اليمن: وزير انقلابي يحظى بحصانة ضد المحاسبة رغم اتهامه بالفساد

قيادي في مجلس حكم الحوثيين: 75 % من التجار غادروا صنعاء

تسببت سياسة الحوثيين وقمعهم في إفلاس التجار وهروبهم من مناطق سيطرة الجماعة (إ.ب.أ)
تسببت سياسة الحوثيين وقمعهم في إفلاس التجار وهروبهم من مناطق سيطرة الجماعة (إ.ب.أ)
TT

اليمن: وزير انقلابي يحظى بحصانة ضد المحاسبة رغم اتهامه بالفساد

تسببت سياسة الحوثيين وقمعهم في إفلاس التجار وهروبهم من مناطق سيطرة الجماعة (إ.ب.أ)
تسببت سياسة الحوثيين وقمعهم في إفلاس التجار وهروبهم من مناطق سيطرة الجماعة (إ.ب.أ)

ألزمت الجماعة الحوثية برلمانها غير الشرعي بسحب قرار حجب الثقة عن وزير الصناعة والتجارة في حكومتها الانقلابية محمد شرف المطهر رغم التهم الموجهة له بالفساد، والتسبب في هروب 75 في المائة من التجار من صنعاء، وفق ما صرح به عضو مجلس حكم الجماعة سلطان السامعي.

وذكرت مصادر سياسية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن توجيهات يعتقد أنها من مدير مكتب مجلس الحكم أحمد حامد صاحب السلطة المطلقة أفضت إلى قيام ما يسمى مجلس النواب بالتراجع عن قراره بحجب الثقة عن وزير الصناعة والتجارة محمد المطهر الذي يواجه تهما متعددة بالفساد والإثراء غير المشروع.

شكل الحوثيون ما سمي بمجلس النواب وجردوه من كل الصلاحيات (إعلام حوثي)

ووفق هذه المصادر فإنه وعقب هذه الخطوة حضر سلطان السامعي عضو مجلس حكم الجماعة الانقلابية (المجلس السياسي الأعلى) إلى ما يسمى مجلس النواب، وشن هجوما حادا على المطهر وسلم المجلس وثيقة حكم قضائي صادر من المحكمة التجارية ضد المطهر، وقال إنه رفض تنفيذ الحكم، لأنه يعتبر نفسه فوق القضاء، وفوق القانون، وفوق الحكومة، وفوق كل شيء، وتساءل السامعي عمن يدعم هذا الوزير لأنهم في مجلس الحكم لا يعرفون ذلك.

واستغرب السامعي تعيين المطهر وزيرا بدلا من إحالته للنيابة، كما سلم وثيقة أخرى تظهر أن الرجل كان محالا لنيابة الأموال العامة، حين كان نائبا لمدير شركة الغاز، وقال إنه صار يعفي مصنعا ويغلق آخر، مستندا إلى وثيقة إعفاء من الرسوم الجمركية صادرة عن الوزير لأحد مصانع السجائر، وأكد أنه أغلق مصنع سجائر يتبع مجموعة شركات هائل سعيد الذي كان يدفع للخزانة أربعة مليارات ريال يمني شهريا.

ووفق ما ذكره عضو مجلس الحكم الحوثي فإن 75 في المائة من الرأسمال الوطني غادر مناطق سيطرة الجماعة بسبب تصرفات وزير تجارتها المطهر، وذكر أن بعض التجار باتوا يعاملون على نقل مصانعهم، وأنهم لا يستطيعون الحديث عن معاناتهم، لأن من يتكلم يتم حبسه.

تعسف ضد التجار

اتهم عضو مجلس حكم الحوثيين سلطان السامعي القيادي في الجماعة محمد المطهر «باغتصاب صلاحيات القضاء» مستندا إلى وثيقة تحمل توجيهات الوزير بإغلاق محل تجاري، رغم أن القضاء هو المعني بالإغلاق، وذكر أنه أغلق أيضا شركات، ومن ضمنها شركة «شهاب» والتي أغلقت لمدة شهر في حين أن عمر هذه الشركة مائة عام على حد قوله.

