غسان سلامة لـ«الشرق الأوسط»: انفلات القوة سمة المرحلة

قال إن أميركا تبقى القطب الأكبر لكن قدرتها على ضبط حلفائها وتطويق خصومها تتراجع

غسان سلامة (الشرق الأوسط)
غسان سلامة (الشرق الأوسط)
TT

غسان سلامة لـ«الشرق الأوسط»: انفلات القوة سمة المرحلة

غسان سلامة (الشرق الأوسط)
غسان سلامة (الشرق الأوسط)

إذا كانت القاعدة العامة تقول بصعوبة عرض مضمون كتاب، خصوصاً إذا كان تحليلياً ويُراد منه أن يكون شاملاً، فإن الصعوبة مضاعفة في حالة كتاب الدكتور غسان سلامة الأخير الصادر عن دار «فايار» الفرنسية قبل بضعة أيام. فكتاب سلامة يستند إلى تجربة أكاديمية رائدة وانخراط في العمل السياسي، وأخيراً في العمل الدبلوماسي في إطار الأمم المتحدة، فضلاً عن شبكة علاقات عالية المستوى نسجها عبر العالم.

ولتبيان جدية الكتاب والكمية الاستثنائية من المعلومات والتحليلات والنوافذ التي يفتحها، تكفي الإشارة إلى الخمسين صفحة من المراجع التي يعود إليها، وللمعلومات التي يستقيها لبناء شبكة قراءاته الخاصة لتطورات العالم. ولا شك أن بعض طموحه يظهر في العنوان الفرعي: «الحرب والسلام في القرن الحادي والعشرين»، وأن كتابه سيشكل مرجعاً رئيسياً للعقود اللاحقة.

في ستة فصول ومقدمة مستفيضة وخاتمة من أكثر من ثلاثين صفحة، يجول غسان سلامة على أحداث وأزمات العالم شرقاً وغرباً. ولعل الأبرز من فصول الكتاب ذاك الذي خصصه لدراسة «انتفاء استخدام قواعد اللجوء إلى القوة»، ليبين للقارئ كيفية تفلّت العالم وتكاثر الحروب والنزاعات والصراعات.

لذلك، كان من الضروري الانطلاق من مضمون الكتاب لإجراء مقابلة مع الكاتب تلقي مزيداً من الضوء على عدد من الملفات التي تستحوذ على الاهتمام الدولي في الزمن الراهن.

سألنا الكاتب عن سبب تسمية الكتاب «إغراء القوة» (بالفرنسية: La Tentation de Mars) بالإشارة إلى «مارس» إله القوة والحرب في الميثولوجيا الإغريقية والرومانية، وجوابه أن ما أراد الإيحاء به أن دولاً كثيرة أخذت تقع تحت إغراء القوة والحروب، ومنها دول صغيرة، وبالتالي، فإن الحروب الراهنة ليست الوحيدة؛ إذ إن إغراء القوة أصبح كونياً.

أما العنوان الفرعي «الحرب والسلام في القرن الحادي والعشرين» فإنه يستعيد في جزء منه عنوان رواية تولستوي «الحرب والسلم» وكتاب عالم الاجتماع والكاتب السياسي الفرنسي ريمون أرون الذي يحمل أيضاً عنوان «السلم والحرب». وفيما يلي نص المقابلة:

* أين يكمن الخيط الجامع لهذا الكتاب الجديد؟

- نقطة الانطلاق تكمن في السؤال التالي: لماذا تسمى مرحلة ما بعد 1990 وحتى اليوم، أي مرحلة من ثلث قرن، «مرحلة ما بعد الحرب الباردة»، وذلك في الأدبيات الغربية الأميركية والأوروبية والروسية وغيرها؟ ولماذا ليس لها اسم أو تعبير كما حصل في المراحل السابقة؟

الخلاصة التي توصلت إليها أن التطورات التي حصلت منذ عام 1990 جاءت متنافرة، ولذا يصعب إيجازها بتعبير. وقد حاول كثيرون، منهم فرنسيس فوكوياما الذي أسماها «نهاية التاريخ»، وصامويل هنتنغتون صاحب «صراع الحضارات»، وآخرون اختاروا «انتهاء الاستقطاب الدولي»، لكن هذه التوصيفات كافة غير كافية.

وبعد تأمل وتفكير وبحث، وجدت أن المرحلة الزمنية الممتدة من عام 1990 وحتى عام 2024، هي في الواقع مرحلتان متناقضتان تماماً: الأولى أسميها «مرحلة الأماني»، وتمتد ما بين 1990 ونحو 2006، والثانية «مرحلة الخيبة» وهي من عام 2006 وحتى اليوم.

غلاف كتاب غسان سلامة الجديد «إغراء القوة»

ولإبراز هذا الواقع، ارتكزت إلى ستة معايير تبين بوضوح هذا الانقسام وهي التالية: انتشار الديمقراطية والعولمة والثورة التكنولوجية والثقافة وانتفاء قواعد استخدام القوة، وأخيراً المعيار النووي. وتبين المقاربة الشاملة أن الجزء الأول من ثلث القرن المشار إليه غلبت عليه الإيجابيات، ولكنها تراجعت في جزئه الثاني.

انفلات القوة

* هل يمكن توضيح معيار انتفاء قواعد اللجوء إلى القوة والمعيار النووي؛ كونهما الأكثر بروزاً في الوقت الراهن؟

- أعني بهذا المعيار أنه في الفترة الأولى من ثلث القرن الذي نتحدث عنه، رأينا مثلاً أن حرب الكويت عام 1991 قامت على أساس 12 قراراً لمجلس الأمن الدولي ما سمح لـ65 دولة بالمشاركة في حرب تحرير هذا البلد. وعندما سُئل جورج بوش الأب آنذاك: لماذا لا تذهب حتى بغداد؟ رد بأن قرارات مجلس الأمن «تعطيني الحق باستعادة سيادة الكويت وليس لتدمير سيادة العراق».

الحرب الثانية التي قام بها جورج بوش الابن على العراق عام 2003، جاءت مختلفة تماماً عن الأولى؛ لأنها لم تستند إلى قاعدة قانونية وتمت من غير قرار من مجلس الأمن، ولم تؤد إلى قيام تحالف دولي واسع، فضلاً عن أهدافها المتذبذبة. بداية كان الهدف تدمير أسلحة الدمار الشامل وتبعه القضاء على ديكتاتور خطير ثم نشر الديمقراطية. وما عابها لاحقاً أنها فشلت في استيلاد كيان سياسي مستقر.

واعتقادي أن «الخطيئة الأصلية» في الهجوم الأميركي - البريطاني على العراق، أنه أسس لممارسات مشابهة من الدول الأخرى، فرأينا مثلاً أن روسيا استخدمت هذه الحجة للهجوم على جورجيا سنة 2008 كما استخدمها الرئيس بوتين مجدداً لمهاجمة أوكرانيا سنة 2014 ومرة أخرى عام 2022. ورأينا أن دولاً أخرى كإيران وتركيا، وأيضاً إسرائيل، لا تتردد بتاتاً في استخدام القوة. لا بل إن دولاً صغيرة مثل رواندا تقوم بعمليات عسكرية شبه مستمرة في عدد كبير من الدول الأفريقية من غير مسوغ قانوني.

إذن هناك انفلات، في الفترة الزمنية التي ندرسها، لقواعد استعمال السلاح. وتبين المتابعة وجود قدر كبير من احترام المعاهدات والقوانين الدولية في المرحلة الأولى من ثلث القرن المنصرم، وتجاهل لها بدءاً من سنة 2003، أي مع حرب العراق.

تفتيت «المُحرَّم» النووي

أما فيما يخص المعيار النووي، فقد وجدنا في المرحلة الأولى من ثلث القرن المنصرم عدداً كبيراً من الاتفاقيات المطمئنة. فسنة 1995، تم تمديد اتفاق الامتناع عن نشر الأسلحة النووية إلى ما لا نهاية، بعد أن كان محدداً زمنياً. ثم إن دولاً كثيرة قبلت خفض ترساناتها النووية وعلى رأسها الولايات المتحدة وروسيا. وتعاون هذان البلدان لمعالجة موضوع كارثة «تشيرنوبل» النووية؛ كي لا تتكرر الكوارث.

وأشدد على أهمية الاتفاق الذي حصل بخصوص نقل أسلحة نووية كانت موجودة في عدد من مكونات الاتحاد السوفياتي السابق كما في كازاخستان وأوكرانيا وبيلاروسيا لكي تكون تحت رقابة روسية. وأبعد من ذلك، وجدنا سبباً حقيقياً للحلم إلى درجة أن أربعة وزراء خارجية أميركيين سابقين بينهم جورج شولتس وهنري كيسينغر دعوا إلى «صفر سلاح نووي»، أي إلى نزع كامل للسلاح النووي.

