عصابات السطو والسلب تروّع عابري طريق مطار بيروت

قوى الأمن تجهد لمكافحتها و«حزب الله» ينفي حمايتها

الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي في أثناء زيارة تفقدية لمطار بيروت أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)
الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي في أثناء زيارة تفقدية لمطار بيروت أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)
TT

عصابات السطو والسلب تروّع عابري طريق مطار بيروت

الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي في أثناء زيارة تفقدية لمطار بيروت أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)
الرئيس نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي في أثناء زيارة تفقدية لمطار بيروت أمس (الوكالة الوطنية للإعلام)

تحوّلت الطريق التي تربط مطار رفيق الحريري الدولي بالعاصمة بيروت وباقي المناطق، إلى بؤر رعب ترتع فيها عصابات السلب والسطو بقوّة السلاح، كما تحوّل عابرو هذه الطريق إلى ضحايا يقع العشرات منهم فريسة الخارجين على القانون، فلا يترددون في إيذائهم، حتى لو أدّى بعض الحالات إلى القتل.

وبعد أشهر على فلتانٍ أمني جعل طريق المطار أشبه بكابوس، تحرّكت الأجهزة الأمنية وبدأت في تعقّب هذه العصابات، وتمكنت من توقيف عددٍ من عناصرها، وهم لبنانيون وسوريون، في أحياء عدّة في ضاحية بيروت الجنوبية والبقاع.

وعزا متابعون لهذا الملفّ الصحوة الأمنية المتأخرة إلى «الضوء الأخضر الذي أعطاه (حزب الله)، بعد أن رفع الغطاء عنها»، وأشاروا إلى أن هذه العصابات «تسرح داخل المنطقة الواقعة ضمن المربع الأمني للحزب، وباتت تشكّل عبئاً كبيراً عليه، خصوصاً أنه بعد كلّ عملية كان أفراد العصابات يفرّون إلى عمق الضاحية الجنوبية ويتحصّنون داخلها، ثمّ يستأنفون نشاطهم في اليوم التالي».

ودائماً ما تختار العصابات «الزمان والمكان المناسبين» لتنفيذ عملياتها، إذ تعمد في الساعات المتأخرة من الليل أو ساعات الفجر الأولى لانتقاء ضحاياها والانقضاض عليهم، سواء القادمين من المطار أو المتوجهين إليه.

واعترف مصدر أمني بأن «أفراد العصابات يحملون السلاح بشكل دائم لتهديد الضحايا وسلبهم ما يحملون، أو للسطو على سياراتهم»، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن المرتكبين «يختارون التوقيت الذي تكون فيه حركة السير خفيفة، ويتمركزون عند نقاط تقع على تقاطع طرق، بحيث يسهل عليهم الفرار بعد تنفيذ العمليات»، مشيراً إلى أن «التقارير الأمنية سجّلت عدداً لا يستهان به من الحوادث، ربما تزيد على 30 حالة منذ مطلع السنة الحالية».

واعترف المصدر الأمني بأن العصابات «استفادت من تراجع الحضور الأمني على طريق المطار، إذ إن القوى الأمنية لا تسيّر دوريات على مدار الساعة كما كان الوضع قبل الأزمة الاقتصادية».

طريق المطار المحفوفة بالمخاطر لم تعد حوادثها تقتصر على السلب والتشليح بقوة السلاح فحسب، بل أصبحت مسرحاً للفلتان الأمني الذي يثير الخوف لدى المواطنين الذين يتحاشون عبورها عند حلول الظلام.

ورأى الخبير الأمني العميد ناجي ملاعب، أن «ما يحصل على طريق المطار هو نتيجة حتمية للأمن الذاتي الذي ينادي به البعض في لبنان». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «عندما حوّل (حزب الله) الضاحية الجنوبية إلى بؤرة أمنية خارجة عن سلطة الدولة، باتت ملاذاً للخارجين على القانون». وقال: «قد لا يكون الحزب راعياً لهذه العمليات، لكن لو لم يؤمِّن ملاذاً للمرتكبين لَمَا تجرأوا على تنفيذ هكذا عمليات، لأن الأجهزة الأمنية قادرة على اعتقالهم، وهذا ما حصل سابقاً عندما تحوّلت المخيمات الفلسطينية إلى ملاذ للخارجين على القانون».

