«حماس» لا تبدي تراجعاً للدفع باتفاق تهدئة في غزة... وتراهن على «ورقة الأسرى»

عدم إحاطتها بمصير كل المحتجزين يزيد من تعقيد المفاوضات... والولايات المتحدة تنضم لإسرائيل وتتهمها بإفشال الاتفاق

يجلسون على أنقاض مبنى دمر خلال القصف الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)
يجلسون على أنقاض مبنى دمر خلال القصف الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)
TT

«حماس» لا تبدي تراجعاً للدفع باتفاق تهدئة في غزة... وتراهن على «ورقة الأسرى»

يجلسون على أنقاض مبنى دمر خلال القصف الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)
يجلسون على أنقاض مبنى دمر خلال القصف الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

قالت مصادر مقربة من حماس لـ«الشرق الأوسط» إن التشدد الذي تبديه الحركة في مفاوضات الهدنة مع إسرائيل، ينطلق من واقع أن الحرب الإسرائيلية كانت مدمرة ودموية إلى حد كبير، ولم يعد للحركة ما تخسره مع احتلال الجيش الإسرائيلي معظم مناطق القطاع.

وأضافت المصادر: «الحركة التي بدأت الحرب تريد إنهاءها، ومن دون ذلك لا يمكن الوصول إلى اتفاق. (حماس) لا تريد اتفاقاً مرحلياً تخسر فيه آخر وأهم ورقة لديها. ورقة الأسرى. ثم تجد نفسها في خضم حرب تستأنفها إسرائيل».

وبحسب المصادر «تراهن الحركة على ورقة الأسرى بشكل كبير. وتفهم أنها في مرحلة عض الأصابع. مرحلة من يصمد أكثر قبل الهجوم على رفح. ولذلك تتشدد ولا تتراجع».

وكانت حركة «حماس» قد تمسكت بمواقفها المعلنة من أجل الوصول إلى اتفاق تهدئة في قطاع غزة، بل تشددت في المواقف الأخيرة، ما أفشل المباحثات وجعل اقتحام رفح المكتظة بالنازحين، أقرب من أي وقت مضى، وهو وضع أثار تساؤلاً كبيراً حول ما الذي تراهن عليه الحركة، في ظل حرب دموية مدمرة دخلت شهرها السابع وخلفت عشرات آلاف القتلى والجرحى ودماراً غير مسبوق، طال في جزء كبير منه قدرات الحركة.

وقال مصدر في الحركة لـ«الشرق الأوسط» إن الحركة بخلاف ما تحاول إسرائيل الترويج له «تتمسك بالمبادئ العامة، لكنها أبدت مرونة كبيرة فيما يتعلق بالتفاصيل».

عناصر من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» يسلمون الرهائن المفرج عنهم حديثاً إلى الصليب الأحمر في رفح 28 نوفمبر ضمن صفقة تبادل الرهائن والأسرى بين «حماس» وإسرائيل (د.ب.أ)

وأضاف أن «الحركة تريد إنهاء الحرب ووافقت على انسحاب تدريجي للجيش الإسرائيلي وعودة تدريجية للنازحين، لكن إسرائيل لا تريد ذلك. تريد استعادة أسراها ثم استئناف الحرب. الولايات المتحدة وإسرائيل هما اللذان يعرقلان الاتفاق».

وكان المصدر يرد على اتهامات أميركية إسرائيلية للحركة بإفشال الاتفاق، بعد أن قدمت مقترحات أكثر تشدداً بداية الأسبوع الحالي.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميلر: «هناك صفقة مطروحة على الطاولة من شأنها أن تحقق الكثير مما تدعي (حماس) أنها تريد تحقيقه، وهم لم يقبلوا تلك الصفقة».

وأضاف ميلر أن «خلاصة الأمر هي أنهم رفضوها، وإن قبلوها، كانت ستسمح بوقف فوري لإطلاق النار في غزة لمدة ستة أسابيع على الأقل، الأمر الذي سيفيد الشعب الفلسطيني الذي يزعمون أنهم يمثلونه. وكانت ستسمح لنا أيضاً بمواصلة التحسينات في تقديم المساعدات الإنسانية».

وتابع: «على (حماس) قبول تلك الصفقة، وعليهم أن يشرحوا للعالم وللشعب الفلسطيني سبب رفضها؛ لأن (حماس) الآن هي الحاجز والعقبة أمام وقف إطلاق النار في غزة»، حسب تعبيره.