لكن ماذا نرى اليوم؟ نرى أن بريطانيا تنفق مئات الملايين لتجديد سلاحها النووي. والشيء نفسه يحصل في فرنسا. ونرى أن الصين تريد الانتقال قبل عام 2030 من 1500 رأس نووي إلى 3 آلاف رأس نووي، فيما بوتين لا يتراجع عن التهديد باستعمال السلاح النووي.

ومن جانبها، تريد الولايات المتحدة زيادة رؤوسها النووية وتجديدها، وحتى دول صغيرة كإسرائيل لا يتردد أحد وزرائها بالتهديد بإلقاء قنبلة نووية على غزة. إذن ما يسمى «المُحرَّم» النووي بدأ تفتيته تدريجياً في السنوات العشر الأخيرة. وإذا أخذت هذه المعايير الستة معاً، فسنرى أنها كانت كلها إيجابية إلى حد كبير حتى عامي 2005 و2006 وأصبحت تميل، منذ ذلك الحين، إلى السلبية.

أقطاب متعددة وتوازن غائب

* ثمة جدل كبير لا يتوقف لجهة توصيف حالة العالم اليوم: أحادي القطبية، ثنائيها، متعدد الأقطاب أو عديم القطبية... ما قراءتك؟

- قراءتي كالتالي: هناك تعدد في مصادر القوة ومراكزها بمعنى وجود تعدد أقطاب لكنها غير متوازنة. ثمة دول بدأت تتحول إلى أقطاب حقيقية مثل الصين أو الهند أو غيرها من الدول، ولكن الولايات المتحدة لا تزال تتمتع بفارق متقدم. أميركا، على الورق، هي من دون أي شك القطب الأكبر والأول، ولكن ليس الوحيد.

بيد أنه تجدر الإشارة إلى أن هذا القطب يعاني من مكامن ضعف. وما زال الأول بفضل إمكانياته المادية والعسكرية الكبيرة جداً، حيث إن ميزانيته العسكرية تتفوق على الـ12 دولة التي تليه في حجمه. لكن الولايات المتحدة، القطب الأول، تعاني من ارتباك شديد في صنع القرار. هو ارتباك داخلي.

جنود سويديون يشاركون في تدريبات «الناتو» بالنرويج (إ.ب.أ)

يُضاف إلى ذلك انعدام الرغبة لدى أميركا بالدخول في حروب طويلة، وبالتالي هذا يضغط على القرار ويجعلها، عندما تبدأ بخسارة رجالها أو تبذل الكثير من الأموال، تواجه ضغوطاً من الرأي العام فتميل إلى الانسحاب من أجل إرضائه، كما حصل في أفغانستان أو العراق. ونقاط الضعف تحجم تفوقها المادي في النظام العالمي.

أما الصين، المنافس الأول، فقد حققت في السنوات الثلاثين الماضية انتقالاً كبيراً في قوتها العسكرية؛ إنْ لجهة عدد الرؤوس النووية أو في سلاحها البحري؛ إذ أصبحت لديها قطع تتفوق بها عددياً على الولايات المتحدة. بيد أن نوعيتها وأداءها لا يضاهيان النوعية الغربية.

ومن جانبها، ضاعفت الهند ميزانيتها العسكرية أربع مرات خلال عشرين سنة، بحيث زادت من 14 ملياراً في عام 2002 إلى 81 مليار دولار. وطبعاً هناك الآن صحوة متأخرة في أوروبا حيث نرى عدداً من الدول غير الملتزمة بمعايير «الناتو»، لا سيما ألمانيا وإيطاليا، تذهب باتجاه زيادة كبيرة في ميزانياتها العسكرية. وهناك دول مثل بولندا تنفق 4 في المائة من الناتج القومي على الميزانية العسكرية.

ولا ننسى كوريا الشمالية التي تنفق الكثير على تعزيز قواتها. إذن، ثمة لاعبون كُثر يطمحون إلى أن يكون لهم تأثير في النظام العالمي فيما الولايات المتحدة لم تعد قادرة على فرض رأيها باستثناء حالات محددة.

يتعين علينا التنبيه إلى مشاكل الولايات المتحدة مع حلفائها. أما مع خصومها فالأمور واضحة: هي تخاف من قيام الصين وهي تقوم بكل ما تستطيع لكي تطوق إمكانية بزوغ الصين بوصفها قوة عالمية من خلال مجموعات مثل «أوكوس» و«كواد» أو تسليح الهند أو الوجود الكثيف العسكري المباشر في محيط تايوان، وحتى تشجيع الفلبين على تحدي البحرية الصينية، أو التقارب مع فيتنام، وهي تستخدم حالة العلاقات المتوترة بين بكين وعدد كبير من جيرانها، لا سيما مع الهند وفيتنام.

والظاهرة الجديدة أن خريطة مبيعات السلاح تتغير. فالكوريتان تصدّران السلاح طبعاً لدول مختلفة: كوريا الجنوبية تبيعه لبولندا، وكوريا الشمالية تبيع لروسيا. والأرقام هائلة: كوريا الجنوبية تكاد تتفوق على فرنسا بوصفها مصدراً للسلاح. ولننظر إلى تركيا التي أخذت تصدر المسيّرات إلى خمسين دولة في العالم، بما فيها أوكرانيا، بينما إيران تصدر المسيرات إلى روسيا وليس العكس.

معنى ذلك أن سوق السلاح العالمي يتغير بسرعة كبيرة جداً. أستنتج من ذلك أن المرحلة التي تسمى مرحلة ما بعد الحرب الباردة لم تتكامل فصولاً بعد. ما زالت لم ترس على أمر ثابت ودائم. ولكن الاتجاه الطاغي أن الولايات المتحدة تبقى القوة الأكبر أو الأولى في العالم، مع ضعف متنامٍ بقدرتها على ضبط حلفائها وعلى تطويق خصومها.

تناقضات «البريكس»

* أين موقع الجنوب الشامل في هذا العالم المتغير؟ في كتابك ترى أنه سيبقى هامشياً وتتحدث عن «نشاز» فيما يصدر عنه.

- في العلاقات الدولية، تحديد عدو مشترك شرط أساسي لإقامة تحالف، لكنه غير كافٍ على الإطلاق. لنأخذ حالة دول «البريكس» (5 سابقاً واليوم 11): هي تجتمع على عدد من الأمور، منها رفض عمل المؤسسات المالية والاقتصادية الراهنة، ورفض النفوذ الأميركي في العالم إذا كان ينحو نحو الهيمنة. بالمقابل، التنافس الهندي - الصيني داخلها في غاية القوة، بل هناك اشتباكات دورية على الحدود بينهما وقد تتطور. ولا ننسى أن حروباً جرت بينهما في الستينات، والصين دخلت إلى عمق الهند التي أصيبت بصدمة كبيرة لم تخرج منها إلا بهزيمة باكستان بعد عشر سنوات.

قادة «بريكس» خلال اجتماعهم في جوهانسبرغ في أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

ثم لننظر إلى السوق النفطية الموازية، حيث هناك تنافس شديد بين روسيا وإيران على تزويد بلدان مثل الهند أو الصين بالنفط من السوق الموازية. وثالثاً ثمة فوارق هائلة في وضع عملات هذه الدول فبعضها غير قابل للصرف. ورابعاً، ثمة عامل يكشف الشقاق بينها عندما تدخل هذه الدول في إطار المأسسة حيث تحمى التنافسية بينها.

الخلاصة أن هناك حاجة لمواصفات مشتركة بين أطراف «البريكس». فقوة حلف شمال الأطلسي وسبب بقائه حتى بعد انهيار خصمه «حلف وارسو» يكمنان في التشابه الكبير في الأنظمة السياسية والاقتصادية المعمول بها في هذه البلدان. بالمقابل، نرى أن الهند ديمقراطية فيما الصين بلد الحزب الواحد. إذاً، لا تشابه بين الدول المهمة في إطار «البريكس» حتى تتمكن من منافسة أميركا والحلف الأطلسي.

* ما هو إذن مستقبل «البريكس»؟ هل ستبقى دول التحالف ومعها الجنوب الشامل عاجزة عن التأثير على سير النظام العالمي؟

- اعتقادي أن صوت الجنوب سيعلو، وما رأيناه من قيام جنوب أفريقيا بتقديم شكوى ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية سنرى مثله في المراحل المقبلة. كذلك سنرى تزايداً في التجارة بين دول الجنوب.

