اليمن يعلن غرق «روبيمار»... ويحمّل الحوثيين مسؤولية الكارثة البحرية

بعد 12 يوماً من قصفها في جنوب البحر الأحمر

TT

اليمن يعلن غرق «روبيمار»... ويحمّل الحوثيين مسؤولية الكارثة البحرية

تحمل السفينة البريطانية الغارقة في البحر الأحمر شحنة من الأسمدة الخطرة والزيوت (تلفزيون الجمهورية)
تحمل السفينة البريطانية الغارقة في البحر الأحمر شحنة من الأسمدة الخطرة والزيوت (تلفزيون الجمهورية)

أعلنت الحكومة اليمنية رسمياً، (السبت)، غرق سفينة الشحن البريطانية المقصوفة من قبل الحوثيين في البحر الأحمر، وحمّلت الجماعة المدعومة من إيران المسؤولية عن الكارثة البيئية في المياه اليمنية.

الإعلان اليمني عن غرق السفينة التي تحمل شحنة من المواد الخطرة، تزامن مع تبني الجيش الأميركي ضربات جديدة ضد الجماعة الحوثية استهدفت مواقع في محافظة الحديدة، التي تحوّلت إلى منصة لانطلاق الهجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ومع عدم وجود تقرير رسمي عن حجم الكارثة المتوقعة جراء غرق السفينة، وأثرها على البيئة البحرية في المياه اليمنية والبلدان المشاطئة، تتصاعد المخاوف من حوادث أخرى في ظل التصعيد الحوثي، وعدم اكتراث الجماعة لتبعات هجماتها البحرية.

في هذا السياق، أعلنت خلية الأزمة اليمنية للتعامل مع السفينة «روبيمار» غرق السفينة التي تحمل علم بليز قبالة السواحل اليمنية، وذلك «بعد هجومين إرهابيين للميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني».

ومنذ استهداف السفينة في 18 فبراير (شباط)، التي تحمل أكثر من 40 ألف طن من الأسمدة والزيوت، وفق بيان أميركي، أطلقت الحكومة اليمنية استغاثات متكررة من أجل إنقاذها وتفادي الكارثة، في حين حاولت الجماعة الحوثية استغلال الأمر للمساومة السياسية، حيث زعمت أنها ستسمح بالإنقاذ مقابل إدخال شحنات من الأغذية إلى غزة.

وأعربت خلية الأزمة الحكومية اليمنية عن أسفها لغرق السفينة، التي قالت إنها ستسبب كارثة بيئية في المياه الإقليمية اليمنية والبحر الأحمر. وأكدت أن «النتيجة كانت متوقعة بعد ترك السفينة لمصيرها لأكثر من 12 يوماً، وعدم التجاوب مع مناشدات الحكومة لتلافي وقوع الكارثة التي تسببت بها الميليشيات الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني».

السفينة «روبيمار» قبل أيام من غرقها في البحر الأحمر إثر تعرضها لقصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

وحمّل البيان الحكومي اليمني مَن وصفها بـ«الميليشيات الحوثية» مسؤولية الكارثة البيئية، وتداعيات استمرار الجماعة في استهداف سفن الشحن البحري وخطوط الملاحة الدولية على الوضع الإنساني في اليمن ودول المنطقة، وتهديد السلم والأمن الدوليَّين.

كما دعا البيان المجتمع الدولي إلى تحمُّل مسؤولياته في التعاطي الحازم مع التهديدات الإرهابية، والحفاظ على سلامة الملاحة العالمية، وإمدادات السلع الأساسية المنقذة لحياة الملايين من شعوب المنطقة.

وأكدت الخلية الحكومية أنها «في حالة انعقاد دائم لتدارس الخطوات اللاحقة، وتحديد أفضل السبل للتعامل مع التداعيات، ومعالجة الكارثة البيئية الناجمة عن الحادثة».

ويوم الجمعة، كانت الخارجية اليمنية قالت إنها «تفاجأت بهجمات جوية استهدفت زورقاً لصيادين يمنيين قرب السفينة الجانحة، ما أدى إلى مقتل وفقدان بعض الصيادين، وتضرر السفينة».

وأضافت أن هذا الاستهداف، وهو الثاني، «يعقّد جهود ومساعي الإنقاذ، ويُهدد بحدوث كارثة بيئية واسعة النطاق، وأن ترك السفينة لمصيرها سيؤدي إلى أضرار جسيمة للبيئة البحرية ومئات الآلاف من اليمنيين الذين يعتمدون على الصيد البحري، فضلاً عن الأضرار التي قد تصل إلى محطات تحلية مياه البحر على طول الساحل اليمني».

وفي حين لم يؤكد الجيش الأميركي غرق السفينة، أفادت هيئة العمليات البريطانية البحرية، (السبت)، بأنها تلقت تقريراً، عن غرق السفينة في البحر الأحمر.

