الحوثي... ملفات مثقلة بالفساد في قطاعي الوقود والكهرباء

TT

الحوثي... ملفات مثقلة بالفساد في قطاعي الوقود والكهرباء

كشف عاملون في قطاعي النفط والكهرباء في مناطق سيطرة ميليشيات الحوثي، عن ملفات مثقلة بالفساد تورط بها قادة في الميليشيات أُوكلت إليهم مهمة إدارة هذين القطاعين، حيث يجنون مئات الملايين من الريالات في حين الحرارة المرتفعة على أشدها في مدينة الحديدة التي ترفد خزينة الميليشيات بمليارات الريالات من عائدات الرسوم الجمركية والضريبة على واردات الوقود وحدها.
جاء ذلك في وقت بلغت فيه أسعار استهلاك الكهرباء مستويات غير مسبوقة في تاريخ البلاد، حيث ارتفعت معها التعرفة من 18 ريالاً للكيلوواط الواحد إلى 500 ريال، مع بيع الوقود بضعف سعره عن مناطق سيطرة الحكومة الشرعية.
ووفق ما ذكره عاملون في شركة النفط الحوثية التي تحتكر استيراد وتوزيع المشتقات النفطية، فإن محمد اللكومي، وهو نائب مدير شركة النفط، قام بشراء ثلاثين سيارة موديل 2022 من حساب الشركة لدى إحدى شركات الصرافة وتوزيع هذه السيارات كهدايا لقيادات نافذة في الميليشيات لضمان استمراره في موقعه.
وبحسب المصادر، منح اللكومي اللجنة الاقتصادية التي شكّلتها ميليشيات الحوثي لإدارة الوضع الاقتصادي سيارتين، كما تم توزيع ست سيارات مختلفة للقيادات الحوثية في محافظة الجوف تكريماً لهم على قيامهم بمنع دخول ناقلات النفط من مناطق سيطرة الحكومة إلى مناطق سيطرة الميليشيات أثناء إدارة قيادة الحوثيين السوق السوداء لبيع المشتقات النفطية قبل العمل بالهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة.
ووفق ما أفاد به العاملون، فإن اللكومي صرف هذه السيارات من دون موافقة قيادة الشركة، وأن الأمر شمل أيضاً مديري إدارات ونواب فروع دون النواب الآخرين بهدف إسكاتهم عن إدارته السوق السوداء، وتوليه مهمة مصادرة كميات الديزل التي اشتراها المزارعون من مناطق سيطرة الحكومة لري مزارعهم بعد أن تم رفع سعر اللتر إلى ثلاثة آلاف ريال (الدولار نحو 600 ريال).
هذه التدابير اضطر معها مزارعون إلى بيع جزء من ممتلكاتهم وبعضهم لجأوا إلى مجوهرات نسائهم لشراء كميات من الديزل لري مزارعهم حتى لا يفقدوا محاصيلهم؛ وهو ما سبب خسائر فادحة لهم، بل إن بعضهم - وفق المصادر - دخل السجن بسبب تراكم الديون عليهم، ولم يكتف اللكومي بهذا الأمر، بل إنه بنى فيلا نموذجية زادت كلفتها على نصف مليار ريال يمني.
وفي اتجاه آخر، تحدث عاملون في قطاع الكهرباء عن الفساد الذي يمارسه عبد الغني المداني، كبير مشرفي الحوثي في قطاع الكهرباء، وهو يشغل موقع نائب وزير الكهرباء بحكومة الانقلاب غير المعترف بها، ويتولى إدارة صندوق الحديدة لدعم الكهرباء والذي تبلغ عائداته اليومية من 30 إلى 40 مليون ريال من السفن الداخلة عبر موانئ المحافظة الخاضعة لسيطرة الميليشيات.
ويتهم العاملون المداني بأنه استولى على مبلغ ثلاثة مليارات ريال ونصف المليار باسم دعم الكهرباء، حيث فرضت الميليشيات مبلغ 5 ريالات على كل طرد و8 ريالات على كل لتر وقود من السفن التي تصل موانئ الحديدة.
فساد المشرف الحوثي - بحسب المصادر - امتد إلى محطة رأس كثيب البخارية لتوليد الكهرباء ومحطات الحالي والكورنيش ومحطات صنعاء وذهبان وحزيز، ويبلغ إجمالي المحطات الكهربائية الخاصة أكثر من 20 محطة كهربائية خاصة في محافظة الحديدة وحدها، وعدد أكبر من ذلك في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الميليشيات.
ويصنف المداني بأنه اليد الطولى للقيادي الحوثي حسن الصعدي، الذي يدير اللجنة الاقتصادية للميليشيات التي تتولى الإشراف على الموارد وفرع البنك المركزي بصنعاء والمالية والنفط والكهرباء التجارية، كما يتهم المداني بأنه يتقاسم المبالغ التي يجمعها مع قيادات أخرى، من بينها أحمد العليي، ومحمد قحيم الذي عينته الميليشيات محافظاً لمحافظة الحديدة.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، قال، إن حجم العوائد الجمركية والضريبية لـ18 سفينة من الوقود تم السماح لها بالدخول ميناء الحديدة خلال المرحلة الأولى من الهدنة التي ترعاها الأمم المتحدة، وصل إلى 90 مليار ريال، وطالب الميليشيات بدفع رواتب الموظفين المقطوعة من هذه العائدات.
ولا تقتصر عائدات الحوثيين، من تجارة النفط، عبر تحصيل العوائد الجمركية والضريبية، لسفن الوقود الواصلة عبر ميناء الحديدة، فحسب، بل أيضاً من بيع وتوزيع الوقود في السوق المحلية عبر الشركات التي أسسها قادتهم إلى شركة النفط الحكومية التي تستخدم غطاءً لاستثمارات هؤلاء القادة وفقاً لتقرير لجنة الخبراء التابعة للجنة العقوبات في مجلس الأمن الخاصة باليمن.
كما تجني الميليشيات الحوثية مكاسب ومنافع مادية مباشرة وغير مباشرة، من سيطرتها على سوق الوقود، والفارق الكبير بين سعر الاستيراد وسعر البيع، حيث تبلغ هذه الأرباح والمنافع أكثر من 59 في المائة من القيمة الفعلية؛ إذ يدفع المستهلك أكثر من 130 في المائة من القيمة الحقيقية للتر الواحد من البنزين، وفق التقرير الذي صدر عن «مبادرة استعادة».
وتمثل القيمة الحقيقية للمشتقات النفطية نحو 44 في المائة؛ مما يدفعه المستهلك وتحصل الميليشيات على أغلب النسبة المتبقية لتقوية مراكز نفوذها، مع تنصلها عن التزاماتها تجاه دفع رواتب الموظفين وأي التزامات تجاه الإنفاق الاستثماري في التعليم أو غيره.