يضاف إلى ذلك أن الوزن الديموغرافي للجنوب في تصاعد. فحيز الرجل الأبيض تقلص كثيراً خلال القرن الماضي. فبعد الحرب العالمية الأولى، كان الرجل الأبيض يمثل 30 في المائة من سكان العالم، وكان يسيطر على 80 في المائة من اليابسة وعلى المحيطات كافة. اليوم، تراجعت نسبته ديموغرافياً إلى 16 في المائة، وسيطرته على اليابسة لا تتعدى 30 في المائة.

الجنوب تحول إلى قوة ضاغطة. بيد أن تحوله إلى مؤسسة وتكوين كتلة متراصة تناهض الحلف الأطلسي كما كان حلف «وارسو» يناهضه، أمر صعب لأسباب ذكرنا بعضها. وما يفاقمها أن الحلفين المذكورين كانت على رأس كل منهما قاطرة تقود: أميركا من جهة، والاتحاد السوفياتي من جهة أخرى، بينما في حالة «البريكس» هناك «تعدد رؤوس»، والرأسان الرئيسيان (الصين والهند) متنافسان.

قلعة الرجل الأبيض

* تقول في كتابك إن التحالفات أصبحت أقل جاذبية في الوقت الراهن، ولكن هناك استثناء يتمثل بالحلف الأطلسي وانضمام عضوين جديدين إليه.

- ما يوفر للحلف الأطلسي القدرة على الاجتذاب، إضافة إلى ما ذكر سابق، هو الطموحات عند مجموعة من الدول التي كانت في السابق إمبراطوريات مثل روسيا والصين وتركيا وإيران التي تتماوج راهناً ما بين كونها «دولة قومية» و«دولة إمبراطورية». واليوم، مع تفكك النظام العالمي، فإن الميول الإمبراطورية تعود بقوة، وروسيا تحل على رأس اللائحة مما يثير الخوف في أوروبا. حلم عودة الإمبراطورية في روسيا يدفع الأوروبيين إلى رص الصفوف، ما يفسر استشعار الحاجة لحلف عسكري يحمي.

ثمة شعور عبر عنه هنتنغتون بوضوح في أجزاء من كتاباته، حين كان يؤكد أن الغرب بعد خمسة قرون من التوسع والانتشار، دخل مرحلة الدفاع عن النفس، ولذا هو بحاجة إلى قلعة من أجل الانكفاء داخلها. وهذه القلعة هي الحلف الأطلسي التي يتعنى تعزيها. وكان يدعو إلى عدم التدخل في شؤون العالم. ولأنه أدخل «العنصر الثقافوي» في مقاربته، فقد دعا إلى إخراج تركيا من الحلف المذكور لتبرير بقائه قلعة دفاعية، وليس مركزاً للإشعاع أو نشر قيم العالم الحر.

سذاجة أميركية في المنطقة

* كيف يمكن اليوم توصيف مصالح أميركا في الشرق الأوسط ومدى استدامتها؟

- ثمة سذاجة تغلف أحياناً السياسة الأميركية في المنطقة. قبل السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، كان يسود شعور بالارتياح لما عليه المنطقة، فيما نعرف أنها على فوهة بركان. الأميركيون كانوا يرون أنها لا تعرف عنفاً مثيراً للقلق. والثابت أن المصالح الأميركية تتبدل وفق مسلك الخصوم. فأيام الحرب الباردة، كانت الأهداف واضحة: منع الاتحاد السوفياتي من السيطرة عليها، والمحافظة على مصادر النفط، والدفاع عن إسرائيل.

اليوم، الهدف الأول اندثر عملياً رغم وجود روسيا في سوريا و«فاغنر» في أفريقيا ومنطقة الساحل، لكن بالإجمال الخطر الروسي تقلص. أما المحافظة على آبار النفط، فإن واشنطن تعدّها خدمة تسديها لحلفائها الأوروبيين؛ لأنها لم تعد بحاجة لنفط المنطقة. يبقى العنصر الإسرائيلي وقد وجدنا، مع السابع من أكتوبر، أنه حي كما لم يكن في يوم من الأيام.

بايدن ونتنياهو خلال لقائهما في تل أبيب أكتوبر الماضي (رويترز)

لذلك، إذا كانت لأميركا مصلحة، فهي أولاً الدفاع عن إسرائيل ودعمها. ولا أعتقد أن هناك رئيساً أميركياً واحداً أعطى إسرائيل ما أعطاها إياه بايدن، وتماهى معها بقدر تماهي الرئيس الحالي. ورغم كل التوحش الإسرائيلي في غزة، فإن سيل السلاح الأميركي لإسرائيل لم يتوقف يوماً. والمصلحة الأميركية الأخرى في المنطقة عنوانها منع إيران من الحصول على السلاح النووي، ثم توفير خدمة لحلفائها في شرق آسيا (اليابان، كوريا الجنوبية...) من خلال تأمين إمدادات النفط من الخليج.

بالإجمال، ثمة ميل بدأ مع جورج بوش الابن، وتعاظم مع باراك أوباما وعاد بقوة مع جو بايدن، لرؤية الشرق الأوسط ساحة ثانوية للولايات المتحدة، والنظر إلى أوروبا أيضاً على أنها ساحة ثانوية. لكن الحرب في أوكرانيا، ثم في غزة، فرضت على أميركا أمراً مقيتاً؛ إذ إن رغبتها الأولى التركيز على الصين وتطويقها ومنعها من التحول إلى دولة عظمى، وإبقاؤها قوة إقليمية.

بين «نووي» إيران وإسرائيل

* تقول في كتابك إن اتفاقاً حصل بين غولدا مائير والرئيس ريتشارد نيكسون في عام 1969 يلزم الولايات المتحدة بحماية المنظومة النووية الإسرائيلية والدفاع عنها. هل ما زال قائماً حتى اليوم؟

- نعم هو اتفاق وقّعته الولايات المتحدة بمبادرة من هنري كيسنجر الذي كان وقتها مستشار الرئيس نيكسون للأمن القومي. ورغم أن إسرائيل أصبحت اليوم قوة نووية، وتمتلك عدداً كبيراً من الرؤوس النووية (ما بين 60 و100 رأس نووي)، فإن الاتفاق المذكور ما زال قائماً.

نيكسون وغولدا مائير خلال اجتماع في البيت الأبيض في مارس 1973 (أ.ف.ب)

* هل نستطيع التوسع في قراءة الملف النووي الإيراني ومقاربته أميركياً؟

- أعتقد أن هناك استعداداً أميركياً للتفاهم مع إيران حول ملفات عدة، منها الاعتراف لها بدور إقليمي في المنطقة؛ إذ لدى واشنطن استسهال للنفوذ الإقليمي الإيراني. وكذلك، فإن واشنطن ليست رافضة بالمطلق حيازةَ إيران السلاح النووي بل هي «متحفظة»؛ لسبيين: الأول، الرفض الإسرائيلي المطلق (ولا أقول الرفض الأميركي المطلق)، وعلى واشنطن أن تأخذه بعين الاعتبار بسبب نفوذ إسرائيل في الولايات المتحدة. ولو سُئل الأميركيون: ما هو مصدر خوفكم النووي؟ لكان الجواب: باكستان. وعليّ التذكير بأن البرنامج النووي الباكستاني نشأ برضا أميركي عندما كانت واشنطن بحاجة لإسلام آباد زمن مواجهة السوفيات في أفغانستان.

السبب الثاني للرفض هو رؤية واشنطن أن امتلاك إيران السلاح النووي سيساعد على ردع أي اعتداء خارجي، وسيجعل من أي هجوم عليها بالغ الصعوبة. أما التنبيه من أن إيران نووية ستثير سباقاً نووياً في المنطقة فليس السبب الأساسي، بل الرغبة في منع إيران من الحصول على قوة دفاع وردع مطلقة.

* في اجتماعات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في الأشهر الأخيرة، وجدنا نوعاً من التساهل الأميركي والغربي مع طهران. هل يمكن التعمق في هذا الأمر؟

- حقيقة الأمر أن بايدن، في برنامجه الانتخابي السابق، دعا إلى عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 الذي خرج منه دونالد ترمب. لكن عقب انتخابه، لم يُبد بايدن حماسة لتطبيق ما وعد به. وفي واشنطن، وخلال زياراتي لها، كنت أتفاجأ بغياب هذه الحماسة، بل قيل لي إن بايدن عندما كان نائباً لأوباما، لم يكن محبذاً توقيعَ الاتفاق مع طهران.

