات مع الشرطة في يالوفا شمال غربي تركيا الاثنين (رويترز)
TT

قتلى ومصابون من الشرطة و«داعش» باشتباكات دامية غرب تركيا

دخان كثيف يتصاعد من منزل كان يوجد به عناصر من «داعش» أثناء اشتباكات مع الشرطة في يالوفا شمال غربي تركيا الاثنين (رويترز)
دخان كثيف يتصاعد من منزل كان يوجد به عناصر من «داعش» أثناء اشتباكات مع الشرطة في يالوفا شمال غربي تركيا الاثنين (رويترز)

قُتل 3 شرطيين و6 من عناصر تنظيم «داعش» الإرهابي في اشتباكات وقعت في مدينة يالوفا شمال غربي تركيا أسفرت أيضا عن إصابة 8 من رجال الشرطة وحارس أمن.

وقال وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا إنه خلال عملية نفذتها قوات الأمن التركية على منزل لعناصر «داعش» في يالوفا في ساعة مبكرة من صباح الاثنين، تعرض رجال الشرطة لإطلاق نار؛ ما تسبب في مقتل 3 منهم، هم: إيلكر بهلوان، وتورغوت كولونك، وياسين كوتشيغيت.

وأضاف يرلي كايا، الذي نشر صوراً عبر حسابه في «إكس» لرجال الشرطة الثلاثة، أن 8 من رجال الشرطة وحارس أمن أصيبوا خلال العملية، التي قتل فيها 6 إرهابيين من عناصر«داعش»، جميعهم أتراك.

وذكر الوزير التركي، في مؤتمر صحافي عقده بمقر الوزارة في أنقرة عقب انتهاء العملية، التي انطلقت في تمام الساعة 2:00 صباح الاثنين (تغ +3) واستمرت حتى الساعة 9:40، أنه تم استهداف أحد المنازل في شارع «سحر» بحي «عصمت باشا» في يالوفا، وأطلق الإرهابيون النار على رجال الشرطة.

قتلى ومصابون

وأضاف أنه نتيجة لهذا الهجوم الغادر، لقي 3 من ضباط الشرطة حتفهم، للأسف، وأصيب 8 آخرون وحارس أمن، مؤكداً أن العملية نُفذت بحساسية بالغة؛ نظراً لوجود نساء وأطفال في المنزل الذي كان يتمركز فيه الإرهابيون، وتم إجلاء 5 نساء و6 أطفال كانوا موجودين في المنزل بسلام.

وزير الداخلية التركي على يرلي كايا متحدثاً خلال مؤتمر صحافي الاثنين حول العملية ضد «داعش» في يالوفا (الداخلية التركية)

وتابع يرلي كايا: «تستمر حربنا اليوم ضد المنظمات الإرهابية التي تستغل ديننا لتبرير العنف واستهداف الأمن والنظام العام في بلادنا بعزمٍ راسخ، كما كان الحال بالأمس، وفي هذا السياق، تم خلال الشهر الماضي إلقاء القبض على 138 مشتبهاً به، وتطبيق إجراءات الرقابة القضائية على 97 مشتبهاً به في عمليات نُفذت ضد تنظيم (داعش) الإرهابي، واستمراراً لهذا العزم، نُفذت عمليات متزامنة صباح الاثنين في 108 مواقع مختلفة في 15 ولاية بأنحاء البلاد».

مدرعات وعناصر من القوات الخاصة تم الدفع بها إلى موقع الاشتباكات مع عناصر «داعش» في يالوفا (رويترز)

وخلال العملية، قامت السلطات التركية بقطع خدمات الغاز الطبيعي والكهرباء عن منطقة الاشتباكات بين قوات الأمن وعناصر «داعش»، ومُنع دخول المدنيين والمركبات، وأعلنت ولاية يالوفا تعليق الدراسة في 5 مدارس بالمنطقة.

وسبق أن أعلنت الولاية عن نشر قوات من العمليات الخاصة التابعة لشرطة ولاية بورصة المجاورة في منطقة الاشتباكات.

وتوجهت فرق من مديرية أمن يالوفا، وفرع العمليات الخاصة التابع لمديرية أمن بورصة، وفريق كوماندوز، ومركبتان مدرعتان من طراز «كوبرا»، ومركبة مدرعة من طراز «شورلاند» تابعة لقيادة قوات الدرك في يالوفا، إلى موقع الاشتباكات.

إردوغان تعهد بالاستمرار في المواجهة الحاسمة للإرهاب داخل تركيا وخارجها (الرئاسة التركية)

وأكد الرئيس رجب طيب إردوغان، في رسالة تعزية لعائلات ضحايا العملية الأمنية ضد «داعش» عزم تركيا على مواصلة مكافحة الإرهاب، قائلاً: «سنواصل نضالنا ضد هؤلاء المجرمين المتعطشين للدماء، داخل حدودنا وخارجها، بحزم وفاعلية ودون هوادة».

أعلن وزير العدل التركي، يلماظ تونتش، عبر حسابه في «إكس»، القبض على 5 مشتبهين، وتكليف 5 من مدعي العموم التحقيق، وأن التحقيق يجري بدقة وشمولية.

وقدمت الأحزاب التركية تعازيها لعائلات رجال الأمن الثلاثة، وطالبت بمواجهة الإرهاب بكل حزم، مؤكدة دعمها لأجهزة الأمن في هذه المواجهة.

