القوى المدنية السودانية تبدي استعدادها للقاء البرهان في أي مكان وزمان

طالبت بتسريع إجراء المحادثات للحد من معاناة المواطنين

عبد الله حمدوك (إ.ب.أ)
عبد الله حمدوك (إ.ب.أ)
TT

القوى المدنية السودانية تبدي استعدادها للقاء البرهان في أي مكان وزمان

عبد الله حمدوك (إ.ب.أ)
عبد الله حمدوك (إ.ب.أ)

أعلنت «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية» (تقدم) استعدادها للقاء قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، «في أي زمان ومكان يحددهما، بما في ذلك العاصمة المؤقتة بورتسودان»... جاء ذلك بعد ساعات من إعلانه في مخاطبة لجنوده بإحدى قواعد الجيش شرق البلاد أنه لن يفاوض أحداً خارج البلاد.

وقال المتحدث الرسمي باسم «تقدم»، علاء الدين نقد، لـ«الشرق الأوسط»، إن التنسيقية على استعداد للقاء البرهان «في أي مكان وزمان، سواء داخل السودان أم خارجه، وإنها هي التي بادرت بطلب لقاء هكذا منذ 24 ديسمبر (كانون الأول) الماضي». وتابع: «نرجو أن يكون ذلك قريباً، لأن الوقت يمضي، والحرب تزيد معاناة السودانيين».

قائد الجيش عبد الفتاح البرهان (إعلام مجلس السيادة)

وكان رئيس «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية»، رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، أرسل رسالتين لكل من قائد الجيش البرهان، وقائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي»، غداة تكوين تنسيقية، يطلب فيها عقد لقاء مع الرجلين للبحث في سبل وقف الحرب.

واستجاب «حميدتي» للطلب، وعقد اجتماعات مع قادة «تقدم» في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، توصلت لتوقيع ما اتفق عليه «إعلان أديس أبابا»، ونصّ على «الوقف الفوري للحرب، وبناء جيش قومي موحد لا يخضع لأي قيود سياسية أو آيديولوجية»، بيد أن البرهان لم يرد رسمياً على طلب حمدوك، ما اضطره لتجديد طلبه برسالة أخرى.

وفي ردّ غير مباشر على طلب «تقدم»، قال البرهان في مخاطبة لقواته في الفرقة 11 بمنطقة خشم القربة، شرق البلاد، الثلاثاء الماضي، إن البحث عن الحلول يجب أن يأتي من «داخل الوطن، وليس خارجه»، وإن رسالته لـ«حمدوك ومن معه» أنه لن يسافر للالتقاء بأي شخص بالخارج، وإن الحل التفاوضي يكمن داخل السودان.

من جهة أخرى، تجري قيادات في التنسيقية لقاءات في عاصمة جنوب السودان «جوبا»، تهدف إلى توسيع الجبهة المدنية المناوئة للحرب، وكان من المقرر أن تعقد اجتماعاً الخميس مع رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت، بيد أن الاجتماع أُرجئ لإصابة رئيس «تقدم» د. عبد الله حمدوك بفيروس «كورونا».

سلفاكير وحمدوك في صورة تعود إلى أغسطس 2021 (إكس)

ويجري الوفد، الذي وصل إلى جوبا بدعوة من الرئيس سلفاكير ميارديت، لقاءات مع المسؤولين الجنوبيين، فيما ينتظر أن يلتقي كل من عبد العزيز الحلو، رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال»، وعبد الواحد محمد النور، رئيس «حركة تحرير السودان»، في جوبا، لتوسيع «الجبهة المدنية المناهضة للحرب».

وأرسلت «تقدم» في وقت سابق رسالتين لكلا الرجلين للالتقاء بهما، لتوسيع الجبهة المدنية وخلق تكتل عريض لوقف الحرب، وأبدى الاثنان مبدئياً قبولهما لقاء قادة «تقدم»، بيد أن الاجتماعين المقررين لم يتحددا بعد.

وفي سياق ذي صلة، قال إعلام مجلس السيادة الانتقالي السوداني إن البرهان تسلم رسالة خطية من الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة، تتعلق بتطوير العلاقات الثنائية بين البلدين.

ووفقاً لإعلام المجلس، فإن البرهان التقى في مكتبه، الخميس، المبعوث الرئاسي الجيبوتي السفير عيسى خيري، وتسلم منه رسالة خطية تناولت تطوير علاقات السودان مع جيبوتي في المجالات كافة.

رئيس جيبوتي إسماعيل قيلي في عنتيبي لحضور قمة «إيغاد» الخميس الماضي (أ.ب)

وتترأس جيبوتي الدورة الحالية للهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد»، التي تقود الوساطة بين طرفي الحرب في السودان، وتأتي رسالة الرئيس إسماعيل قيلي للبرهان، على الرغم من تجميد السودان لعضويته في المنظمة التي يترأسها الرجل. وجدّد البرهان، الثلاثاء الماضي، التأكيد أن كل ما يصدر عن «إيغاد» لا يعني السودان في شيء، وذلك احتجاجاً على ما أسماه السماح لقائد قوات «الدعم السريع» (حميدتي) بحضور القمة الاستثنائية الـ42 التي عقدت في أوغندا، في الثامن عشر من الشهر الماضي، والتي قاطعها السودان.

