الكفرة الليبية تشتكي تصاعد نزوح السودانيين... وقلة الإمكانات

المدينة تستقبل قرابة 500 شخص يومياً... ومخاوف من «تغير ديموغرافي»

استمرار تدفق مئات النازحين السودانيين للكفرة (المتحدث باسم بلدية الكفرة)
استمرار تدفق مئات النازحين السودانيين للكفرة (المتحدث باسم بلدية الكفرة)
TT

الكفرة الليبية تشتكي تصاعد نزوح السودانيين... وقلة الإمكانات

استمرار تدفق مئات النازحين السودانيين للكفرة (المتحدث باسم بلدية الكفرة)
استمرار تدفق مئات النازحين السودانيين للكفرة (المتحدث باسم بلدية الكفرة)

تتصاعد وتيرة التحذيرات التي تطلقها السلطات المحلية لبلدية الكفرة الليبية، (جنوبي شرق)، جراء استمرار تدفق مئات النازحين السودانيين إليها يومياً منذ اندلاع الصراع ببلادهم، وعدم قدرتها على استيعابهم؛ بسبب إمكاناتها المحدودة.

وتطرّق رئيس بلدية الكفرة، عبد الرحمن عقوب، إلى أزمة تصاعد أعداد النازحين السودانيين خلال الشهور الأخيرة إلى البلدية، فراراً من الحرب في دولتهم. وحذّر من «انهيار قدرات الكفرة على استيعاب أعداد النازحين»، موضحاً أن «قرابة 300 نازح يدخلون الكفرة يومياً؛ وقد يصل عددهم إلى 500 شخص في بعض الأحيان، فضلاً عن مَن يضلون طريقهم بدروب الصحراء». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض النازحين يضطرون إلى افتراش الطرقات والنوم في العراء، رغم انخفاض درجات الحرارة؛ لذا نواجه أزمة في تلبية متطلباتهم المعيشية».

ووفقاً لتصريحات أخيرة للمفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، فقد تسببت الحرب المستعرة بين قوات الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في نزوح قرابة 8 ملايين شخص.

قرابة 300 نازح يدخلون الكُفرة يومياً (المتحدث باسم بلدية الكُفرة)

وأوضح عقوب أنه على الرغم من أن مساحة الكفرة تزيد على 433 ألف كيلومتر مربع، فإن المأهول منها لا يتجاوز 20 ألف كيلومتر. و«لا تحتوي إلا على قليل جداً من الوحدات السكنية المعروضة للإيجار»، مشدداً على أنه «لم تعد هناك وحدات متاحة للإيجار تقريباً، بل إن استمرار تدفق النازحين تسبب في ارتفاع قيمة الإيجارات... والوحدة التي كانت تؤجر فقط بألف دينار في الشهر ارتفعت قيمتها إلى ألفين». (الدولار يساوي 4.83 دينار في السوق الرسمية).

وأضاف عقوب: «كثير من أهالي الكفرة سمح لهؤلاء السودانيين بالإقامة في مزارعهم أو مخازنهم، أو بالأراضي الخالية والبيوت المهجورة التي تعود لهم دون أي مقابل، ولكن كل هذا لم يعد يجدي حالياً».

وحول تقديره لأعداد هؤلاء الفارين من الحرب السودانية، قال عقوب: «لا يمكن تقديم أي رقم ولو بشكل تقريبي، خصوصاً في ظل تعثر أي عملية إحصاء لهم، بالإضافة إلى أنهم يخافون من ذكر الحقائق بشأن عدد كل أسرة، لاعتقادهم بأن ذلك يرتبط بترحيلهم». مضيفاً أن النازحين «في ازدياد، وربما تقترب أعدادهم أو تفوق سكان المدينة التي تضم 60 ألف نسمة»، متخوفاً من أن «يؤدي ذلك لتغير ديموغرافي، خصوصاً إذا طالت المدة، كما نتخوف من نشوب بعض الاضطرابات جراء اختلاف الولاءات السياسية لهؤلاء النازحين، الذين قدموا من مدن عدة بالسودان».