المرشد الإيراني أمام مُسيّرة «شاهد 147» يستمع إلى شرح رئيس الأركان محمد باقري وأمير علي حاجي زاده قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس» (موقع خامنئي)

قرأت مقالاً للباحث إدوارد لوتفاك، وهو من عتاة المتطرفين في الحزب الجمهوري، يقول فيه: علينا أن نقبل أن تصبح إيران دولة نووية، وعلينا أن ننظر في كيفية تطويق آثار ذلك؛ إذ عندما تسعى دولة وتواظب على صرف المليارات من أجل برنامجها النووي، فمن الصعب إيقافها وستصبح، في يوم من الأيام، دولة نووية.

لذلك فإن القول بأن أميركا مجندة تجنيداً كاملاً لمنع إيران من الحصول على القنبلة النووية رأي لا أتبناه.

* ما المتغيرات التي يمكن رصدها منذ اليوم في حال عودة ترمب إلى البيت الأبيض؟

- إذا عاد إلى البيت الأبيض، ستكون سياسته الخارجية شبيهة إلى حد كبير بسياسات اليمين المتطرف في أوروبا، وستقوم على دعامتين: الأولى إعادة شأن الرجل الأبيض الذي أنهكته العولمة، وبالتالي إبطاؤها، والثانية البحث عن المصلحة القومية الأميركية بأي ثمن، بحيث تكون ديدن سياسته الخارجية. وأعني أنه سيتبع مبدأ السياسة التعاقدية حيث لا يكون الدور الأول للمبادئ.

وأذكر أن ترمب سعى لصفقة مع زعيم كوريا الشمالية، ولديه الاستعداد لصفقات مع أي كان ضمن التعريف الحرفي للمصلحة الأميركية وما يخدمها. لذلك فمن الصعب معرفة من سيكون صديقه أو خصمه في الشرق الأوسط بسبب استعداده للانفتاح على أي كان، ولذا أقول إن من صافح كيم جونغ أون قد يصافح أي رئيس في العالم، بمن فيهم المرشد الإيراني.

الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون في 2018 (أ.ف.ب)

* تقول في كتابك إن قوات أميركية خاصة موجودة في نحو مائة دولة في العالم. هل هذا مؤكد؟

- هل تعلم أن قوات خاصة أميركية موجودة في ليبيا؟ أنا شخصياً لم أكن أعلم ذلك، واكتشفته عندما كنت في مهمة أممية في هذا البلد. وقيل لي وقتها إن هذه القوة تعمل في إطار محاربة الإرهاب، واكتشفت أن لها قاعدة ومرفأ خاصين بها، وأنها جزء مما يسمى «أفريكا كوربس».

كذلك علمت أن عدداً كبيراً من الدول الأفريقية تحتضن قوات خاصة أميركية. وعملياً، إذا سمعت أن هناك مجموعة تابعة لـ«داعش» أو «القاعدة» أو «بوكو حرام» أو أي مجموعة إرهابية في أي بلد، فعليك الافتراض فوراً أن هناك قوات خاصة أميركية تعمل ضدها.

إيران وحرب غزة

* قرأت في كتابك أن إيران هي المستفيدة من حرب غزة.

- نعم، إيران تمكنت من إظهار أن السياسة التي تتبعها منذ ثلاثين عاماً قد أثبتت نجاعتها من حيث التركيز على التعاون مع القوى «غير الدولتية» (الحركات والميليشيات)، فعندما يتوافر التأثير والقدرة على التنسيق مع «حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«الحشد الشعبي» العراقي و«حزب الله» و«الحوثيين»، فهذا يبين أن إيران فهمت أن الدخول إلى النزاع العربي - الإسرائيلي من باب القوى غير النظامية أفضل من الولوج إليه عبر القوى النظامية.

كما فهمت أيضاً أن الحروب بين الجيوش العربية وإسرائيل انتهت إلى غير رجعة منذ عام 1973. فمنذ 51 عاماً لم تحصل أي حرب نظامية ضد إسرائيل، بينما اندلعت خمس حروب بين إسرائيل و«حماس»، وعدد من الحروب بينها وبين «حزب الله». واليوم، «الحشد الشعبي» يتحرش بإسرائيل، وكذلك يفعل «الحوثيون» وغيرهم. وفائدة الاعتماد على قوى غير نظامية أنه لا ينطبق عليها القانون الدولي، وبالتالي تستطيع تحمل مسؤولية أعمالها أو أن تتبناها طهران وفق مصلحتها.

بيد أنه تتعين إضافة أن الغاية من هذه المجموعات حماية إيران نفسها. المعروف أن إيران تعتمد إجمالاً سياسة الصبر والاستفادة من الفرص. بإسقاطها النظام العراقي قدمت الولايات المتحدة العراق لإيران على طبق من فضة. وطهران استفادت من ذلك وهذا معروف. ولكن ما هو غير شائع أنه ساهم في تقوية ساعد المتشددين، وفي عودة التجذر إلى السياسة الإيرانية (بعد مرحلة الرئيسين «الإصلاحيي» هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي) والدفع باتجاه الاستفادة من أخطاء الآخرين.

تهديدات روسيا النووية

* هل التهديدات الروسية باللجوء إلى السلاح النووي في الحرب ضد أوكرانيا، تهويل أم ابتزاز، أم أن أمراً كهذا قد يحصل فعلاً؟

- بداية، علينا الإشارة إلى أن هناك أسلحة نووية مصغرة تسمى «أسلحة الميدان»، وإمكانية استخدامها أمر قائم. وأعود مرة أخرى إلى ريمون آرون الذي كان يركز على أهمية الحصول على السلاح النووي، وأهمية التلويح باستخدامه وتأثيره على مجريات الحرب.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوقّع على صورة لقاذفة نووية من طراز «TU - 160M» خلال زيارة لمصنع «غوربونوف» للطيران في كازان - روسيا في 25 يناير 2018 (رويترز)

وأذكّر هنا بما حصل إبان حرب أكتوبر 1973 على الجبهة المصرية عندما هدد (الزعيم السوفياتي) ليونيد بريجنيف بإرسال قوات إلى مصر للفصل بين الجيشين المصري والإسرائيلي بعد عبور الأخير قناة السويس ووصوله إلى مسافة 100 كلم من القاهرة. وقتها رفعت واشنطن درجة التأهب إلى الثالثة من أصل خمسة، ما حمل الزعيم السوفياتي على التراجع عن خطته.

وخلال الحرب الباردة، حصلت 14 حالة استنفار نووية، منها مرتان بخصوص برلين، ومرتان في كوبا، ومرة في لبنان، ومرتان في حربي 1967 و1973. وأريد الإشارة إلى أن البرلمان الأوكراني رفض المصادقة على تخلي كييف عن رؤوسها النووية لصالح روسيا رغم أن مفاتيح هذه الرؤوس كانت في موسكو، ولم يتم التوافق إلا بفضل ضغوط وإغراءات أميركية.

قناعتي اليوم أن الطرف الروسي أصبح مرتاحاً لسير المعارك والأرجح التوجه لاحقاً إلى تجميد النزاع. وما دامت الحرب لا تحمل تهديداً جدياً للأراضي الروسية وللنظام الروسي، فإن اللجوء إلى السلاح النووي أمر مستبعد، والتلويح به يبقى حتى اليوم في باب التحذير.


مقالات ذات صلة

بايدن: وقف إطلاق النار بغزة ممكن «غداً» إذا أفرجت «حماس» عن الرهائن

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)

بايدن: وقف إطلاق النار بغزة ممكن «غداً» إذا أفرجت «حماس» عن الرهائن

أعلن الرئيس الأميركي، السبت، أنّ وقف إطلاق النار ممكن «غداً» في الحرب الدائرة بين إسرائيل و«حماس» إذا أفرجت الحركة الفلسطينية عن الرهائن الذين تحتجزهم في غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ونيكي هايلي سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة بالبيت الأبيض في 9 أكتوبر 2018 (رويترز)

ترمب: لا أفكر في نيكي هايلي لمنصب نائب الرئيس

أكد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب المرشح مجدداً للبيت الأبيض أن منافسته الجمهورية السابقة نيكي هايلي ليست من بين الأشخاص الذين يفكر فيهم لمنصب نائب الرئيس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ تظهر استطلاعات الرأي تقارباً بين ترمب وبايدن في السباق الرئاسي (أ.ب)

الانتخابات الأميركية: ترمب وبايدن يحشدان لـ«معركة 6 أشهر»

تظهر استطلاعات الرأي الأخيرة تقارباً في شعبية ترمب وبايدن، وتأرجحاً في مواقف الناخب الأميركي من ملفات جوهرية؛ كالاقتصاد والهجرة.

