خطاب «حال الاتحاد» مهمة شاقة لكتّاب كلمات الرؤساء الأميركيين

كان جورج واشنطن أول رئيس أميركي يقوم بإطلاع الكونغرس على حالة الاتحاد (رويترز)
كان جورج واشنطن أول رئيس أميركي يقوم بإطلاع الكونغرس على حالة الاتحاد (رويترز)
TT

خطاب «حال الاتحاد» مهمة شاقة لكتّاب كلمات الرؤساء الأميركيين

كان جورج واشنطن أول رئيس أميركي يقوم بإطلاع الكونغرس على حالة الاتحاد (رويترز)
كان جورج واشنطن أول رئيس أميركي يقوم بإطلاع الكونغرس على حالة الاتحاد (رويترز)

يقول تيري شوبلات إن الخطاب السنوي للرئيس الأميركي عن حال الاتحاد «كان الخطاب الذي نحلم بكتابته. وبعد ذلك، نأمل ألا نضطر إلى القيام بذلك مرة أخرى»، وهو رأي يبديه كثير من كتّاب الخُطَب، مؤكدين أن إعداد الكلمة التي سيلقيها جو بايدن الخميس هو مهمة مرهقة ومثيرة للإحباط.

قال هذا المساعد السابق لباراك أوباما: «إنه بالتأكيد واحد من أكثر الخطب الرئاسية المرتقبة لهذا العام»، وتبثه القنوات التلفزيونية في أوقات الذروة، لكنه «نادراً ما يُحدث تغييراً في ديناميكية الولاية الرئاسية».

عندما يلقي الرئيس الحالي جو بايدن، الذي أمضى 3 أيام في منزله في كامب ديفيد لإعداد خطابه، كلمته هذه سيشكل ذلك خاتمة أشهر من العمل الشاق.

وفي تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت سارادا بيري، وهي أيضاً من كتّاب الخطب السابقين في عهد أوباما، إنه في «أكتوبر (تشرين الأول) أو نوفمبر (تشرين الثاني)» يبدأ جمع الأفكار من الوزارات والإدارات وأرقام الميزانية، وتكتب المسودة الأولى قبل عيد الميلاد، لكن «الأمور الجدية تبدأ فعلياً بعد العودة من عطل نهاية العام». والهدف هو «نسج رواية» متماسكة.

من ألف إلى 9 آلاف كلمة

أكدت سارادا بيري أن ذلك يشبه «حفل السوبربول لأقلام الرئيس»، في إشارة إلى نهائي دوري كرة القدم الأميركية، وهو أهم حدث رياضي سنوي في الولايات المتحدة، موضحة أن «النتيجة لا تأتي إطلاقاً كما كنا نريد».

و«الخطاب عن حال الاتحاد» مدرج في الدستور الأميركي، الذي ينص على أن يقوم الرئيس «بإطلاع الكونغرس دورياً على حالة الاتحاد».

كان جورج واشنطن أول رئيس أميركي نفذ هذا البند بأقصر خطاب حتى اليوم، بلغ عدد كلماته الألف ونيفاً، مقابل أكثر من 9 آلاف كلمة لخطاب جو بايدن العام الماضي.

بعد واشنطن، اكتفى الرؤساء الأميركيون برسائل خطية. ولم ترسّخ تقاليد مثول مهيب أمام جميع البرلمانيين، قبل أن يتولى وودرو ويلسون الرئاسة في 1913.

أما فيما يخص مسمى «خطاب حال الاتحاد» فقد فرض بعد الحرب العالمية الثانية.

كان جورج واشنطن أول رئيس أميركي يقوم بإطلاع الكونغرس على حالة الاتحاد (رويترز)

يوضح تيري شوبلات: «ليس لدينا ملك، لكن في تلك اللحظة عندما يعلن عن وصول الرئيس ويدخل (إلى قاعة الكونغرس) يتخذ الأمر بعداً ملكياً»، مشيراً إلى أن أهمية الخطاب تكمن أيضاً في هذه اللحظة المسرحية.

