ما فرص ترسيم الحدود البحرية بين مصر وتركيا في «المتوسط»؟

بموازاة معلومات عن زيارة مرتقبة لإردوغان إلى القاهرة

تعمل مصر على توسيع التنقيب في «المتوسط» (وزارة البترول المصرية)
تعمل مصر على توسيع التنقيب في «المتوسط» (وزارة البترول المصرية)
TT

ما فرص ترسيم الحدود البحرية بين مصر وتركيا في «المتوسط»؟

تعمل مصر على توسيع التنقيب في «المتوسط» (وزارة البترول المصرية)
تعمل مصر على توسيع التنقيب في «المتوسط» (وزارة البترول المصرية)

بموازاة معلومات عن زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى مصر الشهر الحالي، تثور تساؤلات عن فرص نجاح البلدين في ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط، وهي إحدى القضايا التي لم تُحسم بعد بين القاهرة وأنقرة، رغم التقارب الحالي، والذي جاء بعد سنوات من القطيعة.

ونشرت وكالة «بلومبرغ» تقريراً ذكر، أن إردوغان يعتزم زيارة القاهرة يوم 14 فبراير (شباط) الحالي، كأول زيارة له إلى مصر منذ ما يزيد على 10 سنوات، بعد تسارع وتيرة تطبيع العلاقات خلال العام الماضي، ولقاء السيسي وإردوغان في سبتمبر (أيلول) الماضي على هامش اجتماعات قمة العشرين في نيودلهي.

وعملت مصر خلال العقد الماضي على توسيع شراكتها في منطقة شرق المتوسط من خلال تعزيز العلاقات الثنائية مع دول المنطقة، وفي مقدمتها قبرص واليونان عبر تكرار انعقاد اللقاءات بين قادة الدول الثلاثة وتدشين منتدى غاز شرق المتوسط الذي أعلن عام 2019 بانضمام 7 دول هي مصر، اليونان، قبرص، إيطاليا، اليونان، الأردن، فلسطين وإسرائيل.

وكانت مصر وقّعت في أغسطس (أب) 2020 اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية مع اليونان، تضمّن تعيين المنطقة الاقتصادية الخالية بين البلدين، بعد مناقشات ومفاوضات موسّعة استمرت سنوات عدة بين مسؤولي البلدين، وهو الاتفاق الذي عدّه آنذاك وزير الخارجية سامح شكري «يتيح للبلدين المضي قدماً للاستفادة من احتياطات النفط والغاز الواعدة»، ورفضته تركيا.

ويمكن للتفاهم المصري – التركي أن يدعم حل النقاط العالقة حول ترسيم الحدود البحرية وفق الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور كرم سعيد الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: إن مصر عندما قامت بترسيم الحدود البحرية مع اليونان، راعت الحقوق التركية بشكل واضح، رغم أن الترسيم جرى أثناء فترة الخلافات السياسية بين البلدين.

وأضاف: «وجود رغبة لدى المسؤولين في مصر وتركيا لتجاوز الخلافات وتعزيز العلاقات الثنائية التي قفزت بحجم التبادل التجاري لأكثر من 11 مليار دولار سنوياً، والنهج التركي في التعامل مع مختلف القضايا بالبحث عن حلول رابحة لمختلف الأطراف أمر سيساعد على الوصول لتوافقات تحل التشابكات الكثيرة الموجودة في هذا الملف». لكن أستاذ هندسة الطاقة الدكتور رمضان أبو العلا يرى، أن «مسألة ترسيم الحدود مع تركيا لها أبعاد عدة أصعب من أن يجري الانتهاء منها في وقت قصير؛ لكونها تحتاج إلى إعادة النظر في اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقّعة بين مصر وقبرص منذ 2003، واتفاقية ترسيم الحدود الموقّعة بين قبرص وإسرائيل».

ورفضت تركيا التوقيع على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982، والتي تعدّ المرجعية القانونية الرئيسية في ترسيم الحدود البحرية، وهي الاتفاقية التي تمنح الجزر اليونانية الحق في مناطق اقتصادية كاملة، شأنها شأن الدول، بما فيها الكتل الصخرية غير المأهولة والتي تبعد كيلومترات عدة فقط عن تركيا ونحو 500كم عن أثينا.

