«هدنة غزة»: الوساطة المصرية - القطرية تبحث عن انفراجة قريبة

القاهرة تنفي إقامة معسكرات للنازحين في سيناء

تصاعد عمود دخان فوق خان يونس في وقت سابق (أ.ف.ب)
تصاعد عمود دخان فوق خان يونس في وقت سابق (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: الوساطة المصرية - القطرية تبحث عن انفراجة قريبة

تصاعد عمود دخان فوق خان يونس في وقت سابق (أ.ف.ب)
تصاعد عمود دخان فوق خان يونس في وقت سابق (أ.ف.ب)

في الوقت الذي تزايدت فيه التحذيرات الدولية من «كارثة» حال تنفيذ إسرائيل مخططها باجتياح مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، تتواصل جهود الوساطة المصرية - القطرية بحثاً عن انفراجة قريبة لإتمام صفقة «تبادل الأسرى» في إطار «هدن» مؤقتة.

وفي هذا السياق، أكد مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن «القاهرة تُكثف اتصالاتها مع الأطراف كافة في محاولة لتقريب وجهات النظر بين إسرائيل وحركة (حماس) تمهيداً للاتفاق على (هدنة) يتم خلالها تبادل الأسرى بين الجانبين».

وأشار إلى أن «مساعي القاهرة مستمرة للوصول إلى وقف إطلاق نار دائم في قطاع غزة تمهيداً لتحقيق السلام الشامل المبني على حل الدولتين».

واستضافت القاهرة، الثلاثاء، اجتماعاً رباعياً ضم رؤساء الاستخبارات في مصر، وإسرائيل، والولايات المتحدة، إضافة إلى رئيس وزراء قطر، لبحث مقترح بشأن «هدنة» في غزة تمت بلورته خلال لقاء مماثل في باريس.

ولفت المصدر المصري إلى أن «حركة (حماس) وضعت شروطاً في صفقة الأسرى ترى إسرائيل أنه من الصعب أن تقبل بها لا سيما وهي تعتقد أنها حققت انتصاراً على الأرض».

بدوره، اتهم مستشار رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، طاهر النونو، بحسب ما أوردت وكالة «أنباء العالم العربي»، الخميس، إسرائيل بـ«عرقلة» التوصل لاتفاق بشأن تبادل المحتجزين.

وقال إن «المشاورات مستمرة مع الجانب المصري، وفي حال تطلبت المحادثات توجُّه وفد من الحركة لمصر سيتم ذلك، وقبل أيام كان هناك وفد من الحركة في القاهرة».

وفي هذا الإطار، قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية، الخميس، إن «إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعمل مع شركاء عرب على إكمال خطة مفصلة وشاملة لتحقيق سلام طويل الأمد بين إسرائيل والفلسطينيين، تتضمن جدولاً زمنياً محدداً لإقامة دولة فلسطينية». وأشارت الصحيفة إلى أن «السعي الحثيث هذا، يرتبط ارتباطاً مباشراً بوقف الأعمال العسكرية والإفراج عن المحتجزين لدى حركة (حماس) في غزة، وهو ما تتفاوض عليه الولايات المتحدة وقطر ومصر حاليا».

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وعرب، عن أن «وقفاً مبدئياً لإطلاق النار يُقترح أن يمتد لستة أسابيع على الأقل، سيتيح متسعاً من الوقت للإعلان عن الخطة، وحشد مزيد من الدعم لها واتخاذ خطوات مبدئية نحو تنفيذها، بما في ذلك تشكيل حكومة فلسطينية مؤقتة».

وأضافت الصحيفة أن «المسؤولين يأملون في التوصل لاتفاق تبادل المحتجزين قبل بداية شهر رمضان المقبل».

لكن هذا المقترح قوبل بانتقادات شديدة من قبل وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، اللذين عداه بمثابة «مكافأة لحركة حماس».

مسعفون يفرغون جثث الفلسطينيين الذين قُتلوا بشمال قطاع غزة في وقت سابق (أ.ب)

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في مصر، الدكتور طارق فهمي، «استمرار جهود الوساطة بهدف إعادة تجميع الأفكار بين (حماس) وإسرائيل، في ظل ما يواجهه الطرفان من صعوبات». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «(حماس) قدمت في البداية شروطاً بشأن اتفاق الهدنة، لكن الصعوبات الآن انتقلت إلى الجانب الإسرائيلي لا سيما مع ما حدث من تغيرات على الأرض».