يتهم الحوثيون عضو مجلس حكمهم السامعي بالعمل لصالح مجموعة من التجار (إعلام محلي)

السامعي في حديثه كشف عن استغلال الوزير المطهر لقرار مقاطعة البضائع الأميركية لتصفية حسابات مع تجار من خارج إطار الجماعة، قائلا إنه أغلق شركة عبد الله الخزاعي، بتهمة بيع منتجات أميركية وصهيونية، في حين أن تلك البضائع لم تكن موجودة في المحالّ التابعة للشركة. كما اتهمه بتعيين أشخاص غير مؤهلين في المكاتب الحكومية، حيث عين معلما للجغرافيا في هيئة المواصفات والمقاييس.

وتولى الجناح العسكري للحوثيين الرد على السامعي عبر موقع البوابة الإخبارية الذي يشرف عليه المتحدث العسكري للجماعة يحيى سريع حيث اتهم السامعي بممارسة ضغوط على الوزير لاستثناء منتجات شركة نستلة من قرارات المقاطعة، وأن الوزير رفض ذلك.

وقال الموقع إن السامعي فشل في الضغوط على الوزير لهذا ذهب إلى ما يسمى مجلس النواب ووجه له مثل تلك الاتهامات في حين أنه لم يحضر إلى هذا المجلس منذ سنوات رغم أنه عضو فيه.

من جهته، قال وزير التجارة والصناعة في حكومة الحوثيين محمد المطهر، إن كل ما قدمه السامعي لا أساس له من الصحة، ووعد برد تفصيلي لاحقا لكنه اعتذر عن عدم الحضور إلى برلمان الجماعة، وطلب منحه مزيدا من الوقت.

وظف الحوثيون قرارهم بمقاطعة البضائع الأميركية لتصفية حسابات مع التجار (إعلام حوثي)

في غضون ذلك واصل السامعي حملته وسلّم برلمان الجماعة الحوثية عشرات من الوثائق والمستندات الإضافية قال إنها تؤكد سماح المطهر بإدخال شحنات فاسدة أو مخالفة للمقاييس والجودة بالإضافة إلى قرارات التعيين والتكليفات التي أصدرها والتي تتصادم مع القوانين النافذة، سواء أثناء توليه الوزارة أو بعد إقالة الحكومة الانقلابية وتحويلها إلى حكومة تسيير أعمال.


مقالات ذات صلة

تدمير 4 طائرات حوثية من دون طيار بنيران أميركية وأوروبية

العالم العربي مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

تدمير 4 طائرات حوثية من دون طيار بنيران أميركية وأوروبية

أعلن الجيش الأميركي تدمير أربع طائرات مسيّرة حوثية مع شركائه الأوروبيين، في سياق عمليات التصدي الدفاعية لهجمات الجماعة المستمرة ضد السفن للشهر الثامن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يستخدمون التعليم منصة للتعبئة الطائفية والقتالية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يمنعون مبادرات خيرية لعون طلبة المدارس

أوقفت جماعة الحوثيين مبادرات خيرية لدعم طلبة المدارس بصنعاء وريفها وصادرت لوازم مدرسية كانت مخصصة لمئات الطلبة وذلك في سياق إعاقة الأعمال الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

زعيم الحوثيين يتوعد بالمزيد من الاعتقالات بتهم «التجسس»

توعد زعيم الحوثيين بالمزيد من الاعتقالات في مناطق سيطرته في اليمن بتهم التجسس لمصلحة الولايات المتحدة، في حين دعت منظمات دولية إلى سرعة إطلاق المعتقلين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي المهمة الأوروبية البحرية أسهمت في مرافقة 17 سفينة تجارية بالبحر الأحمر (إكس)

