«من كفرشيما للمدفون»... وثائقي لاستقاء العِبر

نتالي نعوم تقدّم المرأة في الحرب بنصّ يحيى جابر وإخراجه

«من كفرشيما للمدفون» يتلوّن بفنون مختلفة بينها الغناء (مسرح «مونو»)
«من كفرشيما للمدفون» يتلوّن بفنون مختلفة بينها الغناء (مسرح «مونو»)
TT

«من كفرشيما للمدفون»... وثائقي لاستقاء العِبر

«من كفرشيما للمدفون» يتلوّن بفنون مختلفة بينها الغناء (مسرح «مونو»)
«من كفرشيما للمدفون» يتلوّن بفنون مختلفة بينها الغناء (مسرح «مونو»)

بحلوها ومرّها، تنقل نتالي نعوم ذكريات حقبة الحرب اللبنانية الأهلية من خلال مسرحية «من كفرشيما للمدفون»؛ فتجسّد شخصية «لورا» في سياق نصّ واقعي بقلم الكاتب والمخرج يحيى جابر.

تعيش «لورا» في بيئة مسيحية، وتروي محطّات من حرب أرخت ظلالها على جيل بأكمله، فتستعيد ذاكرتها مواقف وقصصاً تعرج فيها على موضوعات عدّة، منها ذكريات أيام الدراسة والمراهقة، وصولاً إلى الزواج والخيانة، وانقسام بيروت إلى «شرقية» و«غربية». كذلك تتوقّف عند أخطاء ارتكبها اللبنانيون بعضهم تجاه بعض.

طوال 90 دقيقة، يُشرّح جابر المجتمع اللبناني بأطيافه؛ فاسم المسرحية يشير إلى حدود منطقة واسعة، «من كفرشيما إلى المدفون». وهي تنطلق من وُجهة مسيحية بامتياز، لكنّ لبنان بمساحته الصغيرة وشوارعه ومناطقه المتاخم بعضها لبعض يسمح لجابر بالإطلالة على مشهديات مناطق أخرى.

«من كفرشيما للمدفون» تستمر حتى 24 فبراير الحالي (مسرح مونو)

تُذكّر «لورا» أبناء الشياح الذين يتباهى بعضهم اليوم بركوب الدراجات النارية للاستعراض، بأنّ ثمة مَن سبقهم إلى ذلك؛ فـ«زوزو أبّا»، ابن عين الرمانة، اشتهر بهذه السلوكيات من قبل. تجسّد نعوم الصور بأسلوب فكاهي لطالما عُرفت به، وبلغة جسد ليّنة تتيح للمُشاهد استعادة تلك اللحظة بواقعها.

في فصل آخر، تتحدّث البطلة عن القمع الذي يمارسه الأهل تجاه أولادهم؛ فهم ممنوعون من التحدُّث بأمور محرَّمة. تتوقّف عند واحدة من ذكرياتها في هذا الشأن، تتمثّل بمشاهدتها «فيديو» ممنوعاً على الأولاد دون سنّ الـ18، لتجود بأدائها الفكاهي خفيف الظلّ، بالتحدّث عما طبعته تلك التجربة في ذهنها. انقطاع الكهرباء أوقعها آنذاك في مأزق أكبر، حين علِقَ شريط الفيديو في الجهاز، ليكتشف الأهل فعلتها.

نتالي نعوم تتألّق في أولى تجاربها المسرحية (مسرح «مونو»)

من المَشاهد الأخرى التي تبرع نتالي نعوم بإبراز حرفيتها الفكاهية من خلالها؛ زيارتها «بيروت الغربية» للمرة الأولى. فلم يسبق لـ«لورا» أن تعرّفت إليها أو وطئتها قدماها بسبب الحرب. ابنة «بيروت الشرقية» تخيّلت أهل المنطقة المقابِلة كأنهم آتين من كوكب آخر. هكذا سمعت الجيران والأهل يتحدّثون عنهم. وبنصّ محبوك بتغليفة وطنية تُترجم أوهاماً ومعتقدات صنعها مرتكبو الحرب، تنقل نعوم للجمهور صورة تطبعها الكوميديا السوداء.

