جهود أميركية لوقف التصعيد العسكري بين طهران وتل أبيب

بايدن استبعد مشاركة بلاده في أي هجوم إسرائيلي ضد إيران

يحاول بايدن ممارسة ضغوط على إسرائيل لإقناعها بالإحجام عن تصعيد عسكري (د.ب.أ)
يحاول بايدن ممارسة ضغوط على إسرائيل لإقناعها بالإحجام عن تصعيد عسكري (د.ب.أ)
TT

جهود أميركية لوقف التصعيد العسكري بين طهران وتل أبيب

يحاول بايدن ممارسة ضغوط على إسرائيل لإقناعها بالإحجام عن تصعيد عسكري (د.ب.أ)
يحاول بايدن ممارسة ضغوط على إسرائيل لإقناعها بالإحجام عن تصعيد عسكري (د.ب.أ)

يسعى الرئيس جو بايدن وأعضاء فريق الأمن القومي الأميركي لاحتواء الرد الإسرائيلي على الهجوم الإيراني الواسع ليلة السبت إلى الأحد، منعاً لتصعيد عسكري أوسع في المنطقة.

ونفّذت إيران هجوماً مباشراً على إسرائيل ليل السبت إلى الأحد، هو الأول من نوعه، رداً على الهجوم على مبنى قنصليتها في دمشق في 1 أبريل (نيسان). ولجأت الإدارة الأميركية إلى أدوات الضغط الدبلوماسي والسياسي لإقناع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعدم شن هجوم مضاد داخل الأراضي الإيرانية، خصوصاً أن دفاعات تل أبيب نجحت في صدّ هجوم طهران رغم حجمه غير المسبوق، دون أضرار أو خسائر كبيرة.

جانب من اجتماع بايدن مع فريقه للأمن القومي في واشنطن بعد الهجوم الإيراني على إسرائيل في 13 أبريل (أ.ف.ب)

وأعلن مسؤول كبير في البيت الأبيض، الأحد، أن الولايات المتحدة لا تريد تصعيداً للأزمة في الشرق الأوسط، وذلك بعدما صدّت إسرائيل الهجوم الإيراني الذي أرسلت خلاله مئات الصواريخ «كروز» و«أرض - أرض» ومسيّرات باتجاه إسرائيل.

وصرّح الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، جون كيربي، لشبكة «إن بي سي»: «لا نريد أن نرى تصعيداً في الوضع. لا نسعى إلى حرب أكثر اتساعاً مع إيران». وأضاف كيربي في المقابلة أن الولايات المتحدة ستبقى مستعدة في مواجهة أي تهديد إيراني للقوات الأميركية. وقال: «أوضحنا لجميع الأطراف، من بينها إيران، ما سنفعله... وكذلك مدى الجدية التي سنتعامل بها مع أي تهديدات محتملة لطواقمنا».

في الوقت ذاته، أعاد بايدن تأكيد دعم واشنطن «الثابت» لإسرائيل، ودعا في بيان قادة مجموعة السبع إلى تنسيق «ردّ دبلوماسي موحّد» على الهجوم الإيراني «الوقح». وأفاد موقع «أكسيوس» الإخباري بأن الرئيس الأميركي أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه سيعارض هجوماً إسرائيلياً مضاداً على إيران، وأن رئيس الوزراء يجب أن «يرضى بهذا النصر».

وفي هذا الصدد، عدَّ كيربي في تصريحاته لبرنامج «لقاء مع الصحافة»، الأحد، أن بايدن «لا يعتقد أن هناك حاجة إلى التحرك باتجاه (التصعيد) على الإطلاق، خصوصاً أن معظم صواريخ كروز التي أطلقتها إيران اعترضتها الطائرات المقاتلة الإسرائيلية». كما رفض كيربي «الدخول في افتراضات» حول ما إذا كانت الولايات المتحدة ستدعم هجوماً مضاداً إسرائيلياً ضد إيران، وقال «لم تتخذ إسرائيل أي قرارات بشأن الخطوة التالية على حد علمي».

