التصعيد العسكري في البحر الأحمر يهدد مخزون غذاء اليمنيين

الحكومة تدعو إلى دعم جهودها في التعافي الاقتصادي

تهدد مواجهات البحر الأحمر بإلحاق أضرار بيئية بالحياة البحرية تنعكس سلباً على الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)
تهدد مواجهات البحر الأحمر بإلحاق أضرار بيئية بالحياة البحرية تنعكس سلباً على الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)
TT

التصعيد العسكري في البحر الأحمر يهدد مخزون غذاء اليمنيين

تهدد مواجهات البحر الأحمر بإلحاق أضرار بيئية بالحياة البحرية تنعكس سلباً على الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)
تهدد مواجهات البحر الأحمر بإلحاق أضرار بيئية بالحياة البحرية تنعكس سلباً على الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

تزداد المخاوف من صعوبة تأمين الاحتياجات الغذائية والأساسية لليمنيين خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، بسبب تداعيات التصعيد في البحر الأحمر، وتأثيره على حركة التجارة، بالتزامن مع قدوم شهر رمضان، وتفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية.

ودعا محمد الأشول وزير التجارة والصناعة في الحكومة اليمنية إلى دعم جهود بلاده من أجل إنقاذها من الوضع الكارثي المستمر جراء الانقلاب والحرب، ومساعدتها في استعادة التعافي الاقتصادي، وخلق فرص العمل، والمساهمة في الاستقرار والنمو والسلام، لافتاً إلى قرب تشغيل المنطقة الصناعية في عدن.

تزيد مواجهات البحر الأحمر من التهديدات الفعلية على معيشة اليمنيين (إ.ب.أ)

وحذّر الوزير الأشول من دخول البلاد تحت مظلة المجاعة إن لم يتم وضع حل لاضطرابات البحر الأحمر، بعد أن أصبحت تواجه توقفاً شبه كامل للموانئ بسبب هذه الاضطرابات.

وخلال مشاركته في المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية المنعقد في أبوظبي كشف الأشول عن ارتفاع تكاليف الشحن والنقل بنسبة 300 في المائة بسبب تداعيات المواجهات في البحر الأحمر، مشيراً إلى وصول تكلفة نقل الحاوية الواحدة إلى 12 ألف دولار أو 14 ألف دولار خلال الأشهر الأخيرة، بعد أن كانت لا تتجاوز 4 آلاف دولار.

وأكد الوزير حرص الحكومة على تأمين مخزون غذائي من المواد الأساسية، الذي قد يكون كافياً لنهاية شهر رمضان، موضحاً أن توقف الموانئ نتج عنه استنزاف المواد الأساسية، مع استمرار التبادل التجاري الداخلي بالعملات الأجنبية، ونزوح جزء كبير من رأس المال الوطني إلى الخارج.

في غضون ذلك، عبّر مسؤول يمني حكومي عن خشيته من استدامة أحداث البحر الأحمر، وعدم اكتراث الأطراف الدولية بالأزمة الإنسانية في اليمن، مع تحول الممرات المائية المجاورة للبلاد إلى ساحة صراع دولي جديد.

تسعى الحكومة اليمنية إلى الإسراع لتشغيل المنطقة الصناعية في عدن ضمن جهود التعافي الاقتصادي (سبأ)

ونبّه المسؤول الحكومي، الذي اشترط عدم الكشف عن بياناته، في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن التعامل الدولي مع هذه الأحداث لا يرقى إلى مستوى إنهاء الخطر عن الملاحة في البحر الأحمر، ما قد يعني وجود سيناريو لإدامة هذا الصراع، وبالتالي تهميش مضيق باب المندب والبحر الأحمر، وتوجيه حركة التجارة العالمية بعيداً عنهما، وبالتالي عزل اليمن والمنطقة العربية تماماً.

دعم الشحن والتأمين

يرى الباحث الاقتصادي اليمني عادل شمسان أن أفضل الحلول لتجنب ما وصفه بالكارثة المتوقعة، هو «وقف الميليشيات الحوثية من العبث والإرهاب الذي تمارسه في البحر الأحمر، أو على الأقل منعها من استهداف السفن التجارية في خليج عدن والبحر العربي، ما يوفر مسارات آمنة لشركات الشحن لإيصال احتياجات اليمن عبر موانئ عدن وشبوة والمكلا».

وطالب شمسان في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بإنشاء صندوق خاص لدعم الشحن والتأمين بالتعاون بين الحكومة والدول الداعمة والصديقة والجهات الدولية، والتفاهم حول حلول مستقبلية للحد من آثار المواجهات في البحر الأحمر وخليج عدن.

وانتقد عدم تفعيل وضع الطوارئ عند كل أزمة جديدة، والبطء في اتخاذ سياسات تحوطية مباشرة مع أي مؤشر لحدوث تراجع في الأمن الغذائي وإمدادات السلع الأساسية، والانتظار حتى تتوسع الأزمة، ويزداد المتضررون منها، لبدء البحث عن الحلول، التي عادة ما تكون عاجلة وقاصرة.