وأسفرت عمليات السطو عن مقتل سائق سيارة أجرة داخل نفق طريق المطار أواخر شهر مارس (آذار) الماضي. وروى شاهد عيّان أن مسلحين كانوا يستقلون سيارة طاردوا سائق الأجرة داخل النفق وأطلقوا النار عليه مباشرةً، مما أدى إلى اصطدام سيارته بجدار النفق والتوقف، ثم أقدموا على سلبه وتابعوا سيرهم باتجاه منطقة خلدة جنوب بيروت. كما أظهر فيديو جرى تداوله أخيراً، شباناً مسلحين يلاحقون رجلاً على دراجة نارية للسطو عليها في المنطقة نفسها.

ورفض مصدر مطّلع على أجواء «حزب الله» الاتهامات التي توجّه إلى الأخير عن حمايته منفّذي هذه الجرائم، معتبراً أن الحزب «من أكثر المتضررين من ظاهرة السلب والسطو المسلّح»، ونفى أي حماية من الحزب لهؤلاء، أو أن هناك مربعات أمنية يلجأون إليها»، وأوضح أن الحزب «دائماً ما يقدّم التسهيلات والمعلومات التي يمتلكها للوصول إلى أوكار العصابات وتوقيف أفرادها».

وقال المصدر إن «هناك تعاوناً بين الأجهزة الأمنية والحزب من جهة، وبين الأجهزة والشرطة البلدية في الضاحية الجنوبية الموجودة على الأرض، والتي تعمل على تسيير دوريات للمراقبة ومكافحة السرقات والتعديات، وتسليم المطلوبين إلى الدولة»، مشدداً في الوقت نفسه على أن «الظاهرة التي بدت فاقعة ومخيفة على طريق المطار لا تقتصر على هذه المنطقة ولا على الضاحية، بل موجودة في أغلب المناطق، خصوصاً أن الأزمة الاقتصادية تسببت بتفشيها بشكل مخيف، وجعل العصابات تنفذ جرائمها بشكل وقح».


مقالات ذات صلة

ميقاتي يطالب «بالضغط على إسرائيل» لوقف إطلاق النار في لبنان

المشرق العربي رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي (رويترز)

ميقاتي يطالب «بالضغط على إسرائيل» لوقف إطلاق النار في لبنان

دعا رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، الأحد، إلى «الضغط على إسرائيل» من أجل «وقف إطلاق النار» بعد ليلة من الغارات العنيفة هزّت الضاحية الجنوبية لبيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي لبناني يشاهد الدخان يتصاعد من الضاحية الجنوبية لبيروت بعد قصف إسرائيلي (أ.ب)

30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية الليلة الماضية

شهدت الضاحية الجنوبية لبيروت ليل السبت - الأحد أعنف ليلة منذ بداية القصف الإسرائيلي، إذ استهدفت بأكثر من 30 غارة، سمعت أصداؤها في بيروت.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد اللهب وسحب الدخان جراء الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

غارات إسرائيلية عنيفة «تشعل» الضاحية الجنوبية لبيروت

شن الطيران الإسرائيلي غارات عنيفة، ليل السبت-الأحد، على الضاحية الجنوببة لبيروت أدت إلى ارتفاع كرات ضخمة من اللهب من المواقع المستهدفة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الجيش الإسرائيلي تغلق نفقاً وبنية تحتية لـ«حزب الله» في جنوب لبنان (موقع الجيش الإسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يغلق نفقاً طوله نحو 250 متراً عثر عليه جنوب لبنان

قال الجيش الإسرائيلي، السبت، إنه دمر نفقاً طوله نحو 250 متراً في منطقة جنوب لبنان، عثر بداخله على وسائل قتالية وأماكن إعاشة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي جنود الجيش اللبناني يحرسون منطقة في بيروت بعد ساعات قليلة من الإعلان عن وفاة حسن نصر الله (د.ب.أ)