خطورة هجمات الحوثيين تتراجع و«أسبيدس» الأوروبية تدمر مسيرتين

وسط تراجع في خطورة هجمات الحوثيين خلال الأسبوع الأخير أعلنت مهمة الاتحاد الأوروبي العسكرية لحماية السفن (أسبيدس) تدمير طائرتين من دون طيار فوق خليج عدن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي النساء اللائي يعانين من سوء التغذية في اليمن معرضات بشكل كبير لمخاطر الحمل والولادة (الأمم المتحدة)

سوء التغذية الحاد يرتفع بين الأمهات والأطفال اليمنيين

كشفت مصادر صحية يمنية عن ارتفاع مستوى سوء التغذية الحاد بمختلف أشكاله في أوساط الأمهات والأطفال دون الخامسة في مناطق عدة واقعة تحت سيطرة الحوثيين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

بينها «حاجز» مع مصر... هل تطيل «شروط نتنياهو» أمد مفاوضات «هدنة غزة»؟

دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة أثناء عودتها من القطاع (رويترز)
دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة أثناء عودتها من القطاع (رويترز)
TT

بينها «حاجز» مع مصر... هل تطيل «شروط نتنياهو» أمد مفاوضات «هدنة غزة»؟

دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة أثناء عودتها من القطاع (رويترز)
دبابة إسرائيلية بالقرب من الحدود بين إسرائيل وغزة أثناء عودتها من القطاع (رويترز)

شروط جديدة وضعها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بشأن المفاوضات التي تستضيفها القاهرة والدوحة، لوقف إطلاق النار في غزة، تثير مخاوف حول مدى «جديته» في إتمام الاتفاق، كان أبرزها بناء «حاجز تقني» على الحدود مع مصر، بزعم «منع تهريب الأسلحة» منها للقطاع.

مطالب نتنياهو عدّها خبراء، تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»، بمثابة «عراقيل» لإطالة أمد المفاوضات، بهدف «تثبيت» بقائه السياسي، ومحاولة «تحقيق مكاسب أكبر» بالمفاوضات، وسط «تفاؤل حذِر» بشأن مسار التفاوض، ووقف الحرب المستمرة منذ نحو 10 أشهر.

والأحد، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، في بيان، عن «شروط» وضعها بنيامين نتنياهو لإتمام الصفقة المنتظرة مع «حماس»، تتمثّل في «إتاحة مواصلة القتال حتى تحقيق أهداف الحرب، ومنع تهريب الأسلحة إلى (حماس) عبر الحدود بين غزة ومصر، وعدم السماح لآلاف المسلحين بالعودة إلى شمال غزة، وزيادة عدد المحتجزين الأحياء».

فيما زعمت «إذاعة الجيش الإسرائيلي» أن مصر بعثت برسالة إلى إسرائيل، مفادها أنه إذا تم التوصل إلى اتفاق بشأن صفقة الرهائن ووقف إطلاق النار، فإن «القاهرة ستعمل مع الولايات المتحدة للمساعدة في بناء حاجز تحت الأرض عالي التقنية؛ لمنع تهريب الأسلحة إلى غزة»، وسيتم العمل على الجدار الذي يمكن أن يبدأ بمجرد الأيام الأولى للهدنة المحتملة، وهو ما لم يصدر رد رسمي بشأنه من القاهرة.

إضاعة الوقت

شروط نتنياهو عَدّها مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، رخا أحمد حسن، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، ضمن محاولات «إضاعة الوقت وإطالة أمد المفاوضات»، وخطة قبل زيارة واشنطن أواخر هذا الشهر، بهدف إظهار «تجاوب مصطنَع» للرأي العام العربي والإسرائيلي والأميركي، لكن في حقيقة الأمر إن الصفقة «ليست أولوية» له.

وهو ما حذّر منه أيضاً رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، في مقابلة مع «القناة 12» الإسرائيلية، الأحد، حيث أكّد أن نتنياهو «لا يريد إعادة المخطوفين»، ولا يريد التوصّل لصفقة تبادل، «لكن ليس ثمة شك لديّ أنه بعد يوم من خطابه أمام مجلسَي الشيوخ والنواب الأميركي، 25 يوليو (تموز) الحالي، (سيقوم بتفجير المفاوضات)»، وإلى ذلك الحين سيدير المفاوضات «دون دفع أي ثمن».

