رئيس جيبوتي: نتابع تطورات البحر الأحمر... ونرفض استهداف أي طرف من أراضينا

كشف لـ«الشرق الأوسط» عن مشاريع مع المملكة في النقل البحري والجوي وإقامة منطقة حرة سعودية

TT

رئيس جيبوتي: نتابع تطورات البحر الأحمر... ونرفض استهداف أي طرف من أراضينا

الرئيس إسماعيل عمر جيلة يتحدث للشرق الأوسط من القصر الرئاسي بالعاصمة جيبوتي (تصوير: تركي العقيلي)
الرئيس إسماعيل عمر جيلة يتحدث للشرق الأوسط من القصر الرئاسي بالعاصمة جيبوتي (تصوير: تركي العقيلي)

أكد الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة، أن بلاده تتابع التطورات الأخيرة في منطقة باب المندب وخليج عدن عن كثب، وتحرص على تأمين البحر الأحمر والمضيق الاستراتيجي وتذليل العقبات أمام التجارة الدولية.

وتحدث الرئيس جيلة في حوار موسع مع «الشرق الأوسط» من مقره الرئاسي عن تنسيق وتعاون مع القوى الكبرى منها الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، والدول المشاطئة للبحر الأحمر وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لحماية الملاحة البحرية ومكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات الأمنية التي تؤرق المنطقة والعالم بأسره.

وشدد الرئيس على رفض جيبوتي استهداف أي طرف انطلاقاً من أراضيها، مشيراً إلى أن القواعد العسكرية الدولية في البلاد تهدف إلى حفظ الأمن والسلم الدوليين ومكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية ‏وحماية الملاحة في هذا الموقع الاستراتيجي المهم من العالم.

وتطرق الرئيس كذلك للعديد من الملفات المهمة منها مشروع طريق الحرير الصين وأثره على منطقة القرن الأفريقي، وسياسة الحياد التي تنتهجها جيبوتي مع وجود القواعد العسكرية، وغيرها من المواضيع، فإلى تفاصيل الحوار..

علاقات جيبوتي مع السعودية

* فخامة الرئيس، كيف تصفون العلاقات الجيبوتية السعودية في الوقت الراهن ومستوى التنسيق بين البلدين وآفاق تطورها خاصة في مجالات التعاون الاقتصادي والسياسي؟

- في البداية أشيد بصحيفة «الشرق الأوسط» ودورها الرائد في مجال الإعلام واهتمامها المستمر في تنوير القارئ العربي بما يجري في العالم وخاصة في منطقتنا، بالنسبة للعلاقات الجيبوتية السعودية هي علاقة متينة وعميقة الجذور، ولا تزال هذه العلاقات منذ استقلال جيبوتي عام 1977 تزداد قوة وتناغماً في الرؤى السياسية تجاه مختلف القضايا الإقليمية والدولية.

ويتجلى التعاون والتنسيق المستمرين في لجان عدة، منها الأمنية والعسكرية، واللجنة الجيبوتية السعودية المشتركة التي تمثل إطاراً عاماً يندرج تحته التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات، إضافة إلى وجود مجلس مشترك لرجال الأعمال الجيبوتيين والسعوديين. ومنذ عام 2008 تم التوقيع على نحو 30 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين البلدين في مختلف المجالات.

وانطلاقا من التطور الهائل الذي حققناه خلال العقدين الماضيين في مجال الموانئ من حيث الكم والنوع، نتطلع إلى تعزيز التعاون بين البلدين الشقيقين في مجال النقل البحري والخدمات اللوجيستية والموانئ.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال استقباله رئيس جيبوتي إسماعيل عمر جيلة في الرياض ديسمبر الماضي (واس)

ويجري العمل حالياً على إنشاء مشاريع مشتركة في مجال النقل البحري والجوي المباشر، وإقامة منطقة حرة ومستودعات خاصة بالصادرات والمنتجات السعودية داخل منطقة التجارة الحرة الدولية في جيبوتي، مما يسهم في تعزيز تدفق الصادرات السعودية نحو القارة الأفريقية.

* كيف يمكن أن تلعب جيبوتي دوراً في تنمية العلاقات العربية - الأفريقية باعتبارها جسراً بين الجانبين؟

- الموقع الجغرافي على الضفة الغربية الجنوبية من البحر الأحمر وعلى بعد نحو 25 كيلومترا من اليمن الشقيق، يجعل جمهورية جيبوتي جسراً حيوياً يربط بين قارة أفريقيا والجزيرة العربية، ومن شأن هذه الميزة الجغرافية لبلدنا أن تساهم في تنمية العلاقات العربية الأفريقية، ويؤدي دوراً بارزاً في حماية الأمن القومي العربي.

أما على المستوى الاقتصادي فتعد جمهورية جيبوتي بوابة لدول منظمة الإيغاد ومجموعة كوميسا على البحر الأحمر، إضافة إلى البنية التحية المتطورة في موانئ جيبوتي، كلها عوامل تساهم بفاعلية كبيرة في تطوير العلاقات العربية الأفريقية في المجال الاقتصادي.

