بعد يومين من غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر جراء قصف حوثي كان استهدفها قبل نحو أسبوعين، أفادت وكالتان بريطانيتان، الاثنين، بهجوم جديد في خليج عدن تعرضت له سفينة شحن ترفع علم ليبيريا، ولها صلة بإسرائيل، حيث تُرجح مسؤولية الجماعة الموالية لإيران عن الهجوم.
وفيما لم تتبن الجماعة الحوثية الهجوم على الفور، تزعم أنها تشن هجماتها البحرية مساندة للفلسطينيين في غزة، ضد إسرائيل، وقد أكدت الأخيرة، أنها لم تتأثر بهذه الهجمات التي استدعت تداعي القوات الغربية لحماية السفن بقيادة أميركا.
وطبقاً لوكالة «أمبري» البريطانية للأمن البحري، فإن الهجوم الجديد وقع على بعد نحو 91 ميلاً بحرياً إلى جنوب شرق عدن، حيث أصيبت السفينة وأرسلت إشارة استغاثة.
ولم يتم التأكد، وفق الوكالة، ما إذا كانت السفينة قد تأثرت بشكل مباشر، أو تعرضت لأضرار بسبب انفجارات قريبة، حيث كانت تبحر من سنغافورة إلى جيبوتي.
وأوضحت «أمبري» أن السفينة كانت مدرجةً على أنها تُدار من شركة «زي أي إم» لخدمات الشحن الإسرائيلية، واستدركت بالقول: «ربما كان ذلك إدراجاً قديماً، إذ لم تُدرج السفينة في مصادر أخرى».
من جهتها أفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، الاثنين، بأنها تلقت تقريراً عن واقعة على بعد 91 ميلاً بحرياً جنوب شرقي مدينة عدن اليمنية، بخصوص السفينة، وذكرت أن القبطان أفاد بسلامة الطاقم جراء الهجوم.
UKMTO INCIDENT 044 WARNINGATTACK https://t.co/fX3hWupi7g#MaritimeSecurity #MarSec pic.twitter.com/qyWIeSVryS
— United Kingdom Maritime Trade Operations (UKMTO) (@UK_MTO) March 4, 2024
وتشن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجمات ضد السفن تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة من خلال منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، قبل أن تضيف إلى لائحة الأهداف السفن الأميركية والبريطانية.
وهدد القيادي حسين العزي، المعين في منصب نائب وزير الخارجية في الحكومة الحوثية غير المعترف بها دولياً، في وقت سابق، بشن المزيد من عمليات إغراق السفن، على الرغم من الهدوء النسبي الذي شهدته المياه اليمنية خلال الثلاثة الأيام الأخيرة.
وقال العزي، في تغريدة على منصة «إكس»، إن جماعته ستواصل «إغراق المزيد من السفن البريطانية، وأي تداعيات أو أضرار أخرى سيتم إضافتها لفاتورة بريطانيا باعتبارها دولة مارقة تعتدي على اليمن، وتشارك أمريكا في رعاية الجريمة المستمرة بحق المدنيين في غزة»، وفق تعبيره.
وفي أحدث خطبه، توعد زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي بما وصفه بـ«مفاجآت» لا يتوقعها أعداء جماعته التي أقر بمهاجمتها 54 سفينة منذ بدء التصعيد البحري، الذي رأت فيه الحكومة اليمنية هروباً من استحقاقات السلام اليمني، ومحاولة لتلميع صورة الجماعة داخلياً وخارجياً، من بوابة الحرب في غزة.
ودخلت إيطاليا هذا الأسبوع على خط التصدي للهجمات الحوثية كثالث دولة أوروبية بعد فرنسا وألمانيا، وقالت وزارة دفاعها إن مدمرة تابعة لها تصدت لطائرة مسيرة حوثية بالقرب منها في البحر الأحمر، حيث التزمت روما بالمشاركة في العملية الأوروبية لحماية سفن الشحن.
وكان الاتحاد الأوروبي أقر الانضمام إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا لحماية السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، ضمن عملية «أسبيدس»، التي تعني «الدروع» أو «الحامي»، دون المشاركة في شن هجمات مباشرة على الأرض ضد الجماعة المدعومة من إيران.