الجيش اللبناني يحذر من محاولات إسرائيلية «للتجسس وتجنيد عملاء»

حذّر الجيش اللبناني، السبت، مما سمَّاه «محتوى إعلامياً مشبوهاً» اتهم إسرائيل بنشره بغرض «التجسس» أو «تجنيد» أشخاص، بعد نحو أسبوعين من بدء حملة القصف الإسرائيلي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)
الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)
TT

«من الحياة المريحة إلى الخراب»... قصة أسرة فلسطينية وعام من النزوح

الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)
الفلسطيني نعمان أبو جراد وأسرته (أ.ب)

قضى الفلسطيني نعمان أبو جراد وزوجته ماجدة وبناتهما الست العام الماضي بأكمله في نزوح على طول قطاع غزة، محاولين البقاء على قيد الحياة، في حين كانت القوات الإسرائيلية تلحق الدمار من حولهم.

وأدى القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى نزوح 1.9 مليون من أصل 2.3 مليون فلسطيني من سكان القطاع، ومقتل أكثر من 41 ألف شخص، وفقاً لوزارة الصحة في غزة.

ومنذ بدء الحرب في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فرت أسرة أبو جراد سبع مرات، وانتقلت من «حياة الطبقة المتوسطة المريحة إلى الخراب»، وفقاً لوصفها.

وقال أبو جراد لوكالة أنباء «أسوشييتد برس»: «حياتنا الآن تختلف تماماً عن حياتنا في منزلنا في بيت حانون بشمال غزة. منزلنا كان مليئاً بالراحة والحب والعاطفة والأمان. كان المكان الذي يجتمع فيه الأحباء حول طاولة المطبخ أو على السطح في أمسيات الصيف وسط رائحة الورود وأزهار الياسمين».

وأضاف: «إن منزلك هو وطنك. كل شيء جيد في حياتنا كان في المنزل، كل شيء، الأسرة، والجيران، وإخوتي الذين كانوا حولي. إننا نفتقد كل ذلك».

قبل الحرب: حياة مريحة

كانت حياة أسرة أبو جراد في بيت حانون هادئة قبل الحرب. فقد كان أبو جراد يخرج كل صباح للعمل سائق تاكسي. وكانت زوجته تقضي معظم يومها في الأعمال المنزلية. وكانت أصغر بناتهما، لانا، قد بدأت الصف الأول الابتدائي، في حين أن هدى، التي تبلغ من العمر 18 عاماً، كانت في سنتها الأولى في الجامعة. أما أكبرهن، بلسم، فقد أنجبت طفلها الأول قبل بدء الحرب مباشرة.

7 أكتوبر: الهجوم

في صباح يوم 7 أكتوبر، سمعت الأسرة أخبار هجوم «حماس» على إسرائيل، الذي قُتل فيه نحو 1200 شخص واختُطف 250.

وأدركت الأسرة حينها أن الرد الإسرائيلي سيكون سريعاً وأن منزلهم، الذي يبعد نحو 2 كيلومتر فقط عن السياج الحدودي مع إسرائيل، سيكون على خط المواجهة.

وبحلول الساعة 9 صباحاً، حزم أبو جراد وزوجته وبناتهما وشقيقته ما في وسعهم وهربوا، حيث أصدر الجيش الإسرائيلي أحد أوامره الأولى بالإخلاء.

أدى القصف الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى نزوح 1.9 مليون شخص (أ.ب)

7 - 13 أكتوبر: الإقامة مع والدي الزوجة

مثل العديد من الأسر الفلسطينية التي نزحت من منازلها، حاولت أسرة أبو جراد في البداية البقاء بالقرب من البيت. وذهبوا للإقامة مع والدي الزوجة، في بيت لاهيا على بعد كيلومتر واحد.

وقالت الزوجة: «كان المكان مريحاً للغاية، لأكون صادقة. شعرت وكأنني في المنزل. لكننا كنا نعيش في خوف ورعب».