وأضاف محرر معظم خطب أوباما: «نصف الحضور هم من أعضاء حزب الرئيس، يقفون ويصفقون. والنصف الآخر يجلسون مكتوفي الأيدي، وهذا يمكن أن يكون لقطات جيدة للتلفزيون».

حاول الرئيس الديمقراطي السابق اختصار خطابه إلى 30 دقيقة من دون جدوى.

وقال شوبلات إن «الضغوط كبيرة جداً» لتناول الصحة والتعليم والسياسة الخارجية والبيئة والقدرة الشرائية في الوقت نفسه، والهجرة والأمن والتكنولوجيا.

وقالت سارادا بيري: «في كل عام كنا نقول لأنفسنا، هذه المرة سنجعله أقصر، وسنفعل شيئاً ملهماً... وبالتأكيد في كل مرة يكون لدينا خطاب يستمر لساعة على الأقل»، ما يشبه دليلاً لوعود جميلة واستحضارات ممتعة لقرارات سابقة.

تصفيق

تحدث جو بايدن لأكثر من 70 دقيقة العام الماضي، أما صاحب الرقم القياسي فهو الرئيس السابق بيل كلينتون، الذي تحدث لمدة ساعة و28 دقيقة في عام 2000.

ويعترف «القلمان» بأنه ليست الجمل التي أتقنا صياغتها، بل اللحظات العفوية والحوادث الجانبية هي التي تضفي نكهة على «خطاب حال الاتحاد».

مثال على ذلك؛ عندما مزّقت الديمقراطية نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب حينذاك، نسختها من الخطاب الذي كان قد ألقاه للتوّ الرئيس الجمهوري دونالد ترمب في 2020.

ويتذكر تيري شوبلات التصفيق الطويل في الكونغرس في يناير (كانون الثاني) 2014، عندما حيّا باراك أوباما من بين الحضور جندياً أصيب بجروح خطيرة في أفغانستان.

وقال شوبلات، الذي سيصدر قريباً كتاباً عن تجربته، إن «هذه هي اللحظات التي تعلق في الأذهان ويتحدث عنها الناس في اليوم التالي في العمل أو مع العائلة».

وسيجلس الكاتبان أمام التلفاز، مساء الخميس، من دون حنين كبير إلى الماضي. وقالت سارادا بيري ضاحكة: «سأكون سعيدة بأنني مجرد متفرجة».


مقالات ذات صلة

ترمب وهاريس يتبادلان الانتقادات في قضية الإجهاض

الولايات المتحدة​ تختلف سياسات ترمب وهاريس تجاه إيران (أ.ف.ب)

ترمب وهاريس يتبادلان الانتقادات في قضية الإجهاض

يعد تغيير مواقف المرشحين في انتخابات الرئاسة الأميركية أمراً شائعاً، خصوصاً في السباقات المتقاربة قبيل اقتراب موعد التصويت.

إيلي يوسف (واشنطن)
شؤون إقليمية تختلف سياسات ترمب وهاريس تجاه إيران (أ.ف.ب)

التفاوض أم الردع؟... إيران بين هاريس وترمب

يستعرض تقرير واشنطن، أوجه التشابه والاختلاف في سياسيات المرشحَين دونالد ترمب وكامالا هاريس تجاه طهران.

رنا أبتر (واشنطن)
الولايات المتحدة​ سوليفان برفقة السفير الأميركي لدى الصين نيكولاس بيرنز يلتقي الرئيس الصيني برفقة وزير الخارجية الصيني وانغ يي في قاعة الشعب الكبرى في بكين (أ.ب)

زيارة سوليفان «تعيد الدفء» للعلاقات الأميركية الصينية

أعادت زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان ولقاءاته مع الرئيس الصيني وكبار المسؤولين بعض الدفء إلى العلاقات مع الولايات المتحدة

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (رويترز)

ترمب يتوعد مؤسس «فيسبوك» بالسجن إذا تدخل في الانتخابات

اتهم الرئيس الأميركي السابق، والمرشح الجمهوري الحالي في السباق الرئاسي دونالد ترمب، مؤسس «فيسبوك»، مارك زوكربيرغ، بتوجيه دفة الانتخابات ضده في عام 2020.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ بايدن يتحدث في البيت الأبيض

جمهوريون يطالبون بايدن بـ«رد حاسم» على خروقات طهران

بعد خروقات إيرانية أمنية متعددة للحملات الانتخابية الأميركية، أعرب جمهوريون عن استيائهم من غياب رد حاسم على ممارسات طهران.