تصريحات ميلر جاءت بعد تسليم «حماس» الوسطاء مقترحاً أكثر تشدداً قبل أيام. وقال مسؤول إسرائيلي كبير لـ«تايمز أوف إسرائيل»، إن رد «حماس» على اقتراح صفقة الرهائن الأخير، هو رفض جميع بنود الاقتراح الذي تمت صياغته في القاهرة في وقت سابق من هذا الشهر.

الأسير الفلسطيني سفيان أبو صلاح ينتظر الفحص الطبي في مستشفى النجار برفح بعد أن أطلق الجيش الإسرائيلي سراحه في 15 أبريل ضمن 150 فلسطينياً اعتقلوا خلال التوغل البري في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأضاف: «رد (حماس) يطالب بأن يكون إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في المرحلة الأولى من الصفقة، مشروطاً بتقديم المفاوضين ضمانات بأن توافق إسرائيل في المرحلة الثانية على وقف دائم لإطلاق النار، مع انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من غزة، وعودة الفلسطينيين إلى شمال القطاع دون عائق. والمطالب الثلاثة الأخيرة كلها مرفوضة تماماً».

كما يشمل اقتراح «حماس» زيادة كبيرة في عدد الأسرى الأمنيين الفلسطينيين الذين تطالب بإطلاق سراحهم مقابل كل محتجز، فضلاً عن عدد الأسرى المحكومين بالمؤبدات الذين تريد إطلاق سراحهم.

وقال المسؤول الإسرائيلي إن «حماس» مستعدة الآن للإفراج في المرحلة الأولى عن نحو 20 رهينة فقط من النساء والرجال فوق سن 50 والرهائن المرضى. وينص الاقتراح، الذي صاغه الوسطاء في القاهرة، على إطلاق «حماس» سراح 40 رهينة من تلك الفئات.

وقالت الحركة إنه لم يعد لديها 40 رهينة من تلك الفئات على قيد الحياة. ونُقل عن مسؤول إسرائيلي قوله لموقع «واللا» الإخباري، إن «حماس» استخدمت «أعذاراً سخيفة» لتفسير رفضها إطلاق سراح 40 رهينة «إنسانية»، بدعوى أن العديد منهم إما ماتوا أو ليسوا محتجزين لديها. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن «حماس» تقول إنها لا تعرف مصيرهم جميعاً، وتريد وقتاً (هدنة) للتأكد.

حرس الحدود الإسرائيلي يرافقون متظاهرين يمينيين سدوا الطريق أمام شاحنات أردنية تحمل مساعدات إنسانية لغزة عبر معبر كرم أبو سالم الحدودي الثلاثاء (أ.ف.ب)

وتطالب «حماس» أيضاً بأن توافق إسرائيل على وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، قبل أن تطلق الحركة سراح أول 20 رهينة. وقال المسؤول الإسرائيلي، إن «السنوار لا يريد التوصل إلى اتفاق، وإن استمرار معاناة سكان غزة لا يهمه، حتى بعد المرونة الإسرائيلية الاستثنائية فيما يتعلق بجميع جوانب الاقتراح الأميركي».

تعليقات المسؤول الإسرائيلي، أكدها بيان نادر من الموساد أصدره مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يوم الأحد، قال فيه إن رفض «حماس» للاقتراح الأخير (في القاهرة)، يثبت أن السنوار «غير مهتم بالتوصل إلى اتفاق إنساني وعودة الرهائن، ويواصل استغلال التوترات مع إيران لمحاولة توحيد الجبهات وتحقيق تصعيد عام في المنطقة».

امرأة وطفلها وسط أنقاض المباني في خان يونس الثلاثاء بينما يتصاعد دخان القصف الإسرائيلي من خلفهما (أ.ف.ب)

وورد أن اقتراح القاهرة الذي تم تقديمه الأسبوع الماضي، وقبلته إسرائيل من حيث المبدأ، ينص على وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة تستمر عدة أسابيع على الأقل مقابل إطلاق «حماس» سراح 40 محتجزاً على قيد الحياة، وإطلاق إسرائيل سراح مئات الأسرى الأمنيين الفلسطينيين، والسماح بتدفق المزيد من المساعدات إلى غزة، وعودة تدريجية مشروطة للنازحين.

وكانت «حماس» أعلنت، مساء السبت، أنها سلمت الوسطاء في مصر وقطر ردّها على المقترح الذي تسلمته الاثنين الماضي، مبدية استعدادها لإبرام «صفقة تبادل جادة وحقيقية للأسرى بين الطرفين»؛ وأكدت الحركة تمسكها بمطالبها التي تشمل «وقفاً دائماً لإطلاق النار، وانسحاب الاحتلال من كامل القطاع، وعودة النازحين إلى مناطقهم، وتكثيف دخول الإغاثة والمساعدات والبدء بالإعمار».