رنا أبتر (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

كيف يسعى نواب جمهوريون لإجبار بايدن على إرسال الأسلحة إلى إسرائيل؟

قال موقع «أكسيوس» الأميركي، الجمعة، إن نواباً ينتمون للحزب الجمهوري المعارض للرئيس جو بايدن يدفعون بتشريع يهدف إلى منع بايدن من حجب شحنات الأسلحة إلى إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ هانتر بايدن (أ.ب)

محاكمة هانتر بايدن الشهر المقبل في «قضية السلاح» بعد رفض استئنافه

رفضت محكمة استئناف فيدرالية، الخميس، إسقاط لائحة الاتهام الفيدرالية الموجهة إلى هانتر بايدن نجل الرئيس الأميركي، بشأن «قضية السلاح»، ما يمهد الطريق لمحاكمته.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الرئيس الروسي يقيل وزير الدفاع سيرغي شويغو

وزير الدفاع الروسي المقال سيرغي شويغو (أ.ب)
وزير الدفاع الروسي المقال سيرغي شويغو (أ.ب)
TT

الرئيس الروسي يقيل وزير الدفاع سيرغي شويغو

وزير الدفاع الروسي المقال سيرغي شويغو (أ.ب)
وزير الدفاع الروسي المقال سيرغي شويغو (أ.ب)

أقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم (الأحد)، وزير الدفاع سيرغي شويغو، وعيّن الخبير الاقتصادي أندريه بيلوسوف خلفاً له، وفق ما أوردت وكالات أنباء رسمية نقلاً عن الكرملين.

كذلك، أصدر بوتين مرسوماً بتعيين شويغو أميناً عاماً جديداً لمجلس الأمن القومي، خلفاً لنيكولاي باتروشيف.


زيلينسكي: قتال عنيف يدور في قسم كبير من المنطقة الحدودية لخاركيف

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
TT

زيلينسكي: قتال عنيف يدور في قسم كبير من المنطقة الحدودية لخاركيف

الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأحد)، إن معارك عنيفة تدور في أنحاء حدودية لمنطقة خاركيف، حيث نزح الآلاف هرباً من هجوم تشنه روسيا.

وأوضح الرئيس الأوكراني: «تتواصل المعارك الدفاعية والقتال العنيف في قسم كبير من حدودنا»، وأشار إلى أن «الهجمات في منطقة خاركيف ترمي إلى إنهاك قواتنا وتقويض معنويات الأوكرانيين وقدرتهم على الدفاع عن أنفسهم».

وتم إجلاء الآلاف من سكان منطقة خاركيف الحدودية شرق أوكرانيا إلى مناطق آمنة وسط العمليات الهجومية الروسية الحالية هناك.

وكان نحو أربعة آلاف شخص قد غادروا المنطقة بالفعل في اليومين الماضيين، حسبما كتب الحاكم الإقليمي أوليه سينيهوبوف على «تلغرام» اليوم.

وقال إن العديد منهم تمكنوا من البقاء مع الأصدقاء والأقارب، بينما تم توفير السكن للآخرين. كما نشر سينيهوبوف صوراً لأشخاص تجمعوا في نقاط التجمع مع الأمتعة وبعضهم يصطحب حيواناته الأليفة.

وبعد أكثر من عامين من شن روسيا الغزو واسع النطاق لجارتها، تواجه أوكرانيا صعوبات حادة في الدفاع عن نفسها. ويرجع ذلك جزئياً إلى التأخيرات الأخيرة في إمدادات المعدات العسكرية الأميركية والذخيرة.


الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون «التأثير الأجنبي»

صورة جوية لمظاهرات حاشدة في تبليسي عاصمة جورجيا السبت (أ.ب)
صورة جوية لمظاهرات حاشدة في تبليسي عاصمة جورجيا السبت (أ.ب)
TT

الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون «التأثير الأجنبي»

صورة جوية لمظاهرات حاشدة في تبليسي عاصمة جورجيا السبت (أ.ب)
صورة جوية لمظاهرات حاشدة في تبليسي عاصمة جورجيا السبت (أ.ب)

يستعد آلاف المعارضين الجورجيين للتظاهر، لليلة الثانية على التوالي، الأحد؛ رفضاً لمشروع قانون «التأثير الأجنبي» الذي تؤيده الحكومة، وتعرّض لانتقادات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. ويرى منتقدو النص أنه مستلهم من القانون الروسي بشأن «العملاء الأجانب»، ويهدف إلى إسكات المعارضة، وقد يؤثر على طموح البلاد في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. ومنذ التاسع من أبريل (نيسان)، تشهد جورجيا الواقعة في القوقاز مظاهرات حاشدة مناهضة للحكومة، بعدما أعاد حزب «الحلم الجورجي» تقديم مشروع قانون «التأثير الأجنبي» الذي يخالف طموحات تبليسي في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وأثار مشروع القانون الذي مرّ بقراءة ثانية في البرلمان الأربعاء ولا يزال يحتاج إلى قراءة ثالثة، انتقادات دولية وغربية.

«الفيتو» الرئاسي

متظاهرون يحملون علم جورجيا في تبليسي السبت (رويترز)

يتوقع أن تستخدم رئيسة البلاد سالومي زورابيشفيلي، وهي في صراع مفتوح مع «الحلم الجورجي»، حق النقض ضد القانون. لكنّ «الحلم الجورجي» يتمتع بغالبيّة كبيرة في المجلس التشريعي؛ ما يسمح له بإمرار القوانين والتصويت ضدّ الفيتو الرئاسي من دون الحاجة إلى دعم أيّ من نواب المعارضة. وفي حالة إقرار القانون، فإنه سيلزم أيّ منظمة غير حكومية أو مؤسسة إعلامية تتلقى أكثر من 20 في المائة من تمويلها من الخارج، بالتسجيل باعتبارها «منظمة تسعى لتحقيق مصالح قوة أجنبية». وتؤكد الحكومة أنّ هذا الإجراء يهدف إلى إجبار المنظمات على إظهار قدر أكبر من «الشفافية» في ما يتعلق بتمويلها.

مظاهرات حاشدة

خرج آلاف المتظاهرين إلى الشوارع في تبليسي، عاصمة جورجيا، للاحتجاج ضد القانون. وتوجّه المتظاهرون، السبت، إلى ساحة أوروبا، ورفعوا أعلام جورجيا والاتحاد الأوروبي الذي تقول تبليسي إنها تريد الانضمام إليه، على الرغم من أن منتقدي النص يرونه مستلهَماً من القانون الروسي بشأن «العملاء الأجانب» ويهدف إلى إسكات المعارضة، وقد يؤثر على طموح البلاد في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.

أثار قانون «التأثير الأجنبي» غضب داعمي انضمام جورجيا إلى الاتحاد الأوروبي (إ.ب.أ)

وهتف عدد كبير من المتظاهرين «جورجيا! جورجيا!»، وساروا على طول نهر «كورا» على الرغم من هطول أمطار غزيرة. وقالت المتظاهرة مريم مونارجيا، إنها جاءت لتظهر أن بلادها «تريد ببساطة أن تكون جزءاً من المجتمع الأوروبي». وأضافت: «نحن نحمي مستقبلنا الأوروبي»، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وهتف المتظاهرون: «لا للقانون الروسي!» و«لا للديكتاتورية الروسية». وأفادت فيكتوريا سارجفيلادزي (46 عاماً)، حاملةً العلم الأوكراني، بأنها موجودة هنا لأن زوجها يقاتل على الجبهة ضد الجيش الروسي. وقالت: «كلانا يقاتل ضد روسيا. لا نحتاج إلى العودة إلى الاتحاد السوفياتي». في حين نبّهت ليلا تسيكلوري، وهي معلمة جورجية تبلغ 38 عاماً، من أن «كل شيء سيزداد سوءاً في بلادنا إذا تم اعتماد هذا القانون».


كييف: روسيا فقدت482 ألف جندي منذ بدء غزوها الشامل

جنود في الجيش الروسي على الجبهة (أ.ب)
جنود في الجيش الروسي على الجبهة (أ.ب)
TT

كييف: روسيا فقدت482 ألف جندي منذ بدء غزوها الشامل

جنود في الجيش الروسي على الجبهة (أ.ب)
جنود في الجيش الروسي على الجبهة (أ.ب)

ذكرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلّحة الأوكرانية، الأحد، أن روسيا فقدت 482 ألفاً و290 جندياً في أوكرانيا، منذ بدء غزوها الشامل في 24 فبراير (شباط) 2022.

ويشمل هذا الرقم 1260 جندياً، خسائر بشرية تكبدتها القوات الروسية في اليومين الماضيين، وفق صحيفة «كييف إندبندنت» الأوكرانية، التي أوضحت أن روسيا خسرت أيضاً 7454 دبابة، و14 ألفاً و375 مركبة قتالية مدرّعة، و16 ألفاً و819 مركبة وخزان وقود، و12 ألفاً و472 نظاماً مدفعياً، و1066 نظام إطلاق صواريخ متعدداً، و797 نظام دفاع جوي، و350 طائرة، و325 مروحية، و9910 طائرات مُسيّرة، و26 سفينة وزورقاً وغواصة.

