مسرح بيرم التونسي بحُلّة جديدة على شاطئ الإسكندرية

بالتزامن مع إطلاق عرض لصامويل بيكيت في «الأنفوشي»

جانب من العرض المسرحي «لعبة النهاية» لصامويل بيكيت (وزارة الثقافة)
جانب من العرض المسرحي «لعبة النهاية» لصامويل بيكيت (وزارة الثقافة)
TT

مسرح بيرم التونسي بحُلّة جديدة على شاطئ الإسكندرية

جانب من العرض المسرحي «لعبة النهاية» لصامويل بيكيت (وزارة الثقافة)
جانب من العرض المسرحي «لعبة النهاية» لصامويل بيكيت (وزارة الثقافة)

على شاطئ الإسكندرية (شمال مصر) وفي حي الشاطبي المواجه للبحر، أُعيد افتتاح مسرح بيرم التونسي في حلّة جديدة، الأحد، بعد إغلاقه قبل عامين للترميم والتجديد، وأشاد وزير الثقافة المصري، الدكتور أحمد فؤاد هنو، ومحافظ الإسكندرية، الفريق أحمد خالد حسن سعيد، بالجهود التي بُذلت في تجديد المسرح.

ويعود تاريخ مسرح بيرم التونسي إلى ستينات القرن الماضي، منذ تأسيس فرقة الإسكندرية المسرحية التي انتقلت بعد ذلك إلى مسرح سيد درويش، وتعرّض المسرح للإغلاق بغرض التجديد وإعادة افتتاحه أكثر من مرة، كان أحدثها، الأحد.

وتضمنت أعمال ترميم المسرح الذي يحتوى على 618 مقعداً، «تحديث أنظمة الصوت والإضاءة، وترميم البنية التحتية، وتحديث المقاعد، وتطوير خشبة المسرح والقاعة الرئيسية، بالإضافة إلى رفع كفاءة 18 غرفة للممثلين، و10 غرف لاستقبال الفرق المسرحية الزائرة، بما يضمن توفير بيئة فنية متكاملة تليق بعراقة المسرح وتاريخه»، وفق بيان لوزارة الثقافة المصرية.

وعدّ وزير الثقافة المصري إعادة افتتاح مسرح بيرم التونسي خطوة محورية في دعم البنية التحتية الثقافية، وتعكس حرص الدولة على الاستثمار في الثقافة والفنون.

وتضم مصر نحو 41 مسرحاً تابعاً للدولة (القطاع العام)، وفق إحصاءات رسمية، وفي وقت سابق كان وزير الثقافة المصري أعلن عن خطة لتطوير وإعادة تأهيل 5 مسارح، من بينها مسرح بيرم التونسي، بخلاف مشروع «مسرح مصر» الذي يجري إنشاؤه في شارع عماد الدين (وسط القاهرة).

افتتاح مسرح بيرم التونسي بعد تجديده في الإسكندرية (وزارة الثقافة المصرية)

وصف الفريق أحمد خالد، محافظ الإسكندرية، مسرح بيرم التونسي، بأنه «أحد رموز المسارح الفنية وأقدمها وأهمها بالمحافظة»، مؤكداً أنه سيظل منارة فنية تخدم جمهور المدينة وزوارها، وأنه سيسهم في استيعاب مزيد من العروض المسرحية، ويخفف الضغط عن مسارح أخرى بالمحافظة مثل «سيد درويش» و«قصر ثقافة الأنفوشي».

ويُعد بيرم التونسي من أبرز شعراء العامية المصريين، وُلد في الإسكندرية عام 1893 لعائلة تونسية، وتعاون مع «فنان الشعب» سيد درويش، وكتب كثيراً من الأغنيات لكبار المطربين مثل أم كلثوم، وفريد الأطرش، وشادية، ومحمد فوزي وغيرهم، وترك كتباً ودواوين عدّة من بينها «ديوان بيرم التونسي»، و«المقامات»، ورحل عن عالمنا عام 1961، بعد عام من حصوله على جائزة الدولة التقديرية، أرفع الأوسمة المصرية في الفنون وقتها.

في السياق، استضاف مسرح قصر ثقافة الأنفوشي بالإسكندرية، العرض المسرحي «لعبة النهاية»، لفرقة مسرح الطليعة، في البيت الفني للمسرح، في إطار تعاونه مع الهيئة العامة لقصور الثقافة، لاستقبال العروض المسرحية التي ينتجها البيت على مدار العام، وعرضها في المحافظات.

