حشد إقليمي ودولي لمواجهة تداعيات غرق «روبيمار» في البحر الأحمر

الخراز لـ«الشرق الأوسط»: يجب بشكل عاجل مراقبة الأسواق وتحديد أماكن آمنة للصيد

السفينة «روبيمار» قبل أيام من غرقها في البحر الأحمر إثر تعرّضها لقصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة «روبيمار» قبل أيام من غرقها في البحر الأحمر إثر تعرّضها لقصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
TT

حشد إقليمي ودولي لمواجهة تداعيات غرق «روبيمار» في البحر الأحمر

السفينة «روبيمار» قبل أيام من غرقها في البحر الأحمر إثر تعرّضها لقصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة «روبيمار» قبل أيام من غرقها في البحر الأحمر إثر تعرّضها لقصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

لا تزال التداعيات النهائية لغرق سفينة الشحن «روبيمار MV» قبالة السواحل اليمنية غير معروفة، في ظل وجود 41 ألف طن من الأسمدة ومواد مجهولة أخرى على متنها، في حين يحذّر خبراء ومسؤولون من كارثة بيئية كبرى تلوح في الأفق.

وعقد مسؤولون من اليمن، وجيبوتي، وإرتيريا، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وبريطانيا والصين، بالإضافة إلى الأمم المتحدة اجتماعاً في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن يوم الثلاثاء؛ لبحث طرق الاستجابة للتداعيات المحتملة لهذه الكارثة.

وكان اليمن أعلن في 2 مارس (آذار) 2024 غرق سفينة الشحن البريطانية بعد استهداف الحوثيين لها في البحر الأحمر، محمّلة الجماعة المدعومة من إيران المسؤولية عن الكارثة البيئية في المياه اليمنية.

وزير المياه والبيئة اليمني خلال الاجتماع الذي عقده مع وزراء وممثلين من الإقليم والعالم لبحث مواجهة تداعيات غرق السفينة «روبيمار» (سبأ)

وأعلنت الأمم المتحدة استعدادها تقديم الدعم الفني للحكومة اليمنية، وإرسال عدد من الخبراء ينتظّر وصولهم خلال اليومين المقبلين، بحسب منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة.

من جانبه، يطرح الدكتور عبد القادر الخراز، رئيس هيئة حماية البيئة السابق باليمن، فرضية أخرى تتمثل في احتمالية دفن نفايات خطرة في السواحل اليمنية من خلال صفقة أبرمتها جماعة الحوثي مع جهات دولية، على حد تعبيره.

وقال الخراز في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن «السفينة (روبيمار) مسجلة في بريطانيا، لكن يملكها سوريون ولبنانيون ومدير الشركة في بيروت».

وأضاف: «عدم تحرك الشركة المشغلة لإنقاذ السفينة - رغم بقائها 12 يوماً - ينضوي تحت ما نسميه فرضية دفن نفايات خطرة (...) ملاك السفينة أساساً سوريون ولبنانيون ومكتب مدير الشركة في لبنان، ولكنها سجلت في بريطانيا وتحمل علم بريطانيا فقط».

وتابع الخراز بقوله: «هذا يؤكد أن هناك جريمة بيئية مكتملة الأركان قامت بها جماعة الحوثي بالتعاون مع مافيا دولية لدفن نفايات خطرة في البحر الأحمر وترك السفينة لمصيرها».

وبحسب القيادة المركزي الأميركية (سنكتوم)، فإن ما يقرب من 21 ألف طن متري من سماد كبريتات فوسفات الأمونيوم التي كانت تحملها السفينة (روبيمار) تشكل خطراً بيئياً في البحر الأحمر، مبينة أن غرق السفينة يمثل كذلك خطراً تحت سطح الماء على السفن الأخرى التي تبحر في مسارات الشحن المزدحمة عبر الممر المائي.

وقالت القيادة المركزية إن «الحوثيين المدعومين من إيران يشكّلون تهديداً متزايداً للأنشطة البحرية العالمية».

صورة جوية للسفينة البريطانية المقصوفة قبيل غرقها ما أدى إلى تسرب نفطي بطول 18 ميلاً بحرياً (أ.ب)

بدوره، قال وزير المياه والبيئة اليمني، المهندس توفيق الشرجبي: «إن قرار مجلس الأمن 2216 أوصى بمنع تدفق الأسلحة للحوثيين، والقرار 2722 شجع الدول الأعضاء على دعم جهود بناء قدرات خفر السواحل التابعة للحكومة اليمنية والموانئ في البحر الأحمر وخليج عدن لتعزيز الأمن البحري».

