إيران تغرق الضفة الغربية بالأسلحة ضمن حربها الخفية مع إسرائيل

مصادر إيرانية كشفت عن مسار تهريب سري يمر عبر العراق وسوريا والأردن

تفقُّد الأضرار بعد اجتياح إسرائيلي لمخيم نور شمس شمال الضفة الغربية ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
تفقُّد الأضرار بعد اجتياح إسرائيلي لمخيم نور شمس شمال الضفة الغربية ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

إيران تغرق الضفة الغربية بالأسلحة ضمن حربها الخفية مع إسرائيل

تفقُّد الأضرار بعد اجتياح إسرائيلي لمخيم نور شمس شمال الضفة الغربية ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)
تفقُّد الأضرار بعد اجتياح إسرائيلي لمخيم نور شمس شمال الضفة الغربية ديسمبر الماضي (أ.ف.ب)

قال مسؤولون من الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران إن طهران تدير مساراً سرياً للتهريب عبر الشرق الأوسط، وتُوظف عملاء استخبارات ومتشددين مسلّحين وعصابات، لتوصيل أكبر قدر من الأسلحة إلى فلسطينيين بالضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، وفق ثلاثة مسؤولين إيرانيين تحدثوا لصحيفة «نيويورك تايمز».

وتزيد العملية السرية، في الوقت الحاضر، المخاوف من سعى إيران إلى «تحويل الضفة الغربية إلى بؤرة مشتعلة أخرى» في حرب الظل طويلة الأمد بين إسرائيل وإيران، بعد أن اكتسب هذا الصراع قدراً كبيراً من الأهمية، هذا الشهر، ما يهدد باشتعال صراع أوسع نطاقاً في الشرق الأوسط، بعد أن تعهدت إيران بالانتقام من الضربة الإسرائيلية التي استهدفت قنصليتها في دمشق وقتلت سبعة من قادتها في الحرس الثوري الإيراني.

وقال المسؤولون، للصحيفة، إن كثيراً من الأسلحة المهرّبة إلى الضفة الغربية يمر عبر مسارين، من إيران مروراً بالعراق وسوريا ولبنان والأردن وإسرائيل. وأضاف المسؤولون أنه مع عبور الأسلحة للحدود، فإنها تنتقل لفريق متعدد الجنسيات تشمل أعضاء في عصابات الجريمة المنظمة، ومتشددين مسلَّحين، وجنوداً وعملاء استخبارات. ولفت مسؤولون ومحللون إيرانيون إلى أن إحدى الجماعات الرئيسية في العملية هي مهرّبون بدو ينقلون الأسلحة عبر الحدود من الأردن إلى إسرائيل.

وأجرت صحيفة «نيويورك تايمز» مقابلات مع كبار المسؤولين الأمنيين والحكوميين الذين كانوا على علم بالجهود التي تبذلها إيران لتهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية، بما في ذلك ثلاثة من إسرائيل، وثلاثة من إيران، وثلاثة من الولايات المتحدة. وقد طلب المسؤولون من الدول الثلاث حجب هويتهم لمناقشة العمليات السرية التي لم يُسمح لهم بالتحدث علناً بشأنها.

قال ماثيو ليفيت، مدير برنامج مكافحة الإرهاب في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، المؤسسة البحثية، ومؤلف دراسة حول مسار التهريب: «إن الإيرانيين أرادوا إغراق الضفة الغربية بالأسلحة، وكانوا يستخدمون الشبكات الإجرامية في الأردن والضفة الغربية وإسرائيل، سيما من البدو، في نقل وبيع المنتجات».

ثمانية موقوفين من التسعة المتهمين بالتهريب في الأردن ديسمبر الماضي (القوات المسلحة الأردنية)

تقول مصادر مطّلعة إن عمليات التهريب إلى الضفة بدأت منذ عامين، عندما شرعت إيران في استخدام طرق تهريب بضائع أخرى. ومن غير الواضح بالضبط حجم الأسلحة التي وصلت إلى المنطقة في ذلك الوقت، رغم أن المحللين يقولون إن غالبيتها من الأسلحة الصغيرة.