صورة جوية للسفينة البريطانية المقصوفة ما أدى لتسرب نفطي بطول 18 ميلاً بحرياً (أ.ب)

وفي تصريحات سابقة كان وزير المياه والبيئة في الحكومة اليمنية، توفيق الشرجبي، أكد أن الوضع العام بشأن السفينة «روبيمار» مقلق جداً، وأن الحكومة تبذل ما في وسعها للتعامل مع السيناريوهات المحتملة لهذه السفينة المنكوبة والموجودة حالياً على مسافة نحو 11 ميلاً من أقرب نقطة من البر اليمني. وقال إنه يتم حالياً اتخاذ الإجراءات مع المعنيين لسحبها من المياه الإقليمية بشكل آمن.

وأكد الشرجبي أن السفينة المستهدَفة لم تكن محملةً بالأسلحة أو متجهة إلى إسرائيل كما زعم الحوثيون عند استهدافها، بل كانت متجهة نحو بلغاريا، وأن استهدافها يضر باليمن واليمنيين في مختلف المجالات، ولا يخدم الفلسطينيين وقضيتهم العادلة.

وبيّن الوزير اليمني أن السفينة المستهدَفة يبلغ طولها 171 متراً، ويبلغ عرضها 27 متراً، وذات صهاريج سائبة وتحمل كمية من الأسمدة (مواد خطرة) والزيوت والوقود، وتحمل علم دولة بليز، ومملوكة لشركة «غولدن أدفنشر شيبينغ» الملاحية المسجلة في جزر مارشال، وإدارتها من الجنسية السورية، وعدد طاقمها 24 شخصاً، هم 11 سورياً و6 مصريين و3 هنود و4 فلبينيين، وتم إجلاؤهم جميعاً إلى جيبوتي.

ضربات استباقية جديدة

مع استمرار الهجمات الحوثية، ضد سفن الشحن تبنّت القيادة المركزية الأميركية في بيان، (السبت)، تنفيذ ضربات كانت الجماعة أقرّت بأنها استهدفت مواقع لها في الحديدة.

وذكر البيان أنه «في 1 مارس (آذار)، في نحو الساعة 12:40 ظهراً (بتوقيت صنعاء)، شنّت قوات القيادة المركزية ضربة دفاع عن النفس ضد صاروخ أرض-جو حوثي مدعوم من إيران كان جاهزاً للإطلاق من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون باتجاه البحر الأحمر، حيث حددت القوات الصاروخ وقررت أنه يمثل تهديداً وشيكاً للطائرات الأميركية في المنطقة».

توعّد زعيم الحوثيين بمزيد من الهجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ب)

وأضاف البيان أنه «في الساعة 10:46 مساءً (بتوقيت صنعاء)، في الليلة نفسها أطلق الحوثيون صاروخاً باليستياً مضاداً للسفن إلى البحر الأحمر، ولم يكن هناك أي تأثير أو ضرر على أي سفينة».

وتوعّد زعيم الجماعة الحوثية، عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه، (الخميس الماضي)، باستمرار الهجمات البحرية، وتبنّى مهاجمة 54 سفينة في البحر الأحمر وخليج عدن، متباهياً بإطلاق جماعته 384 صاروخاً وطائرة مسيّرة خلال هذه الهجمات، التي بدأت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

ورغم الضربات الغربية التي بلغت حتى الآن أكثر من 300 غارة استهدفت مواقع في صنعاء والحديدة وتعز وحجة وصعدة وذمار، فإن الجماعة الحوثية تقول إنها لم تحد من قدرتها العسكرية، ووصفتها بأنها «ضربات للتسلية وحفظ ماء الوجه»، وفق ما صرح به زعيمها الحوثي.

ونفّذت واشنطن، شاركتها لندن في 4 موجات، ضربات على الأرض ضد الحوثيين، في نحو 27 مناسبة، ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي رداً على هجماتهم المستمرة ضد السفن.

وأطلقت الولايات المتحدة تحالفاً دولياً في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، سمّته «حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها على الأرض ضد الحوثيين، إلى جانب تنفيذ العشرات من عمليات التصدي للصواريخ والمُسيّرات الحوثية والقوارب المفخخة.

واعترف الحوثيون بمقتل 22 مسلحاً في الضربات الغربية، إلى جانب 10 قُتلوا في 31 ديسمبر الماضي، في البحر الأحمر، بعد تدمير البحرية الأميركية زوارقهم، رداً على محاولتهم قرصنة إحدى السفن، فضلاً عن مدني زعموا أنه قُتل في غارة شمال غربي تعز.

شنت واشنطن ولندن أكثر من 300 غارة أملاً في إضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (رويترز)

ويزعم الحوثيون أن هجماتهم البحرية تهدف لمنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل في سياق مناصرة الفلسطينيين في غزة، إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية، وهي المزاعم التي تنفيها الحكومة اليمنية، عبر تأكيدها أن الجماعة تنفّذ تعليمات طهران، وتحاول الهروب من استحقاقات السلام عبر التصعيد البحري.