ملف البحر الأحمر

* كيف تتابعون التطورات الأخيرة في باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن، بحكم موقع جيبوتي الاستراتيجي والقريب من هذه المنطقة؟

- نتابع عن كثب التطورات الأخيرة قرب مضيق باب المندب، ونحرص على تأمين البحر الأحمر ومضيق باب المندب وتذليل العقبات أمام التجارة الدولية، ولذلك نرى ضرورة حلحلة مختلف الأزمات في المنطقة والتكاتف على مختلف المستويات الإقليمية والدولية من أجل الحفاظ على أمن وسلامة الملاحة في البحر الأحمر.

كما نتابع بقلق بالغ الحرب المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 في غزة، وكما عبرنا في أكثر من مناسبة فإننا نؤكد رفضنا الشديد لما يتعرص له أشقاؤنا في غزة من حصار وقتل بربري وتدمير مرعب للبنى التحتية، وندعو المجتمع الدولي إلى تحمل مسئولياته وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني الأعزل الذي يتعرض لأبشع أنواع القتل والتهجير القسري.

* هل لديكم تنسيق مع حلفائكم في المنطقة والعالم لحماية الملاحة في البحر الأحمر؟

- تطل جمهورية جيبوتي على مضيق باب المندب ذي الأهمية الاستراتيجية الاقتصادية والسياسية الكبيرة للتجارة العالمية، وهذا يجعلها دولة محورية في الجهود المبذولة للحفاظ على الأمن والاستقرار الدوليين، ونقوم بالتنسيق والتعاون مع القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وكذلك الدول المشاطئة للبحر الأحمر وخاصة المملكة العربية السعودية وغيرها لحماية الملاحة البحرية ومكافحة الإرهاب ومواجهة التحديات الأمنية التي تؤرق المنطقة والعالم بأسره.

والقواعد العسكرية الدولية في جيبوتي ليست سوى بعض أوجه التعاون في حفظ الأمن والسلم الدوليين ومكافحة الإرهاب والقرصنة البحرية ‏وحماية الملاحة في هذا الموقع الاستراتيجي المهم من العالم.

* ما هي رؤيتكم لتخفيف التوتر وخفض التصعيد في هذه المنطقة التي تشكل شرياناً رئيسياً لمرور التجارة العالمية وموارد الطاقة؟

- تتلخص رؤيتنا في التعاون على مختلف المستويات الإقليمية والدولية من أجل حماية أمن البحر الأحمر وتأمين الملاحة فيه لضمان سلاسة النقل البحري عبر هذه المنطقة المهمة جداً.

* برأيكم، كيف ترون دور منتدى الدول المطلة على البحر الأحمر وأهميته في مثل هذه الأزمات؟

- جمهورية جيبوتي من أوائل الدول التي صادقت على إنشاء مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن الذي يضم إلى جانب جيبوتي كلاً من السعودية ومصر والصومال واليمن والسودان والأردن وإريتريا، إدراكاً منا لأهميته الكبيرة ولحاجة دول هذه المنطقة إلى كيان يجمعها ويضطلع بدور مهم في التنسيق والتعاون بينها في مختلف المجالات.

وقد اقترحنا في وقت مبكر أن يكون مقر هذا المجلس في المملكة العربية السعودية الشقيقة لكونها صاحبة السبق في مبادراتها بفكرة نظام أمن البحر الأحمر منذ عام 1956. وبالنظر إلى أن الساحل السعودي الذي يطل على البحر الأحمر هو الأطول من بين الدول الأخرى المشاطئة للبحر الأحمر، ومن هنا فهو أكثر عرضة لمخاطر ما يجري على طول هذا البحر، إضافة إلى أن هذا المجلس الوليد كان مقترحا سعودياً رحبت به الدول الأعضاء.

الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة خلال حضوره الدورة الاستثنائية 42 لمنظمة (إيغاد) في أوغندا يناير الماضي (رويترز)

وأعتقد أن أهمية هذا المجلس تزداد في مثل الأزمات الراهنة، مما يجعل تعاون الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن ضرورة ملحة لتأمين هذه المنطقة المهمة، ومن هنا ندعو إلى تفعيل هذا المجلس وإطلاقه ليواكب المستجدات في المنطقة. وبالنظر إلى ما لاحظناه خلال مشاورات تأسيس المجلس من تحمس واستعداد لدى الدول الأعضاء فإن الفرص المتاحة أمام هذا المجلس ليؤدي المهمات المنوطة به كثيرة، ويعلم الجميع أن المنطقة محاطة بتحديات كثيرة من بينها التطرف والإرهاب والهجرات غير الشرعية، ويمكن التغلب عليها بالتكاتف العالمي والإقليمي.