في الأشهر التالية على الهجوم الذي شنته حركة «حماس» على إسرائيل من قطاع غزة، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، شنت قوات الأمن الإسرائيلية حملة واسعة النطاق في الضفة الغربية، وُصفت بأنها جزء من جهود مكافحة الإرهاب ضد «حماس» والفصائل المسلّحة الأخرى لاستئصال الأسلحة والمسلّحين. وسقط مئات الفلسطينيين قتلى على يد القوات الإسرائيلية، بمن فيهم أولئك المتهمون بمهاجمة الإسرائيليين، وفق الأمم المتحدة، في واحدة من أعنف الفترات الدموية منذ عقود.

معتقلون ظلماً

تقول منظمات حقوق الإنسان إن كثيراً من الفلسطينيين معتقلون ظلماً، خصوصاً المحتجَزين في السجون الإسرائيلية دون محاكمات، وإنه من غير الواضح عدد المعتقلين الذين لديهم صلات حقيقية بالمسلّحين.

يقول عمر شاكر، مدير قسم إسرائيل وفلسطين في «هيومن رايتس ووتش»: «تشمل هذه الاعتقالات عدداً من الأشخاص الذين يجري القبض عليهم لأسباب غير واضحة. ولدى الحكومة الإسرائيلية سِجل حافل بالاحتجاز والاعتقال التعسفي، واحتجاز الناس بسبب ممارستهم حقوقهم الأساسية».

أرشيفية طهران 22 يناير قائد الحرس الثوري الجنرال حسين سلامي (وسط) أثناء تشييع عناصر قُتلوا في سوريا (نيويورك تايمز)

وأعلن قادة إيران، منذ سنوات، ضرورة تسليح المقاتلين الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. ودأبت إيران، منذ فترة طويلة، على تزويد المسلّحين في أماكن أخرى من المنطقة بالأسلحة اللازمة لمهاجمة إسرائيل، ومن بينهم اثنان من حلفائها الفلسطينيين الرئيسيين في غزة، «حماس»، و«الجهاد الإسلامي»، وكلتا الجماعتين تعمل أيضاً في الضفة الغربية، وهما مصنفتان من قِبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل وبلدان أخرى، ضمن المنظمات الإرهابية.

وكشف المسؤولون الإيرانيون أن إيران لم تخص مجموعة معينة بسخائها، واختارت، بدلاً من ذلك، إغراق المنطقة بالأسلحة والذخيرة.

إفطار جماعي برمضان في طهران 3 أبريل وتبدو لافتة تنعى الجنرال محمد رضا زاهدي (نيويورك تايمز)

ويقول أفشون أوستوفار، الأستاذ المشارك في شؤون الأمن القومي بكلية الدراسات العليا البحرية والخبير في الشؤون العسكرية الإيرانية، إن إيران تركز على الضفة الغربية لأنها تدرك أن الوصول إلى غزة سوف يُقيّد في المستقبل المنظور، وإن «الضفة الغربية ستكون الحدود التالية التي سوف تخترقها إيران وتنشر الأسلحة فيها، وتتحول إلى مشكلة كبيرة، مثل غزة، إن لم تكن أكبر».

«فتح» تتهم

من جهتها، اتهمت «فتح»، الفصيل الفلسطيني الذي يسيطر على السلطة الفلسطينية التي تحكم قسماً كبيراً من الضفة الغربية، إيران، الأسبوع الماضي، بمحاولة «استغلال» الفلسطينيين لتحقيق مآربها عبر نشر الفوضى في المنطقة. وقالت حركة «فتح»، في بيان، إنها لن تسمح «باستغلال قضيتنا المقدسة ودماء شعبنا» من قِبل إيران.