ومع ذلك، فقد وصف عقوب علاقة سكان الكفرة بالنازحين بأنها «أكثر من جيدة»، منوهاً «بالمساعدات التي يقدمونها لأشقائهم السودانيين... وأحد أبناء الكفرة يواظب على تقديم وجبة إفطار يومياً لأكثر من ألف نازح، وآخرون قدموا آلاف الأغطية والملابس، فضلاً عن تحملهم بلا ضيق ارتفاع أسعار الغذاء قليلاً جراء ازدياد الطلب عليه»، مشيراً إلى أن لجنة الطوارئ المُشكّلة بشأن هؤلاء النازحين «لم تتلقَ أي دعم يذكر من حكومتي ليبيا، رغم كثرة النداءات التي تم توجيهها لهما».

وحول تعاطي المنظمات الدولية المعنية باللاجئين مع بلديته، قال عقوب: «اقترحوا علينا إنشاء مخيمات لهم داخل المدينة، لكننا رفضنا لتخوفنا من تكرار سيناريو إنشاء مخيمات لجوء بحدود دول عربية أخرى، تمت إقامتها منذ عقود دون حل».

النازحون في تزايد وربما تقترب أعدادهم أو تفوق سكان مدينة الكُفرة (المتحدث باسم بلدية الكُفرة)

من جانبه، ندد المتحدث باسم المجلس البلدي في الكفرة، عبد الله سليمان، بعدم وجود أي استجابة من قبل حكومتَي البلاد، والمنظمات الدولية تجاه نداءات بلديته المتكررة، «رغم ما ينذر به الوضع من كارثة إنسانية». وتوقّع أن يتم التوصل خلال الأيام الراهنة لرقم تقريبي لأعداد هؤلاء النازحين، عبر آلية ربط تقديم المساعدات المقدمة من «الجيش الوطني» من «سلع غذائية وأغطية، بالتسجيل الدقيق لكل أسرة وعدد أفرادها»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «التدفق العشوائي عبر الحدود، وعدم وجود معبر أو منفذ رسمي، أعاق بالفعل جهود البلدية عن إحصائها».

وكان الجيش الوطني الليبي، الذي تسيطر قواته على شرق وجنوب البلاد، قد سارع منذ اندلاع المواجهات العسكرية بالسودان إلى إغلاق الحدود السودانية - الليبية، إلا أن بعض المراقبين يرون أن عمق الحدود المشتركة سمح بتدفق واسع لهؤلاء النازحين السودانيين.

بالمقابل، يرى عضو مجلس النواب الليبي عن مدينة الكفرة، جبريل أوحيدة، أن تدفق السودانيين للكفرة أو إلى أي مدينة مجاورة لها «هو جزء من مؤامرة اختلاق أزمة نزوح من السودان إلى ليبيا».


مقالات ذات صلة

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

شمال افريقيا وزير الخارجية التركي مستقبلاً بلقاسم نجل حفتر في أنقرة (صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا)

هل يؤثر تقارب سلطات بنغازي مع أنقرة على حكومة «الوحدة» الليبية؟

خلَّفت زيارة بلقاسم، نجل المشير خليفة حفتر، إلى تركيا، نهاية الأسبوع الماضي، التي التقى خلالها وزير الخارجية، هاكان فيدان، قدراً من التساؤلات.

جاكلين زاهر (القاهرة )
شمال افريقيا صورة نشرتها سلطات جنوب أفريقيا لعدد من الليبيين الذين اعتقلتهم (أ.ب)

تباين بين «الوحدة» و«الاستقرار» حول الليبيين المعتقلين في جنوب أفريقيا

أكدت حكومة الوحدة، في بيان مساء الجمعة، أنه «لا صلة لها بإجراءات إرسال 95 شخصاً من حملة الجنسية الليبية»

خالد محمود (القاهرة )
المشرق العربي 
من مخلفات اشتباكات عنيفة بين ميليشيات مسلحة وسط طرابلس (أ.ف.ب)

ليبيا: انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن

هزّت انفجارات ضخمة مدينة زليتن الساحلية، الواقعة غرب ليبيا، إثر انفجار مخزن للذخيرة، تملكه ميليشيا «كتيبة العيان»، وسط تضارب الروايات حول أسباب الحادث، الذي.