وبالفعل، تعرضت بيت لاهيا لقصف كثيف. على مدار الأيام الستة التي قضوها هناك، فقد قامت إسرائيل بـ9 غارات على البلدة على الأقل، مما أسفر عن مقتل العشرات.

واخترقت الشظايا خزانات المياه في منزل والدي الزوجة. وتحطمت النوافذ بينما تجمعت العائلة في الداخل، الأمر الذي دفع الأسرة للنزوح مرة أخرى.

13- 15 أكتوبر: اللجوء إلى المستشفى

توجهت الأسرة إلى مستشفى القدس للإقامة بها بعد ترك منزل أسرة الزوجة.

وكان المبنى ومحيطه مكتظاً بآلاف الأشخاص. ففي جميع أنحاء شمال غزة، لجأت الأسر إلى المستشفيات، على أمل أن يكونوا في مأمن.

ووجدت الأسرة مساحة صغيرة على الأرض، بالكاد يكفي للنوم ​​وسط الطاقم الطبي المحموم الذي يكافح مع الجرحى.

وقالت الزوجة: «كانت ليلة سوداء وكانت هناك ضربات إسرائيلية متواصلة، ورأينا القتلى والجرحى متناثرين على الأرض».

وفي اليوم التالي لوصولهم، أصابت ضربة إسرائيلية منزلاً على بعد بضع مئات من الأمتار من المستشفى، مما أسفر عن مقتل طبيب بارز وحوالي عشرين فرداً من عائلته، الكثير منهم من الأطفال.

وأمر الجيش الإسرائيلي جميع المدنيين بعد ذلك بمغادرة شمال غزة، مما أدى إلى توجه مئات الآلاف من الأشخاص جنوباً، من بينهم أسرة أبو جراد.

15 أكتوبر - 26 ديسمبر (كانون الأول): مدرسة مكتظة

سارت الأسرة 10 كيلومترات حتى وصلت إلى مدرسة إعدادية للبنات تديرها الأمم المتحدة في مخيم النصيرات للاجئين.

وكان كل فصل دراسي وممر مكتظاً بالعائلات القادمة من الشمال. ووجدت الأسرة مساحة صغيرة في فصل دراسي يضم بالفعل أكثر من 100 امرأة وطفل. وللحفاظ على الخصوصية، انتقل أبو جراد للعيش مع الرجال في خيام بالخارج، في ساحة المدرسة.

كان هذا مكان إقامتهم لأكثر من 10 أسابيع. كانت الزوجة وبناتها ينمن على الأرض، دون مساحة كافية حتى لتمديد أرجلهن. ومع حلول الشتاء، لم يكن هناك ما يكفي من البطانيات.

وقالت الزوجة إن الحمامات كانت أسوأ شيء في الأمر. فلم يكن هناك سوى عدد قليل من المراحيض التي يستخدمها الآلاف من الناس.

وأشارت إلى أن الاستحمام كان بمثابة «معجزة». فقد ظل الناس عاجزين عن الاستحمام لأسابيع. وانتشرت الأمراض الجلدية على نطاق واسع.

ويومياً، كانت البنات يذهبن عند الفجر للانتظار في الطوابير أمام المخابز القليلة الموجودة بالمنطقة، ويعدن بعد الظهر، وفي بعض الأحيان يحملن رغيف خبز واحداً فقط. وفي أحد الأيام، سار أبو جراد وبناته مسافة 5 كيلومترات إلى مدينة دير البلح، بحثاً عن مياه صالحة للشرب.

وقال أبو جراد: «لولا أهل دير البلح الطيبين الذين أشفقوا علينا وأعطونا نصف غالون من المياه، لكنا عدنا بلا شيء».

ومع استمرار الضربات، قررت الأسرة الذهاب إلى أبعد مدى ممكن، فساروا مسافة 20 كيلومتراً إلى رفح، في أقصى جنوب غزة.

26 ديسمبر - 14 مايو (أيار): الحياة في خيمة

ذاقت أسرة أبو جراد طعم العيش في خيمة لأول مرة في رفح، وقد أقامت خيمتها وسط عشرات الآلاف من الخيام على مشارف المدينة.