وأبدى وزير الثقافة المصري سعادته بالعرض، من حيث الإخراج وأداء الممثلين، حيث شاهد العرض بحضور المخرج هشام عطوة، رئيس البيت الفني للمسرح، وعدد من القيادات الثقافية والفنية.

وعرض «لعبة النهاية»، من تأليف الكاتب الآيرلندي صمويل بيكيت (1906 - 1989)، من إعداد وإخراج السعيد قابيل، بطولة محمود زكي، ومحمد صلاح السيسي، ولمياء جعفر، ومحمد فوزي الريس، التي تدور في إطار عبثي حول سيد وخادم، يحاول الأخير التحرر من سيده وطلباته وأسئلته العبثية، ويتردد خوفاً من مواجهة العالم الخارجي.

وعدّ الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين مسرح بيرم التونسي «من أهم مسارح الإسكندرية الذي شهد عروضاً رائعة خلال الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن ترميم هذا المسرح وإعادة افتتاحه هو مكسب للجمهور ومحبي المسرح على وجه الخصوص»، لافتاً إلى أن «الأهم من ذلك هو ما يقدّمه البيت الفني للمسرح في الفترة الأخيرة من عروضه في قصور الثقافة بالمحافظات، وهذا دور حيوي ومطلوب ألّا تقتصر العروض المسرحية على العاصمة، بل تُعرض في قصور الثقافة بالمحافظات لتحظى بجمهور عام مختلف نسبياً وجديد بخلاف جمهور المسرح».

مشيراً إلى أهمية هذه الخطوة «سواء كانت المسرحيات التي ستعرض مأخوذة من مسرحيات عالمية أو محلية، المهم أن يُعمَّم هذا الأمر على مستوى قصور الثقافة في مختلف المحافظات المصرية».


مقالات ذات صلة

«عالأربعين»... ضحك موجع من قلب الخيبة

يوميات الشرق تناغم ملحوظ حضر بين بطلتي العمل (الشرق الأوسط)

«عالأربعين»... ضحك موجع من قلب الخيبة

بعد غياب عن المسرح دام أكثر من 15 عاماً، تعود الممثلة ميراي بانوسيان في مسرحية «عالأربعين» على خشبة مونو في بيروت، لتشكّل ثنائياً منسجماً مع جوزيان بولس.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق لقطة من مسرحية «إسكندرية 73» (الشرق الأوسط)

«إسكندرية 73»... مسرحية تستوحي الجوانب الخفية لـ«عروس المتوسط»

العرض المسرحي يلقي الضوء على تاريخ المدينة في الفترة من حرب 1967 وحتى عام 1973 عبر 9 مشاهد تجمع بين الواقع والخيال؛ وذلك من خلال مجموعة أحداث حقيقية.

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق أبطال مسرحية «غسق» على الخشبة (مكتب إعلام المسرحية)

«غسق» تحطّ رحالها في بيروت بعد جولة أوروبية

تُعرض على خشبة «مسرح المدينة» مسرحية «غسق» للمخرجة كريستيل خضر، وقد اقتبستها عن «الساعون إلى العرش» للكاتب النرويجي الشهير هنريك إبسن.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أحد العروض النوعية في المنصورة (هيئة قصور الثقافة)

«أحدب نوتردام» و«محاكمة تاجر البندقية» في عروض مسرحية بمصر

انطلقت عروض متنوعة مستوحاة من المسرح والأدب العالميين مثل «أحدب نوتردام»، و«محاكمة تاجر البندقية»، الثلاثاء، على مسارح قصور الثقافة في شرق الدلتا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أبدعت كارول سماحة في غنائها ورقصها وتمثيلها (فريق عمل المسرحية)

كارول سماحة في «كلو مسموح» فازت بالتحدي الأصعب

«كلو مسموح» عرض مسرحي غنائي لبناني مميز، تألقت فيه كارول سماحة رغم حزنها على وفاة زوجها، وسط إشادة جماهيرية بإطلالتها بإعادة ناجحة لمسرحية عالمية بروح لبنانية.