* كان هنالك طلب أميركي لنصب منصة صواريخ لاستهداف الحوثيين، وتم رفضه من قبل جيبوتي، كيف تتعاملون مع تداعيات أزمة غزة والهجمات في البحر الأحمر؟

- موقفنا واضح وهو رفض استهداف أي طرف انطلاقاً من أراضينا، وذلك أمر سيادي نتمسك به، ولكننا في الوقت نفسه ندعو إلى التعاون والتكاتف من أجل حل الأزمات في المنطقة.

* كيف ترون دور جيبوتي والمملكة العربية السعودية في تحقيق الاستقرار وتخفيف التوتر في هذه المنطقة الحيوية؟ وهل هناك مبادرات مشتركة للتعاون في مجالات مثل الأمن والتجارة والطاقة؟

- كما أكدنا في أكثر من مناسبة، فإن جمهورية جيبوتي دولة محورية في حماية أمن البحر الأحمر بحكم موقعها الاستراتيجي على مضيق باب المندب، وتتمتع بعلاقات متوازنة مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة وبسمعة طيبة في الاستقرار ورعاية السلام في منطقة مضطربة، والمملكة العربية السعودية هي دولة شقيقة ومحورية بحكم مكانتها الدينية بالإضافة إلى ثقلها السياسي والاقتصادي، ولدى البلدين الشقيقين تعاون مشترك في مجالات كثيرة منها الأمن والتجارة والطاقة، ولا شك أن لهذا التعاون الثنائي دوراً مهماً في تحقيق الاستقرار في هذه المنطقة الحيوية.

الصومال - إثيوبيا

* كيف تنظر جيبوتي للاتفاقية الأخيرة التي أُعلنت بين إثيوبيا وأرض الصومال وتداعياتها على منطقة القرن الأفريقي؟

- الصومال وإثيوبيا عضوان في الهيئة الحكومية للتنمية الإيغاد وكذلك في الاتحاد الأفريقي، ومعلوم أن مواثيق كلتا المنظمتين تنص على ضرورة احترام سيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها، وتؤكد جيبوتي بصفتها رئيسة الدورة الحالية لمنظمة الإيغاد على تمسكها باستقلال وسيادة الدول الأعضاء ووحدة أراضيها، ونشعر بقلق شديد تجاه تصاعد الأزمة بين الجارتين الصومال وإثيوبيا وندعوهما إلى إنهاء الخلاف بالحوار. ونعتقد أن منطقتنا لا تستطيع تحمل مزيد من الأزمات ولذلك لا بد من التركيز على التكامل الاقتصادي والتنمية وهذا لا يتحقق إلا من خلال الحوار والتنسيق بين الدول المعنية.

الملف السوداني

* تبذل جيبوتي باعتبارها عضوا في الإيغاد جهوداً كبيرة لوقف الصراع في السودان فأين وصلت جهودكم في هذا الشأن؟

- جمهورية السودان الشقيقة هي عضو مؤسس لمنظمة الإيغاد وهي دولة محورية في المنظمة وبالتالي استقرارها مهم بالنسبة للمنطقة وللعالم. من هذا المنطلق سارعنا منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل (نيسان) 2023 إلى تبني مبادرة تدعو إلى وقف القتال فوراً وجمع طرفي النزاع على طاولة المفاوضات. وجمهورية جيبوتي ترأس الآن الدورة الحالية للمنظمة، ونبذل جهوداً مكثفة ومستمرة بالتنسيق مع الدول الأعضاء الأخرى والمجتمع الدولي من أجل إيجاد حل للصراع المستمر في هذا البلد الشقيق.

وقد استقبلنا في جيبوتي ممثلين عن أطراف الأزمة في السودان من أجل الاستماع إلى وجهات نظرهم ورؤيتهم للحل، والكل أكد رغبته في إنهاء الحرب فوراً نظراً لتداعياتها الخطيرة على البلد وعلى مقدرات الشعب السوداني، وسنستمر في مساعينا لوقف الحرب ونحن متفائلون بأن تفضي هذه المساعي إلى وقف دائم وغير مشروط لإطلاق النار والتوصل إلى حلول تخرج الشعب السوداني الشقيق من أزمته العصيبة. السودان بلد مهم بثقله العربي والأفريقي ولا شك في أن أزمته الحالية تؤثر بشكل سلبي على استقرار منطقة القرن الأفريقي والدول المجاورة، ولهذا فإننا نشدد على ضرورة إنهاء الحرب وتجنيب هذا البلد الشقيق خطر الانزلاق نحو حرب أهلية ونأمل أن يتجاوب الجميع مع المناشدات الدولية لإنهاء هذه الحرب.

رئيس «مجلس السيادة الانتقالي» السوداني يلتقي سكرتير «إيغاد» في جيبوتي نهاية العام 2023 (إعلام مجلس السيادة)

* ما أهم الملفات على طاولة القمة الأفريقية التي ستعقد في 17 فبراير الحالي وما توقعاتكم لنتائجها؟

- القمة الأفريقية المقبلة تنعقد في ظل أوضاع صعبة في بعض الدول الأفريقية ودول القرن الأفريقي خاصة، ومن المتوقع أن تتصدر أجندة القمة أبرز الملفات الشائكة والأزمات الراهنة وكذلك مختلف التطورات الجيوسياسية المؤثرة.

