لبنان: باسيل ينهي «اختلافاته» مع بوصعب بإقصائه من «الوطني الحر»

الأزمة بدأت قبل عامين وانفجرت إثر «تباينات» بملف الرئاسة

نائب رئيس البرلمان اللبناني إلياس بوصعب (أ.ف.ب)
نائب رئيس البرلمان اللبناني إلياس بوصعب (أ.ف.ب)
TT

لبنان: باسيل ينهي «اختلافاته» مع بوصعب بإقصائه من «الوطني الحر»

نائب رئيس البرلمان اللبناني إلياس بوصعب (أ.ف.ب)
نائب رئيس البرلمان اللبناني إلياس بوصعب (أ.ف.ب)

انتهى «الاختلاف» بين رئيس «التيار الوطني الحر» النائب اللبناني جبران باسيل ونائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب، إلى انفصال بوصعب رسمياً عن التيار، بعد عامين من «الخلافات الصامتة» التي توسعت من القيادات الحزبية إلى ممثلي الكتلة البرلمانية؛ وهو ما يعيد الضوء إلى التوترات الداخلية التي أقصت شخصيات معروفة وبارزة من «التيار»، من غير الإشارة إلى أسبابها.

وبوصعب، الذي كان خلال السنوات الماضية أحد أبرز صقور الكتلة النيابية لـ«التيار»، ومستشاراً أساسياً لرئيس الجمهورية السابق ميشال عون، «لم يعد موجوداً بـ(التيار)»، حسبما قالت مصادر قيادية في «التيار» لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن بوصعب «منذ أشهر لم يشارك في اجتماعات الكتلة البرلمانية»، وأن العلاقة انتهت «بعد اختلافات عميقة انتهت إلى هذا الانفصال».

لم يعد موجوداً

وتنفي مصادر أخرى مطلعة على أجواء «التيار» من الداخل، أن تكون التقديرات الإعلامية اللبنانية حول «طرد بوصعب» دقيقة، مؤكدة لـ«الشرق الأوسط» أن «الطرد غير موجود في (التيار)»، لكن ما جرى أن هناك «بياناً صدر، وتبلغته القيادات، يشير إلى أن بوصعب لم يعد موجوداً في (التيار)»، لافتة إلى أن القرار «يصادق عليه رئيس (التيار)، وهو ما حدث».

نائب رئيس البرلمان اللبناني إلياس بوصعب (أ.ف.ب)

وأنهى الإعلان الداخلي الأخير، الممهور بتوقيع النائب جبران باسيل، مرحلة من الخلافات بين الطرفين تمتد إلى عامين على أقل تقدير، وكان الطرفان يفضّلان تسميتها «الاختلافات» وليس «الخلافات»، في إشارة إلى «اختلافات بوجهات النظر وبمقاربة ملفات سياسية واستحقاقات داخلية وعلاقات بين المكونات السياسية».

عامان من التباين

وبدأت تظهر معالم التباين خلال مرحلة الانتخابات النيابية الأخيرة في ربيع 2022، حين اتُهم باسيل بأنه فضّل دعم مرشح آخر على لوائح «التيار» في المتن على حساب بوصعب، وأن أصوات المحازبين في المتن لم تُمنح لبوصعب. وتعمّقت التباينات بعد الانتخابات في الترشيحات لموقع نائب رئيس البرلمان، ولو أنها انتهت بتصويت نواب «التيار» و«أمل» و«حزب الله» وحلفاء لهم لبوصعب الذي كان مدعوماً من رئيس البرلمان نبيه بري، وفاز في الدورة الثانية، بفارق صوت واحد.

الرئيس نبيه بري مجتمعاً مع نائب رئيس البرلمان إلياس بوصعب (الوكالة الوطنية)

لكن تلك الأزمة التي يُصطلح على تسميتها «الخلافات الصامتة»، لم تفجّر العلاقة مع باسيل، كما لم تنعكس على علاقة بوصعب بالرئيس عون. وكان بوصعب، من خلال تواصله الدائم مع رئيس البرلمان نبيه بري، ومن خلال موقعه كنائب رئيس للبرلمان مع مختلف الكتل النيابية، «صلة الوصل بين التيار وعون من جهة، وبري من جهة أخرى قبل فترة الشغور الرئاسي».