سوسن الأبطح (بيروت)

في زيّ الدببة... بشر يربّون شبلاً يتيماً بكاليفورنيا ليعود إلى البرية

جمعية «سان دييغو»
جمعية «سان دييغو»
TT

في زيّ الدببة... بشر يربّون شبلاً يتيماً بكاليفورنيا ليعود إلى البرية

جمعية «سان دييغو»
جمعية «سان دييغو»

وسط مشاهد غير اعتيادية، يرتدي موظفو جمعية «سان دييغو» للرفق بالحيوان أزياء دببة كاملة لتربية شبل دب أسود يتيم، عُثر عليه وحيداً في غابة لوس بادريس الوطنية بولاية كاليفورنيا. وفقاً لصحيفة «واشنطن بوست».

الشبل، الذي لا يتجاوز عمره شهرين ووزنه ثلاثة أرطال (نحو 1.4 كلغم)، كان يبكي وحيداً عند اكتشافه من قِبل بعض المخيمين في 12 أبريل (نيسان) الماضي، في منطقة نائية. وبعد إبلاغ السلطات، راقبت إدارة الحياة البرية المكان لأيام عدة على أمل عودة والدته، لكن دون جدوى.

نُقل الشبل في حالة حرجة إلى مركز رامونا للحياة البرية، حيث بدأت رحلة تأهيل دقيقة، يشرف عليها طاقم من المتخصصين.

تقول أوتمن ويلش، مديرة عمليات الحياة البرية في المركز: «إن الشبل وصل في وضع صعب للغاية، وكان يعاني الجفاف وسوء التغذية».

وبعد خمسة أسابيع من الرعاية المكثفة، تغيرت حالته تماماً؛ اكتسب عشرة أرطال إضافية، وبدأ في تعلم مهارات أساسية مثل التسلق، وأصبح أصغر شبل دب تتولّى الجمعية رعايته منذ تأسيسها.

في مشهد يكاد يقترب من الخيال، يستخدم الطاقم أزياء تحاكي شكل الدببة، بما في ذلك أقنعة ومعاطف فرو وقفازات، ويغطّون أجسامهم بقش مشبَّع برائحة دببة سوداء من مأوى محلي.

وتشرح ويلش: «نريد من الشبل أن يرى فينا دببة، لا بشراً. هذا جزء أساسي من استراتيجيّة التأهيل لضمان عودته للبرية دون انحراف سلوكي».

أُعد للشبل موطنان يحاكيان الطبيعة: داخلي وخارجي، مزوّدان بهياكل تسلق، وأرضيات مغطاة بالأوراق والتربة والأغصان. وحتى لا يشعر بالوحدة، وضعت له الجمعية دمية على شكل دب ينام بجوارها، وتصفها ويلش بأنها «أم بديلة».

وأظهر الشبل تقدماً لافتاً؛ بات يستكشف محيطه، يبحث عن الحشرات، يصنع أعشاشاً، ويلعب بمفرده، وهي مهارات حيوية لضمان بقائه في البرية. وتضيف ويلش بأن قدرته على تسلية نفسه واستكشاف بيئته مؤشرات إيجابية على تطوره.

في الجانب الغذائي، انتقل الشبل تدريجياً من الحليب الصناعي إلى تناول الفواكه والحشرات، ويجرب أي نوع يُقدَّم له تقريباً. كما يدرّبه الطاقم على العثور على الطعام باستخدام حاسة الشم، عبر إخفاء البلوط في موطنه.

جمعية «سان دييغو»

وتعلق ويلش قائلة: «إنه سريع التعلم، ومراقبته أثناء اكتساب مهارة جديدة أمر مدهش».

ورغم صغر سنه، يتعامل الطاقم بحذر، ويلوّنون تفاعلاتهم باستخدام الدمى أو الأغصان لتجنب أي تعلق بشري. وتشير ويلش إلى أن مجرد التلويح بغصن كافٍ لصرف انتباهه.

وتُعدّ حالته نادرة؛ فقد تم إنقاذ أربعة أشبال فقط في مثل عمره خلال خمس سنوات في كاليفورنيا. وتوضح ويلش أن إناث الدببة السوداء أمهات شديدات الحماية، ومن النادر أن يُعثر على شبل بمفرده.

ومع غياب التمويل الحكومي، تعتمد الجمعية على التبرعات لرعاية الحالات المشابهة. وتختتم ويلش حديثها قائلة: «ننتظر اليوم الذي نعيد فيه هذا الشبل إلى الغابة. لا يوجد شعور يضاهي إطلاق حيوان بري إلى موطنه الطبيعي من جديد».