ودعا الشرجبي «المجتمع الإقليمي والدولي إلى تحمّل مسؤوليته لوقف هذه التهديدات والكوارث التي تقوم بها ميليشيا الحوثي الإرهابية، ومساعدة اليمن على مواجهة التحديات التي ترافق هذه المشكلة»، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سبأ).

وكان الوزير يتحدث على هامش اجتماع لخلية إدارة أزمة السفينة «روبيمار» عُقد في عدن بحضور وزيرَي البيئة الجيبوتي والإريتري، وسفراء من الاتحاد الأوروبي، وأميركا، وبريطانيا والصين، وممثلين عن المنظمات الأممية المعنية بالبيئة، ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن دييغو زوريلا.

وناقش الاجتماع الخطوات والمواقف المشتركة حول خطة الاستجابة لمخاطر التلوث البيئي والسبل الكفيلة لحصر تداعيات الكارثة على السواحل اليمنية والبحر الأحمر والدول المحيطة به.

وتعهد خلال الاجتماع نائب منسق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة، بتقديم جوانب الدعم للحكومة اليمنية وتوظيف عدد من الخبراء المقرر وصولهم خلال اليومين المقبلين، وكذا التنسيق مع المنظمات الدولية لإمكانية مواجهة تداعيات غرق السفينة.

سفينة أميركية تعرّضت لهجوم حوثي وهي تحمل شحنة مساعدات إلى الموانئ اليمنية (رويترز)

بالعودة للدكتور عبد القادر الخراز، الذي أوضح أن السفينة «روبيمار» صُنعت في عام 1997 وعمرها يصل إلى 27 عاماً، مبيناً أنها كانت تحمل 41 ألف طن من الأسمدة والمواد الأخرى المجهولة.

وتساءل الخراز بقوله: «هناك 21 ألف طن من كبريتات الأمونيوم، وهذه مادة كيميائية لأسمدة مصنعة وليست طبيعية، وبالتالي هذه عندما تذوب في الماء أو تتسرب إليه لها تداعيات بيئية كبيرة، لكن ما يقلقنا أكثر ماهية الحمولة الأخرى؛ لأن حمولة السفينة 41 ألف طن، مع الوضع في الحسبان أن الوقود والديزل لا تتجاوز 1300 إلى 1500 متر مكعب؟».

وأضاف: «الحوثي هو المشكلة الكبيرة، هناك على ما يبدو نفايات خطرة على الباخرة لم يتم الإعلان عنها، وربما تشكل الكمية الكبيرة التي لا يتم الحديث حولها».

طاقم السفينة الغارقة «روبيمار» فور وصولهم جيبوتي بعد إجلائهم عبر البحرية الجيبوتية (الموانئ الجيبوتية)

وكان انفجار 2750 طناً من نترات الأمونيوم في منطقة مستودعات ببيروت في 2020 أسفر عن مقتل 135 شخصاً على الأقل وإصابة قرابة 5000 آخرين، حيث كانت مُخزنة في الميناء لست سنوات دون إجراءات سلامة.

وتحدث رئيس هيئة حماية البيئة السابق في اليمن عن خطورة كبريتات الأمونيوم على السفينة الغارقة والمقدرة بـ21 ألف طن، وقال: «هذه الأسمدة خطيرة عندما تتسرب للماء (...)، وكان يجب أن تكون معبأة وليست سائبة؛ وهذا ما يؤكد فرضية وجود نفايات خطرة نقلت في باخرة تحمل أسمدة غير مغلفة».

ولفت الدكتور عبد القادر إلى أن «هذه المواد عندما تختلط بالماء تذوب ولا يمكن تتبعها؛ وبالتالي ستؤثر على خصائص مياه البحر وتغيرها ويكون هناك تلوث، ما ينعكس على الأحياء البحرية النباتية والحيوانية ويؤدي إلى موت كثير منها، كما يؤثر على الأعشاب والطحالب».

طفل مجنّد من أنصار الحوثي يحمل مجسماً لصاروخ في صنعاء (أ.ب)

مراقبة الأسواق ومرافئ الصيد

يعتقد الدكتور عبد القادر الخراز بأن الحكومة اليمنية معنية بشكل عاجل بمراقبة الأسواق وتقييم الوضع لتحديد الأماكن الآمنة للصيد، بحكم أن الشواطئ اليمنية هي المتضرر الأكبر من هذه الكارثة البيئية.

