من قلب القاهرة إلى نيويورك، تخطت أعمال 10 تشكيليين مصريين الحدود، صوب عاصمة الفن الحديث، في رسالة إبداعية أرسلوها إلى جمهورها وفنانيها للتعرف على إبداعاتهم، وبما يروج لتطور الحركة الفنية المصرية المعاصرة.
ففي غاليري «سفيرا وفانشورا» في نيويورك، يأتي تنظيم معرض «جسر فني بين القاهرة ونيويورك»، بتنظيم مصري أميركي، ويضم المعرض الجماعي أعمال 10 فنانين مصريين، هم: علياء الجريدي، وأسماء النواوي، وعماد عبد الوهاب، وخالد حافظ، ولينا أسامة، ومريم أبو طالب، ومهني يأوود، ومحمد منيصير، وصباح نعيم، وطارق الشيخ، الذين يقدمون «توليفة» فنية تعكس الروح الإبداعية والتنوع الثقافي الذي يميز الفن المصري المعاصر.
تقول منظمة المعرض من الجانب المصري، شيرين بدر، صاحبة «مؤسسة أرتوداي للفنون»، لـ«الشرق الأوسط»: «تشتهر مصر تشكيلياً لدى الجمهور الغربي والتشكيليين الأجانب بالفن القديم والتقليدي، في حين لا يعرفون اتجاهات الحركة الحديثة في مصر، على الرّغم من حالة التطور التي تعيشها الحركة الفنية المعاصرة خلال السنوات الماضية، وذلك لندرة الاحتكاك الفني بين الجانبين، ومن هنا تأتي فكرة المعرض، الذي يهدف إلى تسليط الضوء على مواهب الفنانين المصريين المعاصرين، الذين يقدمون رؤى مبتكرة تمزج الماضي بالحاضر، بما يعكس تجربتهم الإبداعية المعاصرة، التي تُلقي في جانب منها كيف أنها نتاج لظروف اجتماعية وثقافية تحيط بهم وتثري وجدانهم».
وتضيف بدر: «عبر 17 عملاً إبداعياً يحاول الفنانون المصريون إبراز تفاصيل وتطورات الفن المصري المعاصر، الذين جاء اختيارهم للمشاركة بناءً على معيار أن يكونوا مؤثرين في الحركة المعاصرة، ولديهم لغة عالمية في أفكارهم، يستطيعون بها مخاطبة الآخر، بما يروّج للفن المصري المعاصر، ويوسّع دائرة الاهتمام به، والتأكيد على أن مبدعيه لا يقلّون عن أي فنانٍ عالمي».
في فلك التجريدي والسريالي والتعبيري، تدور أعمال الفنانين المشاركين. وحسب كتيب المعرض، يأتي عمل الفنانة أسماء النواوي، الذي تُظهر فيه المرأة مفردة تشكيلية لها خصوصيتها، فهي مفتاح رئيسي لعالمها الرمزي والفلسفي، الذي تتوغل فيه عبر لغتها الفنية الخاصة، ما يسمح لها بالخوض في أفكار وتجارب جميع البشر، وتصويرهما بشكل صادق في لوحاتها.
وتجسد الفنانة لينا أسامة في عملها المعبودة «حتحور»، التي تعدّ رمزاً للحب والفرحة والأنوثة في مصر القديمة، وذلك بأسلوب الفنانة التشخيصي بسريالية حالمة، حيث تسافر حتحور عبر الزمن إلى مدينة القاهرة المعاصرة ومعها آلتها الموسيقية الشهيرة «السيستروم» لتنشر الأمل والأمان، يصحبها في رحلتها طائر الرخيت، الذي كان يمثل شعب مصر الكريم في الفن المصري القديم.
ويواصل الفنان طارق الشيخ تجربته الفنية حول الإنسان، وهذه المرة من خلال الدمج بين الملامح الخارجية لدمية الأراجوز الشعبية المصرية وجسم الإنسان، ليغرس فيها روحاً إنسانية محاولاً تجسيد جانبٍ من الخصائص النفسية التي يفرضها واقع الحياة الذي يضغط على الإنسان وطبيعة تفاعله معه، التي تأخذ طابع الارتجال أو السخرية.
من اللغة النفسية إلى اللغة البصرية، يأتي عمل الفنانة صباح نعيم، التي تحاول تتبع وجوه الناس وإيحاءاتهم البسيطة وحركتهم البطيئة في شوارع المدينة، حيث ناس المدينة هم أبطال عالمها، الذين تصنع من أجسادهم وملامحهم منظومةً بصريةً تمتزج فيها الرؤية البصرية مع الشحنة العاطفية.
حراك بصري آخر يظهر في عمل الفنان مهنى ياؤود، الذي جاء بألوان قوية وحيوية، فيظهر اللون الأحمر الجذاب كمثير إبداعي وسط يحتضن المساحات اللونية الأخرى على سطح اللوحة، ليتكوّن شعور بالحراك البصري لدى المتلقي، أما عند التدقيق في العمل الفني فيمكن للمُشاهد أن يجد منازل قروية وبشراً وبعض الحيوانات أيضاً.
أما عمل الفنانة مريم أبو طالب، فجاء عبر الحروف، ليعبر عن قوة الخط العربي وجماله، وقدرته على إنتاج تكوينات مختلفة بطابع مميز، ويعتمد العمل على فكرة تكرار الحروف ووصلاتها باستخدام الحبر الأسود على القماش.