ويتعذر التحقق من مصدر مستقل من البيانات المتعلقة بالخسائر في الأرواح والعتاد من طرفي الصراع منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.


بوتين يكلف اثنين من كبار المسؤولين بمهام جديدة

بوتين ورئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين (رويترز)
بوتين ورئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين (رويترز)
TT

بوتين يكلف اثنين من كبار المسؤولين بمهام جديدة

بوتين ورئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين (رويترز)
بوتين ورئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين (رويترز)

كلف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اثنين من كبار مسؤولي الحكومة، يشرفان على قطاعي الصناعات الدفاعية والطاقة، بمزيد من المهام، في ضوء توقع استمرار الحرب في أوكرانيا لأمد أطول.

واقترح بوتين منح مزيد من السلطات لدينيس مانتوروف (55 عاماً)، وهو النائب الأول الوحيد لرئيس الوزراء في الحكومة الجديدة برئاسة ميخائيل ميشوستين، بينما سيظل ألكسندر نوفاك (52 عاماً) في منصبه نائباً لرئيس الوزراء، ومشرفاً على قطاع الطاقة، لكنه سيتولى مهام إضافية لإدارة الاقتصاد، وفقاً لما ذكرته الحكومة.

ويشرف مانتوروف على الصناعات الدفاعية والمدنية الروسية التي فاجأت الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين بزيادة إنتاج المدفعية بشكل أسرع من حلف شمال الأطلسي العسكري بأكمله رغم العقوبات.

دينيس مانتوروف (55 عاماً) النائب الأول الوحيد لرئيس الوزراء في الحكومة الجديدة (أ.ب)

وقالت الحكومة الروسية إن «زيادة مكانة نائب رئيس الوزراء المسؤول عن الصناعة ترجع إلى أهمية ضمان الريادة التكنولوجية»... وإنها تطمح إلى «الريادة التكنولوجية في جميع المجالات»، مثل تصنيع الطائرات، وبناء الأدوات الآلية والإلكترونيات اللاسلكية، والمجمع الصناعي العسكري.

وأوضحت في بيان أن «نوفاك يتمتع بالخبرة الإدارية اللازمة، وقام لفترة طويلة بتنسيق القضايا الاقتصادية والمالية في مناصب مختلفة، سواء في مجال الأعمال أو في الخدمة البلدية والعامة».

وتتعين موافقة مجلس النواب على المقترحات التي قدمها ميشوستين رسمياً.

وسيصبح ديميتري باتروشيف، وزير الزراعة السابق، نائباً لرئيس الوزراء المشرف على القطاع الزراعي، وستصبح أوكسانا لوت وزيرة للزراعة.

وترك بوتين وزير المالية أنطون سيلوانوف ووزير الاقتصاد مكسيم ريشتنيكوف في منصبيهما، لكنه اقترح اسم سيرغي تسيفيليف، حاكم منطقة كيميروفو، وزيراً للطاقة بدلاً من نيكولاي شولغينوف. وجرى اقتراح اسم أنطون عليخانوف، حاكم كالينينغراد البالغ من العمر 37 عاماً، وزيراً للتجارة والصناعة.

ومن المرجح إعلان ترشيحات مهمة أخرى، مثل اقتراحات الأسماء المرشحة لتولي وزارتي الدفاع والخارجية ورؤساء الأجهزة الأمنية المهمة، الاثنين.


قائد الجيش الأوكراني يحذر من «موقف عصيب» في خاركيف

مستشفى ميداني أوكراني في خاركيف (أ.ب)
مستشفى ميداني أوكراني في خاركيف (أ.ب)
TT

قائد الجيش الأوكراني يحذر من «موقف عصيب» في خاركيف

مستشفى ميداني أوكراني في خاركيف (أ.ب)
مستشفى ميداني أوكراني في خاركيف (أ.ب)

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الأحد، السيطرة على أربع بلدات إضافية في منطقة خاركيف الأوكرانية المحاذية للحدود، بعد يومين من بدء عملية برية لموسكو، في حين وصف قائد الجيش في كييف الوضع بـ«العصيب والمعقد»، بالتوازي مع إجلاء آلاف الأشخاص.

وقالت الوزارة الروسية، في بيان: «إن الوحدات التابعة لمجموعة قوات الشمال تقدمت في عمق دفاعات العدو، وحرَّرت بلدات غاتيشتشي وكراسنوي وموروخوفيتس وأولينيكوفو في منطقة خاركيف».

وسبق للجيش الروسي أن أكّد، السبت، سيطرته على ست قرى أوكرانية؛ بينها خمس في منطقة خاركيف، وذلك بعد يوم من إعلان كييف بدء الهجوم البري في المنطقة الحدودية التي كانت موسكو قد سيطرت على أجزاء واسعة منها في 2022، قبل أن تستعيدها كييف.

من عمليات نقل كبار السن من منطقة خاركيف (أ.ف.ب)

وقال الحاكم الأوكراني للمنطقة، أوليغ سينيغوبوف، عبر منصات التواصل الاجتماعي: «جرى إجلاء ما مجموعه 4073 شخصاً». وأكد، الأحد، مقتل رجل يبلغ 63 عاماً بنيران المدفعية في قرية غليبوك، وإصابة آخر يبلغ 38 عاماً في بلدة فوفشانسك الحدودية التي كان عدد سكانها نحو ثلاثة آلاف نسمة قبل الهجوم الحالي.

وشاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية» مجموعات من الأشخاص جرى إجلاؤهم من محيط بلدة فوفشانسك الحدودية، معظمهم من كبار السن.

وقالت ليودا زيلينسكايا (72 عاماً)، وهي تعانق قطّة ترتجف: «لم نكن نريد أن نرحل»، في حين قالت ليوبا كونوفالوفا (70 عاماً) إنها عاشت ليلة «مرعبة جداً»، قبل أن يجري إجلاؤها.

ويساعد متطوعون كبارَ السن في الإخلاء وتسجيل أسمائهم للحصول على الطعام، قبل إجلائهم نحو عاصمة المنطقة خاركيف التي تحمل الاسم نفسه.

كما وصلت مجموعات من الأشخاص في شاحنات صغيرة وسيارات، ويحملون حقائب عند نقطة للإخلاء خارج مدينة خاركيف. وسجّل الأشخاص الذين جرى إجلاؤهم أسماءهم، وحصلوا على مساعدات غذائية وطبية في خيام موقتة.

وقالت ليوبوف نيكولايفا (61 عاماً) إنها فرّت من قرية ليبتسي الحدودية مع والدتها البالغة 81 عاماً، مضيفة: «يستحيل العيش هناك». وأشارت إلى أن عائلتها «بقيت هناك حتى اللحظة الأخيرة»، متابعة: «هناك نيران مستمرة، القنابل الجوية الموجّهة وقذائف الهاون تهدر في سماء المنطقة. أصبح الوضع مخيفاً جداً».

نازح من مناطق القتال في خاركيف (رويترز)

وقال الشرطي أوليكسي خاركيفسكي، الذي يساعد في تنسيق عمليات الإجلاء، إن «عدة أشخاص» قُتلوا في قصف، السبت، في حين عُثر على قتيل تحت الأنقاض ليلاً. وأضاف، متحدثاً عند نقطة إخلاء في قرية قريبة من فوفشانسك: «كلّ ما في المدينة دُمّر (...) يمكن باستمرار سماع دوي انفجارات وقصف مدفعي وقذائف مورتر. العدو يضرب المدينة بكلّ ما لديه».

وقدّر خاركيفسكي أن يكون نحو 1500 شخص جرى إجلاؤهم أو فرّوا من فوفشانسك منذ الجمعة، لافتاً إلى حدوث 32 ضربة بمُسيّرات على البلدة، في الساعات الـ24 الأخيرة. ولفت إلى تعرّض فرق الإخلاء لإطلاق النار، عدة مرات.

من جهته، قال قائد الجيش الأوكراني، أولكسندر سيرسكي، إن قوات بلاده «أوقفت محاولات المحتلّين الروس لاختراق دفاعاتنا»، لكنه أشار إلى أن الوضع في خاركيف «تدهور إلى حدّ كبير»، وقد أصبح «معقّداً».

