غريزيلدا في مواجهة إسكوبار... مَن الأقوى؟

مسلسل «نتفليكس» يمنح تاجرة المخدّرات والقاتلة قلباً وبطولة

غريزيلدا في مواجهة إسكوبار... مَن الأقوى؟
TT

غريزيلدا في مواجهة إسكوبار... مَن الأقوى؟

غريزيلدا في مواجهة إسكوبار... مَن الأقوى؟

تفتتح المسلسل مقولةٌ لتاجر المخدّرات الأشهر بابلو إسكوبار: «الرجل الوحيد الذي خشيتُه، كان امرأة تُدعى غريزيلدا بلانكو».

تتعدّد النقاط المشتركة بين «ناركوس»، الذي قصّ حياة إسكوبار، و«غريزيلدا» الذي يروي سيرة تاجرة المخدرات الكولومبية غريزيلدا بلانكو. المسلسل الجديد الذي يتصدّر المشاهَدات على منصة «نتفليكس» منذ بداية عرضه قبل أيام، من إنتاج وكتابة وإخراج فريق «ناركوس»، وهو يغوص في عالم الجريمة والمخدّرات. هذه كلّها عناصر كافية تعيد إلى الأذهان أحد أنجح المسلسلات خلال السنوات الـ10 الماضية، لكن فيما كان «ناركوس» أشبَه بوثائقي يكاد لا يحيد عن الأحداث الواقعية، يميل «غريزيلدا» إلى الدراما المضخّمة.

«صنّارة» الحلقة 1

تتحوّل البطلة من رئيسة كارتل الكوكايين في ميامي وصاحبة اليد الطولى في عشرات الجرائم، إلى نجمة بكل ما تحمل الكلمة من مواصفات إنسانية وجماليّة. يساعد في ذلك حضور الممثلة صوفيا فيرغارا، التي تمنح الشخصية أبعاداً جديدة ومتخيّلة أحياناً، لا تمتُّ إلى واقع غريزيلدا بلانكو الحقيقية بصِلة.

تنطلق الأحداث عام 1978، وتحديداً ليلة هروب غريزيلدا من كولومبيا إلى ميامي الأميركية برفقة أبنائها الثلاثة، بعد قتلها زوجها الثاني. أخذت بثأرها من رجلٍ أحبّته فباعها لأخيه مقابل تسديد ديونه. كلّ ما في حوزتها كيلوغرام واحد من الكوكايين، تهرّبه في حقيبة ابنها الأصغر.

تتميّز الحلقة الأولى عن الخمس المتبقية من السلسلة القصيرة، بأنها الأسرع والأكثر كثافةً. تفعل فعلها في إثارة اهتمام المُشاهد وإيقاعه في شرك المسلسل، ليلاحظ مع مرور الحلقات بأنّ الوهج الأوّل يتضاءل تدريجياً. ولولا براعةُ فيرغارا، لكانَ المسلسل فقد وهجه كُلياً، حتى قبل بلوغه منتصفه.

غريزيلدا وزوجها الثالث داريو في أحد أبرز مشاهد المسلسل (نتفليكس)

مفاجأة صوفيا فيرغارا

مَن عرفوها بشخصيّة «غلوريا» في مسلسل «مودرن فاميلي» (2009 – 2020)، لن يصدّقوا أن صوفيا فيرغارا نفسها تطلّ في هذا القالب الدراميّ الذي لا تشوبُه شائبة. غلوريا التي أقامت في شاشات المنازل حول العالم على مدى 11 عاماً، فالتصقت بشخص فيرغارا وبلكنتِها إلى درجة أنه بات من الصعب التمييز بينهما، تتلاشى هنا وتضيع ملامحها.

قدّمت صوفيا فيرغارا أداءً مذهلاً بدور غريزيلدا بلانكو (نتفليكس)

تتخطّى الممثلة الأميركية كل الحدود والتوقّعات، وتساعدها في ذلك أصولها الكولومبية وتجربتها الخاصة في عالم الجريمة والمخدّرات، إذ إنها خسرت أحد أشقّائها في ظروف مشابهة. تمنح فيرغارا شخصيةَ غريزيلدا ما تتطلّب من شراسة وإجرام وجنون، ثم تنقلب إلى زوجة عاشقة، وسيدة مجتمع أنيقة، وأمّ متفانية.

من أجل هذا الدور، استعانت الفنانة بأنفٍ وأسنان مركّبة عثّرت نطقها في أحد المشاهد، إلّا أنّ ذلك لم يؤثّر على أدائها المبهر. مع العلم بأنّ الشكل الذي تظهر فيه، لا يشبه غريزيلدا الحقيقية.