أضرار إسرائيلية محدودة
رغم مزاعم الحوثيين بأن تصعيدهم يستهدف السفن المرتبطة بإسرائيل، قالت وزارة المالية الإسرائيلية في تقرير، الاثنين، إن هجمات حركة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران على سفن الشحن في البحر الأحمر لها تأثير محدود على التجارة في إسرائيل، ولم تسفر عن أي ضغوط تضخمية كبيرة.
ونقلت «رويترز» عن وزارة المالية الإسرائيلية قولها إنه «مع ارتفاع أسعار النقل البحري 163 في المائة عالمياً، فإن إسرائيل قد تتأثر بارتفاع تكاليف الاستيراد أو اضطرابات سلسلة التوريد وارتفاع أسعار السلع الأولية والطاقة».
لكنها أوضحت أن تكلفة النقل البحري لا تتجاوز ثلاثة في المائة من إجمالي قيمة الواردات. ومع استحواذ الواردات على 20 في المائة فقط من الإنفاق الخاص، فإن تكلفة النقل البحري على الإنفاق الخاص لم تتجاوز 0.6 في المائة.
وقالت الوزارة الإسرائيلية إنه في أسوأ الأحوال، فإن القفزة في تكاليف الشحن البحري ستسفر عن زيادة تصل إلى نقطة مئوية واحدة في مؤشر أسعار المستهلكين العام المقبل، مؤكدة أنه لم تكن هناك اضطرابات كبيرة في سلسلة التوريد، وأن أسعار السلع الأولية والطاقة مستقرة إلى حد كبير، وفق ما أوردته «رويترز».
وفي ظل التوتر العسكري في البحر الأحمر، أعلنت شركة الاتصالات العالمية «HGC»، الاثنين، عن تعرض أربعة كابلات بحرية للتلف في البحر الأحمر، وقالت في بيان على موقعها الإلكتروني إنها «تلقت مؤخراً بلاغاً بحادثة تلف أربعة كابلات من أصل أكثر من 15 كابلاً للاتصالات البحرية في البحر الأحمر».
وفي وقت سابق اتهمت الحكومة اليمنية، الحوثيين، بالوقوف وراء عملية التخريب، إلا أن الجماعة سرعان ما نفت مسؤوليتها، وأكدت التزامها بعدم المس بالكابلات.
وأدى هجوم حوثي في 18 فبراير (شباط) الماضي إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» تدريجياً، قبالة سواحل مدينة المخا اليمنية على البحر الأحمر، بعد أن تعذرت عملية إنقاذها بسبب التصعيد العسكري وضآلة إمكانات الحكومة اليمنية، ومحاولة الجماعة الحوثية استثمار الحادث للمزايدة السياسية دون استشعار الكارثة البيئية.
ومنذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) أصابت الهجمات الحوثية 12 سفينة على الأقل، غرقت إحداها، كما لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» وطاقمها للشهر الرابع.
وتبنت الجماعة حتى الخميس الماضي إطلاق 384 صاروخاً وطائرة مسيّرة خلال الهجمات، كما توعد زعيمها الحوثي بالقوارب المسيرة والغواصات الصغيرة غير المأهولة، ونفى تأثر الجماعة بالضربات الغربية.
وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات ضد الحوثيين غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو مساندة قواتها على الأرض لاستعادة المؤسسات وتحرير الحديدة وموانئها، وبقية المناطق الخاضعة بالقوة للجماعة.
وأطلقت الولايات المتحدة تحالفاً دولياً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمته «حارس الازدهار»، لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض ضد الحوثيين، إلى جانب تنفيذ العشرات من عمليات التصدي للصواريخ والمُسيَّرات الحوثية والقوارب المفخخة.
وبسبب التصعيد الحوثي وردود الفعل الغربية، تجمدت مساعي السلام اليمني التي تقودها الأمم المتحدة، وسط مخاوف من عودة القتال، خصوصاً بعد أن حشد الحوثيون عشرات آلاف المجندين مستغلين العاطفة الشعبية تجاه القضية الفلسطينية.