وقدّر المسح الجيولوجي الأميركي في 2010 إجمالي منطقة حوض الشام من البحر المتوسط والتي تطل عليها مصر، ولبنان، وسوريا، وفلسطين، وتركيا وإسرائيل بـ3450 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي و1.7 مليار برميل من النقط؛ ما زاد الاهتمام بالتوسع في مجال الاكتشافات البحرية للطاقة في المنطقة.

يقول أبو العلا لـ«الشرق الأوسط»: إن هناك ضرورة إلى الاتفاق بين جميع الدول على آلية واضحة لترسيم الحدود بما يضمن تحقيق العدالة لجميع الدول؛ وهو الأمر الذي لا يقصر المسألة على مصر وتركيا فقط، مشيراً إلى أن الترسيم العادل وفق اتفاقية الأمم المتحدة سيجعل هناك مناطق عدة تتشارك فيها أكثر من دولة، وهو أمر متعارف عليه دولياً.

وكانت تركيا وقّعت اتفاقاً في نوفمبر (تشرين الثاني) لترسيم الحدود البحرية مع حكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج، والتي كانت تحظى آنذاك باعتراف أممي، وهو اتفاق رفضته مصر ودول عدة، في مقدمتها قبرص واليونان؛ لتعارضه مع حدودها البحرية. ويؤكد الباحث بـ«مركز الأهرام»، أن التقارب التركي – اليوناني، وعودة أنقرة إلى تصفير الخلافات مع جيرانها، قد يمكّن مصر من لعب دور الوساطة بين أنقرة وأثينا فيما يتعلق بمسألة ترسيم الحدود البحرية بما يخدم المصالح المشتركة للبِلدان الثلاثة. لكن الدكتور رمضان أبو العلا يشير إلى وجود خلافات جوهرية تحتاج إلى وقت أكبر من النقاش والتفاوض فيما يتعلق حتى بترسيم الحدود البحرية مع ليبيا لإعادة تحديد نقاط التماس بين الحدود الليبية واليونانية والتركية والمصرية بما يضمن عدم وجود نزاع مستقبلي بشأنها.


مقالات ذات صلة

لبنان ينجز ترسيم حدوده البحرية مع قبرص

المشرق العربي الرئيسان اللبناني جوزيف عون والقبرصي نيكوس خريستودوليدس ووزير الأشغال فايز رسامني بعد توقيع الاتفاق في بيروت (أ.ف.ب)

لبنان ينجز ترسيم حدوده البحرية مع قبرص

أعلن الرئيسان اللبناني جوزيف عون والقبرصي نيكوس خريستودوليدس إنجاز ترسيم الحدود البحرية بين البلدين.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
خاص الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس يوقع مع وزير الأشغال اللبناني فايز رسامني الاتفاقية الحدودية بحضور الرئيس اللبناني جوزيف عون (د.ب.أ)

خاص ترسيم الحدود مع قبرص... نافذة لبنانية لاستثمار الثروات البحرية

يفتح لبنان نافذة لاستثمار ثرواته البحرية، بتوقيعه مع قبرص اتفاقاً لترسيم الحدود البحرية، وهي خطوة لم تخلُ من تحذيرات من نزاعات حدودية إقليمية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شمال افريقيا إردوغان مستقبِلاً الدبيبة بالقصر الرئاسي بأنقرة في يناير الماضي (الرئاسة التركية)

الدبيبة وإردوغان يتفقان على حماية مصالح بلدَيهما في «المتوسط»

قال مكتب رئيس الحكومة الليبية المؤقتة، عبد الحميد الدبيبة، إنه بحث هاتفياً مع الرئيس التركي المصالحة المشتركة في شرق البحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مباحثات وزيري الخارجية الليبي واليوناني في أثينا الشهر الماضي (وزارة الخارجية بحكومة الوحدة)

ترسيم الحدود البحرية... «عقدة جديدة» أمام أفرقاء ليبيا

تتواصل إشكالية الحدود البحرية بين ليبيا ومصر واليونان بالإضافة إلى تركيا في ظل تباين المواقف بين أفرقاء السياسة بالبلد المنقسم.