رغم أدائها الآسر، لا تطابق في الشكل بين صوفيا فيرغارا وغريزيلدا بلانكو (نتفليكس)

كيلو الكوكايين صار أطناناً

بين جدران غرفة ضيّقة في منزل صديقة لها، تجد غريزيلدا لها ولأولادها ملجأً في ميامي. تخطّط لبدء حياة بعيدة عن تجارة المخدّرات، ما إن تتخلّص من كيلوغرام الكوكايين الذي في حوزتها. لكنّها تغرق في دوّامة هذه الصفقة المعقّدة أكثر من المتوقّع، فيصير الكيلو طنّاً، ويتحوّل الطنّ أطناناً، إلى أن تصبح غريزيلدا زعيمة تهريب الكوكايين من كولومبيا إلى ميامي وكاليفورنيا ونيويورك خلال الثمانينات.

لا تأتي زعامتُها من دون الكثير من الدم المسفوك حولها، وإدمانُ السلطة أخطرُ أحياناً من إدمان الكوكايين. تتوه غريزيلدا في دوّامة جبروتها وطمعِها وطموحها. وعندما يعرض عليها كبار المهرّبين أن يشتروا «البيزنس»، الذي أسست مقابل 15 مليون دولار، ترفض العرض.

غريزيلدا وخلفها مئات رُزَم الكوكايين التي كانت تهرّبها من كولومبيا إلى الولايات المتحدة الأميركية (نتفليكس)

نسويّة في غير مكانها

يسمّونها «لا مادرينا» (العرّابة) ويلتفّ حولها جيشٌ من المسلّحين الكولومبيين الذين يصفّون حساباتها، زارعين الفوضى في ميامي من عمليات سرقة وقتل وتفجيرات.

في هذه الأثناء، تتكثّف عمليات التحرّي عنها في قسم الشرطة، حيث تمسك بالملفّ شرطيّةٌ تعاني من سطوة زملائها الذكور. في صورة المحققة «جون» انعكاسٌ لبعضٍ من صراعات غريزيلدا وسط بيئة تجارة المخدّرات التي تتحكّم بها الذكوريّة الطافحة. غير أن محاولات فريق المسلسل إظهار الأمر وكأنه قضيّة نسويّة، ليست في مكانها. فغريزيلدا في نهاية المطاف تاجرة مخدّرات تحوّلت إلى قاتلة، مهما كان القلب والبطولة اللذان رُسما لها في المسلسل كبيرَين.

المحققة جون التي أمسكت بملف غريزيلدا وسط تحديات كبيرة في بيئة عملها الذكوريّة (نتفليكس)

تبدو سرديّة تمكين المرأة نافرة هنا، مع أنّها تُطعّم بالتفافٍ نسائي حول غريزيلدا، عناصرُه فتيات هوى كولومبيات كنّ أدواتها لتهريب المخدّرات في ملابسهنّ الداخليّة. إلّا أنّ إقحام القضايا الكبيرة في سيرة إحدى أبرز المجرمات في التاريخ، لا ينظّف سجلّها ولا يبرّر ما ارتكبت.

فتيات هوى من كولومبيا توظّفهنّ غريزيلدا في عمليات تهريب الكوكايين إلى ميامي (نتفليكس)

دعوى قضائية من عائلة غريزيلدا

يقول المنتج إريك نيومان إنه أراد «أنسنة الشخصية كي ترى فيها المشاهِدات انعكاساً لهنّ؛ فهي أمّ تهرب من علاقة سامّة وتحاول أن تثبت نفسها في عالمٍ يحكمه الرجال». ربما يكون نيومان قد تمادى في أنسنة «عرّابة الكوكايين»، لكنه نجح وفريقه بالمقابل في تقديم صورةٍ جذّابة وأنيقة وحبكة مثيرة لا تخلو من المفاجآت. تتداخل في «غريزيلدا» عوالم الجريمة والمخدّرات والرومانسيّة والدراما الإنسانية؛ وهي كلّها مواضيع يستسيغها المُشاهد.

كان من المثير ربّما لو استرجع المسلسل بدايات غريزيلدا في عالم الجريمة، يوم نفّذت عملية خطفها الأولى وطلبت فدية في المقابل عندما كانت في الـ11 من عمرها. لكن لا بدّ من التذكير هنا، بأنّ حياة غريزيلدا بلانكو الحقيقية لا تتطابق في كل الزوايا، والروايةَ التي يقدّمها المسلسل. وهذا ما دفع بورثتها إلى رفع دعوى قضائيّة ضدّ العمل التلفزيوني، لسوء استخدام صورة العائلة، وفق تعبيرهم.

أبناء غريزيلدا من زواجها الأول: أوبر وديكسون وأوزي (نتفليكس)

باستثناء مقولته التي تفتتح المسلسل، يغيب بابلو إسكوبار عن الصورة، إلا أن طيف «ناركوس» حاضر من باب المقارنة. تتلاقى المواضيع وأسلوب التصوير، لكنّ التركيز ينصبّ في «غريزيلدا» على شخصية البطلة، أما مسلسل إسكوبار ففتح الآفاق على الشخصيات الأخرى والقضايا السياسية المحيطة. لكن هذا لا يعني أنّ مَن أحبّوا «ناركوس» لن يستمتعوا بمشاهدة «غريزيلدا».