وأوضح فهمي أن «رئيس الوزراء الإسرائيلي استطاع إقناع الرأي العام الداخلي بأهمية استمرار العمل العسكري، وأنه لا نجاح دون الاستمرار في المواجهة، وذلك بعد إعلانه تحرير رهينتين في رفح»، مضيفاً أنه «على ما يبدو أن هناك نوعا من التهدئة في جهود الوساطة القطرية بهدف الضغط على (حماس) للقبول بالهدنة»، في المقابل «تُكثف مصر اتصالاتها مع جميع الأطراف أملاً في الوصول إلى اتفاق»، متوقعاً أن «تقبل (حماس) في النهاية بالتهدئة».

يأتي هذا في وقت حذر منسق المساعدات بالأمم المتحدة، مارتن غريفيث، الخميس، من احتمال تدفق الفلسطينيين المكدسين في رفح إلى مصر حال تنفيذ إسرائيل عملية عسكرية على المدينة الحدودية، التي تعد الملاذ الأخير لفلسطينيي غزة.

أطفال فلسطينيون يحملون أواني وهم يصطفون للحصول على الطعام المطبوخ في مطبخ خيري في غزة (رويترز)

لا معسكرات للنازحين

من جهة أخرى نفى محافظ شمال سيناء المصرية، محمد عبد الفضيل شوشة، الخميس، ما نقلته بعض وسائل الإعلام عن بناء السلطات المصرية منطقة أمنية عازلة محاطة بأسوار في مدينة رفح المصرية لاستقبال الفلسطينيين من غزة تحسباً لتهجيرهم، حال اجتياح إسرائيل لرفح برياً.

وقال شوشة، في تصريحات صحافية، إن «ما يتم في مناطق شرق سيناء وتحديداً في رفح، هو قيام لجان من المحافظة بحصر البيوت والمنازل التي تعرضت للهدم خلال الحرب على الإرهاب، بهدف تقديم تعويضات مناسبة لأصحاب هذه البيوت»، مؤكداً أن «هذه العملية ليست بهدف إقامة معسكرات من أجل استقبال النازحين الفلسطينيين، وليس لها أي علاقة بما يحدث في قطاع غزة».

وشدد على أن «مصر موقفها واضح وصريح، وتم الإعلان عنه من قبل القيادة السياسية، وهو عدم السماح بتهجير سكان غزة قسرياً إلى مصر نهائياً».

كما أكد محافظ شمال سيناء أن «مصر مستعدة لكل السيناريوهات حال تنفيذ إسرائيل عمليات عسكرية في رفح الفلسطينية».

في حين أكد المصدر المصري المطلع أن «مصر موقفها ثابت ويرفض أي تهجير للفلسطينيين خارج أراضيهم، أو دفعهم إلى سيناء، كون ذلك يعد تهديداً للأمن القومي المصري».

صعوبات متشابكة

عودة إلى فهمي الذي قال إن «إسرائيل تواجه الآن صعوبات عدة بشأن العملية العسكرية في رفح، تتمثل في وجود عشرات الخيام في رفح المدينة المكتظة بالسكان، وهي أمور ينبغي وضع تصور للتعامل معها، إضافة إلى تحديد من سيتولى مهمة ترحيل السكان وكيف سيتم فصل المدنيين عن العسكريين»، لافتاً إلى «صعوبة أخرى تتعلق بكون رفح مكانا لتجمع جميع الفصائل الفلسطينية وليس كتائب القسام التابعة لحركة (حماس) فحسب».

وأضاف أن «هناك حالة من الارتباك والتردد في الحكومة الإسرائيلية بشأن تنفيذ مخطط دخول رفح ومنطقة (محور فيلادلفيا)». وأرجع ذلك إلى «الموقف المصري الحازم بهذا الشأن». وقال إن «هناك قنوات اتصال مفتوحة ومستمرة بين مصر وإسرائيل»، مشيراً إلى «حذر من الطرفين، وهناك الكثير من الإجراءات الواجب اتخاذها قبل تنفيذ عمليات في رفح تتطلب وقتاً لا يُمكن تحديد مداه الزمني الآن».