علاء حموده (القاهرة)
الاقتصاد سفينة حفر تابعة لـ«إنرجين» خلال عمليات الحفر في حقل غاز كاريش الإسرائيلي (أرشيفية - رويترز)

«إنرجين» توقع عقود غاز إسرائيلية بـ4 مليارات دولار

أعلنت شركة «إنرجين» المتخصصة في إنتاج الغاز شرق البحر المتوسط أنها أبرمت عقوداً جديدة لتوريد الغاز بإسرائيل بـ4 مليارات دولار خلال النصف الأول من العام الجاري.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الاتفاق مع بريطانيا بعد اعتذار ألمانيا عن عدم تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي

الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

الاتفاق مع بريطانيا بعد اعتذار ألمانيا عن عدم تحليل الصندوق الأسود لطائرة رئيس الأركان الليبي

الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)
الحداد يتحدث إلى فوج جديد من الضباط خلال حفل تخرجهم في العاصمة طرابلس (أرشيفية - أ.ف.ب)

أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، اليوم (الجمعة)، أن ألمانيا اعتذرت عن عدم إجراء تحليل لبيانات الصندوق الأسود للطائرة المنكوبة، التي كانت تقل رئيس الأركان محمد الحداد ومرافقيه، لعدم توفر الإمكانات الفنية اللازمة للتعامل مع هذا النوع من الطائرات.

وأكدت الوزارة، في بيان على موقع «فيسبوك»، أنه تم الاتفاق مع تركيا على اختيار بريطانيا كجهة «محايدة» لاستكمال الإجراءات الفنية اللازمة بشأن الطائرة التي تحطمت يوم الثلاثاء، بعد نصف ساعة من إقلاعها من مطار أنقرة.

وقالت الوزارة إنه تقرر نقل جثامين القتلى صباح غد إلى مدينة طرابلس.

كانت الطائرة تقل رئيس الأركان محمد الحداد وعدداً من مرافقيه، وكانت قد أعلنت حكومة الوحدة الوطنية الليبية الاتفاق مع السلطات التركية على إرسال الصندوق الأسود للطائرة إلى ألمانيا لضمان التحليل الفني الدقيق.


ما تأثيرات اعتراف نتنياهو بـ«أرض الصومال» على الصراع بين إسرائيل والحوثيين؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
TT

ما تأثيرات اعتراف نتنياهو بـ«أرض الصومال» على الصراع بين إسرائيل والحوثيين؟

نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)
نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)

في خطوة لافتة تحمل أبعاداً تتجاوز بعدها الدبلوماسي، جاء اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بـ«جمهورية أرض الصومال» دولة مستقلة وذات سيادة، ليُشعل تساؤلات واسعة حول توقيته ودلالاته، خاصة في ظل الصراع المحتدم بين إسرائيل وجماعة الحوثي، والتوتر المتصاعد في البحر الأحمر.

هذا الاعتراف، الأول من نوعه على هذا المستوى، عدّه محللون في حديث لـ«الشرق الأوسط»، رسالة ضغط مباشرة وطوقاً دبلوماسياً على رقاب الحوثيين، ومحاولة لإعادة رسم خرائط النفوذ قرب واحد من أكثر الممرات البحرية حساسية في العالم، وسط تباين في تقدير مآلاته بين من يحذّر من ترتيبات أمنية وعسكرية جديدة، ومن «يقلّل من فرص تحول الخطوة إلى مواجهة مفتوحة».

وأرض الصومال هو إقليم أعلن استقلاله من جانب واحد 1991، ولم تعترف به أي دولة، وتعارض الحكومة الصومالية مطلب استقلال أرض الصومال عنها، وعلى مدار عام 2024، نشبت أزمة بين أديس أبابا ومقديشو بسبب مساعي إثيوبيا لإبرام اتفاق للوجود على المنفذ البحري لأرض الصومال، وسط رفض مصري وعربي، وتدخلت تركيا بوساطة لإيقاف إثيوبيا عن هذا المسار.