رنا أبتر (واشنطن)

«يونيسف» تطرح مناقصة طارئة لتأمين لقاحات «جدري القردة»

يمر أحد الركاب أمام لافتة تحذر من مرض «جدري القرود» في مطار سوكارنو هاتا الدولي بتانجيرانغ في 26 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
يمر أحد الركاب أمام لافتة تحذر من مرض «جدري القرود» في مطار سوكارنو هاتا الدولي بتانجيرانغ في 26 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
TT

«يونيسف» تطرح مناقصة طارئة لتأمين لقاحات «جدري القردة»

يمر أحد الركاب أمام لافتة تحذر من مرض «جدري القرود» في مطار سوكارنو هاتا الدولي بتانجيرانغ في 26 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)
يمر أحد الركاب أمام لافتة تحذر من مرض «جدري القرود» في مطار سوكارنو هاتا الدولي بتانجيرانغ في 26 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

طرحت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مناقصة طارئة لتأمين لقاحات «جدري القردة» للدول المتضررة من الأزمات، بالتعاون مع تحالف اللقاحات (جافي) ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا ومنظمة الصحة العالمية.

وجاء في بيان مشترك للمنظمات، أنه يمكن إبرام اتفاقيات لما يصل إلى 12 مليون جرعة حتى 2025، اعتماداً على القدرة الإنتاجية للمصنعين.

وقال البيان الذي نقلته وكالة «رويترز» للأنباء، إنه بموجب المناقصة ستبرم «يونيسف» اتفاقيات توريد مشروطة مع الجهات المصنعة للقاحات. وسيتيح هذا للمنظمة شراء اللقاحات وشحنها دون تأخير بمجرد تأكيد التمويل والطلب والاستعداد والمتطلبات التنظيمية.

ومن شأن التعاون، الذي يشمل أيضاً العمل مع تحالف اللقاحات ومنظمة الصحة للبلدان الأميركية، وكذلك مع التحالف العالمي للقاحات والتحصين ومراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في أفريقيا ومنظمة الصحة العالمية، أن يسهل التبرع باللقاحات من المخزونات الحالية في البلدان ذات الدخل المرتفع.

وأضاف البيان أن منظمة الصحة العالمية تقوم بمراجعة المعلومات التي قدمها المصنعون في 23 أغسطس (آب)، وتتوقع الانتهاء من مراجعة إدراج الاستخدام في حالات الطوارئ بحلول منتصف سبتمبر (أيلول).

وتنظر المنظمة في طلبات الحصول على تراخيص طوارئ للقاحين من إنتاج شركة «بافاريا نورديك» وشركة «كيه.إم. بيولوجيكس» اليابانية.

وفي وقت سابق من شهر أغسطس (آب)، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن «جدري القردة» يشكل حالة طوارئ صحية عامة تثير قلقاً دولياً بعد تفشي العدوى الفيروسية في جمهورية الكونغو الديمقراطية وانتشارها إلى الدول المجاورة.

وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إنه تم الإبلاغ عن أكثر من 18 ألف حالة يشتبه في إصابتها بـ«جدري القردة» في الكونغو حتى الآن هذا العام، بالإضافة إلى 629 حالة وفاة بينما تم تأكيد أكثر من 150 حالة في بوروندي.

وخارج جمهورية الكونغو الديمقراطية والبلدان المجاورة، أكدت السويد وتايلاند اكتشاف حالات لديها مصابة بالسلالة «كلاد آي بي» من الفيروس.