ولم تُعلّق بعثة إيران لدى الأمم المتحدة، في بيان، على عملية التهريب، لكنها شددت على أهمية حمل الفلسطينيين السلاح ضد إسرائيل. وحتى بعد يوم 7 أكتوبر، ومع إطلاق وكلاء إيران بشكل متزايد لصواريخ من لبنان واليمن، اختارت إيران وإسرائيل حصر كثير من صراعهما في الظل.

دمار لحق مبنى القنصلية الإيرانية بحي المزة الدمشقي بعد قصف إسرائيلي أول أبريل (خاص بالشرق الأوسط)

لكن تلك الحرب السرية خرجت إلى العلن، الأسبوع الماضي، مع توجيه ضربة جوية إلى مبنى تابع للسفارة الإيرانية في سوريا. وفي الأول من أبريل (نيسان)، استهدفت اجتماعاً لقادة عسكريين إيرانيين «الحرس الثوري»، وأعضاء من حركة «الجهاد الإسلامي» في دمشق.

صور القيادات الإيرانية التي قُتلت بالغارة على القنصلية بدمشق معروضة داخل السفارة الإيرانية (رويترز)

وقال مسؤولون إسرائيليون وإيرانيون وأميركيون إن بين القتلى الجنرال محمد رضا زاهدي (65 عاماً)، الجنرال بـ«الحرس الثوري»، والمسؤول عن العمليات السرية الإيرانية في سوريا ولبنان، والتي تمر من أراضيها أجزاء من مسار تهريب الأسلحة. وجاء ذلك الهجوم في أعقاب غارة جوية إسرائيلية سابقة، في 26 مارس (آذار)، على نقطة التقاء رئيسية لطريق التهريب في شرق سوريا، وفقاً لمسؤولين أميركيين وإيرانيين واثنين من المسؤولين الإسرائيليين.

وقال مطّلعون إن غالبية الأسلحة المهرَّبة عبارة عن أسلحة صغيرة مثل المسدسات والبنادق الهجومية. ووفقاً لمسؤولين أميركيين وإسرائيليين، تباشر إيران أيضاً تهريب الأسلحة المتطورة. وقال مسؤولون إسرائيليون إن هذه الأسلحة تشمل صواريخ مضادة للدبابات وقذائف صاروخية تنطلق بسرعة وعلى ارتفاع منخفض من الأرض، مما يخلق تحدياً لإسرائيل في الدفاع عن الأهداف المدنية والعسكرية من النيران قريبة المدى.

وأفاد جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي «شين بيت» بأنه استولى مؤخراً على مُعدات عسكرية متطورة هُربت إلى الضفة الغربية، وأنه «يأخذ على محمل الجد الانخراط في الأنشطة التي تُوجهها إيران والشركاء التابعون لها، وسوف يواصل تنفيذ التدابير الفعالة في جميع الأوقات لرصد وإحباط أي نشاط يُعرّض أمن دولة إسرائيل للخطر».

وأفاد مسؤولون إسرائيليون وإيرانيون وأميركيون، الصحيفة، بأن إيران تستخدم مسارين رئيسيين لنقل الأسلحة إلى الضفة الغربية. على أحد المسارين يحمل المسلّحون المدعومون من إيران والعملاء الإيرانيون الأسلحة من سوريا إلى الأردن، ومن هناك يجري نقلها إلى الحدود ثم إلى المهربين البدو، وبدورهم ينقلون الأسلحة إلى الحدود مع إسرائيل، حيث تقوم عصابات الجريمة المنظمة بنقلها إلى الضفة الغربية.

وتستغل الجهود الإيرانية طريقاً معروفاً للتهريب في الأردن، يتقاسم حدوداً سهلة الاختراق تمتد لمسافة 300 ميل مع إسرائيل. وقال أحد المسؤولين الإيرانيين إن التشديد الأمني في كل من إسرائيل والأردن، منذ السابع من أكتوبر، زاد من خطر القبض على المُهرّبين، خصوصاً بالنسبة للبدو وعرب إسرائيل الذين يلعبون أدواراً حاسمة في قدرتهم على عبور الحدود.