تطويق للحوثيين

ويُعد أرض الصومال منطقة جوار لليمن، حيث تقع على الضفة المقابلة لخليج عدن، وتطل على مضيق باب المندب، وهو ممر مائي عالمي حيوي لعبور الملاحة الدولية بين آسيا وأوروبا، وهذا الممر شهد هجمات صاروخية وطائرات دون طيار من الحوثيين في السنوات الأخيرة، مما أثر على التجارة العالمية وأمن الملاحة، وفق ما يرى المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، مؤكداً أن الاعتراف مهم وله دلالات.

ويعطي الاعتراف إسرائيل «طوقاً دبلوماسياً في موقع جغرافي يمكن أن يكون بديلاً أو مكملاً لعملياتها في البحر الأحمر، خصوصاً إذا زاد الحوثيون هجماتهم على سفن أو طرق الملاحة»، وفق تقدير بري، موضحاً أن «إسرائيل ترى ذلك ليس فقط فرصة دبلوماسية، بل ركيزة استراتيجية لمراقبة الممرات المائية والإسهام في أمنها، وتعزيز تموضعها ضد النفوذ الإيراني والحوثي والضغط عليهما وتقليل قدرة الحوثيين على تهديد المصالح البحرية الإسرائيلية».

ويؤكد الباحث اليمني، أشرف المنش، ذلك، موضحاً أن اعتراف نتنياهو يأتي في سياق بحث إسرائيل عن قاعدة عسكرية قبالة اليمن لمواجهة ميليشيات الحوثي واعتراض تهديداتها لخطوط الملاحة، وذلك نظراً إلى تمتع «أرض الصومال» بموقع استثنائي يمتد على ساحل بطول 740 كيلومتراً على خليج عدن، وموقع استراتيجي عند نقطة التقاء المحيط الهندي مع البحر الأحمر في منطقة القرن الأفريقي.

ويرى مراقبون أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» سيكون له تأثير على باب المندب، وقد يقيّد أي إمدادات تأتي إلى الحوثيين، لكن في المقام الأول سيهدد الملاحة والأمن في البحر الأحمر وسيزيد التوتر.

رئيس أرض الصومال يهاتف نتنياهو خلال التوقيع (الحكومة الإسرائيلية)

وتسعى إسرائيل لخلق ما يشبه «كماشة» أمنية لمحاصرة النشاط العسكري الحوثي من جهة الشرق الأفريقي، وذلك بعد تحول السواحل الصومالية قبالة اليمن إلى نقاط تهريب نشطة للحوثيين ساعدهم في ذلك تحالفهم الوثيق مع «حركة الشباب الإرهابية» برعاية من «الحرس الثوري» الإيراني، وفق الخبير اليمني أشرف المنش.

ويعتقد رئيس مركز «جهود للدراسات» في اليمن، عبد الستار الشميري، أن الاعتراف من إسرائيل محاولة لوجود أكبر في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، والتموضع على ضفة القرن الأفريقي من خلال أرض الصومال وأيضاً الضفة اليمنية من خلال مهاجمة الحوثيين، وهذا سينعكس سلبياً على البحر الأحمر.

في المقابل، قلّل المحلل السياسي من أرض الصومال، عبد الكريم صالح، من المخاوف من العلاقات بين هرغيسا وتل أبيب، مؤكداً أن الاعتراف لن يؤثر على الصراع مع الحوثيين؛ إذ تربط إسرائيل علاقات دبلوماسية بالعديد من الدول العربية والإسلامية والدولية ولم يحقق ذلك شيئاً، مؤكداً أن الاعتراف مهم في سلسلة الاعترافات الدولية ليس أكثر من ذلك.

ورغم أن الضربات الإسرائيلية ضد الحوثيين بدأت في يوليو (تموز) 2024، فإن عام 2025 شهد زخماً أكبر من الاستهداف في عام 2025، بـ14 استهدافاً على الأقل، وقصف متكرر لميناء الحديدة، قبل الهجوم الكبير الذي استهدف حكومة الحوثي وقيادات عسكرية بارزة لديها في أغسطس (آب) الماضي.

إنشاء القواعد

وفي ضوء ذلك الاعتراف وهذا التصعيد الإسرائيلي ضد الحوثيين، لا يستبعد بري أن يتم احتمالات تعاون أمني، وبحث أفكار حول قاعدة أو تعاون عسكري في المستقبل، وهو بمثابة جزء من استراتيجية مواجهة تهديدات الحوثيين.