كذلك، أهّلته «الميزة بالتواصل» مع المبعوث الرئاسي الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكستين، لأن يكون مشاركاً، من جهة رئاسة الجمهورية، في هندسة اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل في خريف عام 2022. وكان بوصعب، خلال فترة قربه مع باسيل قبل عامين، صلة وصل «التيار» مع الجانب الأميركي الذي يقاطع باسيل، المدرج على قوائم العقوبات.

بوصعب وهوكستين في بيروت وتظهر في الوسط السفيرة الأميركية السابقة في بيروت دوروثي شيا (المركزية)

تمايز بالعلاقات

في الداخل، لطالما أظهر بوصعب تمايزاً عن «التيار» في العلاقات بين المكونات السياسية. احتفظ بهامش واسع من العلاقة المتينة مع رئيس البرلمان نبيه بري، بينما كانت تتسم علاقة باسيل وبري بالتوتر، ولو أنها من غير أن تنقطع، لكن بوصعب في فترة الشغور الرئاسي، لم يكن صلة الوصل بين الطرفين، بل كان النائبان غسان عطا الله وآلان عون صلة الوصل.

بالإضافة إلى ذلك، ساعده موقعه نائباً لرئيس البرلمان ليحتفظ بعلاقة متينة مع سائر المكونات السياسية، وبينها من كانت في ظروف معينة على خصومة مع «التيار». لكن هذا التواصل، لم يكن السبب في تفجر العلاقة بين بوصعب وباسيل، بالنظر إلى أن هناك نواباً آخرين في «التيار»، يحتفظون بهامشٍ وعلاقات مع القوى الأخرى، مثل النائب آلان عون والنائب إبراهيم كنعان، رغم الانتقادات العونية لعلاقتهما مع بري من خلال «العمل البرلماني».

فالعلاقة بين بوصعب وباسيل توترت إلى أقصى مستوياتها في الاختلاف بملف انتخابات الرئاسة. وبينما كان نواب «التيار الوطني الحر» يصوّتون بأوراق بيضاء، كان بوصعب يصوت للوزير الأسبق زياد بارود... وفي الجلسة الأخيرة، اتُهم بوصعب بأنه لم يلتزم بالتصويت للوزير الأسبق جهاد أزعور في البرلمان، خلافاً لنواب كتلة «لبنان القوي» إثر اتفاق بين «التيار» و«القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» على الاقتراح لأزعور في آخر جلسات الانتخابات الرئاسية في البرلمان. وقبل شهرين، قال في مقابلة تلفزيونية إن «الاسم الحقيقي والمتقدم بشكل أكبر بالسباق على الرئاسة، هو رئيس تيار (المردة) سليمان فرنجية»، ولم يستبعد التصويت له «إذا كان في حاجة إلى صوت واحد».

بوصعب في أحد لقاءاته مع الرئيس السابق ميشال عون (رويترز)

مستقبل سياسي

اليوم، يجمع العارفون بتطورات العلاقة بين بوصعب و«التيار»، أن الخلاف الأساسي «مع النائب باسيل، وليس مع الرئيس عون»، لكن عون «يغطي قرارات باسيل الذي يُعدّ، في النهاية، رئيس (التيار) الذي يحق له اتخاذ القرارات». وترى مصادر هؤلاء أن الاختلاف في السابق «كان بإمكان باسيل أن يحتويه ويتحمله، لكن في الفترة الأخيرة، بات الاختلاف أكبر من أن يتحمله باسيل؛ مما دفعه بالذهاب نحو هذا الاتجاه لفض العلاقة نهائياً مع بوصعب».

ويشكّك مطلعون على أجواء «التيار الوطني الحر» بأن تؤثر الخطوة الأخيرة على مستقبل بوصعب السياسي، ويؤكد هؤلاء أن «حضور بوصعب في النيابة، غير مرتبط بـ(التيار)»، وأنه «كان موجوداً في العمل السياسي قبل (التيار)، وسيبقى مستمراً في أي مرحلة وبمعزل عن أي تطور».