وعن أسباب عودة نتنياهو للمفاوضات، قال الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء سمير فرج، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك ضغوطاً داخلية من قبل أهالي الرهائن، وكذلك رغبة الجيش في إتمام الصفقة، ما دفع نتنياهو للرضوخ، إلا أنه يعلم أن القرار في النهاية بيده، ومن ثم يخرج بين الحين والآخر بشروط تعطّل الوصول لصفقة، ويحرص على بقائه السياسي، واستمراره في العمليات ليس أكثر، حتى 5 نوفمبر (تشرين الثاني) موعد الانتخابات الأميركية.

ووفق صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، «غادر رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، رونين بار، إلى مصر، لمواصلة المحادثات حول وقف إطلاق النار المحتمل، واتفاق الرهائن مع (حماس)، ومنع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة من الحدود المصرية، عبر بناء حاجز تحت الأرض عالي التقنية».

وبناء الحاجز ليس أمراً جديداً، وفق السفير رخا أحمد حسن، فقد سبق أن طرحته إسرائيل أكثر من مرة، في سياق تبريراتها شن عملية عسكرية على رفح الفلسطينية وقبلها، وهو ليس سوى مجرد شرط يعطل المفاوضات.

ويتفق معه الخبير الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، المدير التنفيذي لمنتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والأمن القومي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، بأن بناء الحاجز مطروح منذ بداية الحرب فوق الأرض وتحتها، على امتداد محور فيلادلفيا بالكامل، ومزوّد بأجهزة تقنية حديثة؛ لمنع تسليح «حماس» وفق ما يعتقد نتنياهو.

ويراها المهدي مجرد محاولة من نتنياهو لـ«كسب مزيد من الضمانات بتلك الصفقة، التي تُفرض عليه، وعلى غير رغبته».

وأعلنت مصر مراراً القضاء على كل الأنفاق الممتدة من سيناء لغزة قبل سنوات، ضمن حملتها ضد «التنظيمات الإرهابية»، حفاظاً على الأمن القومي المصري، و«ليس هناك تهريب» من حدود مصر كما يزعم نتنياهو، وفق اللواء سمير فرج، الذي أكّد أن بناء حاجز أو غيره «أمر لا يخصّ القاهرة».

وتدّعي إسرائيل أنها منذ سيطرتها على محور فيلادلفيا ومعبر رفح، اكتشفت عدداً من الأنفاق التي شقّتها «حماس» من قطاع غزة إلى سيناء المصرية، تستخدم لتهريب الأسلحة، وهو ما ردّ عليه سابقاً ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات المصرية، واصفاً تلك الأحاديث بأنها «مزاعم وأكاذيب»، واعتبرها «استمراراً لسياسة الهروب للأمام التي تتبعها الحكومة الإسرائيلية، بسبب إخفاقاتها المتوالية في تحقيق أهدافها المعلَنة للحرب على غزة».

ونقلت وسائل إعلام عبرية، الأحد، تصريحات لعدد من قيادات حزب «الليكود» الحاكم، تستبعد أن يُقدِم نتنياهو على التوقيع على صفقة تبادل أسرى مع «حماس»؛ لأنه من شأنه «إسقاط الحكومة»، بسبب الضغوط التي يمارسها الوزيران بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير ضد تنفيذ الصفقة.

تلك الضغوط والشروط دفعت السفير رخا أحمد حسن، للحديث عن «تفاؤل حذِر» بشأن مستقبل المفاوضات، وإمكانية تحقيق صفقة هدنة جديدة، مؤكداً أن نتنياهو سيعرقل أي جهود إيجابية من الوسطاء كلما تقدّمت، وهذه سياسة إسرائيلية معروفة في أي مفاوضات.