القواعد العسكرية في جيبوتي

* تنتهج جيبوتي سياسة الحياد في منطقة القرن الأفريقي ومع ذلك توجد بها عدة قواعد عسكرية لعدد من الدول العظمى فما أهمية هذه القواعد بالنسبة لجيبوتي؟

- تنتهج جمهورية جيبوتي سياسة الحياد في منطقة القرن الأفريقي وفي العالم، وتتمتع بعلاقات متوازنة مع جميع الدول الشقيقة والصديقة، وتلك سياسة قامت عليها مبادئ الجمهورية منذ فجر الاستقلال عام 1977. وفيما يخص استضافة القواعد العسكرية الدولية على الأراضي الجيبوتية فذلك يندرج ضمن النهج المتوازن في التعامل مع مختلف الدول في إطار يراعي السيادة الوطنية. وقد أكدنا في أكثر من مناسبة أن هذه القواعد العسكرية تأتي في إطار التعاون والتنسيق لمكافحة الإرهاب والتطرف والقرصنة البحرية وتأمين الملاحة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وبموجب اتفاقات ثنائية بين كل من جمهورية جيبوتي والدولة التي تتبع لها القاعدة.

ومعلوم أن هذه المنطقة مهددة بمخاطر عدة من بينها الإرهاب والتطرف والقرصنة، إضافة إلى تأثيرها وتأثرها بعدد من الصراعات في المنطقة؛ ومن هنا يتجلى الدور المهم لهذه القواعد العسكرية في حماية أمن منطقة البحر الأحمر، وهي منطقة استراتيجية حيوية تربط بين قارات العالم وتمر بها نسبة كبيرة من التجارة الدولية، وهذا يحتم التعاون الدولي في تأمينها.

* لكن كيف تتعاملون مع مخاوف دول الجوار فيما يتعلق بوجود هذه القواعد؟

- لم نتلق أي مخاوف من دول الجوار بهذا الشأن، هل توجد فعلاً مخاوف؟!

* كيف تستطيع جيبوتي التوفيق في الجمع بين متضادين على أراضيها، الولايات المتحدة والصين بقواعد عسكرية وعلى مسافة قريبة من بعضهما؟

- كما قلت نتمتع بعلاقات متوازنة مع مختلف القوى الكبرى، ولنا أن نتعاون أو نجري اتفاقات مع أي منها في إطار السيادة والمصلحة الوطنية. هذا النهج دليل على أنه بالإمكان أن نتعايش معاً إذا كانت هناك رغبة لذلك. والقواعد العسكرية الدولية في جيبوتي موجهة في المقام الأول نحو التعاون في الحفاظ على أمن منطقة البحر الأحمر وخليج عدن وقارة أفريقيا بشكل عام. وكثير من الدول التي تمتلك قواعد عسكرية في جيبوتي تؤكد اهتمامها بحماية مصالحها التجارية والاستثمارية. وعليه فإن القاعدتين الأميركية والصينية تندرجان ضمن الأهداف المشتركة الرامية إلى تأمين الملاحة الدولية في المنطقة ومكافحة الإرهاب والتطرف وغير ذلك من الأمور التي تزعزع الاستقرار الدولي.

* ما هو موقف بلادكم من تأمين مشروع طريق الحرير المعلن من قبل الصين وعدد من دول المنطقة؟

- مشروع «الحزام والطريق» الصيني تجاري بطبعه، وموقع جمهورية جيبوتي الاستراتيجي يجعلها في قلب هذا المشروع العملاق. ونثمن الاستثمارات الصينية في بلادنا، ومن بينها القطار السريع الرابط بين العاصمة جيبوتي وأديس أبابا، وكذلك إسهام بكين في المنطقة التجارية الدولية الحرة في جيبوتي، وهي أكبر منطقة تجارية حرة في قارة أفريقيا. ونرى أن الصين لديها القدرة على تسريع النمو الاقتصادي من خلال مبادرتها الاستثمارية العملاقة في الدول التي يمر بها طريق الحرير.


مقالات ذات صلة

ما التداعيات الفلسطينية لاعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»؟

شمال افريقيا علم «أرض الصومال»

ما التداعيات الفلسطينية لاعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال»؟

حرّك الاعتراف الإسرائيلي بالإقليم الانفصالي «أرض الصومال»، تحذيرات من رام الله و«حماس» ومقديشو.

محمد محمود (القاهرة )
شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي (أرشيفية - د.ب.أ)

مصر: اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» يزعزع استقرار القرن الأفريقي

أكد وزير الخارجية المصري، اليوم (السبت)، على دعم مصر الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية ومؤسساته الشرعية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
تحليل إخباري نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)

تحليل إخباري ما تأثيرات اعتراف نتنياهو بـ«أرض الصومال» على الصراع بين إسرائيل والحوثيين؟

أرض الصومال هو إقليم أعلن استقلاله من جانب واحد 1991، ولم تعترف به أي دولة، وتعارض الحكومة الصومالية مطلب استقلال «أرض الصومال» عنها.