إلى ذلك، رفض كيربي تحديد «خط أحمر» تضطر بعد تجاوزه بلاده للدخول بشكل مباشر في صراع مع إيران، واكتفى بالإشادة بالجهود المشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة لاستخدام أنظمة الدفاع الصاروخي للحماية من جميع الهجمات الإيرانية، وعدَّ هذا الجهد «إنجازاً عسكرياً مذهلاً لإسرائيل، وهو يعد مثالاً استثنائياً على التفوق العسكري».

القلق من الرد الإسرائيلي

يسود القلق أوساط البيت الأبيض حول ما إذا كان نتنياهو سيأخذ بنصيحة بايدن، خصوصاً أن الضربات الإيرانية تزامنت مع لحظة توتر بين بايدن ونتنياهو حول مسار العمليات العسكرية في غزة. ونقل بايدن خلافه مع نتنياهو إلى العلن في الأسابيع الماضية، وهدد قبل عشرة أيام بإعادة التفكير في دعمة لحرب إسرائيل في غزة، «إذا لم يقم نتنياهو بتخفيف معاناة المدنيين والسماح بدخول المساعدات». كما أبدت واشنطن غضبها من قيام إسرائيل بتنفيذ الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق، في 1 أبريل (نيسان)، دون التشاور المسبق مع واشنطن. وبدا أن نفوذ بايدن في التأثير في عملية صنع القرار الإسرائيلي ليس فعالاً بالشكل الكافي.

جانب من اجتماع نتنياهو مع مجلس وزراء الحرب في تل أبيب، يوم 14 أبريل (أ.ف.ب)

ويخشى المسؤولون الأميركيون من تسبب رد عسكري إسرائيلي محتمل على الهجوم الإيراني، في حرب إقليمية ذات عواقب كارثية.

وطلب وزير الدفاع لويد أوستن من نظيره الإسرائيلي يواف غالانت إخطار الولايات المتحدة قبل أي رد إسرائيلي محتمل، فيما أشار الأخير إلى تراكم ضغوط سياسية داخلية تدعم خيار الرد.

خيارات إسرائيل

تباهى نتنياهو في منشور على «إكس» بقوة الجيش الإسرائيلي (د.ب.أ)

يأمل البيت الأبيض في نجاح ضغوط بايدن بإقناع نتنياهو بالتحفظ في الرد وانصياعه لمناشدات المجتمع الدولي بممارسة ما يعرف بـ«الصبر الاستراتيجي»، والامتناع عن الرد بالمثل والاستمرار بدلاً من ذلك في استهداف حلفاء إيران بالوكالة في المنطقة مثل «حزب الله» في لبنان أو مواقع الإمدادات العسكرية في سوريا.

ويرى مراقبون أن أمام إسرائيل عدداً من الخيارات، بينها الإقدام على عملية انتقامية بسلسلة من الضربات الصاروخية طويلة المدى على إيران، تستهدف قواعد الصواريخ التي أطلقت منها طهران هجوم ليلة السبت. وستكون تلك المرة الأولى التي تهاجم فيها إسرائيل، إيران، بشكل مباشر وعلني، بدلاً من استهداف أذرعها في المنطقة. كما هناك خيارات أقل حدة، مثل شن هجمات سيبرانية أو استهداف مواقع نفطية أو سفن إيرانية.


مقالات ذات صلة

بايدن سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا يوم الاثنين

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

بايدن سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا يوم الاثنين

كشفت صحيفة «بوليتيكو» أن الرئيس الأميركي سيعلن عن خطط لإصلاح المحكمة العليا، يوم الاثنين، حيث سيدعم تحديد فترات ولاية القضاة وقواعد أخلاقية قابلة للتنفيذ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن في المكتب البيضوي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

بايدن يأمر بـ«حماية» اللبنانيين من الإبعاد عن أميركا

أمر الرئيس جو بايدن بحماية اللبنانيين الموجودين على الأراضي الأميركية من خطر الإبعاد مدة تصل إلى 18 شهراً، فيما يؤثر على زهاء 12 ألف شخص، بينهم 1700 طالب.

