قُتل 5 مهربين وأصيب 4 آخرون في عملية نفذتها القوات المسلحة الأردنية (الجيش العربي)، الأحد، على الواجهة العسكرية الشرقية، في وقت جرى فيه ضبط كميات كبيرة من المخدرات، وتحويل المضبوطات إلى الجهات المختصة. وجاء الإعلان العسكري بعد ساعات من انتهاء اجتماع رباعي لوزراء داخلية الأردن وسوريا والعراق ولبنان.
وصرَّح مصدر عسكري مسؤول في القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية بأن المنطقة العسكرية الشرقية، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية العسكرية، وإدارة مكافحة المخدرات، «أحبطت فجر الأحد ضمن منطقة مسؤوليتها، محاولة تسلل وتهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة قادمة من الأراضي السورية».
وفيما جاءت العملية التي أحبطها الجيش الأردني بعد ساعات من اجتماع وزراء الداخلية الأردني والعراقي والسوري واللبناني في عمان، السبت، اعتبر مراقبون أن توقيت العملية يحمل رداً سورياً على أي جهد لتطويق أزمة تهريب المخدرات بشكل منظم. كما أن توقيت العملية يندرج تحت بند ما يمكن اعتباره موقفاً سورياً رافضاً لـ«اتفاق تأسيس خلية اتصال مشتركة مع العراق وسوريا ولبنان، بهدف متابعة المعلومات وتتبع الشحنات حتى وجهتها النهائية بمواجهة آفة المخدرات».
الاجتماع الذي حضره الوزير العراقي عبد الأمير الشمري، والسوري محمد خالد الرحمون، واللبناني بسام مولوي، استمر لنحو 3 ساعات بعيداً عن الإعلام، ولم تتضح الصورة حول مجريات المناقشات ومدى التباين أو التوافق بين الوزراء، ومن دون أن يخرج عن اللقاء الأول من نوعه، أي توصيات. كما لم يصدر بيان ختامي كما جرت العادة في مثل هذه اللقاءات، في حين لم يصرح أحد من الوفود المشاركة للصحافيين.
ولم يجب اللقاء الرباعي على سؤال الفرق بين «تأسيس» و«تشكيل» خلية التنسيق، ما يترك الباب مفتوحاً على تحليل التباينات في مواقف الأطراف المشاركة. وجاء التعامل مع أزمة اقترب عمرها من 10 سنوات، وانفجرت تداعياتها مؤخراً لتطول ما هو أبعد من دول جوار سوريا، وأن «التأسيس» ليس مطلباً للمرحلة، بمقدار أولوية مواجهة خطر المخدرات من خلال «التشكيل» لخلية العمل، مسنودة بالخبرات العملياتية والاستخباراتية.
الاجتماع، الذي عقد صباح السبت في العاصمة عمان، جاء بعد أسابيع قليلة من تصريحات رسمية سورية أردنية متبادلة، حول «عدم جدية» دمشق في وضع حدّ لعمليات تهريب المخدرات القادمة من أراضيها، واتهام عمان لدمشق «بعدم ممارسة سيادتها على أراضيها، ورعايتها الرسمية لميليشيات محسوبة على الجيش النظامي وعلى (حزب الله) اللبناني المدعوم من إيران»، الأمر الذي استدعى تنفيذ 4 طلعات جوية قصفت مصانع ومستودعات في الجنوب السوري، دون أن يتبنى الأردن رسمياً تلك العمليات.
دمشق من جهتها استنكرت تنفيذ تلك الطلعات الجوية التي سقط نتيجتها ضحايا من الأطفال والنساء، معتبرة أن عمليات «القصف غير مبررة» في الداخل السوري، لتردّ مصادر رسمية أردنية وقتها بأن الموقف السوري جاء «مشبعاً بالمغالطات»، وقلّلت ذات المصادر من أهمية ردود الفعل السورية، التي جاءت لـ«احتواء غضب» مناطق في الجنوب السوري، من عشائر ومجاميع سكانية، تتهم «النظام السوري بالتحالف ودعم ميليشيات تهريب المخدرات نحو الأردن، وأن الجهات المحسوبة على النظام تغامر بأمن وسلامة السكان المدنيين، وأن تلك أزمة سورية داخلية».
وعلى مدى السنة الماضية، دُفنت توصيات سلسلة الاجتماعات التشاورية التي عُقدت على المستوى السياسي في الرياض وعمان، بحضور أردني سعودي مصري عراقي سوري، منتصف العام الماضي، في حين توقفت اجتماعات الفرق الأمنية السورية الأردنية التي تمت الدعوة إليها على أعلى المستويات، بحضور قيادات الجيش وأجهزة المخابرات. خصوصاً في ظل ما قالت عنه عمان، على لسان مصادر رسمية، إن الجانب السوري لم «يلتزم بتطبيق ما خلصت إليه سلسلة اجتماعات أمنية بين الطرفين، وما خرج عنها من توصيات، وإن جميع ما تم التوافق عليه لم يُنفذ من قِبل السوريين، بعد تردد واضح وتباطؤ في تنفيذ وعودهم، وهو ما لا يمكن التعامل معه بحسن نوايا».
وفيما تؤكد مصادر محلية وجود نشاط يومي للمهربين القادمين من الأراضي السورية بنيَّة التسلل وتنفيذ عمليات تهريب منظمة على الحدود الشمالية الشرقية في المملكة. فقد أعلنت مصادر أردنية لـ«الشرق الأوسط»، في وقت سابق، أن ميليشيات التهريب في الجنوب السوري على ارتباط مع مجموعات محلية تقطن شرق البلاد (منطقة رويشد) القريبة من الحدود العراقية، وقد تم إلقاء القبض على مجموعات محلية منظَّمة تستقبل المهرَّبات، وتعيد تصديرها نحو العراق، أو تعيد بيعها في السوق المحلية.
وشهد الشهر الأخير من العام الماضي اشتباكات مسلحة بين قوات حرس الحدود الأردنية ومجموعات مسلحة قادمة من الداخل السوري، وألقي القبض على مجموعة منهم، في حين تم ضبط كميات كبيرة من المخدرات بحوزتهم.