شمال افريقيا عملية ترحيل مهاجرين أفارقة من ليبيا إلى النيجر (جهاز مكافحة الهجرة غير النظامية)

ما حقيقة طرد ليبيا مئات المهاجرين النيجريين إلى الصحراء؟

اشتكى مصدر ليبي مسؤول من أن «منطقة أغاديز بوسط النيجر أصبحت نقطة انطلاق ومحطة عبور لتهريب المهاجرين الراغبين في الوصول إلى الشواطئ الأوروبية عبر بلده».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا انفجارات زليتن أعادت مطالبة الليبيين بإخلاء المناطق السكنية من التشكيلات المسلحة (أ.ف.ب)

انفجارات ضخمة تهز مدينة زليتن الساحلية الليبية

هزّت انفجارات ضخمة متتالية مدينة زليتن الساحلية بغرب ليبيا إثر انفجار مخزن للذخيرة تمتلكه ميليشيا «كتيبة العيان» بمنطقة كادوش، وسط تضارب الروايات.

جمال جوهر (القاهرة)

تركيا: تحييد 4 «إرهابيين» مطلوبين جنوب شرقي البلاد

عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)
TT

تركيا: تحييد 4 «إرهابيين» مطلوبين جنوب شرقي البلاد

عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)
عناصر من قوات الجيش التركي (أ.ف.ب)

أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي قايا، السبت، تحييد 4 «إرهابيين» مطلوبين في عملية ضد تنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) «الإرهابي» في ريف ولاية سيرت، جنوب شرقي البلاد، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الألمانية.

وذكر يرلي قايا في بيان أن «الإرهابيين الأربعة شاركوا في 9 عمليات إرهابية» استشهد فيها 6 حراس أمن و5 مواطنين مدنيين، وأصيب 6 حراس أمن، و11 مواطناً مدنياً بجروح، حسب وكالة «الأناضول» التركية للأنباء.

وتستخدم تركيا كلمة تحييد للإشارة إلى المسلحين، الذين يتم قتلهم أو أسرهم أو إصابتهم من جانب القوات التركية.

ويشن الجيش التركي أيضاً عمليات عسكرية في شمال سوريا والعراق ضد حزب العمال الكردستاني «بي كيه كيه». ووفقاً لبيانات تركية، فقد تسبب «بي كيه كيه» في مقتل حوالي 40 ألف شخص (مدنيون وعسكريون) خلال أنشطته الانفصالية المستمرة منذ ثمانينات القرن الماضي.

وقالت وزارة الدفاع التركية في بيان: «بموجب حقنا في الدفاع عن النفس (...)، تم تنفيذ عمليات جوية ضد أهداف إرهابية في شمال العراق في مناطق كارا وقنديل وأسوس». وأوضح الجيش التركي، الذي ينفذ غارات في المنطقة بانتظام، أنه ضرب 25 هدفاً، «من بينها كهوف ومخابئ وملاجئ ومستودعات ومنشآت» لحزب العمال الكردستاني، الذي يشن حرب عصابات ضد السلطات التركية منذ عام 1984، وتصنفه أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة «إرهابية».

ووصف مصدر أمني في شمال العراق هذه الضربات بأنها «مكثفة». ووفق كمران عثمان، عضو منظمة فرق صناع السلام المجتمعية ومقرها في كردستان العراق، فقد استمرت الغارات نحو 45 دقيقة، ولم يتم تسجيل أي إصابات بين المدنيين، حسب المصدر الذي تحدث عن أضرار في الأراضي الزراعية.