علي بردى (واشنطن)
الولايات المتحدة​ غيّرت حملة ترمب استراتيجيتها لمواجهة هاريس (أ.ف.ب)

هاريس توحّد صفوف الديمقراطيين وتستعد لمواجهة «حتمية» مع ترمب

نجحت حملة كامالا هاريس في توحيد صفوف حزبها وحشد دعم واسع، لكن هل يستمر حماس الناخبين الديمقراطيين تجاهها؟ وما حظوظها في الفوز على دونالد ترمب؟

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض في واشنطن في 5 أبريل 2022 (أ.ف.ب)

هاريس تقترب من انتزاع الترشيح الديمقراطي بعد تأييد أوباما

حظيت نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، على تأييد الرئيس الأسبق باراك أوباما لتكون مرشحة الحزب الديمقراطي لخوض سباق الرئاسة.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب وكامالا هاريس (شبكة «سي إن إن» الأميركية)

ترمب لن يناظر هاريس قبل تثبيت الحزب الديمقراطي ترشيحها رسمياً

أعلنت الحملة الانتخابية لدونالد ترمب أن الرئيس الأميركي السابق يرفض في الوقت الراهن تحديد أيّ جدول زمني لمناظرة منافسته الديمقراطية المفترضة كامالا هاريس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

جمهوريون يتساءلون عمّا إذا كان اختيار ترمب لفانس ملائماً

جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)
جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

لم تمض سوى أيام، على اختيار السيناتور عن ولاية أوهايو، جيمس دي فانس، نائباً للمرشح الجمهوري، الرئيس السابق دونالد ترمب، على بطاقة السباق الرئاسي، حتى بدأت الاعتراضات تتصاعد عن احتمال أن يكون هذا الاختيار خاطئاً؛ فقد أعرب العديد من أعضاء الحزب الجمهوري عن استيائهم منه، بعد انتشار مقاطع فيديو قديمة وثقت انتقاده من وصفهن بـ«نساء القطط»، في إشارة إلى نساء الحزب الديمقراطي. ونشرت العديد من الصحف الأميركية، بينها مجلة «بوليتيكو» وصحيفة «نيويورك تايمز»، تصريحات مسؤولين جمهوريين، ورسائل بريد إلكتروني ونصية، تشير إلى تحولاته السياسية من خصم قوي لترمب إلى نائب له، وتحولاته «الثقافية» بعد تأييده الحظر الذي فرضته ولاية أركنساس عام 2021 على الرعاية الصحية للمتحولين جنسياً.

نساء القطط

تقول مجلة «بوليتيكو»، إن فانس واجه أسبوعاً صعباً بعد انتشار تصريحات قديمة، يصف فيها نائبة الرئيس الأميركي، كامالا هاريس، وديمقراطيات أخريات بأنهن «نساء قطط بلا أطفال»، ويقترح أن الآباء يجب أن «يتمتعوا بسلطة سياسية أكبر» ممن لا أطفال لهم.

دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في كارولاينا الشمالية (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأضافت المجلة أن جمهوريين أعلنوا عن إحباطهم وقلقهم من تلك التصريحات (الحديثة نسبياً)، من بينهم المعلق المحافظ بن شابيرو الذي تساءل عما إذا كان يجب على ترمب اختيار فانس، قائلاً: «إذا كانت هناك آلة زمن، وإذا عاد الوقت أسبوعين إلى الوراء، فهل كان ترمب سيختار جي دي فانس مرة أخرى؟ أشك في ذلك».

وتساءل جمهوريون آخرون عما إذا كانت حملة ترمب قد توقعت حقاً الموجة العارمة من التعليقات القديمة للسيناتور فانس، وعمّا إذا كان انسحاب الرئيس الديمقراطي جو بايدن من السباق، وحلول كامالا هاريس شبه المؤكد على بطاقة السباق، من شأنه أن يغير اختيار ترمب له؟

وقال الاستراتيجي الجمهوري من ولاية ويسكونسن، بيل مكوشين: «من بين الأشخاص الذين تم ذكرهم بوصفهم مرشحين محتملين لتولي منصب نائب ترمب، كان فانس أكبر مخاطرة، لأنه لم يتم اختباره على المستوى الوطني من قبل». وأضاف: «سنرى خلال الأيام الـ100 المقبلة كيف سيصمد تحت الأضواء الساطعة في الحملة الانتخابية».