البحث عن الحلول يجب أن يأتي من «داخل الوطن وليس خارجه»، وإن رسالته لـ«حمدوك ومن معه» أنه لن يسافر للالتقاء بأي شخص بالخارج، وإن الحل التفاوضي يكمن داخل السودان.

عبد الفتاح البرهان


مقالات ذات صلة

«الدعم السريع» تستعيد السيطرة على قاعدة رئيسية في دارفور

شمال افريقيا اندلع الصراع بين «الدعم السريع» والجيش في أبريل 2023 (أرشيفية - رويترز)

«الدعم السريع» تستعيد السيطرة على قاعدة رئيسية في دارفور

قالت «قوات الدعم السريع» السودانية إنها استعادت السيطرة على قاعدة لوجيستية رئيسية في شمال دارفور، اليوم (الأحد).

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
خاص وزير الخارجية السعودي في جدة إلى جانب ممثلين عن طرفي النزاع السوداني خلال توقيع اتفاق وقف النار في مايو 2023 (رويترز)

خاص وزير الخارجية السوداني لـ«الشرق الأوسط»: لا بديل لـ«منبر جدة»

قال وزير الخارجية السوداني، علي يوسف أحمد، إن حكومته أكدت لنائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي، تمسكها بمفاوضات «منبر جدة» لحل الأزمة السودانية.

وجدان طلحة (بورتسودان) محمد أمين ياسين (نيروبي)
شمال افريقيا البرهان لدى استقباله نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي السبت (مجلس السيادة السوداني/إكس)

الخريجي يؤكد للبرهان: السعودية حريصة على استقرار السودان

تشهد مدينة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً مطرداً لإنهاء الاقتتال بوصل المبعوث الأممي، رمطان لعمامرة، ومباحثات خاطفة أجراها نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي.

أحمد يونس (كمبالا)
شمال افريقيا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أديس أبابا (رويترز)

ماكرون يدعو إلى «إلقاء السلاح ووقف إطلاق النار» في السودان

دعا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، طرفي النزاع في السودان إلى «إلقاء السلاح» بعد عام ونصف العام من الحرب التي تعصف بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
شمال افريقيا من داخل أحد الصفوف بمدرسة «الوحدة» في بورتسودان (أ.ف.ب)

الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات «الثانوية»

أعلنت الحكومة السودانية في بورتسودان عن عزمها عقد امتحانات الشهادة الثانوية، السبت المقبل، في مناطق سيطرة الجيش وفي مصر، لأول مرة منذ اندلاع الحرب.

وجدان طلحة (بورتسودان)

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
TT

رحيل الإخواني يوسف ندا يطرح تساؤلات عن مصير «أموال الجماعة»

يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)
يوسف ندا (متداولة على حسابات موالية للإخوان)

أثار رحيل القيادي في جماعة «الإخوان»، يوسف ندا، الأحد، تساؤلات حول مصير «أموال الجماعة»، ومدى تأثر «الإخوان» اقتصادياً بوفاته.

ووفق مراقبين، فإن «ندا يُعدّ مؤسس كيان الجماعة المالي». وأشاروا إلى أنه «منذ ستينات القرن الماضي أسس ندا عدة شركات اقتصادية كان لها دور بارز في تمويل أنشطة الجماعة».

يأتي هذا في وقتٍ أدرجت فيه مصر ندا على «قوائم الإرهاب» في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عقب إدانته بـ«تمويل جماعة إرهابية».

ويرى خبراء في مصر أن «رحيل ندا سيكون له تأثيرات مالية وتنظيمية على (الإخوان)»، ورجحوا أن «تُدار المنظومة المالية للجماعة التي كان يتولى ندا جزءاً كبيراً فيها، بالكوادر الثانية التي كانت تساعده في إدارة شبكة علاقات الجماعة في الخارج».

وتُصنِّف السلطات المصرية «الإخوان»، على أنها «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات الجماعة، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، في حين يقيم عناصر للجماعة خارج البلاد.

وأعلنت «الإخوان»، الأحد، رحيل يوسف ندا (المقيم خارج مصر) عن عُمر ناهز 94 عاماً. وندا، الذي وُلد في الإسكندرية (شمال مصر) عام 1931، شغل منصب رئيس مجلس إدارة «بنك التقوى» ومفوض العلاقات السياسية الدولية في الجماعة.