وقال: «يجب تقييم الوضع بشكل سريع وتحديد المناطق الآمنة للصيد، ومنع الاصطياد لفترة محددة، كذلك من المهم مراقبة الأسواق في مرافئ الصيد التقليدية، وعمل فحوص بشكل مستمر على عينات من الكائنات البحرية بمختلف أنواعها؛ لتحديد نوع السُمية والعناصر الكيميائية وحجم هذه السموم».

وتابع: «الأخطر من ذلك أن المواد الكيميائية في بعض الكائنات الحية لا يؤدي مباشرة إلى موتها، وإنما تترسب في أجسامها وبالذات الرخويات وهي من الكائنات التي يتم اصطيادها، وبالتالي انتقالها عبر الصيد إلى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية، وسيكون هناك انتشار للسموم في هذه الكائنات وتظهر أمراض خطيرة ربما في المستقبل القريب».

وحذّر الدكتور الخراز بقوله: «للأسف، لم يتم ذلك، وهذا ينعكس على صحة السكان في المناطق الساحلية أو الداخلية، ومن الناحية الاقتصادية سيؤثر على مصادر دخل الصيادين ووضعهم الافتصادي المتعَب أساساً».

تهدّد مواجهات البحر الأحمر بإلحاق أضرار بيئية بالحياة البحرية تنعكس سلباً على الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)


مقالات ذات صلة

«البحر الأحمر» يكرِّم أسطورة بوليوود ريخا

يوميات الشرق إطلالة فاخرة للنجمة ريخا على السجادة الحمراء للمهرجان وهي تحيي الجمهور (المهرجان)

«البحر الأحمر» يكرِّم أسطورة بوليوود ريخا

كرَّم «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي»، مساء الأحد، النجمة الهندية الأسطورية ريخا (بانورخا غانيشان)، وذلك خلال ظهور نادر لها.

«الشرق الأوسط» (جدة)
سينما فيلم شهد أمين «هجرة»

معالم نهضة سينمائية سعودية تتسارع في «مهرجان البحر الأحمر»

نهضة سينمائية سعودية تتسارع بدعم مؤسسات فاعلة ومهرجان يرسّخ حضوره، وسط تباين نتاجات المخرجين بين قفزات فنية وتجارب أقرب لروح التلفزيون، ومستقبل واعد يتشكل.

محمد رُضا (جدّة)
يوميات الشرق علي الكلثمي شارك تفاصيل منهجه الإخراجي ورحلته داخل الصناعة السعودية (البحر الأحمر)

علي الكلثمي... المخرج السعودي الذي صاغ من السخرية رؤية سينمائية

حملت الجلسة كثيراً من الجدّية في التفاصيل التي قدَّمها علي الكلثمي عن عمله مع الممثلين...

إيمان الخطاف (جدة)
يوميات الشرق مشهد من فيلم افتتاح المهرجان «العملاق» من بطولة أمير المصري (المهرجان)

أمير المصري في «البحر الأحمر»... بطولة مزدوجة تقوده إلى لحظة تحوُّل لم يتوقَّعها

أمير المصري، الذي أصبح اسماً مألوفاً في سجل ضيوف المهرجان خلال السنوات الماضية، عاد هذا العام بنبرة مختلفة وحضوراً أكثر نضجاً.

إيمان الخطاف (جدة)

توقعات أميركية بقرب المرحلة الثانية في غزة

فلسطينيون يركبون عربة تجرها سيارة لعبور شارع غمرته المياه بعد عاصفة في مدينة غزة يوم الأربعاء (أ.ب)
فلسطينيون يركبون عربة تجرها سيارة لعبور شارع غمرته المياه بعد عاصفة في مدينة غزة يوم الأربعاء (أ.ب)
TT

توقعات أميركية بقرب المرحلة الثانية في غزة

فلسطينيون يركبون عربة تجرها سيارة لعبور شارع غمرته المياه بعد عاصفة في مدينة غزة يوم الأربعاء (أ.ب)
فلسطينيون يركبون عربة تجرها سيارة لعبور شارع غمرته المياه بعد عاصفة في مدينة غزة يوم الأربعاء (أ.ب)

قال السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، في القدس أمس، إنه يتوقع صدور إعلانات «قريبة» بشأن التقدم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس دونالد ترمب للسلام في غزة، مؤكداً أن واشنطن لن تسمح لـ«حماس» بإعادة بناء نفسها.