ويخلص إلى أن وجود عسكري إسرائيلي طويل المدى في أرض الصومال ليس مؤكداً اليوم، لكن القاعدة قد تتوسع إلى تعاون أمني أقوى إذا رأى الطرفان فائدة استراتيجية من ذلك، خصوصًا في مواجهة الحوثيين مقابل زخم الاعترافات.

وعن توقعاته لردود فعل الحوثيين، يعتقد بري أن التهديدات والهجمات من الحوثيين قد تتصاعد بوصفها رد فعل على أي شكل من أشكال وجود عسكري أو تعاون أمني مع إسرائيل قرب السواحل اليمنية، مستدركاً: «لكن حتى الآن، لا توجد مؤشرات رسمية من الحوثيين على كيفية ردهم مباشرة على الاعتراف الصوري فقط الذي لم يشمل التوسيع العسكري بإقليم مثل أرض الصومال».

بنيامين نتنياهو خلال التوقيع (الحكومة الإسرائيلية)

ولا يستبعد أشرف المنش أيضاً -في ضوء التقاء المصالح بين إقليم أرض الصومال الساعي للحصول على اعتراف دولي وإسرائيل- أن تتجه المصالح الإسرائيلية إلى بناء منشأة عسكرية واستخباراتية لـ«تعزيز العمق الاستراتيجي» في القرن الأفريقي.

بينما يؤكد مراقبون أن وجود إسرائيل في الإقليم الانفصالي سيترتب عليه وجود عسكري لا محالة، لأن أي علاقات تسمح بمذكرات تفاهم تشمل نشر قواعد عسكرية وما شابه.

في المقابل، يرى عبد الكريم صالح أن المحادثات والوثائق المتبادلة بين الجانبين لم تتطرق إلى أي مسائل عسكرية. وأفاد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنهم سيتعاونون بشكل مكثف مع أرض الصومال في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد، دون أي حديث عن تعاون عسكري أو استخباراتي.

وبعد شائعات نفاها إقليم أرض الصومال في 2025، بشأن أن يكون الإقليم إحدى البقاع التي تستقبل الفلسطينيين من غزة، قال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، في حسابه على منصة «إكس»، الجمعة، إنه خلال العام الماضي، وعلى أساس حوار شامل ومتواصل تشكّلت العلاقات بين إسرائيل وأرض الصومال. وأضاف: «عقب قرار رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتنياهو، ورئيس جمهورية أرض الصومال عبد الرحمن محمد عبد الله، وقّعنا على اعتراف متبادل وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة، تشمل أيضاً تعيين سفراء وافتتاح سفارات»، مؤكداً أن إسرائيل ستكثّف التعاون مع أرض الصومال في مجالات الاقتصاد والتكنولوجيا والزراعة والصحة.


مصر ترفض اعتراف إسرائيل بـ«إقليم أرض الصومال»

الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
TT

مصر ترفض اعتراف إسرائيل بـ«إقليم أرض الصومال»

الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري خلال استقباله نظيره الصومالي بالقاهرة في يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

رفضت مصر إعلان الحكومة الإسرائيلية الاعتراف بـ«إقليم أرض الصومال» دولة مستقلة. كما عبّرت عن رفضها «أي محاولات لفرض كيانات موازية تتعارض مع وحدة الدولة الصومالية».

وجاء الموقف المصري في اتصالات لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، الجمعة، مع نظرائه في الصومال وتركيا وجيبوتي. وحسب إفادة لـ«الخارجية المصرية»، أكد الوزراء «الدعم الكامل لوحدة الصومال وسيادته»، إلى جانب «دعم مؤسسات الدولة الصومالية الشرعية».

الرفض المصري المدعوم بمواقف دول أخرى، جاء بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، اعتراف إسرائيل رسمياً بـ«إقليم أرض الصومال» دولة مستقلة ذات سيادة، وهي أول دولة تعترف بـ«الإقليم الانفصالي» في الصومال دولة مستقلة.