محمد محمود (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

مصر ترفض اعتراف إسرائيل بـ«إقليم أرض الصومال»

رفضت مصر إعلان الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بـ«إقليم أرض الصومال» دولة مستقلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أفريقيا تُعرض الصفحات الأولى من الصحف التي تُغطي الغارات الجوية الأميركية على مقاتلي «تنظيم الدولة الإسلامية» في نيجيريا وفقاً لتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترمب والجيش الأميركي في كشك لبيع الصحف في لاغوس بنيجيريا بتاريخ 26 ديسمبر (كانون الأول) 2025 (رويترز)

ما هو تنظيم «داعش» الذي استهدفته ضربة أميركية في نيجيريا؟

سلّطت الضربة التي وجّهتها الولايات المتحدة لمسلحي «داعش» في نيجيريا الضوء على التنظيم، وسط مخاوف من عودته من جديد بعد هزيمته على يد تحالف بقيادة واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
TT

اعتداءات «متزامنة» من إسرائيل وسكان محليين على «اليونيفيل» في جنوب لبنان

آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)
آليات لقوات «اليونيفيل» خلال دورية على طريق الناقورة بجنوب لبنان (أ.ف.ب)

تعرّضت قوات حفظ السلام الأممية، العاملة في جنوب لبنان، (اليونيفيل)، لاعتداءين منفصلين خلال 24 ساعة، أحدهما من إسرائيل، والآخر من سكان لبنانيين محليين، في حين نفّذ الجيش اللبناني تفتيشاً لثلاثة منازل في منطقة جنوب الليطاني، بناءً على طلب لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار «الميكانيزم»، وتبيّن أنها خالية من الأسلحة.

وقالت وسائل إعلام محلية إن توتراً شهدته بلدة الأحمدية في البقاع الغربي (جنوب شرقي لبنان)، أثناء قيام دورية تابعة لـ«اليونيفيل» بجولة ميدانية مؤلّلة داخل أحياء البلدة، من دون تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني أو مع أهالي المنطقة.

جنود نيباليون تابعون لقوات «اليونيفيل» المرابطة على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية في صورة تعود إلى 8 ديسمبر الحالي في مقرهم بقرية ميس الجبل بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

وحين دخلت الدورية اعترض السكان الدورية وطلبوا من عناصرها التوقف عن متابعة جولتهم حتى حضور الجيش اللبناني. وخلال الاحتكاك، أقدم عناصر من «اليونيفيل» على رمي قنابل دخانية باتجاه السكان. وعلى الفور حضرت وحدات من الجيش اللبناني إلى المكان؛ حيث عملت على تطويق الإشكال وتهدئة الوضع.

إطلاق نار إسرائيلي

وكان هذا التوتر الحادثة الثانية التي تتعرض لها قوات «اليونيفيل» في الجنوب خلال 24 ساعة، بعدما أُصيب أحد عناصرها بجروح طفيفة جراء إطلاق نار إسرائيلي. وقالت البعثة الدولية، في بيان، إن «نيران رشاشات ثقيلة أُطلقت صباح الجمعة من مواقع الجيش الإسرائيلي جنوب الخط الأزرق، بالقرب من دورية تابعة لقوات (اليونيفيل) كانت تتفقد عائقاً على الطريق في قرية بسطرة». وجاء إطلاق النار عقب انفجار قنبلة يدوية في مكان قريب.

وأوضح البيان أنه «بينما لم تلحق أي أضرار بممتلكات (اليونيفيل)، تسبب صوت إطلاق النار والانفجار في إصابة أحد جنود حفظ السلام بإصابة طفيفة بارتجاج في الأذن».

وفي حادثة منفصلة يوم الجمعة في بلدة كفرشوبا، أبلغت دورية حفظ سلام أخرى، كانت تقوم بمهمة عملياتية روتينية، عن إطلاق نار من الجانب الإسرائيلي على مقربة من موقعها.

وأكد البيان أن «(اليونيفيل) كانت قد أبلغت الجيش الإسرائيلي مسبقاً بالأنشطة في تلك المناطق، وفقاً للإجراءات المعتادة للدوريات في المناطق الحساسة قرب الخط الأزرق».

وجاء ذلك بالتزامن مع عملية تمشيط قامت بها القوات الإسرائيلية انطلاقاً من موقع «روبية السماقة» باتجاه الأطراف الجنوبية لبلدة كفرشوبا.

ووفق بيان «اليونيفيل»، «تُعدّ الهجمات على جنود حفظ السلام أو بالقرب منهم انتهاكات خطيرة لقرار مجلس الأمن الدولي (1701)». وجددت البعثة دعوة الجيش الإسرائيلي «بالكف عن السلوك العدواني والهجمات على جنود حفظ السلام العاملين من أجل السلام والاستقرار على طول الخط الأزرق أو بالقرب منهم».