وبدأت الجماعة المدعومة من إيران منذ 19 نوفمبر الماضي هجمات ضد السفن، بلغت وفق زعيمها عبد الملك الحوثي، 54 هجمة، وأدت إلى إصابة 11 سفينة على الأقل، كما لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» وطاقمها للشهر الرابع.


مقالات ذات صلة

موجة إسرائيلية رابعة تضرب مطار صنعاء ومنشآت طاقة خاضعة للحوثيين

العالم العربي دخان يتصاعد إثر غارات إسرائيلية على مطار صنعاء الخاضع للحوثيين (إ.ب.أ)

موجة إسرائيلية رابعة تضرب مطار صنعاء ومنشآت طاقة خاضعة للحوثيين

نفذت إسرائيل رابع موجة من ضرباتها الجوية مستهدفة منشآت حيوية خاضعة للحوثيين المدعومين من إيران شملت مطار صنعاء ومنشآت أخرى حيوية في المدينة ذاتها وفي الحديدة.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي عمود من النيران في أعقاب ضربات على مدينة الحديدة الساحلية التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون 20 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

«حماس» تدين «العدوان» الإسرائيلي على الحوثيين في اليمن

أدانت حركة «حماس» الفلسطينية التي تخوض حرباً مع إسرائيل في قطاع غزة، الخميس، الضربات الإسرائيلية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي تصاعد الدخان بعد غارات إسرائيلية بالقرب من مطار صنعاء باليمن 26 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 00:38

غارات إسرائيلية تستهدف مطار صنعاء... ونتنياهو يتوعد الحوثيين

شدّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامن نتنياهو، الخميس، في أعقاب ضربات شنّها جيشه في اليمن، على أن بلاده ستواصل ضرب المتمرّدين الحوثيين «حتى إنجاز المهمة».rn

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي سجناء في الحديدة أُفرج عنهم مقابل الالتحاق بالجبهات (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يستقطبون عشرات السجناء في الحديدة للقتال

استقطبت الجماعة الحوثية عشرات السجناء على ذمة قضايا مختلفة في محافظة الحديدة اليمنية (226 كيلومتراً غرب صنعاء) وألحقتهم ببرامج تعبوية ودورات عسكرية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي خلال سنوات التمرد الحوثية اكتشف الجيش اليمني شبكة أنفاق في محافظة صعدة (إعلام محلي) play-circle 01:34

قادة الحوثيين إلى الكهوف... وحي الجراف يستنسخ ضاحية بيروت

مع تصاعد تهديد إسرائيل للحوثيين فرَّ قادة الجماعة إلى كهوف صعدة شمالاً وتحصّن آخرون في حي الجراف شمال صنعاء، واستنفروا قطاع الصحة، وسط مخاوف السكان من التداعيات

محمد ناصر (تعز)

مقتل عنصرين من «حركة الشباب» في غارة أميركية جنوبي الصومال

عناصر من حركة «الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من حركة «الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)
TT

مقتل عنصرين من «حركة الشباب» في غارة أميركية جنوبي الصومال

عناصر من حركة «الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من حركة «الشباب» الصومالية (أرشيفية - رويترز)

أعلن الجيش الأميركي الخميس أنّه شنّ غارة جوية في جنوب الصومال الثلاثاء أسفرت عن مقتل عنصرين من «حركة الشباب».

وقالت القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) في بيان إنّه «وفقا لتقييم أولي لم يصب أيّ مدنيّ» في هذه الضربة الجوية التي نُفّذت «بالتنسيق مع الحكومة الفدرالية الصومالية». وأوضحت أفريكوم أنّ الضربة استهدفت هذين العنصرين بينما كانا «على بُعد نحو عشرة كيلومترات جنوب غربي كوينو بارو»، البلدة الواقعة جنوب العاصمة مقديشو.

من جهتها، أعلنت الحكومة الصومالية الخميس مقتل قيادي في الحركة في عملية نفّذت في نفس المنطقة. وقالت وزارة الإعلام والثقافة والسياحة في منشور على منصة إكس إنّ «رئيس العصابة الإرهابية محمد مير جامع، المعروف أيضا باسم أبو عبد الرحمن» قُتل خلال «عملية خطّطت لها ونفّذتها بدقّة قواتنا الوطنية بالتعاون مع شركاء دوليّين».

ومنذ أكثر من 15 عاما تشنّ حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة تمرّدا مسلّحا ضدّ الحكومة الفدرالية الصومالية المدعومة من المجتمع الدولي في بلد يُعتبر من أفقر دول العالم. ونفذت الحركة العديد من التفجيرات والهجمات في مقديشو ومناطق أخرى في البلاد.

وعلى الرّغم من أنّ القوات الحكومية طردتهم من العاصمة في 2011 بإسناد من قوات الاتحاد الإفريقي، إلا أنّ عناصر الحركة ما زالوا منتشرين في مناطق ريفية ينطلقون منها لشنّ هجماتهم ضدّ أهداف عسكرية وأخرى مدنية.