قد لا يستوعب جيل اليوم الحاضر بنسبة كبيرة لمشاهدة العمل رموزاً نثرها يحيى جابر على طول نصّ المسرحية التي تُعرض على مسرح «مونو» في بيروت حتى 24 فبراير (شباط) الحالي؛ فهو لم يعش التجربة نفسها لجيل ترعرع في أجواء المعارك. ولكنّ المؤلّف والمخرج، عرف، بأسلوب مسرحيّ ذكي، كيف يوصل كل معلومة على المقاس المطلوب، معتمداً البساطة والعفوية والسهولة ليتلقّفها الشباب من دون صعوبة.

تجسّد نعوم دور «لورا» ابنة الحرب اللبنانية (مسرح «مونو»)

يتخلّل العمل، إلى فنّ المونولوغ الرشيق بلسان بطلته نتالي نعوم التي برعت في تجربتها المسرحية الأولى بإبراز قدراتها وطاقاتها الفنية المتعدّدة، إضافة أخرى تكسر أي روتين قد يطلّ برأسه. يصدح صوت الراحل ملحم بركات ابن كفرشيما، منذ المشهد الأول، وتتخلّل أغنياته مَشاهد أخرى، فتجرّ البطلة الحضور من دون استئذانه إلى وقفات طربية. عندما تغنّي وترقص على أنغام تلك الأغنيات، يصفّق لها حماسة.

قصص «لورا» وزوجها «غابي» تحتلّ قسماً كبيراً من المسرحية؛ فهي تصفه بـ«النسونجي» الذي يعمل محامياً في قضايا الطلاق. وتروي كيف تبدّلت شخصيته أسوة باسمه (غبرايل)، فازداد انفتاحاً ومعرفة بأمور النساء، حتى راح يصغّر اسمه ليواكب سياسة الانفتاح هذه ليصبح «غا».

يخوض مُشاهد «من كفرشيما للمدفون» تجربة لورا مع الحرب، فتستوقفه محطات محزنة تعيده إلى سلسلة أخطاء ارتُكبت بحقه وسبَّبت معاناته. وهو يُشاهد تُطالعه ضحكات تجاه مَشاهد تمثّل المُضحك المبكي، فتتحوّل المسرحية إلى وثائقي يجمع منها مُشاهدها الدرس تلو الآخر، كي لا ينسى.


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

سائح يفقد ساقه خلال ممارسته التجديف في نهر أسترالي

كان السائح الأجنبي الستينيّ يمارس التجديف مع أصدقائه على منحدرات نهر فرنكلين في تسمانيا الجمعة عندما علقت ساقه «بين الصخور» (أ.ف.ب)
كان السائح الأجنبي الستينيّ يمارس التجديف مع أصدقائه على منحدرات نهر فرنكلين في تسمانيا الجمعة عندما علقت ساقه «بين الصخور» (أ.ف.ب)
TT

سائح يفقد ساقه خلال ممارسته التجديف في نهر أسترالي

كان السائح الأجنبي الستينيّ يمارس التجديف مع أصدقائه على منحدرات نهر فرنكلين في تسمانيا الجمعة عندما علقت ساقه «بين الصخور» (أ.ف.ب)
كان السائح الأجنبي الستينيّ يمارس التجديف مع أصدقائه على منحدرات نهر فرنكلين في تسمانيا الجمعة عندما علقت ساقه «بين الصخور» (أ.ف.ب)

اضطر عناصر إنقاذ في أستراليا السبت، إلى بتر ساق رجل كان يمارس رياضة التجديف في قارب كاياك، بعدما علقت بشقّ صخري في جزء خطير من أحد أنهر ولاية تسمانيا، وفق ما أفادت الشرطة.

وكان السائح الأجنبي الستينيّ يمارس التجديف مع أصدقائه على منحدرات نهر فرنكلين في تسمانيا الجمعة، عندما علقت ساقه «بين الصخور»، بحسب الشرطة.

وتلقت أجهزة الطوارئ تنبيهاً من ساعته الذكية، فشرعت في عملية «معقدّة وطويلة جداً» لإنقاذه، لكنّ المحاولات لم تُجدِ.

وبقي الرجل مغموراً جزئياً في المياه الباردة، وراح وضعه الصحي يتدهور، ما حدا بعناصر الإنقاذ إلى تخديره وبتر ساقه السبت.

وقال الناطق باسم الشرطة داغ أوسترلو، إن «عملية الإنقاذ هذه كانت شديدة الصعوبة واستلزمت جهداً هائلاً طوال ساعات».

ونُقِل الرجل إلى مستشفى «رويال هوبارت» في ولاية تسمانيا، وأشارت الشرطة إلى أنه لا يزال في حال حرجة.