مقالات ذات صلة

ترحيل المهاجرين ضمن مهام ترمب في أول أيامه الرئاسية

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

ترحيل المهاجرين ضمن مهام ترمب في أول أيامه الرئاسية

قالت ثلاثة مصادر مطلعة لـ«رويترز» إنه من المتوقع أن يتخذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب عدة إجراءات تنفيذية في أول أيام رئاسته لإنفاذ قوانين الهجرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي أطفال في دير البلح يتجمعون للحصول على الطعام الذي توزعه منظمة إغاثة أمس (د.ب.أ)

تقرير أممي: إسرائيل رفضت أو عرقلت 85 % من قوافل المساعدات إلى شمال غزة

قالت الأمم المتحدة إن 85 في المائة من محاولاتها لتنسيق قوافل المساعدات والزيارات الإنسانية إلى شمال قطاع غزة تم رفضها من قبل إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
المشرق العربي فلسطينيون يتجمعون في موقع قصف إسرائيلي على ساحة مستشفى الأقصى بدير البلح (أ.ب) play-circle 00:29

غزة: الجيش الإسرائيلي يحاصر مدرسة تؤوي نازحين... و14 قتيلاً بغارات على القطاع

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة صباح اليوم (الثلاثاء) مقتل 14 شخصا على الأقل في غارات إسرائيلية على قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي الفلسطينية اعتماد القانوع في خيمتها مع أطفالها في جباليا (رويترز)

في غزة... الموت أهون من الجوع

تشعر الفلسطينية اعتماد القانوع بأن الجميع تخلوا عنها بينما تكافح لإطعام أطفالها السبعة.

«الشرق الأوسط» (غزة )
شؤون إقليمية فلسطينيون يدفنون يوم الأحد جثثاً لضحايا القصف الإسرائيلي على جباليا (أ.ف.ب)

مجاعة متفاقمة على وقع مجازر إسرائيلية شمال غزة

وسّعت إسرائيل عمليتها العسكرية في شمال قطاع غزة، وقصفت مناطق في جباليا وبيت لاهيا، مخلفةً مجازر وجثثاً في الشوارع، في خضم حصار خانق عمّق المجاعة في المنطقة.

كفاح زبون (رام الله)

هوكستين: هناك فرصة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان قريباً

المستشار الأميركي آموس هوكستين يتحدث بعد اجتماع في القصر الرئاسي اللبناني في بعبدا بلبنان في 27 أكتوبر 2022 (رويترز)
المستشار الأميركي آموس هوكستين يتحدث بعد اجتماع في القصر الرئاسي اللبناني في بعبدا بلبنان في 27 أكتوبر 2022 (رويترز)
TT

هوكستين: هناك فرصة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في لبنان قريباً

المستشار الأميركي آموس هوكستين يتحدث بعد اجتماع في القصر الرئاسي اللبناني في بعبدا بلبنان في 27 أكتوبر 2022 (رويترز)
المستشار الأميركي آموس هوكستين يتحدث بعد اجتماع في القصر الرئاسي اللبناني في بعبدا بلبنان في 27 أكتوبر 2022 (رويترز)

صرّح المبعوث الأميركي الخاص إلى لبنان آموس هوكستين للصحافيين في البيت الأبيض، الثلاثاء، أن «هناك فرصة» لتأمين وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» قريباً وأنه «متفائل» بشأن احتمالات مثل هذا الاتفاق.

التقى هوكستين في وقت سابق، الثلاثاء، في البيت الأبيض مع وزير الشؤون الاستراتيجية الزائر رون ديرمر الذي قدم موقف إسرائيل المحدث بشأن اقتراح وقف إطلاق النار المطروح حالياً على طاولة المفاوضات، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» الإسرائيلية.

صرّح هوكستين للصحافيين أن الولايات المتحدة ستنتظر الآن سماع رد من الجانب اللبناني.

ويقول المبعوث الأميركي هوكستين إنه لن يحتاج بالضرورة إلى القيام برحلة أخرى إلى المنطقة من أجل تأمين صفقة. وأكد أنه لن يكون هناك أي تدخل روسي في الاتفاق وسط تقارير تفيد بأن المساعدة من موسكو تم طلبها لضمان عدم تمكُّن إيران من مواصلة نقل الأسلحة إلى «حزب الله» عبر سوريا.