ووفق وسائل إعلام محلية، بدأ ندا نشاطه الاقتصادي لحساب «الإخوان» عام 1956 بعد الإفراج عنه في قضية محاولة اغتيال الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، في الحادث الذي وقع في أكتوبر (تشرين الأول) 1954 بميدان المنشية في الإسكندرية.

ونقل ندا نشاطه المالي بعد ذلك إلى خارج مصر، حيث توجَّه إلى ليبيا، ومنها إلى النمسا عام 1960، وتوسع نشاطه حتى لُقب، في نهاية الستينات من القرن الماضي، بأنه (ملك الأسمنت في منطقة البحر المتوسط).

الخبير الأمني المصري، عضو مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان)، اللواء فاروق المقرحي، يعتقد أنه «برحيل ندا قد تحدث أزمة اقتصادية ومالية داخل (الإخوان)»، وقال إنه «كان المسؤول المالي الأول في الجماعة، ورحيله سوف يسبب ارتباكاً بشأن إدارة الأنشطة الاقتصادية للجماعة، خصوصاً في الخارج».

وأوضح المقرحي، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يدير عدداً من الأنشطة الاقتصادية لحساب (الإخوان)، خصوصاً بعد تأسيسه بنك (التقوى) في جزر البهاما»، مشيراً إلى أن «هناك تساؤلات حول الشخص الذي يحل محل ندا في إدارة الأنشطة الاقتصادية، هل من بين أبنائه، أم من قيادات أخرى تابعة للإخوان في الخارج».

جانب من محاكمة سابقة لعناصر من «الإخوان» في مصر (أ.ف.ب)

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2001، وجّه الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، اتهاماً إلى ندا بـ«ضلوع شركاته في دعم الإرهاب وتمويل هجمات 11 سبتمبر (أيلول)»، وأدرجته الإدارة الأميركية ضمن «القائمة السوداء للداعمين للإرهاب»، قبل أن تقدم الحكومة السويسرية طلباً لمجلس الأمن في عام 2009 بشطب اسم ندا من «قائمة الداعمين للإرهاب».

وتصدّر رحيل ندا «الترند» على منصات التواصل، الأحد، حيث غردت عناصر مُوالية للجماعة ناعية الراحل، متحدثة عن «إسهاماته داخل الجماعة، خاصة المالية والتنظيمية».

وفي القاهرة، قال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن «ندا، مسؤول بيت المال لـ(الإخوان)، ومسؤول علاقاتهم الدولية والخارجية».

وأشار، عبر حسابه على «إكس»، الأحد، إلى أن «ندا لم يتأخر عن دعم الإخوان بأمواله، ويُعدّ أغنى قيادات الجماعة، وحرّض كثيراً من الدول على مصر»، لافتاً إلى «صدور حكم بحقّه في اتهامه بـ(تمويل الإخوان) قبل أن يجري العفو عنه وقت حكم الجماعة لمصر».

وكانت السلطات المصرية قد أحالت ندا، في عام 2008، إلى المحاكمة العسكرية بتهمة «تمويل الإرهاب»، وحُكم عليه (غيابياً) بالسجن 10 سنوات، قبل أن يصدر «الإخوان» قراراً بالعفو عنه في يوليو (تموز) 2012. والشهر الحالي، أدرجت محكمة مصرية ندا على «قوائم الإرهاب» لمدة خمس سنوات، ضمن 76 متهماً آخرين.

وأكد الخبير في الحركات الأصولية بمصر، عمرو عبد المنعم، أن «الجماعة سوف تتأثر مالياً برحيل ندا، خاصة أنه كان أحد مصادر دخْل الجماعة عبر شركاته ومشروعاته، كما أنه كان يتولى إدارة الشؤون المالية لـ(الإخوان)».

ويرجح أن يجري إسناد الشركات والكيانات الاقتصادية، التي كان يشرف يوسف ندا على إدارتها، إلى كوادر الجماعة التي كانت تساعده بالخارج، مثل محمود الإبياري، مشيراً إلى أن هناك «كيانات اقتصادية كان يشرف عليها ندا في أفريقيا ودول آسيوية وأوروبية، وكان يعتمد في إدارتها على كوادر للجماعة في الخارج».

ويرى عبد المنعم أن «غياب ندا سوف يؤثر تنظيمياً وحركياً أيضاً على الجماعة»، موضحاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «الجماعة أمام (انتقال جيلي) بتولّي أجيال جديدة إدارتها في الخارج، بدلاً من قيادات جيل الستينات والسبعينات».

ووفق رأي الخبير في شؤون الحركات الأصولية ماهر فرغلي، فإن «العلاقات الخارجية لـ(الإخوان) سوف تتأثر أكثر برحيل ندا»، وقال إن «التأثير الأكبر سيكون على نشاط الجماعة خارجياً»، مضيفاً، لـ«الشرق الأوسط»، أن «ندا كان يشرف على شبكة علاقات واسعة مع المراكز الإسلامية الأوروبية، وجمعيات حقوقية في الخارج، وشركات وكيانات اقتصادية».