تفتيش المنازل

وغالباً ما تقوم «اليونيفيل» بمهام مشتركة مع الجيش اللبناني في منطقة عملياتها، خصوصاً حين تكون في مواقع مأهولة بالسكان. ورافقت دوريات من «اليونيفيل»، الجيش اللبناني السبت، في مهام تفتيش لثلاثة منازل في منطقة جنوب الليطاني بجنوب لبنان، بناءً على طلب لجنة «الميكانيزم».

وطلبت «الميكانيزم»، من الجيش اللبناني بالتعاون مع «اليونيفيل»، الكشف عن أحد المنازل في بلدة بيت ياحون قضاء بنت جبيل، بعد موافقة صاحبه.

عناصر من الجيش اللبناني بالقرب من الحدود مع إسرائيل في 28 نوفمبر 2025 (رويترز)

وأوضح صاحب المنزل، علي كمال بزي، أنّه «تلقى اتصالاً من مخابرات الجيش بعد منتصف ليل الجمعة-السبت يسأله عن عودته من فنزويلا، فأكد أنّه موجود في لبنان، ويقطن في حارة حريك بالضاحية الجنوبية، فطلب منه إرسال مفتاح المنزل لتفتيشه بناءً على طلب (الميكانيزم)، مشيراً إلى أنّ المنزل خالٍ وغير مسكون، وهو ما تم بالفعل».

وتزامن ذلك مع مهمتين إضافيتين؛ حيث كشف الجيش أيضاً عن منزلين آخرين، «أحدهما في بلدة كونين، والثاني في قرية بيت ليف»، حسبما أفادت وكالة «الأنباء المركزية»، التي أشارت إلى أن «جميع المنازل تبين أنها خالية من أي عتاد عسكري».

وفي بيانٍ أصدرته بلدية بيت ياحون، أكدت أنّ الجيش تواصل معها بشأن الموضوع، وأنها «لبّت النداء للكشف عن هذا المنزل»، مشددةً على «التأكيد أمام الرأي العام أنّ هذا البيت خالٍ من الأسلحة».

وفي الإطار نفسه، انتشر مقطع مصوّر لرئيس بلدية بيت ياحون مصطفى مكي، أوضح فيه أنّ طلب التفتيش ورد إلى الجيش اللبناني عبر لجنة «الميكانيزم»، وأن الإجراء أُنجز وفق الأصول الرسمية، وبحضور الجهات المحلية المختصة، لافتاً إلى أن البلدية تتابع هذه الخطوات «حرصاً على الشفافية، ومنع أي التباس لدى الأهالي».


مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)
TT

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: «حماس» تتجه لانتخاب رئيس مكتبها السياسي العام

صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية لزعيم «حماس» في غزة يحيى السنوار وإسماعيل هنية إلى جواره تعود إلى عام 2017 (رويترز)

تتجَّه حركة «حماس»، خلال الأيام المقبلة، إلى انتخاب رئيس عام لمكتبها السياسي؛ بهدف سد المركز الشاغر منذ مقتل رئيس المكتب السابق يحيى السنوار بشكل مفاجئ، خلال اشتباكات خاضها إلى جانب مقاتليه في مدينة رفح بشهر أكتوبر (تشرين الأول) 2024، بعدما كان قد اختير خلفاً لإسماعيل هنية الذي اغتيل نهاية يوليو (تموز) من العام نفسه، في العاصمة الإيرانية طهران.

وكشفت مصادر من «حماس» لـ«الشرق الأوسط»، عن أن العملية الانتخابية لرئيس المكتب السياسي العام ستُجرى الأسبوع المقبل، أو في الأيام الـ10 الأولى من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل، مرجحةً أن يتم انتخاب نائب له إما خلال الفترة نفسها أو لاحقاً بعد إجراء بعض الترتيبات الداخلية، بما يمكن أيضاً اختياره، وليس انتخابه، كما ستكون الحال بالنسبة لرئيس «حماس».

من اليمين روحي مشتهى وصالح العاروري وإسماعيل هنية وخالد مشعل وخليل الحية (أرشيفية - إعلام تابع لحماس)

وقالت المصادر إن هناك أكثر من مرشح لقيادة حركة «حماس»، من بينهم خالد مشعل، وكذلك خليل الحية، وشخصيات أخرى، مبينةً أن عملية الانتخاب ستتم ضمن قوانين الحركة الداخلية والمتبعة منذ سنوات، وأن هناك أجواء أخوية تسود استعداداً لهذه الانتخابات.

وأشارت المصادر إلى أن انتخاب رئيس للمكتب السياسي العام هدفه تحقيق مزيد من الاستقرار والطمأنينة داخل الحركة، وحتى لنقل رسالة واضحة للعالم الخارجي بأن الحركة ما زالت متماسكة، ولديها الكادر القيادي الذي يستطيع أن يكون مسؤولاً عن كل شيء، ولديه القدرة على اتخاذ قرارات ضمن إجماع كامل داخل المكتب السياسي، كما هي الحال قبل الاغتيالات التي جرت خلال الحرب.