مقالات ذات صلة

الصين تدعم الشرعية وتتحدث مع الحوثيين وترفض هجماتهم البحرية

خاص القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن (تصوير بشير صالح) play-circle 01:15

الصين تدعم الشرعية وتتحدث مع الحوثيين وترفض هجماتهم البحرية

أكد شاو تشنغ، القائم بأعمال السفير الصيني لدى اليمن، في حوار موسع مع «الشرق الأوسط» أن لدى الصين تواصلاً مع جماعة الحوثيين، ودعا لوقف الهجمات البحرية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي وفد الحكومة اليمنية وفريق التفاوض المشترك لدول التحالف الخاص بملف المحتجزين والمخفيين قسراً (الشرق الأوسط)

مسؤول يمني يتهم الحوثيين بعرقلة صفقة تبادل الأسرى في مشاورات مسقط

اتهم مصدر يمني مسؤول الحوثيين بإفشال جولة التفاوض حول تبادل الأسرى التي أسدل ستارها، السبت، من دون التوصل لاتفاق بين الطرفين.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي أدت الحرب التي أشعلها الحوثيون قبل نحو 10 سنوات لأكبر أزمة إنسانية في العالم (أ.ف.ب)

سفير بريطانيا الأسبق لدى اليمن يصف الحوثيين بالطغاة واللصوص

وصف دبلوماسي بريطاني سابق جماعة الحوثي بأنها «مجموعة خبيثة وشوفينية وعنيفة»، تتألّف من «الطغاة واللصوص»، مبينا أن قادة الحوثيين لا يكترثون لعدد القتلى من الشعب.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع في عمان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين المختصين بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

تقدم في مشاورات مسقط واتفاق على مبادلة محمد قحطان بـ50 أسيراً حوثياً

شهدت جولة المفاوضات لتبادل الأسرى بين وفد الحكومة الشرعية والحوثيين في مسقط اختراقاً كبيراً، بعد اتفاق الجانبين على مبادلة محمد قحطان بـ50 أسيراً حوثياً.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من المواجهات العسكرية مع جماعة الحوثي الإرهابية (سبأ)