وأوضح والتز أن المُكوّنات الرئيسية للخطة تتمثل في سلطة فلسطينية تكنوقراطية تتولى إدارة الخدمات، وآلية تمويل تضمن تحّمل الأطراف المعنية للتكاليف، وأخيراً قوة استقرار دولية.


اهتزاز جديد في علاقات بيروت وطهران

وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في بيروت في يونيو 2025 (أرشيفية - إرنا)
وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في بيروت في يونيو 2025 (أرشيفية - إرنا)
TT

اهتزاز جديد في علاقات بيروت وطهران

وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في بيروت في يونيو 2025 (أرشيفية - إرنا)
وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في بيروت في يونيو 2025 (أرشيفية - إرنا)

تعرضت العلاقات الدبلوماسية بين لبنان وإيران إلى اهتزاز جديد، إثر رفض وزير الخارجية اللبناني يوسف رجي دعوة نظيره الإيراني عباس عراقجي لزيارة طهران، واقتراحه عقد لقاء في دولة ثالثة.

وقال رجي، أمس، إنه يعتذر عن عدم قبأولىول دعوة لزيارة طهران في الوقت الراهن، واقترح بدلاً من ذلك عقد لقاء «في دولة ثالثة محايدة يتم التوافق عليها». وأضاف رجي أن «الظروف الحالية» هي سبب قراره عدم زيارة إيران، وشدّد على أن هذا «لا يعني رفضاً للنقاش، إنما الأجواء المؤاتية غير متوافرة».

وأوضح رجي أن أي انطلاقة جديدة بين بيروت وطهران يجب أن تقوم على أسس واضحة، تشمل احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والالتزام المتبادل بالمعايير التي تحكم العلاقات بين الدول. كما أعرب عن استعداد بلاده لبناء علاقة «بنّاءة» مع إيران تتسم بالوضوح والاحترام.


خلاف أميركي ــ إسرائيلي يتعمق حول «سوريا الجديدة»


زار بنيامين نتنياهو المنطقة العازلة مع سوريا في 19 نوفمبر برفقة كبار مسؤولي الدفاع والخارجية والأمن (مكتب الصحافة الحكومي)
زار بنيامين نتنياهو المنطقة العازلة مع سوريا في 19 نوفمبر برفقة كبار مسؤولي الدفاع والخارجية والأمن (مكتب الصحافة الحكومي)
TT

خلاف أميركي ــ إسرائيلي يتعمق حول «سوريا الجديدة»


زار بنيامين نتنياهو المنطقة العازلة مع سوريا في 19 نوفمبر برفقة كبار مسؤولي الدفاع والخارجية والأمن (مكتب الصحافة الحكومي)
زار بنيامين نتنياهو المنطقة العازلة مع سوريا في 19 نوفمبر برفقة كبار مسؤولي الدفاع والخارجية والأمن (مكتب الصحافة الحكومي)

يتصادم مسار الإدارة الأميركية بتوسيع التعاون الأمني مع دمشق الجديدة، مع نهج إسرائيل الميداني المندفع، ما يكشف عن خلاف بين الحليفين التقليديين حول مستقبل الدولة السورية.

وأعلن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، أمس (الأربعاء)، تراجع فرص التوصل إلى اتفاق مع سوريا، مشيراً إلى أن الجانبين «أبعد من الاتفاق مما كانا عليه قبل أسابيع»، وأن «الفجوات بين الطرفين اتسعت مع ظهور مطالب جديدة».

ورصدت صحيفة «وول ستريت جورنال» تناقضاً نادراً بين واشنطن وتل أبيب حول مستقبل الدولة السورية بعد عام من سقوط نظام الأسد.

في سياق متصل، أكد قائد القيادة المركزية الأميركية «سينتكوم»، الأدميرال براد كوبر، أن واشنطن تعمل «بشكل متزايد» مع الجيش السوري لمواجهة تهديدات أمنية مشتركة، وقدّمت منذ أكتوبر (تشرين الأول) «المشورة والمساعدة والتمكين» في أكثر من 20 عملية ضد تنظيم «داعش» وإحباط شحنات أسلحة متجهة إلى «حزب الله» اللبناني، لافتاً إلى أن هذه المكاسب «لا تتحقق إلا عبر تنسيق وثيق مع القوات الحكومية السورية».