وكتب سيرسكي على «تلغرام»: «تخوض وحدات قوات الدفاع معارك دفاعية شرسة. جرى صدّ محاولات الغزاة الروس لاختراق دفاعاتنا... الموقف عصيب لكن قوات الدفاع الأوكرانية تقوم بكل ما في وسعها للصمود عند خطوط ومواقع الدفاع، وتكبيد العدو الخسائر». وقال المتحدث باسم الجيش، نزار فولوشين، للتلفزيون الأوكراني، الأحد: «العدو ينفذ عملياته على جبهتين... إنهم يحاولون توسيع نطاق الجبهة».

وأضاف أن الاتجاهات الرئيسية للهجوم الروسي تستهدف مدينتي فوفشانسك وليبتسي.

نقل سكان من ضواحي خاركيف إلى مناطق أكثر أمناً (أ.ف.ب)

وتبعد ليبتسي نحو 20 كيلومتراً عن ضواحي خاركيف؛ ثاني أكبر مدينة أوكرانية. وفي عام 2022، وصلت القوات الروسية إلى ضواحي المدينة قبل صدّها ودفعها للتراجع إلى الحدود.

وحثّ فولوشين السكان على البقاء هادئين، قائلاً إن روسيا تشن حملة إعلامية «لبثّ الذعر»، إلى جانب هجومها العسكري. وأضاف: «يجب أن يظل السكان هادئين... قوات الدفاع صامدة (على الخطوط)، والوضع تحت السيطرة». وأكّد أن القوات الأوكرانية «تبذل كل ما في وسعها لتحافظ على خطوطها الدفاعية ومواقعها ولتلحق أضراراً بالعدو».

وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قد أعلن، مساء السبت، أن القوات الأوكرانية تنفّذ هجمات مضادة في القرى الحدودية بمنطقة خاركيف، قائلًا: «علينا تعطيل العمليات الهجومية الروسية، وإعادة زمام المبادرة إلى أوكرانيا». وأضاف: «كل أنظمة الدفاع الجوي والأنظمة المضادة للصواريخ مهمة لإنقاذ الأرواح».

وتابع: «من المهم أن يدعم شركاؤنا جنودنا وصمود أوكرانيا من خلال عمليات التسليم في الوقت المناسب حقاً». وأكد أن تعطيل الهجوم الروسي بالقرب من مدينة خاركيف في شمال شرقي البلاد هو «المهمة الأولى» للجيش في الوقت الحالي. وأضاف، في خطابه اليومي بالفيديو: «إنجاز هذه المهمة يعتمد عليّ وعلى كل جندي وكل رقيب وكل ضابط».

وذكر زيلينسكي، في خطابه، العمليات الدفاعية، وقال: «منذ يومين حتى الآن، تقوم قواتنا بأعمال هجوم مضاد هناك، وتدافع عن الأراضي الأوكرانية».

وحذّر مسؤولون في كييف، منذ أسابيع، من أن موسكو قد تحاول شنّ هجوم على المناطق الحدودية الشمالية الشرقية، مشيرين إلى تفوّقها، في وقت تعاني فيه أوكرانيا تأخّر وصول المساعدات الغربية ونقص الكثير.

وقال الخبير العسكري أوليفييه كيمف، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إن الهجوم البري الروسي ربما يهدف إلى إنشاء منطقة عازلة قرب منطقة بيلغورود التي دهمتها وحدات مُوالية لأوكرانيا مؤخراً، أو إلى تحويل موارد أوكرانيا من منطقة دونيتسك.

وأعلنت واشنطن حزمة مساعدات عسكرية بـ400 مليون دولار لكييف، بعد ساعات على بدء الهجوم، مُعربة عن ثقتها بأن أوكرانيا «قادرة على صدّ أيّ حملة روسية جديدة».


إصابات بانهيار مبنى إثر ضربة أوكرانية في بيلغورود

عمال الإنقاذ في فولغوغراد (رويترز)
عمال الإنقاذ في فولغوغراد (رويترز)
TT

إصابات بانهيار مبنى إثر ضربة أوكرانية في بيلغورود

عمال الإنقاذ في فولغوغراد (رويترز)
عمال الإنقاذ في فولغوغراد (رويترز)

جُرح 20 شخصاً على الأقلّ في انهيار جزئي لمبنى في منطقة بيلغورود الروسية المحاذية لأوكرانيا بعد ضربة شنّها الجيش الأوكراني، على ما أعلن وزير الصحة الروسي ميخائيل موراشكو،في حين نقلت وكالة "رويترز"عن مسؤولين لم تسمهم، ان 7 اشخاص قتلوا في المبنى المنهار...وهو ما لم يتأكد رسميا.

ونقلت وكالة «ريا نوفوستي» للأنباء عن موراشكو قوله الأحد: «أُرسل 20 جريحاً إلى مراكز طبية».

من جهتها، قالت وزارة الدفاع الروسية في بيان إن الجيش الأوكراني هاجم «أحياء سكنية في مدينة بيلغورود»، وإن سقوط صاروخ «توشكا - يو» أوكراني اعترضته الدفاعات الجوية الروسية أدّى إلى «تضرّر» المبنى.

وأشارت وزارة «حالات الطوارئ» الروسية، إلى احتمال أن ترتفع الحصيلة لأن جزءاً آخر من سقف المبنى قد انهار خلال بحث عناصر الإنقاذ عن ناجين بين الأنقاض.

وأعلنت لجنة التحقيق الروسية الموكلة إجراء أكبر التحقيقات في روسيا، فتح تحقيق. وقُبيل ذلك، نشر فياتشيسلاف غلادكوف حاكم المنطقة المستهدفة بانتظام بضربات أوكرانية، مقطع فيديو على «تلغرام» يُظهر لقطة عامة لمبنى منهار «بعد إطلاق مباشر لقذيفة على مبنى سكني»؛ وفق قوله.

وفي وقت سابق، الأحد، أعلن حاكم منطقة فولغوغراد بجنوب روسيا أندري بوتشاروف اندلاع حريق في مصفاة للنفط إثر هجوم شنّته أوكرانيا بطائرة مسيّرة ليل السبت - الأحد.

وكتب بوتشاروف عبر «تلغرام»، «ليل 12 مايو (أيار)، تصدت قوات الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية، لهجوم بطائرة مسيّرة على أراضي فولغوغراد».

وأضاف: «تسبب سقوط مسيّرة تلاه انفجار باندلاع حريق في موقع منشأة تكرير النفط في فولغوغراد»، مؤكداً أنه تمّ إخماد الحريق، ولم يسجّل وقوع ضحايا.

المبنى المتضرر من القصف الأوكراني في فولغوغراد (أ.ب)

بدورها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية في موجزها الصباحي، أنها اعترضت خلال الليل ثماني طائرات أوكرانية مسيّرة، إحداها «في أجواء منطقة فولغوغراد».

وسبق لمصفاة النفط هذه أن كانت هدفاً لهجوم أوكراني في فبراير (شباط)، من دون أن يؤدي إلى سقوط ضحايا.

وكثّفت كييف منذ مطلع العام الحالي، الهجمات بالطائرات المسيّرة ضد الأراضي الروسية، مستهدفة خصوصاً منشآت عسكرية وأخرى في مجال الطاقة، يبعد بعضها مئات الكيلومترات عن الحدود.

وتؤكد أوكرانيا أن هذه الهجمات تأتي في إطار «الرد» على هجمات روسية تستهدف منشآت مدنية على أراضيها، في سياق الغزو الذي أطلقته موسكو مطلع 2022.


المستشار الألماني: مؤتمر السلام الخاص بأوكرانيا يمثل فرصة

المستشار الألماني أولاف شولتس (يمين) والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في برلين 16 فبراير 2024 (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس (يمين) والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في برلين 16 فبراير 2024 (د.ب.أ)
TT

المستشار الألماني: مؤتمر السلام الخاص بأوكرانيا يمثل فرصة

المستشار الألماني أولاف شولتس (يمين) والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في برلين 16 فبراير 2024 (د.ب.أ)
المستشار الألماني أولاف شولتس (يمين) والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال مؤتمر صحافي في برلين 16 فبراير 2024 (د.ب.أ)

أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عن اعتقاده بأن مؤتمر السلام الخاص بأوكرانيا المزمع عقده قريباً، «يعدُّ بمثابة فرصة».

وخلال حلقة حوارية نظمتها شبكة التحرير الصحافي «دويتشلاند» بحضور نحو 180 ضيفاً، قال شولتس في مدينة بوتسدام السبت: «حتى لو لم تتم مناقشة السؤال الكبير الخاص بالسلام في البداية بل مسائل متعلقة به، فإن ذلك سيكون بمثابة خطوة كبيرة».

وأضاف المستشار المنتمي إلى الحزب «الاشتراكي الديمقراطي»: «يمكننا أن نطور المزيد انطلاقاً من هذا».