مسار ثان من سوريا ولبنان

وقال اثنان من المسؤولين الأميركيين إن مساراً ثانياً أكثر تحدياً يتخطى الأردن، وينقل الأسلحة من سوريا إلى لبنان، ومن هناك يجري تهريب الأسلحة إلى إسرائيل، حيث تقوم العصابات بتسلمها ثم نقلها إلى الضفة الغربية.

قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة تقوم بدورية عند الجانب اللبناني من الحدود مع إسرائيل (د.ب.أ)

يقول ليفيت إن المسار عبر لبنان أكثر صعوبة، ولا سيما منذ بدء حرب غزة؛ لأن الحدود التي يعمل عليها «حزب الله» تخضع لرقابة أكثر تشدداً من جانب الجيش الإسرائيلي وقوات حفظ السلام، التابعة للأمم المتحدة.

يجري أغلب النشاط، الذي ينطوي على تنسيق مسار التهريب، بواسطة عملاء إيرانيين من «فيلق القدس»؛ وهو جهاز الاستخبارات الخارجية التابع للحرس الثوري، وفق اثنين من المسؤولين الإيرانيين التابعين للحرس الثوري. وقالت إيران إنه، بالإضافة إلى قتل زاهدي، أدت الضربة الإسرائيلية ضد مبنى القنصلية الإيرانية بدمشق، بداية هذا الشهر، إلى مقتل جنرالين آخرين من «فيلق القدس»، وأربعة ضباط آخرين، مما يجعله واحداً من أكثر الهجمات دموية في حرب الظل بين الجانبين.

وكشف مسؤولون أميركيون واثنان من المسؤولين الإسرائيليين أن سلسلة من الهجمات في سوريا استهدفت، قبل أسبوع، وحدتين تابعتين للاستخبارات الإيرانية ضالعتين في عمليات التهريب؛ الأولى معروفة باسم «الشعبة 4000»، تخضع للإشراف المباشر من «الحرس الثوري». أما الوحدة الأخرى، «الشعبة 18840»، فيديرها «فيلق القدس».

*خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

المشرق العربي جنود إسرائيليون يعتقلون فلسطينياً خلال عملية عسكرية في قلقيلة بالضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

مقتل فلسطيني في نابلس وسط هجمات للمستوطنين

تصاعدت هجمات المستوطنين بمناطق متفرقة من الضفة، وسط تحذيرات رسمية من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي جنود إسرائيليون يقومون بدوريات في شوارع طوباس بالضفة الغربية المحتلة (أ.ف.ب)

مقتل فلسطيني برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية

قالت وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم (الجمعة)، إن فلسطينياً قُتل برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية.

«الشرق الأوسط» (نابلس)
المشرق العربي جنود إسرائيليون خلال عملية في بلدة القلقيلة في الضفة الغربية الخميس (د.ب.أ)

إسرائيل: إقرار موازنة تخدم الاستيطان بالضفة

طلبت وزارة الدفاع الإسرائيلية 144 مليار شيقل وحصلت على 112 بما يزيد بنحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية آليات تابعة للاحتلال الإسرائيلي في مدينة نابلس بالضفة الغربية يوم الثلاثاء (إ.ب.أ) play-circle

إسرائيل تتأهب لتصعيد من الضفة... وتمدد عملياتها لأسبوعين

تستعد إسرائيل لتصعيد أكبر في الضفة الغربية يشمل هجمات فلسطينية محتملة على خلفية العملية العسكرية المتواصلة في شمال الضفة التي تم تمديدها لأسبوعين إضافيين

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي صورة لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية أثناء استئناف الدراسة خلال وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» بمدينة غزة 2 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

مقتل شخصين في قصف إسرائيلي على حي التفاح شرق مدينة غزة

قالت المديرية العامة للدفاع المدني في قطاع غزة مساء اليوم الثلاثاء إن شخصين قُتلا وأصيب أكثر من 15 نتيجة قصف مدفعي إسرائيلي على منزل شرق مدينة غزة

«الشرق الأوسط» (غزة)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.