مقالات ذات صلة

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )
أوروبا ساحة بلازا دي كولون في إسبانيا (رويترز)

إسبانيا: العثور على 20 مليون يورو مخبأة بجدران منزل رئيس مكافحة الاحتيال السابق

اعتقلت السلطات الإسبانية الرئيس السابق لقسم مكافحة الاحتيال وغسل الأموال في الشرطة الوطنية الإسبانية، بعد العثور على 20 مليون يورو مخبَّأة داخل جدران منزله.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
أوروبا الأميركي روبرت وودلاند داخل قفص المحكمة (أ.ب)

رفض استئناف أميركي مدان بتهريب المخدرات في روسيا

تتهم واشنطن موسكو باستهداف مواطنيها واستخدامهم أوراق مساومة سياسية، بيد أن المسؤولين الروس يصرون على أن هؤلاء جميعاً انتهكوا القانون.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي كميات كبيرة من حبوب الكبتاغون صودرت شمال غربي سوريا أبريل 2022 (أ.ف.ب)

دمشق ترفع وتيرة القبض على شبكات ترويج المخدرات

تشهد سوريا ارتفاعاً ملحوظاً في نشاط حملة مكافحة المخدرات التي تشنّها الحكومة على شبكات ترويج وتعاطي المخدرات في البلاد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي جنود من الجيش الأردني عند نقطة حدودية (أرشيفية - أ.ف.ب)

مقتل مهرب مخدرات في اشتباك مع حرس الحدود الأردني

قُتل مهرب مخدرات على الحدود الأردنية السورية في اشتباك بين حرس الحدود الأردني ومجموعة من مهربي المخدرات حاولوا التسلل إلى أراضي المملكة، اليوم الأحد.

«الشرق الأوسط» (عمان)

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
TT

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)

تقام «أيام بنغلاديش» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض، والتي انطلقت لياليها، الثلاثاء، ضمن مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية، بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه، تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى السبت، بهدف تعزيز التواصل الثقافي بين المجتمع السعودي والمقيمين، وإبراز التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه السعودية.

وتشهد الفعاليات عروضاً فنية متنوعة تقدمها الفرقة الشعبية، حيث تألق المشاركون بتقديم عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي، إلى جانب أغنيات مستوحاة من أعمال أبرز شعراء بنغلاديش.

عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي (الشرق الأوسط)

كما يضم الحدث منطقة مخصصة لعرض التراث البنغالي، حيث تُتيح للزوار فرصة استكشاف الجوانب الغنية للثقافة البنغالية عن قرب؛ إذ تشمل المنطقة معروضات للأزياء التقليدية المزينة بالزخارف اليدوية التي تعكس المهارة الحرفية والفنية المتميزة، حيث يتم عرض الساري البنغالي المصنوع من أقمشة الحرير والقطن الفاخرة، إضافة إلى الملابس التقليدية للرجال مثل البنجابي والدوتي، كما تعرض الإكسسوارات اليدوية التي تشتهر بها بنغلاديش، بما في ذلك المجوهرات التقليدية المصنوعة من المعادن والأحجار الكريمة، والحقائب والمطرزات التي تعكس ذوقاً فنياً عريقاً.

الفعاليات شملت استكشاف التراث البنغالي (الشرق الأوسط)

واشتملت الفعاليات على قسم مخصص للأطعمة من بنغلاديش؛ إذ يٌقدم للزوار فرصة تذوق أشهى الأطباق التقليدية التي تمثل المطبخ البنغالي المعروف بنكهاته الغنية وتوابله المميزة، وتشمل الأطباق المقدمة أكلات شهيرة مثل البرياني البنغالي، والداكا كاكوري كباب، وسمك الهيلشا المطهو بطرق تراثية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الحلويات التقليدية مثل الروشا غولا والميزان لادّو.

وتضيف هذه المنطقة بعداً مميزاً للفعالية، حيث لا تقتصر التجربة على الفنون والعروض، بل تمتد لتشمل استكشاف التراث البنغالي بشكل متكامل يعكس الحياة اليومية والعادات والتقاليد، مما يجعلها تجربة غنية تُثري التفاعل الثقافي بين الزوار.

معروضات للأزياء التقليدية (الشرق الأوسط)

وحظيت الفعاليات منذ انطلاقها بإقبال واسع من الزوار الذين عبروا عن إعجابهم بجمال الفلكلور البنغالي وتنوع العروض الفنية المقدمة، كما أبدى العديد من الحاضرين تقديرهم لهذه المبادرات التي تسهم في تعزيز التفاهم والتفاعل بين الثقافات.

وأكّد المسؤولون أن هذه المبادرة تأتي جزءاً من سلسلة برامج ثقافية تهدف إلى تعزيز المشهد الثقافي في المملكة، بما يتماشى مع «رؤية السعودية 2030» التي تدعم التنوع والانفتاح الثقافي.