وقال بيان صادر عن «الخارجية المصرية»، الجمعة، إن الوزير عبد العاطي تلقى اتصالات من نظرائه: الصومالي عبد السلام عبدي، والتركي هاكان فيدان، والجيبوتي عبد القادر حسين عمر، وشددوا على «الرفض التام وإدانة اعتراف إسرائيل»، إلى جانب «الدعم الكامل لوحدة وسيادة وسلامة الأراضي الصومالية».

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، السفير صلاح حليمة، يعتقد أن دعم إسرائيل «أرض الصومال» «سيفتح الباب لدول أخرى للاعتراف بهذا الإقليم». ورجح أن «تلجأ إثيوبيا إلى تفعيل اتفاقها مع (أرض الصومال)، للحصول على منفذ بحري لها، مقابل الاعتراف الرسمي به دولة».

وسيؤثر الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» استراتيجياً على مصالح الدولة المصرية في جنوب البحر الأحمر، وفق حليمة. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «وجود إسرائيل في هذه المنطقة سيعني حصولها على موضع قدم في جنوب البحر الأحمر وشماله في إيلات»، مشيراً إلى أن هذا التحرك «سيلقى معارضة شديدة من الدول العربية والأفريقية؛ لأن من مبادئ الاتحاد الأفريقي احترام حدود الدول وعدم المساس بها».

وسبق أن عارضت مصر توقيع الحكومة الإثيوبية في يناير (كانون الثاني) 2024 اتفاقاً مبدئياً مع «إقليم أرض الصومال»، تحصل بموجبه أديس أبابا على منفذ بحري يتضمن ميناءً تجارياً وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة. وعدّت القاهرة الاتفاق «مخالفاً للقانون الدولي، واعتداء على السيادة الصومالية».

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ونظيره الصومالي بعد توقيع اتفاق «الشراكة الاستراتيجية» في القاهرة يناير الماضي (الرئاسة المصرية)

وأكد عبد العاطي، الجمعة، أن الاعتراف باستقلال أجزاء من أراضي الدول «سابقة خطيرة، وتهديد للسلم والأمن الدوليين ولمبادئ القانون الدولي»، وقال إن «احترام وحدة وسيادة وسلامة أراضي الدول يمثّل ركيزة أساسية لاستقرار النظام الدولي».

كما شدد على «الرفض القاطع لأي مخططات لتهجير أبناء الشعب الفلسطيني خارج أرضه»، وقال إن «هذا المخطط ترفضه الغالبية العظمى لدول العالم بشكل قاطع».

ولن يغيّر الاعتراف الإسرائيلي الوضعية القانونية لـ«إقليم أرض الصومال» بعدّه جزءاً من أرض الصومال، وفق عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، عصام هلال، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «ما اتخذته إسرائيل خطوة أحادية تخالف المبادئ الأساسية للقانون الدولي».

ويرى هلال أن الدعم الإسرائيلي للإقليم الصومالي «يعدّ تحولاً دبلوماسياً، سينعكس على توازن القوى في منطقة القرن الأفريقي». وأكد ضرورة «تكثيف الجهود الدبلوماسية لحماية الأمن والاستقرار الإقليمي في هذه المنطقة».

ودائماً ما تؤكد مصر أن «أمن البحر الأحمر قاصر فقط على الدول المتشاطئة وليس مقبولاً أي وجود عسكري به»، وتكررت هذه التصريحات بعد أن أعلنت إثيوبيا طموحها لإيجاد منفذ بحري على ساحل البحر الأحمر.

و«إقليم أرض الصومال»، الذي يملك ساحلاً بطول 740 كيلومتراً على خليج عدن، يحتل موقعاً استراتيجياً عند نقطة التقاء المحيط الهندي مع البحر الأحمر في منطقة القرن الأفريقي، ولا يحظى باعتراف دولي منذ انفصاله عن جمهورية الصومال الفيدرالية عام 1991.

ووقّع نتنياهو ووزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، ورئيس «إقليم أرض الصومال»، عبد الرحمن محمد عبد الله، إعلاناً مشتركاً، وقال إن «إسرائيل تخطط لتوسيع علاقاتها مع الإقليم من خلال تعاون واسع في مجالات الزراعة والصحة والتكنولوجيا والاقتصاد».