وبيَّنت المصادر، أن انتخاب رئيس للمكتب السياسي، لن ينهي دور المجلس القيادي الحالي الذي تمَّ تشكيله لقيادة الحركة بعد الاغتيالات التي طالت هنية والسنوار، مبينةً أنه سيتم اعتباره مجلساً استشارياً يتابع كل قضايا «حماس» داخلياً وخارجياً، ويتم التشاور فيما بينه بشأن مصير تلك القضايا، وذلك حتى انتهاء ولايته في عام 2026.

وأشارت المصادر إلى أنه «لن تقام انتخابات كاملة للمكتب السياسي حالياً، ويتوقع أن هذه الانتخابات ستحصل بعد عام».

فلسطينيون يتظاهرون في الخليل بالضفة الغربية يوليو 2024 تندّيداً باغتيال زعيم «حماس» إسماعيل هنية (أ.ف.ب)

ولن تشمل الانتخابات، أي أطر أخرى، وستكون فقط لرئيس المكتب السياسي العام حالياً. كما توضِّح المصادر.

وبشأن رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة، بعد اغتيال السنوار، وعدم تعيين خليفة له، قالت المصادر، إن خليل الحية حالياً هو رئيس المكتب في القطاع، وفي حال أصبح رئيساً للمكتب السياسي العام، فسيتم تكليف شخص آخر وفق آليات معينة ليكون بديلاً له، وقد يكون من داخل القطاع نفسه، لافتةً إلى أن حالياً يوجد أعضاء مكتب سياسي بغزة تم تكليفهم لإدارة ملفات عدة.

وقالت المصادر، إن أعضاء المكتب السياسي الذين اغتالتهم إسرائيل داخل قطاع غزة، تم بشكل مؤقت تكليف آخرين للقيام بمهامهم التي كانت موكلة إليهم، ومن بين ذلك أسرى محررون كانوا مقربين جداً من السنوار.

وعانت «حماس» من سلسلة اغتيالات طالت قياداتها خلال الحرب التي استمرَّت عامين، ومن بينهم قيادات داخل وخارج قطاع غزة، ومن أبرزهم في الخارج، هنية، ونائبه السابق صالح العاروري الذي اغتيل في لبنان، خلال شهر يناير 2024.

ويشهد قطاع غزة، سلسلةً من الترتيبات الإدارية التنظيمية على المستويين القياديَّين الأول والثاني، وحتى على مستويات سياسية وأمنية واجتماعية وعسكرية مختلفة؛ بهدف سد الشواغر التي خلفتها عمليات الاغتيال الإسرائيلية.


حمص تشيّع ضحايا «مسجد وادي الذهب»... و«أنصار السنة» تتوعد بتفجيرات أخرى

تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)
تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)
TT

حمص تشيّع ضحايا «مسجد وادي الذهب»... و«أنصار السنة» تتوعد بتفجيرات أخرى

تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)
تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)

شُيّع بمدينة حمص السورية، السبت، جثامين ضحايا التفجير الذي وقع داخل مسجد بحي ذي غالبية علوية، بمشاركة شعبية ورسمية، وسط إجراءات أمنية مشددة وحالة من الحزن سادت أوساط الأهالي، في حين جددت مجموعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة، وهي جماعةٌ تابعة لتنظيم «داعش»، تبنّيها التفجير، وتوعدت بالقيام بتفجيرات مماثلة.

تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)

وانطلقت مراسم التشييع من أمام مسجد الإمام علي بن أبي طالب بحي وادي الذهب بمدينة حمص، والذي وقع التفجير في داخله أثناء صلاة الجمعة. وأظهرت مقاطع فيديو بثتها وسائل إعلام محلية مشاركة حشود شعبية، بدا عليها الحزن، ومسؤولين حكوميين في المراسم.

وشارك في مراسم التشييع عدد من المسؤولين السوريين، منهم نائب محافظ حمص حمزة قبلان، ومدير مديرية الشؤون السياسية عبيدة الأرنؤوط، وطاقم المديرية، ومدير العلاقات السياسية جمعان العميّر، وقائد عمليات حمص حسن محمد الفريج، وقائد شرطة حمص بلال الأسود.

وأظهرت مقاطع الفيديو التي بثتها وسائل الإعلام المحلية انتشاراً أمنياً كثيفاً لعناصر قوى الأمن الداخلي في محيط المسجد لتأمين عملية التشييع، وذلك بالترافق مع اتخاذ إجراءات أمنية مشددة في الحي والمدينة، بحسب ما أفادت مصادر محلية «الشرق الأوسط».

تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)

وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا): «شيعت محافظة حمص ضحايا التفجير الإرهابي الذي استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب بحمص، حيث وُوري خمسة من الضحايا الثرى في (مقبرة الفردوس) بمدينة حمص، فيما نُقلت جثامين الضحايا الآخرين إلى مساقط رأسهم في مناطق أخرى».