وكانت سويسرا دعت أكثر من 160 وفداً، إلى المشاركة في مؤتمر رفيع المستوى للسلام في أوكرانيا من المقرر عقده في منتصف يونيو (حزيران) على شاطئ بحيرة فيرفالدشتات.

المستشار الألماني أولاف شولتس (إ.ب.أ)

وأكد شولتس، أنه «سيتم بذل كل ما يمكن لاستنفاد كل الخيارات الدبلوماسية».

وتسعى أوكرانيا إلى معالجة مشكلة نقص الجنود على الجبهة من خلال سن قوانين عدّة. وصرح شولتس، بأنه لا يوجد خطر على الأوكرانيين الخاضعين للخدمة العسكرية الإجبارية الذين يعملون في ألمانيا، وقال إن «أمان الإقامة (بالنسبة للأوكرانيين) يتأتى من خلال العمل»، وقال إنه استفسر عن ذلك، وأردف أن «الوضع القانوني في ألمانيا مفاده أن الإقامة ليست عرضة للخطر بسبب هذا الأمر».

ودعا شولتس الأوكرانيين في بلاده إلى العمل، وقال: «نود من الأشخاص الذين جاءوا من أوكرانيا إلى هنا، أن يعملوا الآن طالما أنهم مؤهلون

للعمل. هذا ما يقوم به بالفعل كثيرون منهم، يجب أن نقول ذلك، ولكن هناك بضع مئات الآلاف من الأشخاص الآخرين الذين يحتاج إليهم سوق العمل بشدة».


كاميرون: حظر صادرات الأسلحة البريطانية لإسرائيل قد يزيد قوة «حماس»

فلسطينيون يحملون ما تبقّى من أمتعتهم ويفرون من رفح خوفاً من القصف الإسرائيلي (رويترز)
فلسطينيون يحملون ما تبقّى من أمتعتهم ويفرون من رفح خوفاً من القصف الإسرائيلي (رويترز)
TT

كاميرون: حظر صادرات الأسلحة البريطانية لإسرائيل قد يزيد قوة «حماس»

فلسطينيون يحملون ما تبقّى من أمتعتهم ويفرون من رفح خوفاً من القصف الإسرائيلي (رويترز)
فلسطينيون يحملون ما تبقّى من أمتعتهم ويفرون من رفح خوفاً من القصف الإسرائيلي (رويترز)

قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون الأحد إن من شأن وقف مبيعات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل، في حال شنها هجوماً برياً على مدينة رفح في غزة، أن يزيد من قوة «حركة حماس». وأصدرت إسرائيل السبت أوامر بإخلاء أنحاء أخرى من مدينة رفح بجنوب القطاع في إشارة إلى أنها تمضي قدماً في خططها لشن هجوم بري على الرغم من تهديد الرئيس الأمريكي جو بايدن بوقف إمدادها ببعض الأسلحة إذا أقدمت على ذلك.

وقال كاميرون إنه لا يؤيد شن عملية في رفح في غياب خطة لحماية مئات الآلاف من المدنيين الذين يلوذون بالمدينة الحدودية الجنوبية، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء. لكنه أضاف أن بريطانيا في «وضع مختلف تماماً» عن الولايات المتحدة فيما يتعلق بتزويد إسرائيل بالأسلحة، إذ إن نصيب بريطانيا منها أقل من واحد في المائة، كما أن بيع الأسلحة يخضع بالفعل لرقابة نظام ترخيص صارم. وقال كاميرون في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «يمكننا، إذا اخترنا ذلك، أن نوجه رسالة سياسية ما، ونقول إننا سنتخذ هذه الخطوة السياسية». وأضاف: «آخر مرة طُلب مني فيها القيام بذلك (...)، شنت إيران هجوماً وحشياً على إسرائيل بعد أيام قليلة فقط تضمن إطلاق 140 صاروخ كروز».

وأردف قائلاً إن «الرد الأفضل»، هو أن تقبل «حماس»، التي تدير غزة، باتفاق لإطلاق سراح الرهائن. وأضاف «مجرد الإعلان ببساطة اليوم عن أننا سنغير نهجنا بالكامل تجاه صادرات الأسلحة بدلاً من اتباع عمليتنا الدقيقة، فإن ذلك سيزيد من قوة (حماس)، ويقلل احتمالات (إبرام) اتفاق بشأن الرهائن. لا أعتقد أن هذا النهج سيكون هو الصواب».

وشنّت «حماس» هجوماً مباغتاً على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) أدى بحسب الإحصاءات الإسرائيلية إلى مقتل نحو 1200 شخص، واحتجاز أكثر من 250 رهينة. وقالت وزارة الصحة في غزة الأحد إن الحملة العسكرية الإسرائيلية اللاحقة والمتواصلة أودت بحياة ما يزيد على 35 ألف فلسطيني حتى الآن.


روسيا تسيطر على 4 بلدات جديدة في خاركيف... وكييف تقر بـ«موقف عصيب»

مباني متضررة بعد ضربة صاروخية روسية على خاركيف (رويترز)
مباني متضررة بعد ضربة صاروخية روسية على خاركيف (رويترز)
TT

روسيا تسيطر على 4 بلدات جديدة في خاركيف... وكييف تقر بـ«موقف عصيب»

مباني متضررة بعد ضربة صاروخية روسية على خاركيف (رويترز)
مباني متضررة بعد ضربة صاروخية روسية على خاركيف (رويترز)

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم (الأحد)، السيطرة على أربع بلدات إضافية في منطقة خاركيف الأوكرانية المحاذية لروسيا، بعد يومين من بدء عملية برية لموسكو في هذه المنطقة.

وقالت الوزارة في بيان نقلته وكالة الصحافة الفرنسية «تقدّمت الوحدات التابعة لمجموعة قوات (الشمال) في عمق دفاعات العدو وحررت بلدات غاتيشتشي وكراسنوي وموروخوفيتس وأولينيكوفو في منطقة خاركيف».

وأكّد الجيش الروسي (السبت) سيطرته على ست قرى أوكرانية بينها خمس في منطقة خاركيف. وتشن روسيا هجوماً جديداً على منطقة خاركيف بشمال أوكرانيا منذ (الجمعة)، وهو ما يفتح جبهة قتال جديدة في الحرب الدائرة منذ نحو 27 شهراً.

من جانبه، قال قائد الجيش الأوكراني أولكسندر سيرسكي (الأحد) إن قوات بلاده تواجه موقفاً عصيباً في القتال الدائر بمنطقة خاركيف لكنه أكد أن الجنود يبذلون ما بوسعهم للصمود.

وكتب سيرسكي على تلغرام «تخوض وحدات قوات الدفاع معارك دفاعية شرسة. تم وقف محاولات الغزاة الروس لاختراق دفاعاتنا». وأضاف «الموقف عصيب للغاية لكن قوات الدفاع الأوكرانية تقوم بكل ما في وسعها للصمود عند خطوط ومواقع الدفاع وتكبيد العدو الخسائر».

وأوكرانيا في حالة دفاع أمام روسيا التي تحظى بتفوق عددي وبذخيرة وافرة. وتقول كييف إن تأخيراً لعدة أشهر من الكونغرس الأميركي في التصويت على حزمة مساعدات ضخمة كلّفها الكثير في ساحة المعركة. وتأمل أوكرانيا الآن في وصول سريع لكميات كبيرة من المساعدات التي تم إقرارها مؤخراً لدعم دفاعاتها.

إلى ذلك، أجْلَت السلطات الأوكرانية أكثر من أربعة آلاف شخص من المناطق الحدودية مع روسيا في منطقة خاركيف، وفق ما أكد الحاكم الإقليمي، اليوم (الأحد).

وقال الحاكم أوليغ سينيغوبوف عبر منصات التواصل الاجتماعي: «تمّ إجلاء ما مجموعه 4073 شخصاً»، وذلك غداة إعلان القوات الروسية سيطرتها على خمس قرى في هذه المنطقة.

من عمليات إجلاء الأوكرانيين من خاركيف (أ.ف.ب)

وأكد سينيغوبوف (الأحد) مقتل رجل (63 عاماً) بنيران المدفعية في قرية غليبوك وإصابة آخر (38 عاماً) في فوفشانسك، وهي بلدة حدودية كان عدد سكانها نحو ثلاثة آلاف نسمة قبل الهجوم الحالي.

وأعلنت أوكرانيا (الجمعة) أن روسيا بدأت هجوماً برياً في خاركيف، وحققت تقدماً بسيطاً في المنطقة الحدودية التي كانت موسكو قد سيطرت على مناطق واسعة منها في 2022، قبل أن تستعيدها كييف.

وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (السبت) أنه «علينا تعطيل العمليات الهجومية الروسية وإعادة زمام المبادرة إلى أوكرانيا».