تراجعت المساعدات الغذائية إلى اليمن خلال الأشهر الأخيرة بفعل عدد من الأزمات حول العالم (أ.ب)

وأخيراً أعلن الاتحاد الأوروبي تنظيم 13 رحلة جوية للجسر الجوي الإنساني خلال فبراير (شباط) الماضي، لتقديم المساعدة الحيوية للمدنيين في اليمن، استجابةً لتفشي الأمراض المعدية التي تهدد الحياة في البلاد، وحالة الطوارئ الصحية اللاحقة بين السكان المتضررين.

ووفقاً لبيان عن المفوضية الأوروبية، فإن هذه الرحلات الجوية مكنت العاملين في المجال الإنساني من تغطية الاحتياجات الفورية للسكان، ودعم استعداد اليمن لمواجهة تفشي الأمراض المعدية؛ مثل الكوليرا في المستقبل.

وتابعت المفوضية في بيانها أن «الرحلات الجوية خدمت في المقام الأول مطاري عدن وصنعاء، وحملت أكثر من 163 طناً من المساعدات، بما في ذلك الأدوية واللقاحات والمواد الطبية الأخرى، وتم توجيه المساعدات من مخزونات المساعدات الأوروبية والاتحاد الأوروبي في دبي إلى اليمن عبر نيروبي».

مخزون غذاء محدود

من جهته، أكد برنامج الغذاء العالمي وجود مخزون كافٍ من المواد الغذائية والوقود لتغطية الاحتياجات الأساسية خلال الشهرين أو الثلاثة الأشهر المقبلة، شريطة وجود مراقبة وثيقة بسبب حالة عدم اليقين القائمة بفعل التوترات المستمرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وارتفاع أسعار الشحن والتأمين على طول طريق البحر الأحمر.

وبحسب البرنامج الأممي فإن إجمالي حجم واردات المواد الغذائية والوقود إلى الموانئ الواقعة تحت إدارة الحكومة اليمنية بلغ خلال يناير (كانون الثاني) الماضي 129 ألف طن متري، بواقع 60 ألف طن متري من الغذاء، وبانخفاض بنسبة 53 في المائة عن الشهر نفسه من العام الماضي 2023، الذي دخل فيه 129 ألف طن متري.

وفي المقابل، ارتفعت كمية الوقود التي استقبلتها الموانئ نفسها عن الفترة نفسها من العام الماضي، حيث وصل إليها 69 ألف طن متري من الوقود في يناير الماضي، بزيادة نحو 23 في المائة عن الشهر نفسه من العام الماضي 2023، الذي شهد دخول 53 ألف طن متري.

مخاوف اقتصادية من تسبب أحداث البحر الأحمر في عزلة اليمن (غيتي)

وتبين أرقام برنامج الغذاء العالمي أن ما استقبلته هذه الموانئ يعادل سدس الكمية التي وصلت إلى الموانئ الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، والتي بلغت 776 ألف طن متري.

وزادت تكلفة الحد الأدنى من سلة الغذاء في المناطق المحررة الواقعة تحت إدارة الحكومة اليمنية بنسبة 3 في المائة مقارنة بالشهر السابق، وبنسبة 2 في المائة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية.

وحدثت هذه الزيادة بفعل انخفاض قيمة العملة في مناطق سيطرة الحكومة، وتوقف المساعدات الغذائية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وارتفاع فواتير الواردات، وزيادة أسعار الوقود وتكاليف الشحن بسبب أزمة البحر الأحمر.


مقالات ذات صلة

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

العالم العربي للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال، من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي سوق سوداء لبيع غاز الطهي في صنعاء (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يخصصون أسطوانات غاز الطهي لأتباعهم

خصصت الجماعة الحوثية ملايين الريالات اليمنية لتوزيع أسطوانات الغاز على أتباعها دون غيرهم من السكان الذين يواجهون الصعوبات في توفير الحد الأدنى من القوت الضروري.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

الإمارات ترحب بإعلان غروندبرغ الاقتصادي وتصف الاتفاق بالخطوة الإيجابية

قالت الإمارات إنها ترحب ببيان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بشأن التوصل إلى اتفاق بين الأطراف اليمنية حول الخطوط الجوية والقطاع المصرفي.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
العالم العربي دخان يتصاعد من موقع الغارات الجوية الإسرائيلية بمدينة الحديدة الساحلية باليمن في هذه الصورة المنشورة 20 يوليو 2024 (رويترز)

الحوثيون: هجماتنا على إسرائيل ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية

قال عبد الملك الحوثي زعيم الحوثيين، الخميس، إن هجمات الجماعة على إسرائيل تضامناً مع الفلسطينيين في قطاع غزة ستستمر ولن تردعها الغارات الجوية الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
العالم العربي طائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية في طريقها من صنعاء إلى عمان (أرشيفية - أ.ب)

اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي في اليمن يدخل مسار التنفيذ

دخل اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي بين الحكومة اليمنية والحوثيين حيّز التنفيذ مع عودة «السويفت» الدولي إلى البنوك المعاقبة، واستئناف الرحلات من صنعاء إلى عمان.

علي ربيع (عدن)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.