دونالد ترمب خلال تجمع انتخابي في كارولاينا الشمالية (أرشيفية - أ.ب)

لا يوجد جمهوري يدعمه

قال أحد أعضاء مجلس النواب الجمهوريين إن هذه المخاوف لم تأت فقط من المنتقدين، متسائلاً: «اعثر لي على مسؤول منتخب علناً في مجلس الشيوخ يدعم جي دي فانس، غير السيناتور مايك لي».

وتأتي هذه التعليقات، فيما حملة هاريس تحطم أرقاماً قياسية في جمع التبرعات، وتقدمها في استطلاعات الرأي، مزيلة تفوق ترمب السابق. وفي ردها على تعليقات فانس، أصدرت حملة هاريس بياناً بعنوان «يوم سعيد للتلقيح الاصطناعي للجميع باستثناء جيه دي فانس».

ومنذ أن بدأت هاريس حملتها الانتخابية، بدأ الديمقراطيون في شن هجمات على فانس، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن هذه الهجمات بدأت تؤثر عليه. وقال محلل شبكة «سي إن إن»، هاري إنتن، إن فانس «حصل على نسبة تأييد (سالب 5 في المائة) في استطلاعات الرأي، وهو أقل من أي مرشح لمنصب نائب الرئيس في التاريخ».

وكانت شعبية فانس أقل بنحو 3 نقاط مئوية في استطلاعين للرأي أصدرتهما هذا الأسبوع صحيفة «نيويورك تايمز/كلية سيينا»، والإذاعة الوطنية «إن بي آر» مع «بي بي إس نيوز/ كلية ماريست»، حيث وجد الأخير أن 28 في المائة من الناخبين المسجلين لديهم وجهة نظر إيجابية لفانس، بينما نظر إليه 31 في المائة بشكل سلبي، و41 في المائة غير متأكدين أو لم يسمعوا عنه.

جيمس دي فانس نائب المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترمب في تجمع انتخابي بجامعة رادفورد في فرجينيا (أرشيفية - أ.ف.ب)

المعركة تغيرت

يقول خبراء إن اختيار فانس جاء خلال مرحلة مختلفة تماماً من السباق الرئاسي، حين كانت المنافسة بين بايدن وترمب قبل أسبوع واحد فقط، كوسيلة لتنشيط قاعدة كانت بالفعل موحدة بقوة خلف ترمب بدلاً من استقطاب أي دوائر انتخابية جديدة.

وقال جوشوا نوفوتني، وهو استراتيجي جمهوري: «لم يكن فانس اختياراً سياسياً. لم يتم اختياره للحصول على أفضلية في بعض المجالات، بل تم اختياره كشخص يثق به ترمب، ويريد أن يخدم معه».

ورغم ذلك، يصر ترمب على أنه «لا يشعر بأي ندم» على اختياره لفانس. وقال لشبكة «فوكس نيوز»، الخميس، إنه لم يكن ليختار بشكل مختلف، حتى لو كان يعلم أن هاريس ستكون هي مرشحة الديمقراطيين.

ويخشى الجمهوريون من أن يؤدي التركيز على سجل فانس وتعليقاته اليمينية المتشددة، تجاه قضايا الإجهاض والمرأة والجندر والمتحولين جنسياً، إلى حرمانهم، ليس فقط من الفوز في انتخابات الرئاسة، بل خسارة سباقات مهمة في مجلسي الشيوخ والنواب أيضاً. وغني عن الذِّكْر أن المعارك الانتخابية تدور على الفوز فيما يسمى بالولايات المتأرجحة، وغالبيتها تضم ناخبين لا يحملون توجهات اجتماعية متشددة، وقد لا يكفي تحريضهم على قضايا الاقتصاد وأمن الحدود، للفوز بأصواتهم.