«العمالقة» تحبط هجومين حوثيين في جبهتي مأرب والساحل الغربي

أحبطت قوات العمالقة الجنوبية هجومين لجماعة الحوثي الإرهابية في جبهتي الساحل الغربي ومأرب خلال اليومين الماضيين، وكبدتها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«الثانوية العامة» المصرية: هل تم بيع امتحان الكيمياء؟

طلاب يؤدون امتحان الثانوية العامة ترصدهم كاميرات المراقبة بغرفة عمليات الوزارة (وزارة التربية والتعليم)
طلاب يؤدون امتحان الثانوية العامة ترصدهم كاميرات المراقبة بغرفة عمليات الوزارة (وزارة التربية والتعليم)
TT

«الثانوية العامة» المصرية: هل تم بيع امتحان الكيمياء؟

طلاب يؤدون امتحان الثانوية العامة ترصدهم كاميرات المراقبة بغرفة عمليات الوزارة (وزارة التربية والتعليم)
طلاب يؤدون امتحان الثانوية العامة ترصدهم كاميرات المراقبة بغرفة عمليات الوزارة (وزارة التربية والتعليم)

رغم انتهاء طلاب «الثانوية العامة» في مصر من أداء امتحان مادة الكيمياء، يوم السبت الماضي، فإن تداعيات الامتحان لا تزال مستمرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مع تداول مقطع فيديو لمدرس يقوم بشرح المادة متوقعاً أسئلة، تردد أن الامتحان تضمنها نصاً، ما أثار عاصفة من الجدل.

وزعم طلاب وجود «تساهل وعملية لبيع الامتحان» قبل أيام من موعد انعقاده، بما يهدر مبدأ «تكافؤ الفرص».

وتحدث مدونون مصريون عن «تكرار وصول رسائل حول تسريب الامتحان لعدد من المدرسين، الذين قاموا بإجابة أسئلة الامتحان مع الطلاب في الدروس الخصوصية قبل موعد اللجنة».

فيما تبادل آخرون الحديث عن رفض أحد المدرسين دفع مبلغ مالي للحصول على «فلاشة» مدون عليها 200 سؤال لن يخرج منها الامتحان، مع التأكيد على وجود مدرسين بالفعل حصلوا عليها قبل الامتحان.

لكن وزارة «التربية والتعليم» المصرية ردت في بيان رسمي، الاثنين، على هذه الاتهامات، مؤكدة «عدم صحة ما أثير حول هذا الأمر بشكل كامل»، وأن «الفيديوهات المنتشرة على الإنترنت لم تكن سوى مراجعات على جميع فصول المادة من المدرسين وليس لها علاقة بالأسئلة التي وردت في الامتحانات».

ووفق تقرير اللجنة الفنية التي شكلت من أجل التحقيق في الفيديوهات ومراجعة مدى تطابق ما ورد فيها مع أسئلة الامتحان الذي أداه الطلاب، تبين أن ما ورد في بعضها «تشابه في بعض الأفكار لبعض الأسئلة وليس تطابقاً»، مرجعة الأمر لكون الأسئلة المصاغة في الفيديوهات معتمدة على «نواتج التعلم» الموجودة كنماذج على موقع الوزارة.

وبخلاف مناشدة «التعليم» في بيانها «تحري الدقة وعدم الانسياق خلف حملات التشويه»، أعلنت الوزارة المصرية اتخاذ «إجراءات قانونية ضد الأشخاص المسؤولين عن بث الفيديوهات المغلوطة على مواقع التواصل الاجتماعي».

وترى الخبيرة التربوية الدكتورة بثينة عبد الرؤوف أن «وجود العنصر البشري في المنظومة وتعدد المتعاملين مع الامتحانات، بالإضافة إلى وقائع في السنوات السابقة، تجعل هناك حالة من التصديق لما يقال عن التسريب المسبق للامتحانات»، مضيفة لـ«الشرق الأوسط» أن «الفصل في الاتهامات بتشابه بعض الأسئلة المتوقعة مع نص امتحان الكيمياء أمر يتطلب لجاناً علمية للفصل والتوضيح وبيان ما إذ كان هناك تطابق من عدمه، وهو ما قامت به الوزارة».

وكان 515711 طالباً ينتمون للشعبة العلمية أدوا امتحان الكيمياء في 1986 لجنة على مستوى الجمهورية، وهي المادة التي ضبطت فيها «التعليم» 4 محاولات للغش في أماكن مختلفة، وجرى اتخاذ إجراءات قانونية ضد طلاب «اتهموا بمحاولة الغش أو تسريب أسئلة الامتحان عبر تصوير ورقة الأسئلة».