وقالت الزوجة: «في الشتاء، كان الأمر أشبه بالجحيم، حيث غمرتنا المياه. وكنا ننام على الأرض، لا شيء تحتنا، ولا أغطية».

وأضافت: «لم يكن لدينا المال لشراء الطعام من الأسواق، حيث ارتفعت الأسعار. وأصيبت بناتنا بنزلات البرد والإسهال، ولم تكن هناك صيدلية قريبة لشراء الدواء. وعشنا بالكامل على المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة من الدقيق وغيره من المواد الأساسية».

وقال أبو جراد: «كان شراء حبة طماطم أو خيارة أشبه بالحلم».

ومثل كثيرين غيرهم، كانوا يعتقدون أن رفح هي آخر مكان آمن في غزة. ولكنها لم تكن كذلك.

وفي الأسبوع الأول من شهر مايو، أمرت إسرائيل بإخلاء رفح بالكامل. ثم توغلت قواتها في المدينة. واشتد القصف.

وحاولت الأسرة البقاء لأطول فترة ممكنة هناك. ولكن غارة جوية ضربت مكاناً قريباً، فقتلت أربعة من أبناء عم أبو جراد وفتاة صغيرة.

أسرة فلسطينية تحمل أغراضها أثناء النزوح من قطاع غزة (أ.ب)

16 مايو - 16 أغسطس (آب): «منطقة إنسانية»

نزح أكثر من مليون شخص من رفح هرباً من الهجوم الإسرائيلي، وتفرقوا في جنوب ووسط غزة. وملأت الخيام شواطئ المدن والحقول والأراضي الفارغة وساحات المدارس والمقابر وحتى مكبات النفايات.

وتوجهت أسرة أبو جراد إلى المواصي، التي كانت في السابق بلدة ساحلية، بعد أن أعلنت إسرائيل إنها «منطقة إنسانية» ـ رغم قلة المساعدات أو الغذاء أو الماء.

وفي هذا المكان، كانت الأسرة تستخدم أكواماً من العصي لإشعال النار وطهي الطعام، واستخدموا دلواً من الماء للاستحمام من حين لآخر. وكان الصابون باهظ الثمن. وتسللت العناكب الكبيرة والصراصير والحشرات الأخرى إلى الخيمة.

16 - 26 أغسطس: الفرار إلى البحر

أجبرت غارة شنتها إسرائيل على بعد أقل من كيلومتر أسرة أبو جراد على النزوح مرة أخرى. وتوجهت الأسرة نحو ساحل البحر الأبيض المتوسط، دون أن تعرف أين ستقيم.

لكن، لحسن الحظ، وجدت الأسرة بعض المعارف في إحدى الخيام.

وقال أبو جراد: «باركهم الله، لقد فتحوا خيمتهم لنا وسمحوا لنا بالعيش معهم لمدة 10 أيام».

أواخر أغسطس: لا نهاية في الأفق

عندما عادت الأسر إلى المواصي، وجدت أسرة أبو جراد أن خيمتها قد سُرِقَت وأن طعامها وملابسها اختفت بالكامل.

ومنذ ذلك الحين، تتكرر الأيام دون أي جديد. وتجد الأسرة أن البقاء على قيد الحياة يفقد معناه في صراع يبدو أنه لا نهاية له.

وأصبح العثور على الطعام أكثر صعوبة مع انخفاض الإمدادات التي تدخل غزة إلى أدنى مستوياتها خلال الحرب.

أصبح العثور على الطعام أكثر صعوبة مع انخفاض الإمدادات التي تدخل غزة (أ.ب)

وتحلق الطائرات المسيرة الإسرائيلية فوق رؤوس الأسرة باستمرار، حيث يعيش الجميع في رعب وضغط نفسي مستمر.

وتحلم الأسرة بالعودة إلى منزلها. وقال أبو جراد إنه علم أن منزل شقيقه المجاور دُمر في غارة، وأن منزله تضرر، لكنه لا يعرف حجم الضرر الذي لحق به.