العراق يخسر 30 مليار دولار نتيجة توقف العمل في بيجي

وزارة النفط تسرع إنجاز مصفاة كربلاء لتحقيق الاكتفاء الذاتي

العراق يخسر 30 مليار دولار نتيجة توقف العمل في بيجي
TT

العراق يخسر 30 مليار دولار نتيجة توقف العمل في بيجي

العراق يخسر 30 مليار دولار نتيجة توقف العمل في بيجي

بعد أن نجحت القوات الأمنية العراقية المشتركة في إحكام سيطرتها بالكامل على مدينة بيجي التابعة لمحافظة صلاح الدين شمال العراق، وتحرير جميع المناطق والقرى المحاذية لها من سيطرة مسلحي تنظيم داعش، وصولاً إلى قضاء الشرقاط شمال المدينة، أصبحت مصفاة النفط في بيجي، وهي الأكبر من نوعها في إنتاج المشتقات النفطية في العراق، محط اهتمام وتركيز الحكومة العراقية ووزارة النفط والحكومة المحلية في المحافظة، وإعداد دراسة شاملة لتقييم حجم الدمار والأضرار التي لحق بها جراء تدمير الكثير من منشآتها من قبل مسلحي التنظيم، والعمليات العسكرية التي شهدها طيلة الشهور الماضية، وآخرها عمليات تحريرها من قبضة «داعش»، ومدى إمكانية إعادة إعمارها في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها العراق، وهو يعيش في ظل أزمة اقتصادية حادة، وعلى الفور شكلت وزارة النفط لجنة لهذا الغرض. وقال الناطق باسم الوزارة عاصم جهاد، إن «وزير النفط عادل عبد المهدي، وبعد زيارة إلى المصفاة واطلاعه على حجم الأضرار التي طالتها، أمر بتشكيل لجنة لدراسة الأضرار وحجم الخسائر، التي على ضوء تقريرها ستوضع خطة الإعمار»، مشيرا إلى أنه «لا توجد إحصائية عن حجم الأضرار التي أصابت المصفاة جراء العمليات العسكرية طيلة الأشهر الماضية».
وأضاف جهاد، أن «الوزارة وضعت خطة لتأهيلها من خلال تشكيل لجان عدة منها فنية وهندسية، وذلك من أجل الإسراع بعملية تأهيلها من جديد».
وفيما أعلن مصدر في وزارة النفط أنه لا معلومات لدى الوزارة عن مصير المصفاة أو مدى إمكانية تشغيلها، حيث أرسلت لجنة خاصة إلى هناك ولم تضع تقريرها بعد، مبينا أن محيطها ما زال يعتبر منطقة حرب، كشف محافظ صلاح الدين رائد الجبوري أن أجزاء من المصفاة تصل نسبتها إلى أكثر من 50 في المائة مدمرة بشكل شبه كامل، وأن الأجزاء الرئيسية فيها سالمة، ولكن الحرائق التهمت أبنية ومخازن الوقود فيه.
وأضاف الجبوري، أن «المصفاة تتكون من ثلاث وحدات عملاقة، وتحتاج عملية إعادة تأهيلها إلى مبالغ طائلة، فضلا توفير الكوادر الهندسية المتخصصة، وهو أمر مستبعد حاليا بسبب مرور الحكومة بضائقة مالية واقتصادية كبيرة».
وأشار الجبوري إلى أن «وحدات الجهد الهندسي ما زالت تقوم بعمليات إزالة الألغام والعبوات الناسفة التي زرعها التنظيم في المنشآت والبنى التحتية، وهناك أكثر من شبكة للعبوات الناسفة داخلها حسب خبراء مختصين».
وقال أحدهم، إن «الأضرار التي لحقت بالمصفاة تجعل من فكرة إنشاء بديل آخر جديد جيدة إلى حد ما، ذلك أن التخريب التي طالت الخزانات ووحداتها الأساسية، تتطلب مبالغ كبيرة قد لا تتمكن الحكومة العراقية على توفيرها في ظل ما تعيشه من أزمة اقتصادية، ما حدا بوزارة النفط إلى تكثيف أعمالها لإنجاز مصفاة كربلاء سريعا لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المشتقات النفطية».
وأضاف الخبير الذي طلب عدم الكشف عن اسمه «الوزارة لجأت إلى تعزيز قدرات مصافي الوسط والجنوب إلى جانب استمرار عمليات الاستيراد، كما تخطط الوزارة أيضًا إلى إنشاء 3 مصاف جديدة في كركوك وميسان وذي قار، ويتوقع بعد إنجازها إلى تحويل البلاد إلى مصدر للمشتقات النفطية».
من جانبها، أكدت لجنة النفط والطاقة النيابية في البرلمان العراقي أن «الأضرار المادية التي لحقت بمصفاة بيجي تجعل من عملية إعمارها والعودة بها إلى الخدمة طويلة ربما»، إذ إن الوزارة لم تقم بجرد تلك الأضرار حتى الآن، لتعرف المبالغ التقديرية التي تحتاجها عمليات إعمار خزاناتها ووحداتها الأساسية.
وقال رئيس اللجنة إبراهيم بحر العلوم، إن «الكلام عن إعادة تأهيل المصفاة سابق لأوانه». وأضاف أن «الوزارة عالجت تلكؤ ملف توزيع الوقود بعد خروج مصفاة بيجي من الخدمة عبر تحسين قدرات مصافي الوسط والجنوب، إضافة إلى أن استمرار عملية استيراد المشتقات النفطية منع حدوث أزمة وقود في عموم محافظات البلاد».
وكانت الطاقة الإنتاجية لمصفاة بيجي قبل احتلاله من «داعش» وتدميره تقدر بنحو 3 آلاف برميل يوميًا، ما كان يسهم في توفير 60 في المائة من حاجة البلاد من المشتقات النفطية، إلا أن تلك الكميات تراجعت خلال المدة الماضية إلى أقل من 180 ألف برميل يوميا، ثم توقفت.
إلى ذلك، قال وزير النفط العراقي الأسبق عصام الجلبي، إن «مجموع المبالغ التي صرفتها الحكومات العراقية على استيراد المشتقات النفطية والغاز خلال عشر سنوات ماضية بلغت 30 مليار دولار». وأضاف أن «هذه المبالغ كانت كافية لإنشاء ما لا يقل عن 6 مصاف عملاقة في العراق، لكنه لم يتم بناء أي مصفاة جديدة، ولا تزال الحكومة تتعاقد مع الشركات لاستيراد هذه المشتقات».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.