واعتبرت أن «مراسم التشييع التي شارك فيها المئات من أهالي حمص، وممثلون رسميون وشعبيون، جسّدت تصميمهم على الوقوف صفاً واحداً في مواجهة محاولات الفوضى والإرهاب، مؤكدين في الوقت نفسه دعمهم الكامل للأجهزة الأمنية في جهودها لحماية المدنيين والحفاظ على أمن واستقرار المدينة».

تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)

وأكد إمام وخطيب مسجد علي بن أبي طالب، الشيخ محي الدين سلوم، في كلمة ألقاها خلال مراسم التشييع، أن التفجير يشكّل محاولة يائسة من أعداء سوريا للنيل من وحدة الشعب السوري وزعزعة استقراره، مشدداً على أن مثل هذه الأعمال لن تُضعف إيمان السوريين بقوة السلم الأهلي، وأن الوحدة الوطنية تبقى السلاح الأهم في مواجهة هذه الهجمات.

بدوره، أعرب المحامي منير عودة، أحد سكان حي وادي الذهب، عن إدانته الشديدة للعمل الإرهابي، لافتاً إلى أن التفجير يهدف إلى بثّ الفتنة بين أبناء المدينة المعروفة بتنوعها الديني والاجتماعي، ومؤكداً أن هذا الاعتداء يعبّر عن محاولات متواصلة من جهات معادية لسوريا لتقويض أي جهود تهدف إلى إعادة بناء الدولة السورية.

تشييع ضحايا تفجير المسجد في حمص (سانا)

في حين أكد عدد من سكان حي وادي الذهب، من بينهم نور الدين عمار وعلي ياسين نيصافي، استنكارهم الشديد للعمل الإرهابي، معتبرين أن استهداف دور العبادة يُعد جريمة تتنافى مع القيم الدينية والإنسانية كافة.

الناشط المدني في مجال السلم الأهلي، علاء إبراهيم، وهو من سكان مدينة حمص، رافق خروج جثامين الضحايا من المسجد، وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن هتاف «لا إله إلا الله والشهيد حبيب الله» صدحت به أصوات أغلبية المشاركين منذ بدء مراسم التشييع.

وقد توجّه موكب التشييع بعد ذلك باتجاه «شارع الأهرام» الرئيسي، مروراً بحي كرم اللوز، ومن ثم إلى أوتوستراد حي باب الدريب، وصولاً إلى «شارع الستين»، ومن هناك تابع باتجاه «مقبرة الفردوس» التي تعد المدفن الرسمي للطائفة العلوية في مدينة حمص حيث تمت مراسم دفن خمسة جثامين.

ووفق إبراهيم، فإن «الأمور سارت على ما يرام، وفق ما علمه عبر اتصالات هاتفية مع عدد من المشاركين في التشييع».

وقُتل الجمعة ثمانية أشخاص على الأقل وأصيب 18 آخرون بجروح، في أثناء صلاة الجمعة، جراء انفجار داخل مسجد الإمام علي بن أبي طالب في حي وادي الذهب بمدينة حمص ذي الأغلبية العلوية، وقد تبنّته مجموعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة.

تهديد جديد

وأوردت المجموعة على تطبيق «تلغرام» أنه «فجّر مجاهدو (سرايا أنصار السنة)، بالتعاون مع مجاهدين من جماعة أخرى، عدداً من العبوات داخل (معبد) علي بن أبي طالب التابع للنصيرية».

وأوضحت المجموعة التي تأسست بُعيد إطاحة حكم بشار الأسد أواخر عام 2024، أن «هجماتنا سوف تستمر في تزايد، وتطال جميع الكفار والمرتدين».

وبالتزامن مع مراسم التشييع، أصدرت «سرايا أنصار السنة» السبت بياناً آخر نشرته في قناتها على منصة «تلغرام»، جددت فيه تبنّيها التفجير، وتوعدت بالقيام بتفجيرات مماثلة.

وتعهّد وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، يوم الجمعة، بأن تصل يد العدالة إلى الجهة التي تقف وراء تفجير حمص «أياً كانت»، مؤكداً أن التفجير يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في سوريا. ووصف الوزير استهداف دور العبادة بأنه «عمل دنيء وجبان».

ويعد هذا التفجير الثاني من نوعه داخل مكان عبادة منذ وصول السلطة الانتقالية إلى الحكم قبل عام، بعد تفجير انتحاري داخل كنيسة في دمشق في يونيو (حزيران) أسفر عن مقتل 25 شخصاً، تبنّته في حينه كذلك مجموعة «سرايا أنصار السنة» المتطرفة.

ونددت عواصم عدة بالتفجير، بينها الرياض وبيروت وعمّان. ويفاقم الاعتداء مخاوف الأقليات في سوريا، بعد أعمال عنف متفرقة طالتها خلال الأشهر الماضية.

وتضمّ مدينة حمص، ذات الغالبية السنية، والتي شهدت معارك شرسة خلال الأعوام الأولى للنزاع السوري الذي اندلع في 2011، أحياء ذات غالبية علوية.