أزمة داخل «التيار»

بدا التطور الأخير أقرب إلى «إقصاء» لبوصعب، وأعاد فتح ملف الخلافات في داخل «التيار» مع النواب وقيادات حزبية، وذلك إثر الخلافات التي ظهرت إلى العلن في فترة الانتخابات الأخيرة، وعكست تأزماً في داخل «التيار»، وأفضت إلى «استقالة» أو «إقالة» أو «استبعاد» 3 نواب سابقين هم: ماريو عون، وزياد اسود وحكمت ديب. وتلت هذه الموجة، موجة أخرى طالت قيادات في «التيار»، وبدأت تخرج إلى العلن منذ تسلم باسيل موقع رئاسة التيار خلفاً للرئيس ميشال عون في عام 2015.

وتضع مصادر قريبة من «التيار» الآن هذه التطورات في إطار «الأمور الحزبية»، وتؤكد أنها «تندرج ضمن إطار الاختلافات وليس محاولة لتطويع القيادات وممثلي (التيار) في البرلمان»، نافية أي معلومات تتحدث عن موجة أخرى من التباعد مع نواب آخرين، بعد قضية بوصعب.


مقالات ذات صلة

بريطانيّان يحاكمان بالانتماء إلى «حزب الله» وحضور «تدريبات إرهابية»

المشرق العربي لندن توجه تهماً لشخصين بالانتماء إلى «حزب الله» (الشرطة البريطانية)

بريطانيّان يحاكمان بالانتماء إلى «حزب الله» وحضور «تدريبات إرهابية»

مثل رجلان بريطانيان من أصول لبنانية أمام محكمة في لندن، الثلاثاء، بعد توجيه اتهامات لهما بالانتماء إلى جماعة «حزب الله»

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي حطام سيارة استهدفتها غارة إسرائيلية في بلدة العديسة الحدودية مع إسرائيل بجنوب لبنان وأسفرت عن سقوط قتيل (أ.ف.ب)

غارة إسرائيلية تستهدف ساحل جبل لبنان الجنوبي

استهدفت غارة جوية إسرائيلية، مساء الثلاثاء، شاحنة صغيرة على ساحل جبل لبنان الجنوبي، في تصعيد لافت بمداه الجغرافي.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي دبلوماسيون عاينوا نفقاً لـ«حزب الله» حيّده الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني خلال جولة برفقة الجيش اللنباني بجنوب لبنان (مديرية التوجيه)

زيارة الدبلوماسيين لجنوب لبنان... دعم دولي للمسار الدبلوماسي ولإجراءات الجيش

تابع رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون، الثلاثاء، التحضيرات للاجتماع المقرر عقده بباريس للبحث في حاجات الجيش.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي وزير الاقتصاد اللبناني السابق أمين سلام (الشرق الأوسط)

تأخّر المحاكمات يُطلق سراح وزير الاقتصاد اللبناني السابق

أطلق القضاء اللبناني سراح وزير الاقتصاد والتجارة السابق أمين سلام، بعد مضيّ ستة أشهر على توقيفه بتهمة «اختلاس أموال عامة وصرف نفوذ وتبييض أموال».

يوسف دياب (بيروت)
تحليل إخباري عناصر من «اليونيفيل» خلال دورية في بلدة ميس الجبل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

تحليل إخباري لبنان يأمل من الحراك الدولي خفض قلقه من تهديدات إسرائيل

يولي اللبنانيون أهمية لانعقاد الاجتماع التحضيري للمؤتمر الدولي لدعم الجيش الذي تستضيفه باريس، هذا الخميس، ويليه في اليوم التالي، أي الجمعة، اجتماع لـ«ميكانيزم»

محمد شقير (بيروت)

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي
TT

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي

«حماس» للتفاوض بحضور إسرائيلي ــ أميركي

أكَّدت مصادرُ في حركة «حماس» أنَّ الحركة تسعى إلى عقد جولة تفاوضية غير مباشرة، في ظل الاتصالات والمحادثات المستمرة مع الوسطاء بشأن الوضع في قطاع غزة، وتطورات الانتقال للمرحلة الثانية بما يضمن إمكانية أن تنفذ هذه المرحلة بسلاسة.

وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إنَّ هناك سعياً لعقد جولة تفاوضية غير مباشرة بحضور وفد من إسرائيل، وأيضاً من الجانب الأميركي، بما يدعم إمكانية الضغط الأميركي على الجانب الإسرائيلي؛ بهدف المضي في تنفيذ الخطة الأميركية لتحقيق الاستقرار.

ويبدو أنَّ «حماس» تُعوّل على تغيير تفكير الإدارة الأميركية، بشأن سلاحها، من خلال البحث عن مقترحات حول إمكانية تجميد السلاح، أو تسليمه لجهة يتم الاتفاق عليها.

وينبع هذا التعويل من ‏استراتيجية الأمن القومي الأميركي، التي تصنف الشرق الأوسط منطقة شراكة، بما يشير إلى أنَّ أميركا تحت حكم الرئيس دونالد ترمب، منفتحة على أنَّ أعداءها يمكن أن تكون لديهم الفرصة في حال أثبتوا قدرتهم على أن يصبحوا شركاء نافذين لها بالمنطقة، وأنه لا يهمها من يحكم، إنما يهمها الشراكة المجدية فقط.


بناء سوريا الجديدة يواجه تعقيدات إرث العهد السابق


الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد  أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
TT

بناء سوريا الجديدة يواجه تعقيدات إرث العهد السابق


الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد  أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)
الشاعر والناشط أنور فوزات الذي قُتل الأحد أمام منزله في قرية بوسان بريف السويداء الشرقي (وكالة سانا)

بين شوارع تنبض بالحياة في المدن الرئيسية وأرياف هشّة وفقيرة، ودمار كثيف يعم المناطق السورية، تواجه الدولة الناشئة في دمشق تحديات هائلة ناجمة عن تعقيدات العهد السابق.

فخلف الصورة البراقة للأحياء التي شهدت احتفالات بسقوط نظام الأسد على مدى أيام، تُدار معركة أخرى أقل صخباً وأكثر تعقيداً حيث «يشكل (داعش) والمهاجرون (المقاتلون الأجانب) التحدي الأبرز»، بحسب مصدر أمني.

ولكن في مقابل من يرى في «داعش» والتطرف عموماً «عقدة تقنية» يمكن حلها بمقاربة أمنية، هناك من يعتبر أن «المشكلة الفعلية تكمن في رسم خطط لاستيعاب كتلة بشرية هائلة نشأت خارج أي سياق اجتماعي طبيعي لسنوات عدّة، وبلا منظومة تعليمية أو أسرية أو أي شكل ناظم للحياة».

إنه تحدي إعمار المناطق المدمّرة وإيجاد مصادر رزق، خصوصاً في الأرياف، ولا سيما إدلب، حيث تتشابك الهوّيات السياسية والاجتماعية مع إرث الفصائل المتشددة، ما يجعل المنطقة أرضاً خصبة لصراعات محتملة.

وفي حين تقدم تجربة «الصحوات العراقية» نموذجاً محتملاً لسوريا، بتحويل المتضررين من التطرف إلى رافعات سياسية وأمنية، يبقى العبور من العسكرة إلى السياسة ومن الفصائلية إلى الدولة، المهمة الأصعب أمام سوريا الجديدة.


العراق... الصدر يجمّد قوات «سرايا السلام» في البصرة وواسط

زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)
زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)
TT

العراق... الصدر يجمّد قوات «سرايا السلام» في البصرة وواسط

زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)
زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر (أرشيفية - رويترز)

قرر زعيم التيار الشيعي الوطني العراقي مقتدى الصدر، الثلاثاء، تجميد «سرايا السلام» وغلق مقراتها في محافظتي البصرة وواسط لمدة 6 أشهر.

وقال الصدر في تدوينة له على منصة «إكس»: «تقرر تجميد (سرايا السلام) وغلق المقرات في كل من البصرة والكوت لمدة ستة أشهر لحين النظر في وضع حل للخروق والإساءة المتكررة لسمعة المجاهدين في (سرايا السلام) ولو كان من طرف ثالث».

وأضاف أن «سمعتهم أهم عندي من وجودهم، فسلامي لكل المجاهدين والمنضبطين والواعين للخروق ولمحاولات الفتنة والإساءة من الفاسدين وأضرابهم».