وأصدر رؤساء وزراء أستراليا وكندا ونيوزيلندا، بيانا مشتركا، الخميس، أعربوا خلاله عن «بالغ قلقهم إزاء المؤشرات التي تشير إلى أن إسرائيل تخطط لشن هجوم بري على رفح». وقالوا إن «أي عملية عسكرية في رفح ستكون كارثية، ومدمرة، فلا يوجد مكان آخر يلجأ إليه المدنيون».


مقالات ذات صلة

«هدنة غزة»... مساعٍ إلى «حل وسط» لإبرام الاتفاق

شؤون إقليمية فلسطينيون يفرون من مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة (أرشيفية)

«هدنة غزة»... مساعٍ إلى «حل وسط» لإبرام الاتفاق

جهود مكثفة للوسطاء لتقريب وجهات النظر خلال مفاوضات الهدنة بقطاع غزة، في ظل حديث إعلامي عن «شروط جديدة» أخرت إعلان الاتفاق.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلاً مصاباً في غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات وسط غزة (رويترز)

بينهم 7 أطفال.. مقتل 12 شخصاً من عائلة واحدة في غارة إسرائيلية على غزة

أعلن الدفاع المدني في قطاع غزة مقتل12 شخصاً من عائلة واحدة، بينهم 7 أطفال، في غارة إسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (غزة)
الخليج مندوب فلسطين رياض منصور يتحدث خلال اجتماع لمجلس الأمن في مقر الأمم المتحدة (أ.ب)

السعودية ترحب بقرار أممي حول التزامات إسرائيل

رحّبت السعودية بقرار للأمم المتحدة يطلب رأي محكمة العدل الدولية بشأن التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص منازل فلسطينية تتعرض لأضرار بالغة خلال قصف إسرائيلي في بيت لاهيا (رويترز)

خاص «هدنة غزة»: «شروط جديدة» تؤخر إعلان الصفقة المرتقبة

مصادر مصرية وفلسطينية، تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، تشير إلى «شروط جديدة طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وأخرى من (حماس)».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (أرشيفية - رويترز)

من هم المسؤولون الأميركيون الذين استقالوا احتجاجاً على سياسة بايدن في غزة؟

دفع دعم الرئيس جو بايدن لإسرائيل خلال حربها المستمرة منذ أكثر من 14 شهراً في غزة أكثر من 10 مسؤولين في الإدارة الأميركية إلى الاستقالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
TT

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)

دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، السبت، طرفي النزاع في السودان إلى «إلقاء السلاح» بعد عام ونصف العام من الحرب التي تعصف بالبلاد، عادّاً أن المسار الوحيد الممكن هو «وقف إطلاق النار والتفاوض».

وقال ماكرون خلال جولة في القرن الأفريقي، عقب اجتماع مع رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد: «ندعو طرفي النزاع إلى إلقاء السلاح، وكل الجهات الفاعلة الإقليمية التي يمكنها أن تلعب دوراً إلى القيام بذلك بطريقة إيجابية، لصالح الشعب الذي عانى كثيراً».

وأضاف وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «العملية الوحيدة الممكنة في السودان هي وقف إطلاق النار والتفاوض، وأن يستعيد المجتمع المدني الذي كان مثيراً للإعجاب خلال الثورة، مكانته» في إشارة إلى التحرك الشعبي الذي أطاح بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019، وأثار تفاؤلاً كبيراً.

ومنذ أبريل (نيسان) 2023 اندلعت حرب بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو؛ وأدى القتال إلى مقتل عشرات الآلاف، ونزوح أكثر من 11 مليون شخص.

ويواجه نحو 26 مليون شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، وفقاً للأمم المتحدة التي دقت ناقوس الخطر مجدداً، الخميس، بشأن الوضع في البلاد التي قد تواجه أخطر أزمة غذائية في التاريخ المعاصر.

وهناك حاجة إلى مساعدات بقيمة 4.2 مليار دولار لتلبية حاجات السودانيين عام 2025، بحسب إيديم ووسورنو، رئيسة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.