تحذيرات سابقة للمعارضة

والاشتباكات التي وقعت بين قوات الأمن وعناصر «داعش» في يالوفا، الاثنين، تُعدّ الأولى من نوعها بهذا الحجم بالنظر إلى عدد العمليات التي تنفذها قوات الأمن التركية ضد التنظيم الإرهابي منذ الهجوم الذي نفذه على نادي «رينا» الليلي في إسطنبول في رأس السنة عام 2017، وقٌتل فيه 39 شخصاً وأصيب 79 آخرون، غالبيتهم من الأجانب.

أعادت هذه الاشتباكات إلى الأذهان اقتراحاً قدمه نائب حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة التركية، أوغوز كان ساليجي، إلى البرلمان قبل عامين دعا فيه إلى التحقيق في هيكلٍ لتنظيم «داعش» في يالوفا.

عناصر من شرطة المرور في يالوفا أغلقت الطرق وحوَّلت مسارات المرور أثناء الاشتباكات بين الشرطة التركية وعناصر «داعش» بينما يبدو الدخان يتصاعد في الخلف من المنزل الذي كانت توجد به هذه العناصر (رويترز)

وجاء في الاقتراح، الذي تم رفضه ولم يُعرض على البرلمان لمناقشته، أن جماعةً في يالوفا كانت على اتصال بـ«داعش» للحصول على الدعم وتلقي التدريب المسلح، وأن التنظيم حذَّر مقاتليه من استخدام تطبيقات تواصل اجتماعي مُخصصة لنشر فكره، وتم التواصل عبر إحالات إلى جماعات مُحددة.

وكشف الاقتراح أيضاً عن قيام أطباء مقربين من التنظيم بوصف عقاقير تسبب الإدمان، عُرفت باسم «حبوب داعش»، وهي عقاقير لا يُمكن وصفها في تركيا إلا من قِبل أطباء نفسيين وجراحي أعصاب بـ«روشتة خضراء».

وطالب ساليجي في اقتراحه بتشكيل لجنة بحثية لمنع إعادة هيكلة تنظيم «داعش» الإرهابي في تركيا تحت مسمى «مكتب الفرقان»، وطلب من البرلمان التحقيق في هذا الأمر، استناداً إلى لائحة اتهام أعدتها النيابة العامة في ديار بكر (جنوب شرقي تركيا) بشأن الهيكل الجديد لتنظيم «داعش»، المسمى «مكتب الفرقان».

ولفت إلى أن «داعش» قام بأنشطة دعائية في تركيا، وجورجيا، وأذربيجان، وروسيا، وأوكرانيا، والشيشان، ومالي، وأوغندا والسودان لتجنيد أعضاء جدد، وبذل جهوداً لتوفير موارد مالية، وتنفيذ أنشطة مسلحة وعسكرية، وأن مقاتلين من التنظيم تلقوا تدريبات عسكرية في جورجيا، وقدِموا إلى تركيا.

المنزل الذي كان يقيم فيه عناصر «داعش» في يالوفا وقد احترق تماماً خلال المواجهات مع الشرطة التركية (رويترز)

وجاء في الاقتراح أن هناك معلومات تفيد بأن يالوفا أصبحت مركزاً لأنشطة التنظيم، وأنه حتى لو لم يكن بالإمكان ربط المجموعة التي تجمعت حول مجلة «الأخلاق والسنة»، التي يقع مقرها في يالوفا ولها تمثيل في جورجيا، بشكل مباشر بعملية إعادة هيكلة «داعش»، فإنها على اتصال وثيق به للحصول على قاعدة وتلقي تدريبات مسلحة، كما أنها تدعم أنشطة التنظيم من خلال تمثيلها في جورجيا.

وأكد ساليجي أن على الحكومة التركية شن حرب لا هوادة فيها ضد «داعش»، وأن تتبنى خطاباً واضحاً تجاه التنظيم الذي أدرجته على لائحة الإرهاب عام 2013.

في السياق ذاته، قدَّم نائب حزب «الشعب الجمهوري»، مراد باكان سؤالاً برلمانياً عن سبب عدم اتخاذ وزارة الداخلية إجراءات وقائية، واستفسر عن هيكله في تركيا، وهيكل تنظيم «ولاية خراسان»، والعمليات التي نُفذت خلال السنوات الثلاث الماضية، واحتمالية استخدام «داعش» طرق الهجرة غير الشرعية وتهريب المهاجرين غطاءً أو قناةَ دعم لوجستي.

عمليات مكثفة

ورداً على السؤال، أكدت وزارة الداخلية أنها نفذت عمليات متكررة في جميع أنحاء تركيا عام 2025، وأنه تم القبض على أكثر من 160 عضواً من التنظيم في سبتمبر (أيلول)، وأكثر من 150 في يونيو (حزيران) الماضيين.

قوات مكافحة الإرهاب في تركيا أثناء مداهمة أحد مواقع «داعش» (الداخلية التركية)

وأصدرت قيادة قوات الدرك في أنقرة في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي تعميماً لمختلف فروعها في الولايات حذّرت فيه من احتمال شن «داعش» هجمات إرهابية بسيارات مفخخة وطرق أخرى، عبر خلاياه النائمة، في المناطق المزدحمة قبل وأثناء احتفالات رأس السنة، بتعليمات من قيادة التنظيم؛ بهدف منع الانشقاقات في صفوفه ورفع معنويات المتعاطفين معه، وبثّ الخوف والضغط في نفوس العامة.

والأسبوع الماضي، اعتقلت الشرطة التركية 115 شخصاً ينتمون لـ«داعش» تبين أنهم كانوا ​يخططون لتنفيذ هجمات خلال احتفالات عيد الميلاد ورأس السنة. وذكر مكتب المدعي العام في إسطنبول أنهم كانوا يخططون لهجمات تستهدف «غير المسلمين» على وجه الخصوص.